في مقال سابق للكاتب أعلاه بعنوان " الحزب الشيوعي وحالة التوهان السياسي "، الذي لا يختلف كثيراً عن مقاله أدناه، يكشف الكاتب عن جهله المطبق، ويعلن على رؤوس الملأ، أن عمل الحزب الشيوعي وسط النقابات هو " سيطرة "، بل ويسمي ذلك دون أن يرف له جفن " ممارسة سياسية لا أخلاقية "، يا النبي نوح من سمير فاضي اللوح !، والمعروف أن الحزب الشيوعي هو الذي أسس النقابات في السودان، ومع ذلك فهي ليست ملكية خاصة به، بل هي مؤسسات مستقلة، ملك لعضويتها من العاملين بأجر، وملك للشعب السوداني كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، والنقابات في جميع أنحاء العالم هي منظمات للدفاع عن حقوق العاملين بأجر، وساحات للتنافس السياسي والحزبي، نعم الحزبي، ويبدو أن قلة لم يسمعوا بذلك ومنهم سمير محمد علي، وكنت قد رددت على جزئية " ممارسة سياسية لا أخلاقية " هذه، في مقاله المذكور أعلاه، في هذا المنبر عندما نُشر المقال هنا في وقت سابق، ولا بأس من التذكير بالرد، لعل وعسى أن يرحمنا السيد سمير من " شرح العنقريب "، فمثلاً في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، أعلن أكبر اتحاد للشرطة الأمريكية، نعم الشرطة، آي البوليس يا سمير، وتبلغ عضويته 355.000 عضو، أنه يدعم دونالد ترامب في الانتخابات، وهذا طبعاً إضافة لكثير من الاتحادات والنقابات التي أعلنت مساندتها لهذا الطرف أو ذاك، ولم يرفع أحد عقيرته مستنكراً أو حتى مستغرباً في أمريكا، لكنها ترتفع في السودان، لأن عقلية سمير وقلة ممن يشاركونه هذا الفهم الضحل للعمل النقابي، يعتقدون أن النقابات هي مجرد منابر خدمية سااااي، فيهرفون بما لا يعرفون، ويصمون آذاننا بتلك العبارة الخاوية التي ليس لها أي أساس أو وجود في تاريخ العمل النقابي، وهي عبارة " تسييس النقابات "، وطبعاً هذا سيضحك عليهم العالم من أقصاه إلى أقصاه، فيا سمير يا رعاك الله، يا زول إنت جادي !؟، ألم تسمع بحزب العمال البريطاني مثلا، فهذا الحزب يسيطر على النقابات البريطانية، وأكبر الاتحادات والنقابات في بريطانيا لا تعلن مساندتها لحزب العمال في الانتخابات البرلمانية وحسب، بل وتعلن دعمها للأطراف المتنافسة على قيادة حزب العمال في الانتخابات الداخلية للحزب !، ونفس الأمر ينطبق على الوضع في فرنسا وإيطاليا وألمانيا وأسبانيا والبرتقال وبقية الدول الأوروبية وكندا وأستراليا على سبيل المثال، ولم نسمع أحد في هذه الدول يتحدث عن ما يسميه بعض النفر من السودانيين بـ " تسيس العمل النقابي "، كما يفعل سمير وجماعته في السودان، والحال أن الأمر في السودان لم يصل حد أن تعلن نقابة مساندتها لهذا الطرف أو ذاك في الانتخابات البرلمانية، ولو فكر سمير قليلاً قبل أن يفصح عن فهمه المضحك للعمل النقابي، لأدرك أن حتى الدور الخدمي للنقابات وسعيها للدفاع عن حقوق أعضائها، من تحسين بيئة العمل ورفع الأجور وتوفير الخدمات، هو في جوهره عمل سياسي، يناهض سياسة حكومية قائمة، أو يطالب بسياسات بديلة، وهذه الأمثلة العملية الموجودة في أكبر الديمقراطيات الليبرالية الغربية، تدحض وتنسف الفهم السطحي لسمير وجماعته لطبيعة العمل النقابي.
سأعود لبقية النقاط التي تطرق لها المقال ومقالات أخرى ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة