لاجل ابو عبيدة عبد الله

Quote: النزعات الجهوية والقبلية في الأحزاب السودانية الحركة الإسلامية نموذجاً.. من بولاد لعلي الحاج استطلاع: ابوعبيدة عبدالله - الرأى العام هل كانت الجرثومة الاولى قبل ذلك؟ التمرد الذي قاده داؤود يحيى بولاد ابن الحركة الاسلامية في عام 1991م لم يكن مفاجئاً لاهل دارفور الذين شهدوا من قبل جبهة نهضة ابناء دارفور، بل المفاجأة كانت داخل الحركة الاسلامية التي اتسم تنظيمها بالولاء والطاعة للقيادة ،بولاد كان يحمل كثيراً على الحركة الاسلامية بانها تعمل على تهميش القيادات ذات الكفاءة والمقدرة ولا تحترم القيادات القوية والنزيهة وان فقه «الاستلطاف» الذي كان يمارسه الترابي هو الذي يتحكم في التعيين وتولى المناصب في الحركة الاسلامية. بعد ذلك كان صراع غازي صلاح الدين والشفيع احمد محمد في المؤتمر الوطني واخيراً جاء انقسام الحركة الاسلامية بعد الرابع من رمضان اذاً اصيبت الحركة الاسلامية بداء النزعة الجهوية والقبلية بعد ان كانت حركة اممية، وبدا واضحاً ان عضويتها بدأت تستقطب على هذه المكونات الاولية وعلى الحاج وخليل ابراهيم وغيرهم لم تظل صورتهم راسخة في الاذهان بعطائهم في الحركة الاسلامية وما بين ذلك الموقف ومواقفهم الحالية مساحة متباعدة، الحركة الاسلامية التي تميزت بين الحركات والتنظيمات السياسية كافة بالطاعة كان شعارها الاسلام ،ومعروف ان الاسلام لا يعرف القبلية او الجهوية منذ تاريخه، إلاّ ان الحركة الاسلامية يبدو ان هناك خللاً اصابها جراء الجهوية والقبلية التي استشرت لنقف ونعرف بداية الجهوية والقبلية في الحركة الاسلامية. الثلاثاء27يوليو2004 تعترف معظم قيادات الحركة الاسلامية بان تنظيمها اصيب بذلك المرض ـ الجهوية والقبلية ـ إلاّ ان الدكتور حسن مكي احد قيادات الحركة الاسلامية يؤكد ان التيار الجهوي والقبلي في الحركة الاسلامية مصنوع من جهات من بينها الحركة الشعبية بقيادة قرنق واضاف مكي ان ابرز صور الجهوية والقبلية اطلت حينما وقع الخلاف في الحركة الاسلامية بين اولوية المرجعية التاريخية ،وألوية القيادة العسكرية ـ قرارات رمضان ـ مشيراً الى ان المرجعية التاريخية ركزت على ابناء الغرب باعتبارهم يشكلون حالة نموذجية عصبية ذات خصوصية يمكن ان تستند عليها القيادة في مواجهة المشروع الاسلامي بطبيعته العسكرية. ويقول حسن مكي: ان ذلك الوضع افرز حركة العدل والمساواة وتحرير السودان تلك الحركات المكيفة جهوياً بقيادة علي الحاج. ولم تختلف رؤية الشيخ علي عبدالله يعقوب الذي كان مقرباً من د. الترابي إلا انه آثر البقاء بالقرب من علي عثمان حيث اكد ان الحركة الاسلامية طيلة عمرها السابق لم تعرف الجهوية إلا بعد ان اتجهت قيادة الترابي للعمق الجهوي مشيراً الى ان الترابي كان يركز على ابناء غرب السودان ويوكلهم كثيراً من المهام مستشهداً بان معظم الذين ينتمون له اليوم من غرب السودان بقيادة علي الحاج. ولم يجد. د. عبدالرحيم علي احد ابرز قيادات الحركة الاسلامية لم يجد اي اثر للجهوية او القبلية داخل الحركة في الانشقاقات الاولى في آخر الستينات على الرغم من انها مرت بكثير من الازمات والانشقاقات مشيراً الى ان الاختلافات كافة كانت في قضايا سياسية مثل الاختلاف في النهج التربوي والمصالحة مع نميري،نافياً عن تلك الاختلافات صبغة الجهوية، وابان انها بذلك النهج استطاعت ان تصوغ تياراً اسلامياً من انحاء السودان كافة افرز قيادات من كل تلك المناطق. تطور