لك التحايا الطيبات. وسرنى أن سقت سؤاليك حول ما نحن فاعلون بإخوة الجيرة
Quote: البروف الجليل عبدالرحمن عِمْتِ صباحا يا عزيزنا أولاً أعجبت جدا بأسئلة الاخ بريمة و ملاحظاته.. و هي أسئلة و ملاحظات قد تكون تدور في أذهاننا و أذهان البعض دون أن نفكر في طرحها. و في الحقيقة فنحن بحق نعتبر كل حضارات و تاريخ السودان هو تاريخنا و نشعر بأن حضارته ننتمي لها و تنتمي لنا...لا نفرق بين هذا و ذاك.. لذلك نهتم بكل كشف يثبت مساهماتنا في الحضارة و التاريخ الإنساني.. و اليوم بعد غياب، كما توقعنا جاء ردك كافيا و شافيا للغليل و محيطا بكافة التساؤلات الحاضرة و الغائبة.. لا أدري يا بروف أين تكمن المشكلة في عرض تاريخنا للعالم و معرفتنا به قبل أن يعرّفه لنا الأخرون... أعتقد هناك بعض العقبات:من أهمها تاريخنا المرتبط مع مصر الذي يحتاج لأن ننسل منه..أي أعني أن نفرق بين تاريخنا و تاريخهما و نقاط الالتقاء معهم و نقاط الافتراق... و نتمنى أن يتم ذلك لا بالتنافس أو المكايدات و لكن بالتفاهم و التعاون..لأن الموضوع في النهاية موضوع علمي بحت.. العائق الثاني هو أن ننسل من تاريخنا مع أثيوبيا التي غطت علينا خاصة في العهود الاغريقية و البطلمية فتتداخل اسمها مع اسم بلادنا فاختلط الأمر علينا و على الآخرين... كلا الأمرين يحتاجان لكوادر متخصصة تقوم بهذا العبء..و هو يحتاج لجهد و وقت و عدد كافي من المتخصصين في التاريخ و الحضارة. فلا يكفي أن تأتي معرفتنا عن تاريخنا في شكل مقالات موسمية و مبتسرة لا تملأ الكف,,بل نتمنى أن تحمل مناهجنا الدراسية كل ما يمت لتاريخنا بصلة حتى ينشأ صغارنا و هم يحملون بذرة البحث العلميفي التاريخ و يحملون الهم الوطني في وقت مبكر..و أن لا يكون مصيرهم كمصيرنا نحن الذين التقطنا الفتات و نحن كبارا.. و نحن على الدوام نطمع في المزيد منك و على الدوام كذلك إن شاء الله متابعين ما تكتب.. حفظك الله يحفظك و زادك علما و صحة و عافية
الحل بأختصار يا أخى هو بأيدينا وفى مقدراتنا على إستخلاص الحقائق من النصوص التاريخية. فنحن يا صديق نعانى من ثلاث مشاكل أولاهم عدم الثقة فى النفس والإحساس بالدونية والثانية التى تنبع من الأولى وهى أننا نثق فى كل ما يكتب عنا من نصوص فى مراجع مصدرها أناس تتملكهم نزعة الإستعلاء والحط من قدرنا؛ حتى يعتبرها بعض ممن نسميهم أكاديميين وعلماء يستدلون بتلك الترهات نقل مسطرة، بلا تدقيق فى مصداقية النصوص أو إستقامة المنطق. لذا تجدهم لا يكلفون أنفسهم كثير عناء وينقلون لنا كل تلك الأكاذيب. أما أخطر المشاكل فهى النظرة القبلية الضيقة لكل ما يمكن أن تكون له قيمة فى كرامة تاريخنا فتجد من يسعى جاهدا لينفى العظمة عن الحضارة النوبية ظنا منه أنها تمثل تلك العشائر الأربعة التى تسكن الشمال رغما عن إستيعابهم لكل وافد وتنـويـبه كواحد من قومهم. بل يتمادون فى المؤتمرات العالمية يريدون أن يغير العلماء نظرتهم للحضارة النوبية بإدعاء الكوشية بديلا. حتى أن أخا من الأفارقة الإميريكان من ذوى الوزن الأكاديمى فاجأنى مرة بسؤال بعد مؤتمر باريس قائلا لماذا يجهد أكاديميوكم إلى السعى الجاد ليمحوا ما تعارفت عليه الدوائر الأكاديمية والمعرفية بعد جهود مضنية فى تثبيت أسس النظرة إلى الحضارة النوبية؟ فلماذا يريدون هدم كل ذلك بإرادتهم وكامل وعيهم وعزيمتهم. والله لا أدرى كيف يكون الأعداء أن كان هؤلاء أهل الإرث؟" لذا يغيب عن أدعياء العلم من قومنا ذلك الإمتصاص الثقافى الذى أشرت إليه عاليه مما يدل على قوة ومرونه تلك الحضارة المنداحة عبر القرون والتى تستوعب الوافد والعابر والغازى وهى عملية إحلال ثقافى سلمى لا قهرى تندر إلا فى الثقافات-الحضارية ذات المرتكزات القوية. وأمثلة آخرى سوف آتى على ذكرها لا حقا لحضارات وأقاليم أخرى فى السودان.
وأكتفى الآن بهذا القدر وأتركك مع عالمة الآثار المصرية فانيسا ديفيس التى لربما تجد فى حديثها ردا على سؤالك الأول وقياسا الثانى على ضوء ما ذكرت أنا أعلاه
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة