الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: ثلاث قصائد في رثاء الشاعر الدكتور محمد عبدالحي . (Re: محمد عوض إبراهيم)
|
القصيدة الثانية : ( مرثاة) .. إلي روح الصديق الشاعر محمد عبدالحي .. شعر : مصطفى سند .
تنام القصائد.. ينبت في الصمت .. ظلّ طويلٌ .. طويل . كأنّ خيوط السماء ترامت علينا .. سحابا كثيفا .. يهيىء للصاعدين المعارج .. يفتح باب الكلام .. فلا تتكلم إلاّ الثواني ..!! ويدخل طيفُ ابن يوسف : ــ جذع القصيدة لن يتجذّر هذا المساء .. هو الموت إلاّ أنه .. في بريد الغناء الآخير .. تدثّر بالكبرياء . يدور رويداً .. رويداً ..ويأتي إلينا عجولاً .. ولا شيء ينفع .. إلاّ بريق الدوافع .. في لحظة الخوفِ … والأنكفاء . تجيء النهايةُ حين يجيءُ الكلامُ الشبيه بوخز المراثي .. وخلفك كل الذين استووا للقيام . ينادي الحفاة العراة المجاذيب : يا سيد الشعر المنقي .. ويا سيد الصبرو الأحتشام.. تدانيت حتى علوت النجوم اللواتي انقسمن عليك انتحاباً.. فما أروع الحزن والأنقسام . تواتر برق الفجيعة .. كانت نوافذ كل البروق تضيء المداخل يركض ظلك فيها .. ويركض .. يركض خيلا وقمحا ونار أما زلت تملك ذاك التوهج .. في ساعة الموت و الأحتضار ؟! أما زلت تعرف كيف يُال الذي لا يشاكل إلاّ صداك .. وعندك منه ابتداء .. وعندك فيه انتهاء ؟ وحيداً مشيت .. تحاكي الفرادة .. تكره أنُ تتمثل غيرك تكره ضوء المقاهي .. وبرد المقاهي .. ونوم المقاهي .. وتعشق لون التفرد والانتقاء . وحيداً مشيت .. وكنت المنادي بأنّ القصيد الذي في دماك حوار تفجّر عند الولادة .. عبر التوقع والانتظار وأنّ القصيدة حياةٌ .. وموت وأنّ القصيد المعاند ميل النفوس .. انتحار . وأنّ القصيد ـ علي كل وجه سعيت ـ انتصار . رأيتك تأخذ تاج السمندل في قوة الضعف .. وتحمل حين الجموع استقادت .. عصاكوترحل عبر الفيافي المنافي البعيدة خلف بلاد الأنهار . هناك .. حيث البلاء امتحان .. وحيث التوهج .. و النزف .. والانفجار . تجيء الفراشة في الليل تهتف : أني المليكة وحدي .. وترقص في الباحة المستحمة بالنور .. كلُّ الخيول الأصيلة . تنهض أم اللغاة .. وتصحو الربابة .. يأتي ابن يوسف والمنشدون : ــ توضأ بنار الحقيقة .. كيف احتملت ؟ وكيف عرفت تحارب في جبهة الرفض .. زهو العمائم والقبعات وكيف احتملت عذاب الظنون ..؟؟ تنام على البطن كل النعاج .. ويأتي الرعاة القساة .. ويأتي الزمان الردئ .. ويأتي الدجى والسكون . وكنتَ الذي لا يزال يقيم طقوس الترفع والكبرياء .. وكنت الذي لا ينام إذا ما أدلهمت .. ولا يتردد حين الجهاد يصير احتمالاً .. ويصبح في ساعة الصبر ظلّ الرجاء هروباً من المستحيل إلي المستحيل .. ويصبح وجه الخليل . بخاراً يلف وجه المدينة .. يزحف من زرقة الفجر .. حتى آوان الرحيل . يقبل وجهك سراً .. وجهراً وينقل عنك غناء الحداثة شعراً على الشعر يزهو وينبض .. حتي كأن الحروف سنابل تبرٍ رقصن على ضفة النهر عند الأصيل . فيا جنة الشعر .. فيمَ التوجعُ هذا المســاء ؟؟ وفيمَ الدموعُ ..؟ وفيمَ التأوّهُ ..؟ فيمَ البكاء ؟ لك الشعر يا سيد الشعر الذي كنت فينا ولا نتقبل فيك العزاء .. "
. نشرت في مجلة الخرطوم عدد مارس 1990م
|
|
|
|
|
|
|
|
|