غريب الا انه قال ما حدث في الحركة الاسلامية اخيرا تطور غريب وجديد ومذهل مؤكداً ان القبلية التي تجتاح السودان لم تترك حزباً او حركة فكرية الاّ وآثرت عليها ،وقال ان الخلاف الذي وقع اخيراً في الحركة الاسلامية وجد مناخاً ملائماً واستعداداً لجنوح قبلي واقليمي، الشئ الذي جعل الحركة الاسلامية لم تتمكن من احتواء ذلك الجنوح الذي وصفه بانه ليس جنوحاً عن الحركة الاسلامية فحسب بل عن الفكر الاسلامي ووصف الذي اصاب الحركة الاسلامية هو جزء من الذي اصاب البلاد ، واشار عبدالرحيم الى ان حركة بولاد كانت اول شرارة او انذار بان اعضاء الحركة الاسلامية ليسوا بعصمة عن الوقوع في شباك القبلية والاقليمية. ويرى د. الطيب زين العابدين ان النزعات القبلية والجهوية في الحركة الاسلامية بدأت تظهر منذ مجئ الانقاذ إلا انه قال بعد المفاصلة استشرت كثيراً. وارجع ظهور تلك النزعة الى التطور العام الذي حدث في السودان خاصة ابان الحكومات العسكرية عبود ونميري والبشير التي اضعفت الكيانات القومية مثل الاحزاب السياسية والطوائف الدينية مشيراً الى ان ضعف تلك الكيانات افرز نزعات جهوية وقبلية تحل محل الكيانات القومية. مخالفة في الرأي الاستاذ محمد يوسف محمد القيادي بالحركة الاسلامية خالف سابقيه الرأي واكد ان الحركة الاسلامية منذ ان قامت وحتى اليوم مبرأة من الجهوية والقبلية واشار الى ان المفاصلة الاخيرة لم تفرز اي كيانات جهوية إلا انه قال ان الانشقاقات استقطبت جهات معنية ساعدت او ارادت ان تجعل الانشقاق جهوياً. تنامي او ازدياد قيادات الحركة الاسلامية التي تخرج من بيت الولاء والطاعة وتقف تحمل السلاح امام الخط الي رسمته بيدها تقلق كثيراً من المراقبين الذين يلاحظون ان معظمهم من غرب البلاد ابتداء ببولاد وانتهاء بعلي الحاج ويفسر عبد الرحيم علي هذه الظاهرة بانها تؤكد ان القيادات التي صعدت من غرب البلاد كثيرة اي ان هناك شريحة كبيرة منهم بالحركة الاسلامية، الشئ الذي جعل انفصال الحركة الاسلامية يؤثر على دارفور ومن ثم يؤثر على الحركة الاسلامية نفسها. د. الطيب زين العابدين يختلف مع عبدالرحيم علي في ان قيادات الحركة الاسلامية التي خرجت منها اصبحت اقرب للحركة الشعبية من الحركة الاسلامية ويرى علي عبدالله يعقوب ان احساس ابناء الحركة الاسلامية من غرب السودان بعدم تقلدهم للمناصب هو سبب انسلاخهم من الحركة واستحضر علي عبدالله انه وحينما استشهد الزبير محمد صالح رشحت القيادات الاسلامية د. علي الحاج لمنصب النائب الاول إلا انه قال ان البشير فضل ان يكون نائبه علي عثمان مشيراً الى ان ذلك الاختيار لم يكن جهوياً إلا ان علي الحاج ومنذ ذلك الوقت ظل يتحدث عن التهميش. الحكومة هي السبب الاتهامات التي قدمت للمؤتمر الشعبي بانه سبب اساسي في صبغ الحركة الاسلامية بالجهوية فندها الاستاذ محمد الحسن الامين امين الدائرة القانونية بالمؤتمر الشعبي ،مشيراً الى الجهوية في الحركة الاسلامية كانت بسبب سياسات الحكومة وليس التنظيم، مشيراً الى انها عمقت القبلية بصورة جعلتها تؤثر القيادة. وقال الامين ان حركة بولاد حينما قامت لم يكن هناك اختلاف في الحركة الاسلامية مما يعني اننا خارج تلك الاتهامات واكد ان الحكومة ساندت الذين ليس لديهم وزن في القبائل فجعل كثيراً من القيادات تنحاز لقبائلها. واضاف الامين الانحياز القبلي اصبح يسبق الولاء والمبدأ في الحركة الاسلامية بسبب ممارسات الانقاذ مشيراً الى ان ذلك لم