Quote: اسماعيل علي ابودباره الاستعارتان التصريحيتان:فاسبلت الظلام على الضياء/فغاب الصبح منها تحت ليل اروع ما يكون فبرع في نظمه كما برع امرؤ القيس في الوصف .
|
دفع الله ود الأصيل
▪ أخسنت أستاذي إسماعيل كعهدنا بك دوماً. و لعل أبلغ من أبي نواسو امرئ
القيس ما جاء به كلام الله من الاستعارة تصريحاً تارةً و (إكناناً) تارة أخرى.
▪ و التصريحية هي ما صُرِّح فيها بلفظ المشبه به دون المشبه،
أو ما استعير فيها لفظ المشبه به للمشبه، ومثالها من القرآن الكريم
قوله تعالى:(كِتابٌ أنزلناهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَمِنَ الظُلماتِ إلى النُّورِ...).
▪ ففي هذه الآية استعارتان في لفظي: الظلمات والنور، لكون المراد
الحقيقي دون مجازهما اللغوي هو: الضلال و الهدى، لأن المراد إخراج
الناس من الضلال إلى الهدى، فاستعير للضلال لفظ الظلمات، وللهدى لفظ النور،
لعلاقة المشابهة ما بين الضلال والظلمات.و هذا الاستعمال _كما ترى _ من المجاز
اللغوي لأنه اشتمل على تشبيه حذف منه لفظ المشبه، وأستعير بدله لفظ المشبه به،
وعلى هذا فكل مجاز من هذا السنخ يسمى "استعارة" ولما كان المشبه به مصرحاً
بذكره سمي هذا المجاز اللغوي، أو هذه الاستعارة "استعارة تصريحية" لأننا قد
صرحنا بالمشبه به، وكأنه عين المشبه مبالغة واتساعاً في الكلام.
2 / و أنا الاستعارة المكنية: و هي ما حذف فيها المشبه به، أو
المستعار منه، حتى عاد مختفياً إلا أنه مرموز له بذكر شيء من
لوازمه دليلاً عليه بعد حذفه.ومثال ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى:
(ولَمّا سكتَ عَن موسى الغَضَبُ أخَذَ الألواحَ وفي نُسخَتِها هُدىً وَرَحمةٌ)
▪ ففي هذه الآية ما يدل على حذف المشبه به، وإثبات المشبه، إلا أنه رمز إلى
المشبه به بشيء من لوازمه، فقد مثلت الآية (الغضب) بإنسان هائج يلح على
صاحبه باتخاذ موقف المنتقم الجاد، ثم هدأ فجأة، وغير موقفه، وقد عبر عن
ذلك بما يلازم الإنسان عند غضبه ثم يهدأ ويستكين، وهو السكوت، فكانت
كلمة (سكت) استعارة مكنية بهذا الملحظ حينما عادت رمزاً للمشبه به.
▪ وأظهر من ذلك في الدلالة قوله تعالى: (والصُّبح إذا تَنَفَسَ). فالمستعار
منه هو الإنسان، والمستعار له هو الصبح، و وجه الشبه هو حركة الإنسان
وخروج النور، فكلتاهما حركة دائبة مستمرة، وقد ذكر المشبه وهو الصبح،
و حذف المشبه به وهو الإنسان، فعادت الاستعارة مكنية.
▪ وهاتان الاستعارتان أعني التصريحية والمكنية نظرا فيهما إلى
طرفي التشبيه في الاستعارة، وهما المشبه والمشبه به، فتارة يحذف
المشبه فتسمى الاستعارة (تصريحية) وتارة يحذف المشبه به فتسمى
الاستعارة (مكنية).وهذان النوعان أهم أقسام الاستعارة وعمدتها.