الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: سعد الله ونوس (Re: bayan)
|
وعليه تتوقف أمور كثيرة .
( يفرك جابر القرش ، ثم يرميه من جديد لكن " منصور " يسرع ، فيلتقطه غاضبا ، ويضعه في جيبه . ) .
منصور : وهو ( ينسحب ) لعنة الله عليك .. لا حد لاستهتارك .
جابر : بقي شوط واحد . فلم تفسد لعبتنا ( يبتعد منصور ولا يجيبه ، فيلتفت جابر صوب الزبائن متأهبا بدوره للانسحاب ) لو أعرف فقط ما الذي يعنيه في خلاف ينشب بين الخليفة والوزير ( يهز كتفيه ويمضى) .
زبون : ( لجاره ) ما قولك و الله ولد ابن زمانه .
زبون 2 : لا شيء يشغل باله .
زبون 1 : لا خليفة ولا وزير .
الخادم : ( وهو يدور بالموقد ) نارة .
زبون 2 : تعب قلب ووجع رأس بلا فائدة .
زبون 3 : تعال هنا .
( الخادم يقترب من الزبون الذي يناديه ، حاملا الملقط وموقد النار).
الحكواتي : ( يستأنف بعد أن يخلو المسرح ) هذا ما بدا من المملوك جابر حين سمع عن الخلاف الدائر وكانت الأمور تتطور بسرعة ، وتشيع الأنباء بين الناس كالوباء فقد قضى الخليفة ليلة مجتمعا بقواد الأمن ، وفي الصباح ظهرت في بغداد إجراءات حازمة ومنذرة . وكان الوزير يرغي في ديوانه ، وحوله عدد من أصحابه أمراء وتجار كبار أما أهل بغداد فما أن شاعت بينهم الأنباء ، حتى يسرعوا كعادتهم يزاحمون حول الأفران ، ليؤمنوا خبزهم لأيام ...
( يدخل الممثلون الخمسة الذين رأيناهم من قبل يمثلون أهل بغداد ، وهم يحملون معهم شباك فرن وبعض القطع الأخرى التي مكن أن توحي بمنظر شارع عام . يضع الممثلون قطع الديكور ويركبونها أمام المتفرجين . يمكن هنا كما في كل المشاهد ، الاستعاضة عن ذلك بالبانوهات المرسومة . بعد إعداد المنظر يبدأ التمثيل . إنهم ينتظرون بنفاد صبر وقلق أمام شباك القرن .
يتطلعون إلى الداخل ، ويتعجلون الفران . متعبون وعلى وجوههم اضطراب وشعور عميق بانعدام الأمن ).
المرأة الأولى : أف .. منذ الصباح وأطفالي وحدهم في البيت لو كنت أعلم لحملتهم معي .
الرجل الثالث : انتصف النهار ونحن في الانتظار .
الرجل الأول : ( مادا عنقه فوق رؤوس الآخرين نحو شباك الفرن ) ولكن ماذا يفعلون بحق الله ؟ أخشى أن يكونوا نائمين .
الرجل الثاني : ( وهو أقربهم إلى الشباك . يوجه الكلام إلى الفران ) يا الله يا أبو عمر .
صوت الفران : ( من الداخل ) وهل ترانا نتثاءب ؟ منذ منتصف الليل لم تهدأ أيدينا .
الرجل الأول : ومع هذا نحن ننتظر منذ وقت طويل .
صوت الفران : ماذا نفعل ؟ كل واحد يطلب اليوم أضعاف حاجته .
الرجل الأول : أمر طبيعي في مثل هذا اليوم .
المرأة الأولى : إذا وقعت الواقعة فمن يعرف متى تنتهي .
صوت الفران : إذن امسحوا وجوهكم بالرحمن ، وانتظروا .
المرأة الثانية : ( وهي تجلس ) أف .. يبست أقدامنا ونحن ننتظر .
الرجل الثاني : ما الفائدة سننتظر . لا بد من الخبز .
الرجل الثالث : ( يجلس بدوره) في هذا الوقت الخبز أهم شيء إذا توفر في بيتك ضمنت نصف السلامة .
المرأة الأولى : ووراءنا أطفال سيصرخون إن لم يجدوا لقمة الخبز .
الرجل الثاني : لن نذهب قبل أن نؤمن خبزنا لثلاثة أيام أو أربعة .
المرأة الثانية : أربعة أيام ( تتنهد ) محظوظ من يستطيع أن يشتري خبزا لأربعة أيام .
الرجل الثاني : أختي . لا تظني بي اليسر . والله سأفرغ كيسي كله في يد الخباز .
الرجل الأول : أفضل لنا جميعا أن نفرغ أكياسنا الهزيلة الآن بعد قليل سيصبح ما فيها كالعملة الباطلة .
المرأة الأولى : ماذا تقصد ؟.
الرجل الأول : ( خافض الصوت ، كأنه يسر لهم ) حتى الآن .. لم يرتفع سعر الخبز إلا قليلا ، ولكن خلال ساعات ..
المرأة الثانية : ( تقاطع باندهاش وقلق ) هل رفعوا سعر الخبز ؟.
الرجل الأول : ألم تعلمي ؟.
الرجل الثالث : بدأ الغلاء مع الصباح .
الرجل الأول : رفعوا السعر قرشا . ولكن خلال ساعات سترتفع الأسعار كالحمى ، وستصبح قروشنا كالعملة الباطلة .
المرأة الثانية : أعوذ بالله .. لا تفتح علينا هذا الباب ... .
الرجل الأول : أأنا أفتحه كأنك لا تعرفين تجار بغداد إنهم يزقزقون اليوم .
الرجل الثاني : يزقزقون ويغردون .
المرأة الأولى : خزاهم الله . لو استطاعوا لأكلوا لحومنا نيئة .
الرجل الثالث : هذا يومهم .. ولو تطورت الأزمة لأصبح كل شيء أغلى من الذهب .
الرجل الأول : لو تطورت وماذا تسمي ما يجري إذن إنها تتطور وبسرعة مخيفة .
الرجل الثاني : فعلا وإلا ماذا يعني خروج الحراس من ثكناتهم .
المرأة الأولى : ( تشهق ) آه .. بالله لا تذكرنا .
المرأة الثانية : أجارنا الله .. فاجأتني وجوههم عند المنعطف ، فارتخت ساقاي ، وكدت أسقط. .
المرأة الأولى : رؤية الموت أهون .
الرجل الثاني : اكتسحوا الأسواق كالعاصفة كان الناس يختفون في الجدران وهم يرتعشون . لا أستغرب لو أن بعضهم بال في سرواله .
( بينما الحوار مستمر ، يدخل رجل رابع يحمل كيسا فارغا . يمكن أن يقوم بدوره الممثل الذي يقوم بدور منصور ، وإن بدا الآن أكبر سنا . ينضم إلى الجماعة ، ويجلس واضعا كيسه في حجره . يلتفت الآخرون إليه . إلا أنهم لا يعيرونه كبير اهتمام ) .
الرجل الثالث : عشت عمرا طويلا ، ومع هذا لا أذكر يوما أن أهل بغداد لم يبولوا في سراويلهم ، عندما يظهر الحراس في الشوارع .
الرجل الثاني : أما اليوم فأكثر وأكثر . كالعاصفة اكتسحوا المدينة . ألم تر أسلحتهم المشهرة ووجوههم العابسة . من المؤكد أنهم ينفذون قرارات خطيرة .
الرجل الأول : ملأوا الشوارع والساحات . كيفما تحرك المرء يصطدم بهم .
المرأة الثانية : سترك يا رب .. ينتفض قلبي كلما تخيلت وجوههم .
الرجل الثاني : كل المظاهر تدل على أنها واقعة بين لحظة وأخرى .
المرأة الأولى : ولا أحد يعلم ما يخبئه لنا الغد .
الرجل الثاني : سبحان علام الغيوب . زمن أين لنا أن نعرف ما يخبئه الغد .
الرجل الأول : لهذا خير ما نفعله هو أن نؤمن خبزنا ، ونختفي في بيوتنا . .
الرجل الثالث : هذا هو الصواب . نشتري أرغفتنا ، ونمضي إلى بيوتنا .
المرأة الثانية : ولكن متى ينتهي الخباز ، ويتركنا ننصرف ؟.
الرجل الثالث : عشت طويلاً ، يا ما رأيت سادة يعلون وآخرين يولون ، أما عامة بغداد فحالهم هو هو ، وإن ضمنوا السلامة كان فوزم عظيماً .
الرجل الأول : أمر معروف ... لا يختلف السادة من أجل عامة بغداد ( لحظة ... هامساً ) ربما كانت الخزينة تزرب .
الرجل الثاني : أو كان نزاعا على قيادة العسكر .
الرجل الأول : أو على تعيين الولاة .
المرأة الثانية : ( قلقة تحاول أن تقطع الحديث ) بالله ابعدونا عن هذا الحديث .
الرجل الأول : المهم ... لا يختلف السادة من أجل عامة بغداد .
( يظهر في الشارع حارسان مدججان بالسلاح ، يبدو أنهما يقومان بأعمال الدورية تلحظها المرأة الثانية ، فيرتعش وجهها بالخوف ، وترتبك تمسك الرجل الأول من طرف سترته ، لتنبهه .. ) .
الرجل الرابع : ( وكان مطرقاً ) وحق الله ... ما تقولونه ... .
المرأة الثانية : ( برعب ، والحارسان يقتربان ) هس ... .
الرجل الرابع : ( ينتبه إلى اقترابهما يغير الكلام ، ويواصل دون تلعثم ... يتابعه الآخرون بخوف ودهشة ) فلما حط الحمال حمولته على تلك المصطبة ليستريح ، خرج عليه من الباب نسيم رائق ( كلما اقترب الحارسان يعلو صوته ) ورائحة ذكية فاستلذ الحمال لذلك ، وجلس على جانب المصطبة ، فسمع نغماً وأوتارا وعودا وأصواتا مطربة ( يتوقف الحارسان قرب الجماعة ) فعندئذ تعجب وتقدم يتبع الصوت. دفع الباب ودخل .. فوجد أمامه بستانا عظيما، ورأى فيه غلمانا وخدما وحشما ، ثم هبطت عليه رائحة أطعمة زكية من جميع الألوان المختلفة والشراب الطيب ، فرفع طرفه إلى السماء ، وقال : ماذا قال ؟ ( يتوقف لحظة ، وكأنه يشوق السامعين ) .
الحارس 1 : يتسلون ، ويروون حكايات .
الحارس 2 : أشعر بالجوع .
الحارس 1 : ( يوالي ... بينما يبتعد الحارسان ) قال ... سبحانك يا رب يا خالق وعندها لمح صبية ذات حسن وبهاء ...
( يختفي الحارسان ، فيتوقف الرجل الرابع ، يتنهد الجميع بارتياح وكأنهم خروجوا من محنة ، بعضهم يجفف حبات عرق تفصدت من الوجوه ).
المرأة الأول : ( ساقاها ترتجفان ، فتجلس ) آه ... لا تحملني ساقاي بعد.
المرأة الثانية : عمري ما رأيت سحنة الحراس مخيفة مثل اليوم .
المرأة الأولى : سحنتهم دائماً مخيفة ولو لم ينظروا إلينا .
الرجل الأول : ( بما يشبه الحنق ) أرأيت إن كان ضروريا أن نسأل ! .
الرجل الثاني : لماذا لم تسألهم عن سبب الخلاف ؟.
الرجل الثالث : ولكنك تصرفت بفطنة أيها الرجل .
الرجل الرابع : وحق الله أخافهم مثلكم ... وشعرت قلبي يكاد أن يتوقف لكن أنظل كالعميان لا نعرف إلى أية مهاو تدفعنا الأحداث .
المرأة الأولى : ( بعنف ) إذا كنا عميانا ونحن بين أهلنا ، أفضل من أن نعمى في ظلال الزنزانات .
المرأة الثانية : بالله عليك كفي ... ألم تر بعينك ! سنشتري خبزنا ، وننزوي مع أهلنا في بيوتنا .
الرجل الأول : لدى السادة دائماً أسباب كافية للخلاف أما نحن فلا ناقة لنا ولا جمل ( لغط بين الزبائن ، ثم يتوضح ) .
زبون 1 : هو بعينه ..
زبون 2 : الشخص الذي كان مع المملوك .
زبون 3 : وما يزال يحمل السلم على ظهره .
زبون 1 : ( بصوت عال ) أخي نزل هذا السلم عن ظهرك .
الرجل الرابع : ( يقطع التمثيل ملتفتا إلى الزبائن ) آه لو أستطيع .
زبون 3 : هذه سوسة إذا سكنت الرأي صعب انتزاعها .
الحكواتي : ( يعلو صوته ، ليسيطر على الموقف ، فيمنع انقطاع خيط الحكاية بالنقاش ) وتناول الرجل العجوز الكلام ، فأورد ما علمته الأيام .
الرجل الثالث : سأقول لك شيئا ... عشت عمرا طويلاً يكفي لكي يتعلم المرء كيف تجري الأمور هنا . مهما اشتدت الخلافات بين سادتنا ، وفرقت بينهم المصالح ، فإنهم يظلون متفقين على شيء واحد ، أتعرف ما هو أيها الرجل الذي لا تنقصه الفطنة ؟.
الرجل الرابع : أتمنى أن أعرف ما هو .
الرجل الثالث : هو ألا نتدخل نحن العامة في شؤونهم وخلافاتهم . ولو فعلنا لتوحدوا فورا ، واتجهوا بكل قواهم نحونا .
المرأة الأولى : وبعدئذ تمتلئ السجون .
الرجل الثاني : ويختفي الرجل .
الرجل الرابع : وحق الله وأنا عشت طويلاً ما فات من العمر أكثر مما بقي ، أعرف أن ما تقوله صحيح أعرفه كما أعرف سجون بغداد وسياط جلاديها .
المرأة الثانية : هل كنت في السجن .
الرجل الرابع : أي وحق الله كنت فيه .
المرأة الأولى : ليس غريبا أن تعرف السجون ما دمت تحب كثيراً طرح الأسئلة .
الرجل الثاني : ( بانتصار ولوم ) أرأيت ... هذا كل ما يجنيه المرء في النهاية .
المرأة الثانية : وبما أنك خرجت اعتبر نفسك مولوداً ، وتعلم الابتعاد عن المشاكل .
الرجل الرابع : كنت مثلكم أعتقد أن هذا ما ينبغي أن يتعلمه الإنسان كي يجد طريق الأمان .
الرجل الأول : ثم وسوس لك الشيطان ، فبدلت اعتقادك ، فاستضافتك السجون .
الرجل الرابع : أي وحق الله قضيت فترة ليست قصيرة في السجون ، ومع هذا فقد ازددت يقينا بأن ما تقولونه لا يقود إلا إلى ما نحن فيه ، نهترئ كالنفايات ، ونجري قلقين كالكلاب الملدوغة ، وندفع ضريبة خلافات لا نعرف أسبابها ولا مغزاها . .
المرأة الأولى : تلك قسمتنا .
الرجل الثاني : ستعود حتما إلى السجن .
المرأة الثانية : تريد أن تودي بنا جميعا .
المرأة الأولى : أي والله هذا ما تريد أن تفعله .
الرجل الأول : نحن لا نحب السجون . الرجل الرابع : وحق الله وأنا مثلكم لا أحب السجن ، ولا أتمنى أن أتذكره .
الرجل الأول : إذن اترك هذه الشؤون ، وابتعد عنها ما استطعت .
الرجل الرابع : إلا أني لا أحب أيضاً عيشة الكلاب التي أعيشها ، كما لا أحب أن أدفع رأسي ثمنا لاضطراب لا رأي لي فيه .
الرجل الأول : وماذا يستطيع أن يفعل مثلك ومثلي الخلاف يدب بين الخليفة ووزيره .
( هنا ينقسم الممثلون الخمسة إلى مجموعتين يتوزعان الحوار الشبيه بالمونولوج ، إنهم جميعا في مواجهة الرابع ... ) .
المجموعة 1 : مولانا الخليفة عنده حرأسه وقواته .
المجموعة 2 : وسيدنا الوزير له حرأسه وقواته .
المجموعة 1 : قد يقع الصدام بين لحظة ولحظة .
المجموعة 2 : فلماذا نرمي بأنفسنا إلى التهلكة ! .
المجموعة 1 : الخلاف بين وزير وخليفة .
المجموعة 2 : لكل منهما قصد وخطة .
المجموعة 1 : أما نحن فلا ناقة لنا ولا جمل .
الرجل الرابع : ( يحاول أن يحتفظ بهدوئه ) أراكم تنسون أيها الناس الطيبون أنهما يتعاركان فوق رؤوسنا .
المجموعة 2 : ننتظر ونرقب النتائج .
المجموعة 1 : ومن يتزوج أمنا نناديه عمنا .
المجموعة 2 : هذا هو ... من يتزوح أمنا نناديه عمنا .
( تتدافع من الزبائن تعليقات تختلط بها احتجاجات الرجل الرابع ) .
زبون 1 : والله ... عين الصواب .
زبون 2 : هذا مقال من يريد راحة البال .
زبون 1 : صرعة مالنا فيها .
الرجل الرابع : لا ... لن تنجو رؤوسنا .
زبون 3 : طريق مأمون من قديم الزمان .. من يتزوج أمنا نناديه عمنا .
الرجل الرابع : فوق رؤوسنا يتعاركان فوق هذه الرؤوس البائسة ستنزل أقسى الضربات ، إننا نتخلى عن رؤوسنا . نسلمها إلى الجلادين ، وأسوأ من الجلادين .
زبون 1 : انتبهوا يحرضكم على الفتنة .
زبون 3 : نوع من الرجال يحب إثارة المشاكل، لكي يتفرج بعدئذ على المشاكل .
المرأة الثانية : بالله عليك افتح جرابك الخطير بعيداً عنا .
الرجل الثالث : إذا شئت يمكنك أن تتصرف برأسك كما يحلو لك .
المجموعة : ( تقلد طريقته بالكلام ) وحق الله فكرة . لك رأس كسائر الناس فافعل ما يحلو لك ، واترك رؤوسنا لنا .
المرأة الأولى : ( صائحة ، تقف فجأة ) أتشمون ! رائحة الخبز .
أصوات : - الخبز .
- دوري أنا.
- أخيراً بعد هذا الانتظار.
( ينهضون جميعاً باستثناء الرجل الرابع ، الذي يتابعهم بعينين حزينتين يتدفعوا أمام شباك الفرن في هياج وتعجل ) .
صوت الفران : اتفقوا على الدور أولاً .
الرجل الثاني : لي بالتأكيد لي : تذكر ألم أكن أول من جاء يطلب خبزاً .
صوت الفران : ربما . ولكن المهم أن تكونوا بالدور .
المرأة الأولى : ( راضخة ، تقف وراء الرجل الثاني ) لم تعد هناك شفقة .
الرجل الثالث : ( يقف آخر الصف ، بينما يظل الرجل الرابع جالساً ) ليأخذ كل دوره ، ذلك أفضل .
( يبدأ الجميع بالانتظام في صف أمام الشباك كل واحد يشتري خبزه ويمضى ) .
الرجل الثالث : ( للرابع ) انهض وخذ دورك قبل أن يأتي من يأخذه .
الرجل الرابع : وحق الله . ليس هذا هو طريق الأمان .
الرجل الثالث : اشتر خبزك وتحصن في بيتك لن تصلح العالم على كل حال .
الرجل الرابع : إذن خذ مكانك ، واشتر خبزك .
( يشتري الناس خبزهم ويمضون مسرعين . يصبح الرجل الثالث عند الشباك فينهض الرجل الرابع متثاقلاً . ويقف وراءه منتظراً دوره ) .
زبون 2 : أي انهض أخي .. انهض ذلك أفضل .
(يشتري الرابع بضعة أرغفة ، يدسها في كيسه . ثم يلقي نحو الزبائن نظرة عاتبة وحزينة).
الرجل الرابع : ( وهو يمضى ) وحق الله . ليس هذا طريق الأمان .
الحكواتي : هذا ما كان من أهل بغداد ، من استطاع منهم اشترى خبزه ومضى مسرعا إلى بيته ، أما قصر الوزير محمد العبدلي فلم تكن تهدأ فيه الحركة ، مماليك ينزلون إلى المدينة ، ويعودون إلى الوزير بالأخبار يدخلون ديوانه ، ويخرجون مرتعدين يتبعهم السباب والصياح الغاضب ، لكن لا يمر بعض الوقت حتى يأتي الأمر بالنزول مرة.