يكن موجوداً في السابق وقال ان الشعبي قيادات اسلامية انضمت له بسبب معارضته للنظام ،مبيناً ان هذا لا يؤخذ على الشعبي واكد التمرد ظاهرة قبلية وعرقية ناتجة عن مظالم لاسباب كثيرة وعندما لم يجدوا استجابة من الحكومة اتجهوا للمؤتمر الشعبي باجندتهم الخاصة. ويؤكد حسن مكي ان صناعة القبلية والجهوية في الحركة الاسلامية اثرت كثيراً في ابناء غرب السودان وبدأوا يشعرون بضغينة شديدة تجاه الوسط. آنية ومرحلية مستقبل الحركة الاسلامية وفق ما هو معايش الآن من نزعات قبلية وجهوية يقول عنها حسن مكي ان النداء الجهوي او العرقي آنى ومرحلي ولا يمكن ان يشكل حساً سياسياً او مشروعاً سياسياً كبيراً وسرعان ما تنكمش ،واكد ان الصوت الجهوي سيظل موجوداً إلا انه قال لا يمكن ان يضبط الايقاع المستقبلي لأية حركة واضاف ان الصوت القبلي حتى وان تمكن سرعان ما يفقد خصوصيته، واكد ان الحركة الاسلامية مكون عقلي وليس عصبيا مشيراً الى ان المكون العقلي هو الذي يظل صاحب التأثير الاكبر. ويتمسك محمد يوسف برأيه بان الحركة الاسلامية ستظل لا تعرف الجهوية وستظل متمسكة بالتوجه وتستطيع ان تتغلب على الظواهر كافة السالبة التي تظهر. ويؤكد علي عبدالله يعقوب ان الحركة الاسلامية يمكنها ان تعيد سيرتها الاولى وتصبح حركة فكرية مشيراً الى ضرورة ان لا تنتقل الجهوية والقبلية الى الجامعات التي اكد انها المحور الاساسي في الحفاظ على القومية. ويشير عبدالرحيم علي ان الخطر ليس على الحركة الاسلامية فقط بل على العالم الاسلامي مشيراً الى ان هناك حركة مرتبة للاستفادة من الاختلافات السياسية كافة لاحداث اخاديد داعياً الى التعالي على الصغائر والاختلافات الاولوية. العباءة التي لبستها الحركة الاسلامية اذا ما ارادت الخـــــروج منها لا بد من ان تستعيد عافيتها كما يشير الطيب زين العابدين وان تفعل اجهزتها الداخلية حـــتى تعود لسيرتها الاولى الــــتي لا تفـرق بين الســودانيـــين قبلياً او جهوياً. انتهازية ويرى الطيب زين العابدين ان المنافسة في الحركة الاسلامية ليست جهوية إلا انه قال إنها لا تخلو من الانتهازية السياسية مشيراً الى ان المنافسة في الحركة الاسلامية منافسة بين اتجاهات سياسية وشخصيات واحياناً يتم فيها الاستعانة بالجهوية وعلماء الدين والقرابة وغيره. ويشير د. عبدالوهاب الافندي في احدى مقالاته الى ان التكتل الجهوي والقبلي في الحركة الاسلامية موجود ويستشهد بما حدث في مؤتمر تأسيس المؤتمر الوطني الحاكم في 1996م حيث تكتل اعضاء الحزب ضد مرشح القيادة والحكم لصالح مرشح من ابناء دارفور ولم يقف الامر عند ذلك الحد على حد تعبيره بل سعت كتلة دارفور في المؤتمر الوطني لبناء تكتل لصالح مرشحها من ما كان من شأنه لو نجح ان يكون بمثابة انقلاب ابيض داخل الحكومة. ويضيف الافندي إلا ان هذا الوضع ادى الى حلزون هابط من عدم الثقة المتبادلة بين ابناء دارفور وقيادة المؤتمر الوطني ،الذي كان يقوم بدور الحركة الاسلامية بعد حلها مشيراً الى ان اهل الحكم اصبحوا يتشككون في ولاء كل عضو من دارفور ويعتقدون ان ولاء هؤلاء لاقاليمهم وعصبياتهم القبلية اقوى من ولائهم للحكم والحركة الاسلامية. ان الحركة الاسلامية امام تحدٍ كبير يجعلها ان تترفع فوق الخلافات اذا ما ارادت ان تستمر في هذا المعترك السياسي الذي ليس له هدف سوى تكسير الخصم بأية وسيلة من الوسائل واذا ما كسر التنظيم نفسه بنفسه فانه يكون قدم خدمة كبيرة للقوى السياسية الاخرى.