اكتب كانك الاستاذ محمود!!

Quote: شهدت العقود السالفة جملة شهيرة للمرحوم “عبد الحميد مهري” ، كانت تعبر عن وضع سياسي و اجتماعي مزال سائدا إلى يومنا هذا “نحن في زمن الردائة و للردائة أهلها” ،هذه المقولة مزالت سائدة رغم ما مرت به البلاد من تحولات، و ما شهده العالم من تطور معرفي و تكنولوجي ملحوظ، مزالت بلادنا تغرق في مياه راكدة، سياسيا، اجتماعيا، و اليوم أخلاقيا، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام المرئية، التي أصبحت تستضيف من هب و دب، و تقدم محتويات غير لائقة بالأسرة، و المجتمع، و تكرس نوعا من المادة الإعلامية المنحطة، و البليدة ،التي تكرس المعنى الحقيقي للردائة يمكن أن الخص ما يحدث في مقولة “نحن في زمن التفاهة و للتفاهة أهلها”، الكاتب الكندي الشهير “الان دونو” قدم كتابا في 2017 تحت عنوان “نظام التفاهة”، حيث توصل استاذ الفلسفة بجامعة كيبيك إلى قناعة ان ” التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم”، و اردف بين طيات الكتاب مقولة للروائي الفرنسي الشهير، “ڨوستاف فلوبير”، ” أيتها التفاهة المنتنة، الشعر النفعي، أدب البيادق، الثرثرة الجمالية، القيء الاقتصادي، المنتج المقزز لأمة مستهلكة، أنني اكرهك بجميع قواي الروحية، انك لست بالغرغرينا، بل أنت ضمور عضوي، انك لست بالالتهاب الأحمر الساخن للازمنة المحموم، بل أنت الخراج البارد ذو الأطراف الباهتة، الذي يقطر كما النبع الذي يجد مصدره في تجويف تسوس عميق ” اليوم لا يجب أن ان تكون” مثقفا لامعا”، أو” موهوبا متمرسا، أو قامة أدبية أو طبية، لتحتضنك القنوات، و تجوب أعمالك صفحات التواصل الاجتماعي، و تتصدر فيديوهاتك” اليوتوب ” بأعلى نسبة المشاهدات، بل يكفي أن تكون” تافها”، فسوف تصنع” تفاهتك”، نجما تتقاذفك السوشيال ميديا و القنوات، و تقدمك على أنك “القطعة النادرة التي تنقص البلد”..فقد أعطانا دونو الوصفة مختصرة و بنبرة لا تخلو من”كوميديا سوداء”، قائلاً: “لا تقدم أي فكرة جيدة فستكون عرضة للنقد، لا تحمل نظرة ثاقبة، وسع مقلتيك، أرخِ شفتيك، فكّر بميوعة وكن كذلك، عليك أن تكون قابلاً للتعليب، لقد تغير الزمن، فالتافهون قد أمسكوا بالسلطة”. .. الأخطر في كل هذا، خاصة عندنا هو جعل التافهين، صناع رأي عام، و صناعة جيل، يرى في هؤلاء أمثلة، ربما يقلدها تارة، أو يجعلها مثالا يقتدى به، فسنصل بالضرورة إلى” تفسخ”في المنظومة المجتمعية، ستكون نتيجتها مجتمع يسيره الحمقى ،و يصنع نجمه” التافهون”، لأننا ببساطة اليوم نلاحظ “أن أكثر المواضيع متابعة، أو مشاهدة أو تعليقا” بين الفايسبوك و اليوتوب، هي مواضيع “ذات محتوى تافه” ببساطة. د.خماري محمد أمين