أخرى إلى المدينة ، فيذهب من يتسقط الأنباء ، ويراقب مجرى الحال وشاعت في الأروقة أخبار وحكايات وكان الجميع يتمنون لو تظل الأحداث بعيدة عنهم . فلا تقربهم أو تصيبهم . لكن " جابر سمع خبرا سال له لعابه ، فجأة رأى الأبواب مفتوحة أمامه ، فاندفع يجري وراء أحلامه .
زبون : المملوك جابر نفسه .
زبون 2 : لابد أنه خبر هام حتى يهتم له جابر .
زبون 1 : هات يا عم مونس ما هذا الخبر ؟.
الحكواتى : انتظروا وسيأتي الجواب .
الخادم : ( منتهزا الفرسة يدور بموقد الفحم ) نارة .
زبون : هنا يا أبا محمد .
الخادم : حاضر .
( أثناء الحوار السابق ، يعود بنا المشهد إلى رواق في قصر الوزير .. يظهر المملوك ياسر طويل القامة ، وافر الصحة ، وجهه عريض تطفو على ملامحه بلادة توحي بالجلافة والطيبة . يمشي مهرولا ، حاملاً على وجهه أمارات الاضطراب والفزع يلتقي بالمملوك جابر ، ويكاد أن يصطدم به .
ياسر : يا حفيظ .
جابر : مالك يظن من يراك أنهم حشوا مؤخرتك فلفلاً أحمر .
ياسر : يا حفيظ تحدث في هذه المدينة أمور جسيمة .
جابر : ماذا أصابكم اليوم جميعاً ؟ لن تقول إنه يوم الحشر .
ياسر : لا أدري إذا كان يوم الحشر أم لا ، لكني أكاد لا أصدق أني خرجت من الديوان بسلام . ( يمسح العرق عن جبينه ) . شعرت روحي تنخطف من جسدي .
جابر ؟: أكاد أعتقد أن سيدنا الوزير تقمصه عفريت قل لي ... هل نبت في رأسه قرنان ، أم تدلى من فمه نابان ؟.
ياسر : أتمزح ! آه لو ترى وجهه وهو يتلون ويحتقن . نظر إلى وكأنه يريد أن يمسحني عن وجه الأرض . يا حفيظ لو تعثرت قدماي في الخروج لرمى عنقي دون تأخير ولو أعرف ما ذنبي هل أستطيع أن أكذب ، كل الناس يعرون أن أبواب بغداد أصبحت مسدودة ، وأن الحراس ينتشرون عليها كأنهم جند الموت ؟.
جابر : أي حراس .
ياسر : حراس مولانا الخليفة يا حفيظ أن أحداثا رهيبة تقع حولنا . سمعت أن الخليفة لم يغادر البلاط هذه الليلة ، ولم ينم لحظة واحدة . .
جابر : ولم ؟ هل خاف أن يجردوه من سرواله وهو نائم .
(يقترب منهما منصور ، وينضم إليهما ) .
ياسر : بل كان ... ( يتوقف فجأة ، وكأنه اكتشف شيئاً مزعجاً ) يا حفيظ ما زلت تمزح ؟.
جابر : الطاعون يفتك ببغداد يا منصور أصبحت الرعية كلها تشتغل بالسياسة .
ياسر : ( فزعا ) أأنا أشتغل بالسياسة ! كنت أروي ما سمعت لا أكثر .
منصور : لا تلق بالا إليه ألا تعرف لسانه ، ألديك أنباء جديد ؟.
ياسر : كل الناس يقولون ... إن مولانا الخليفة لم ينم لحظة واحدة هذه الليلة ( يخفض صوته ) ظل مجتمعا بقواد الأمن حتى الصباح .
منصور : كنت أعلم أنها لن تنتهي ببساطة .
ياسر : يبدو أنهم اتخذوا قرارات خطيرة فمع طلوع النهار خرج الحراس من القصر يحملون عتادهم ، وكأنهم يمضون إلى الحرب . اخترقوا الشوارع فأرهبوا الناس ، ثم انتشروا على أبواب المدينة ، أصبح الخروج من بغداد أصعب من دخول الجمل في ثقب الإبرة . جابر : إجراء يوفر على الخليفة بناء سجون جديدة .
منصور : أرأيتهم بعينيك ؟.
ياسر : رأيتهم ! يا حفيظ . منذ قليل كنت هناك سيدنا الوزير منزعج للغاية ، أرسلني كي أتجسس له ، وأخبره بما يجري على الأبواب ، وعندما أخبرته غضب مني ولكن ماذا أفعل ؟ هل أستطيع أن أكذب ؟ وصفت له ما يحدث دون زيادة أو نقصان . رأيتهم بعيني بقفون على كل الأبواب .
ويفتشون كل من يحاول الخروج تفتيشا أدق من حساب الآخرة يا حفيظ ، يرتعد المرء كأنه أمام الموت ، لا يتركون جيبا أو ثنية . جردوا بعض الناس من ملابسهم ومزقوا بطانتها ، والويل لمن يتباطأ أو يحتج .
جابر : والنساء أيضاً ! .
ياسر : لا يفرقون بين رجل وامرأة .
جابر ( عابثا يقلد ياسر ) يا حفيظ.
منصور : إذن يتوقعون أن يتسرب شيء هام من بغداد .
ياسر : هام وخطير .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-23-06, 06:57 AM |
Re: سعد الله ونوس | bayan | 08-23-06, 07:09 AM |
Re: سعد الله ونوس | jini | 08-23-06, 08:20 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-24-06, 08:52 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Elgadi | 09-12-06, 10:28 AM |
Re: سعد الله ونوس | نهال كرار | 08-23-06, 07:25 AM |
Re: سعد الله ونوس | Sabri Elshareef | 08-23-06, 02:27 PM |
Re: سعد الله ونوس | Sabri Elshareef | 08-23-06, 02:29 PM |
Re: سعد الله ونوس | Sabri Elshareef | 08-23-06, 02:31 PM |
Re: سعد الله ونوس | Sabri Elshareef | 08-23-06, 02:32 PM |
Re: سعد الله ونوس | munswor almophtah | 08-23-06, 02:51 PM |
Re: سعد الله ونوس | Sabri Elshareef | 08-23-06, 02:34 PM |
Re: سعد الله ونوس | Sabri Elshareef | 08-23-06, 02:34 PM |
Re: سعد الله ونوس | Sabri Elshareef | 08-23-06, 02:35 PM |
Re: سعد الله ونوس | Sabri Elshareef | 08-23-06, 02:36 PM |
Re: سعد الله ونوس | Sabri Elshareef | 08-23-06, 02:39 PM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-24-06, 05:11 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-24-06, 07:07 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-26-06, 01:31 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Ahmaed Olyesh | 08-26-06, 07:16 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-26-06, 07:25 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-26-06, 08:21 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-27-06, 06:57 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-28-06, 03:06 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-29-06, 00:29 AM |
Re: سعد الله ونوس | bayan | 08-29-06, 00:39 AM |
Re: سعد الله ونوس | bayan | 08-29-06, 00:46 AM |
Re: سعد الله ونوس | bayan | 08-29-06, 00:50 AM |
Re: سعد الله ونوس | bayan | 08-29-06, 00:55 AM |
Re: سعد الله ونوس | bayan | 08-29-06, 01:04 AM |
Re: سعد الله ونوس | bayan | 08-29-06, 01:11 AM |
Re: سعد الله ونوس | bayan | 08-29-06, 01:21 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-29-06, 03:05 AM |
Re: سعد الله ونوس | عثمان سيد أحمد | 08-29-06, 06:21 PM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-30-06, 01:20 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 08-31-06, 05:20 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-02-06, 03:10 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-03-06, 08:12 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-04-06, 02:14 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-05-06, 00:35 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-07-06, 05:27 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-09-06, 04:11 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-10-06, 07:10 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-12-06, 03:40 AM |
Re: سعد الله ونوس | محمد ابراهيم قرض | 09-12-06, 04:04 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-13-06, 00:43 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-13-06, 07:19 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-14-06, 07:03 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-25-06, 09:27 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-26-06, 06:53 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-27-06, 09:23 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-28-06, 05:10 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 09-29-06, 07:50 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 10-17-06, 04:43 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 10-18-06, 03:44 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 10-19-06, 04:02 AM |
Re: سعد الله ونوس | Mohamed Abdelgaleel | 10-20-06, 07:06 PM |
|
|
|