أمس الأول اكتملت كافة الترتيبات بقاعة الصداقة لإقامة احتفال حاشد بمناسبة توقيع أعضاء جدد على الوثيقة الوطنية.. لكن حدث عطل فني حال دون قيام الاحتفال الباذخ.. كان من المفترض أن يوقع تحالف قوى المستقبل الذي يتزعمه الدكتور غازي صلاح الدين على الوثيقة توطئة لإشراكه في الحكومة القادمة.. من بين أسباب غير جوهرية كان الأمين العام للتحالف لا يملك رخصة قيادة.. الرخصة المعنية أن يكون عقار يملك حزباً سياسياً أو حركة مسلحة.. بالطبع عقار لم يكتف بتوقيع رئيسه الدكتور غازي لأنه يريد أن يكون حاضراً للقسمة و(عوده راكب) كما يقول السماسرة في بلادي. أغلب الظن سيجد فقهاء السياسة مخرجاً للدكتور فرح عقار يجعله من ضمن الموقعين ومن ثم يُعد واحداً من وزراء حكومة المائة وزير القادمة.. ذات المطب واجه السيد مبارك المهدي حينما أراد المشاركة في ختام جلسات الحوار الوطني.. كل ما فعله المبارك أن افترع فرعاً باسم حزب الأمة.. تلك النجارة غير المتقنة أغضبت ابن أخته طبيب القلوب الهادي الصادق المهدي الذي يقود حزب الأمة ويضع كلمة القيادة الجماعية بين قوسين عند اللزوم.. المهم الآن مبارك يتخير الوزارات ليصيب أطيبها طعماً وأعظمها مكانة. محاولة إجلاس كل الأحزاب في مجلس الوزراء الموقر أفرغت الحوار السياسي من محتواه الأصيل .. كان من المأمول أن يرسي الحوار الوطني قاعدة كيف يحكم السودان.. لكن بعد انفضاض الجلسات تكالب المتحاورون على الغنائم.. ربح المؤتمر الشعبي بعد مفاصلة سنوات منصب المساعد السادس لرئيس الجمهورية وقليلاً من الوزارات غير المؤثرة.. على ذات النحو هرولت ميادة سوار الذهب التي تتزعم فصيلاً يسارياً صغيراً لتدرك المولد..من قبلها سجلت الأستاذة تراجي مصطفى اسمها في قائمة الحاضرين المنتظرين. بعد إعلان الحكومة الجديدة سيكتشف الناس أن وضعنا بات أشبه بحافلة ركاب تزاحم عليها الناس وملأوا كل المقاعد بما فيها مقعد السائق.. كيف تنجز أي حكومة مهامها دون وجود معارضة دستورية.. صحيح أن هذه الحكومة تواجه معارضات في قبل الله الأربع.. لكن المعني بالمعارضة الدستورية تلك التي تملك تمثيلاً في البرلمان وتبتغي الوصول سلماً إلى السلطة.. وفي ذات الوقت لديها الاستعداد للتنحي متى ما أراد الناخب.. معارضة واعية وقوية تستطيع أن تستجوب رئيس الوزراء ولها القدرة على سحب البساط من تحت قدمي أي وزير. غياب منصة المعارضة جعلت نائباً في الحزب الحاكم يشتري نصف صفحة إعلانية في الصحف .. النائب عمر عبد الله دياب (يناشد) وزير العدل والمراجع العام التحقيق مع الإدارة العامة للحج والعمرة.. حسب النائب أن هذه الإدارة تريد أن تتعاقد مع شركة أجنبية للقيام بإرسال بيانات المعتمرين .. الشركة المحظوظة لا تملك فرعاً بالخرطوم وليس لديها حساب مصرفي بأي من البنوك السودانية.. الأهم من ذلك أنها ستقبض على مستحقاتها بالعملة الصعبة.. قبل أيام ظهر مبلغ مليون وسبعمائة ألف ريال سعودي بعد سنوات من الاختفاء.. أليست هذه القضية جديرة باستدعاء وزير الإرشاد تحت قبة البرلمان إن كانت لنا معارضة. بصراحة.. في كل محاولات الإصلاح نبدو كمن يحرث في البحر.. من أركان النظام الديمقراطي وجود معارضة دستورية وإعلام حر وملعب سياسي شفاف.. كلما ابتعدنا عن هذه القواعد نقترب من صفة الشمولية. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة