أكثر من ثلثي الشعب السوداني شعراء ؛ يجيدون كتابة الشعر ، ويتغنون بالفصحى وبالدارجة وبشعر البطانة وخلافه ، للإنسان السوداني شفافية ورومانسية شعرية ، الانسان السوداني رقيق الحاشية لطيف المعشر لا يميل بطبعه إلى العنف . من هنا كانت الدعوات إلى اسقاط النظام نفسها تتسم بالرومانسية الشديدة وكأن الشعب لا يتعامل مع نظام قمعي له تاريخ في العنف والإجرام. من الدعاوى المضحكة أنهم -أي أؤلئك الذين يدعون إلى العصيان - يتحدثون عن إيقاد شمعة في الساعة الثامنة وآخرون يدعون إطلاق أبواق السيارات ، ولا أكون واسع الخيال إذا وجدت بعضهم ينادي باسقاط النظام عبر حمل الزهور والوقوف في شارع النيل، إن شباب اليوم يريد أن يسقط نظام تغلغل في الخدمة المدنية وفي كل مفاصل الدولة لمدة سبعة وعشرين عاما عبر اقصاءات وإحالات للصالح العام من خلال اعتكاف الشعب في منازلهم والبقاء تحت التكييف و(الطرطيبة) والنوم، يريد أن يسقط نظام قمعي دكتاتوري فاشي عبر الراحات والاستجمام في المنازل ،......واخيبتاه ، بل وا أسفاه، بل واحسرتاه، لعلي باخع نفسي على هذه الدعاوى أسفا ، لا أعرف ماهو تصور الشعب لهذا الأمر ، هل يتصور أنه بالنوم في المنازل سيأتي البشير ويسلم السلطة للشعب باخوي وأخوك؟؟؟ إن هذا لشيء عجاب!!!! . الحرية يا سادة لا يتحصل عليها بالنوم في البيوت بل تقتلع بالقوة كما أخذت وصودرت بالقوة ، ماهذه الرومانسيات التي يعيشها الشعب ، وكأنه يتعامل مع حكومة السويد وفنلندا وبريطانيا. إنه السودان ياقوم (استيقظوا) من شعر إدريس جماع والعباسي ومحمود درويش ، استيقظوا واقتلعوا حقوقكم كما تفعل الشعوب الحرة الأبية التي لا يهنأ فيها رجل السلطة بسنة من نوم خوفا من العنف والاغتيالات والحروب والتفجيرات ويسقط -في سبيل اقتلاع الحرية- الشهداء وتسفح الدماء الطاهرة متفرقة بين القبائل . تلك الشعوب التي لم تتخلق -كما قال نيتشة-بأخلاق العبيد ، من خضوع واستسلام وانهزام ودعاوى رومانسية لإسقاط النظام من منازلهم . أي نظام هذا الذي يمكن أن يسقط بهذه الطريقة بالله عليكم؟ صحيح أن النظام هش جدا ، ومزنوق ولكن الشعب أيضا مزنوق ، فالحال من بعضه ، غير أن النظام يعتمد على أغلبية العاملين في الخدمة المدنية التابعين له وفي مفاصل الدولة ، فمنهم التابع ومنهم الخائف ومنهم المؤلفة قلوبهم .
لقد وصمني البعض بأني كوز ، ولكني لست كوزا بل أتحسر على شعب يقضي جل وقته في البحث عن المخارج السهلة بدل أن يواجه الموت بالموت والقوة بالقوة والسلاح بالسلاح ، عندما تم اغتيال خليل إبراهيم وصرخ حاملوا السلاح بأن النظام قد غير استراتيجيته من الحرب المباشرة إلى منهج وأسلوب الاغتيالات ، قفز رموز النظام في خوف ورعب ونفوا أن يكون ما قامت به الحكومة اغتيالا فهي لا تتبع هذا الطريق ، لماذا ارتعب النظام وخاف ، ﻷنه يدرك بأنه اذا بدأت هذه اللعبة -أي لعبة العنف- فإنها لن تنتهي إلا بفرار رموز النظام الواحد تلو الآخر كل خائف على نفسه وعائلته. الخوف هو ما يسقط النظام وليس إيقاد الشموع في المساء وإطلاق أبواق السيارات في شارع النيل ، ونوم الشعب في منازلهم لأيام معدودات. هؤلاء الذين يتنادون باسقاط النظام عبر النوم ، إما أنهم حالمون أو جبناء. هذا النظام لن يسقط بهذه الطريقة فله كوادره وأتباعه ، فاستيقظوا يا هؤلاء. 4ديسمبر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة