التراث البقاري: التهكم والسخرية .. وحاجات تانية حامياني!

Quote: ردينا و القصيدة الجسد أو الجسد القصيدة هذا المقال سبق وان نشرته بجريدة الراية القطرية اعيد نشره هنا لمزيد من الشوف مدخل : الفن هو أن تبهر انظارنا الحقيقة فليس هناك ضوء حقيقي غير الضوء الساقط على الوجه القبيح وهو عاقد العزم على أن يحترق به وتكمن موهبته دوماً في البحث عن فراغ مظلم عن مكان لم يعرف من قبل تختزن فيه بقوة أشعة الشمس ... أهدتني الصديقة منال الهريسي ديوان صديقتها الشاعرة الليبيه ردينا مصطفى الفيلالي المسموع و منال دائماً ماتذكرني في تغليفها لتمردها بالغجرية كارمن بطلة اوبرا كارمن الشهيرة. كارمن التي قالت للرجل الذي أحبته "اسمع لو لم تحبني سوف أحبك و لـو أحببتك فخذ حذرك" . و بعد أن جمعتني منال فـي ذلـك اللقاء العابر أوالمعبر عنهما و جدتني امام شاعرة يتطابق اسمها مع مضامين شعرها وشكلها لاعجب لوعرفنا أن الرديني هو الرمح المقوم نسبة لردينا و هي أمرأة عربية طويلة القوام جميلة المحيا كانت بارعة في تقويم الرماح . و الشاعرة ردينا الفيلالي أنثى يلبسها رجل أو رجل تلبسه أنثى و كم هي متصالحة في استخدام الضمائر دون الألتفات لذكوريتها من انثويتها و تقول كلماتها وتمضي لا تعبأ بشيء وتمارس الحب بجغرافيا الجسد و تتضاجع بالحروف . و خيرا ً فعلت ردينا بأن يكون ديوانها مسموع لأن الشعر فن مسموع أكثر منه مقروء و بقدراته في الالقاء أوصلت كل ماتريد أيصاله و قد اعادني تكرار سماعي لذلك الديوان من إنقطاع طويل بيني و بين الكتابة في الأدب ، فالشكر موصول و متصل لكارمن الفلسطينية. أختارت ردينا لديوانها اسم "خطوات أنثى" و هوأسم لا يعكس مضامين الديوان وكذلك أسماء القصائد و لا أدري هل تريد الشاعرة ان تقول انظروا للمضامين قبل العناوين ، حوى ذلك الديوان خمسة عشر قصيدة تضمنت تلك القصائد أكثر من عشرين قبلة و كل قبلة عبارة عن بورتريه وحكاية بل هناك قصيدة تبدأ بقبلة : قبلة واحدة أصبحت لك اثير من ثغر ملائكي مكتنز مثير في انفاسه شجن الناي و طعم الزمهرير.. علق أحد الأصدقاء النقاد على ذلك بأن هذا شعر حسي و دغدغة مفتعلة للجسد ، قلت و هل الشعر وجد لخلق معادلات في الكيمياء و الفيزياء أو الرياضيات أم لإقامة ايدولجيات؟ فالشعر يا سادتي خطاب وجداني صرف و الوجدان ليس العقل ولا يجب أن يكون مدخلنا لتلقي الإبداع مدخل عقلاني و نحن في تفاصيلنا الحميمة الخاصة لو لم نقم بالدغدغة لا نستطيع إيفاء الجسد حوجته و أكتشاف ينابيعه ومنذ القدم وجدت الموسيقى التي تصاحبها الكلمات و توجد الكلمات التي تصاحبها الموسيقى وتوجد الموسيقى المجردة من الكلمات و توجد الموسيقى فقط من أجل إمتاع الجسد كما في الباليه و الرقص الشعبي أو الحديث . و نحن نعلم أن كل انواع الرياضة هي لغة الجسد و تحتاج لشيء من التعري و هناك العاب نمارسها شبه عراة و لا نتحرج و في الاصل نحن وجدناعراة , والمتع في الجنة متع حسية للعراة حور عين وولدان مخلدون و أنهر من الخمر و ....... الخ . و كذلك العقاب في النار للأجساد و كل الكائنات على ظهر هذا الكوكب خلقت و وجدت عارية و ظلت على ذلك آدم وحواء خرجا من الجنة عراة . و لو نظرنا في كل ازياء الشعوب نجد ان البيئة هي التي فرضت عليهم هذا و ذاك اللبس اذاً التعري هو الأصل واللبس هو الإستثناء . ماعدا المتزمتين الذين حولوا اللبس الى تدين من غير ان يفرقوا بين فطرة الدنيا و فطرة الدين فالميلاد قدوم جسد و نعبر عن فرحتنا به جسدياً والموت مغادرة جسد و نعبر عن حزننا عليه جسدياً و الزواج التقاء جسدين ونعبر عن مشاركتنا فيه جسدياً و الصلاة ايقاع جسدي فردي او جماعي و أي علاقة طرفها ذكر و أنثى لو كانت ناجحة و مستمرة فهي لأنها ناجحة في التقائها الجسدي والعكس هو الصحيح و قد لا نندهش لو عرفنا ان اللغة المنطوقة التي نتواصل بها مع بعضها البعض تعادل فقط خمسة عشرة في المئة والباقي تقوله لغة الجسد و اول درس قدم للبشرية كان بلغة الجسد حين قتل قابيل هابيل و أتى الغراب وقام بمشهد درامي جسدي ليعلم قابيل كيف يواري جسد أخيه. و أمرأة العزيز حين راودت يوسف عـن نفسها لـم تقل لـه سوى جملة واحدة "هيت لك "وهي جملة جسدية لها وقعها على النفس أوقع و أبقى من الفعل. فالفن ياسادتي هو حالة بحث مستمرة عن جسد الأشياء أوتجسيدها لكي نتأمل ونستمتع ثم تأتي بعد ذلك إسقاطاتنا. وكل الأديان في الدنيا تحتكم للجسد وتعاقبه وتكافئه. تلك التأملات جرتني لها ردينا في حوارها مع جسد الشعر أو الشعر الجسد. كما يقال الشعر من نفس الشيطان مقتبس و الشاعر الفذ في الناس شيطان . تنهدات : من قصيدة "خطوات الأصابع" لردينا حبيبي قلبك مرتعد و ساخن و كأنك في جوف الشوق ساكن أيا رجل يقتحم بأصابعه كل الاماكن و يعبث بممتلكاتي كما يعبث مطر الشتاء بسقوف المساكن قبلني بأحساس فزيف القبل تفضحه الأنفاس