أخى الأستاذ علي عبدالوهاب عثمان ركيزتنا فى فهم التراث النوبى والمفاهيم الإنسانية المحيطة بالوجود النوبى. أشكر لك كرمك فى وصف مجهوداتى فى النقل.
Quote: التحية للبروف الهميم بتاريخ النوبة تعجز الحروف عن التعبير .. حبيبنا البروف أرجو ان تجمع مقالات وبحوثك في كتب تكون مراجع للتراث النوبي
ولكن فى الحقيقة أنا فى نقلى لأى معلومة أتخير الصادق الموكد من التجارب والمعلومات بحكم تشبعى بفهم عميق للمآسى التاريخية التى عبر خلالها الكيان النوبى كعنصر إنسانى وكثقافة-حضارية عشتها فى بيتنا وفى أسرتنا الممتدة فى كل المناطق النوبية والأهم هو ما جمعته من روايات كبارنا الذين كانت لهم الرغبة الصادقة فى التوثيق للأحداث وغمسنا فى معنى أن نكون نوبيين. وقد عمق ذلك أن دكان الوالد عليه رحمة الله كان ملتقى للنوبيين من كل الأقاليم النوبية فهو الذى أرتحل جده من كوكة فى عمق المحس ليقيم فى قسطل وأبناء عمومته فى أدندان ودغيم وإخوته فى دلقو والترعة، حينما لم تكن هناك حدود تفصل بين النوبيين وحركتهم؛ ولم يكن هنالك التمييز بين المحس والسكوت والحلفاويين فكلهم كانوا يتكلمون النوبين أو ما يعرف بالفدجة. لذا لقب بالبربرى تمييزا له من أصالة الإنتماء لحيث ولد. لذلك تجد يافطة دكانه فى السوق العربى بالخرطوم تقول مخازن عطارة الشرق لصاحبها أبراهيم محمد عبدالرحمن الشهير بالبربرى ومن هنا تجمع لدية كل من أراد إقتناء أفخر العطور لزواج أو الأعشاب النوبية لعلاج من ارث أمتد بين المحس والحلفاويين لأسرة أمتهنت التطبيب والتدريس ثم ليرتبط بأسرة والدتى الشبيهة بخلفية أسرته التى كانت من الدر حاضرة النوبة المعاصرة يومها بعد ضمها إلى مصر وكرسكو من أسرة محمد خليل الآسى الذين أيضا كما يظهر الأسم إمتهنو التطبيب والتعليم. فكان لقاء أهم الحواضر النوبية فى كوكة وقسطل والدر وحلفا مع معارف جمعت بين التطبيب والتزين العطرى. وكانت إقامته فى بورتسودان مع رفاق من أعمدة الدناقلة معبرا لعلائق أكملت دائرة الإنتماء النوبى المتكامل فتحدث الأندادى بطلاقة. وأكملت أنا توثيق الرباط بالإرتباط بإنسانة عظيمة ترجع أصالتها إلى دنقلا.
وكما ذكرت كان دكان الوالد عليه رحمة الله ملتقى لكل النوبيين من كل مناطقهم ومفاهيمهم فتشبعت فينا الأرواح وأستقينا الحقائق عن جسامة المآسى التى تعرض لها النوبيون عبر الحقب التاريخية من حملات التقتيل التى بطش فيها صلاح الدين الأيوبى وبعده المماليك والأتراك والإنجليز والمصريين بسكان المدن والقرى المسالمة. ثم كان تمزق الأسر عند بناء خزان اسوان عام 1902 ثم التعلية الأولى عام 1912 وبعدها التعلية الثانية عام 1932 وفيضان1936 ثم الطامة الكبرى عند بناء السد العالى والتهجير الذى فصل أسرتنا بين كوم أمبو وخشم القربة عام 1964. وكل المآسى المصاحبة لكل واحدة من تلك التهجيرات الإجرامية من غرق من كانوا نياما أو سقطوا بين أخاديد الجبال أو لدغتهم الأفاعى أو أبتلعتهم الأصلات والتماسيح ومزقت أحشاءهم المرافعين والذئاب أو ماتوا مرضا بعد تفشى الأوبئة التى لم يعرفونها من قبل. إنها صور قاسية لا تراها تذكر. فكان عزاؤنا هو تكافل النوبيين فى عملية مواساة جماعية تربط بين المصابين بفواجع المآسى مما عده الجهلاء عنصرية. وهنا توطد الوعى الجماعى لثقافة-حضارية حفظتها الذاكرة فترسخت. ومن هنا كانت أصالة طرحى الأكاديمى لمفهوم الهوية كمرتكز الذاكرة بخصوصية وتفرد الفرد والمجموعة. لأن "الوجود في العقل الذي هو في ذاته مرتكز الوعي، وأس الكيان، وصائغ الواقع لذا كان خيارى أن أكون بوعى حافظا لذاكرة الأمة النوبية وثقافتها-الحضارية. فطوفت بكل المواقع النوبية ووثقت لفاجعة التهجير عند بناء السد العالى بزيارة كل قرية ومدينة لنا فيها أهل بناء على وصية الوالد عليه رحمة الله بزيارة الأرض الأم قبل زوالها إلى الأبد. فكيف لى أن أنسى كل تلك العظمة وما آلت إليه حالنا اليوم مشردين مطاردين حتى فى لغتنا وتمسكنا بهويتنا فى عملية مواساتنا الجماعية التاريخية لا تشبهها تجربة أخرى لم ينمحى وجودها كسكان أميركا الأصليين، إلا فى تجارب ترابط الأرمن والأكراد.
وهنا يطيب لى الإتيان برأى الدكتور شوماركا كيتا عالم الأجناس البيولوجى بمعهد الإسماثونيان يوضح أهمية المعرض من وجهة نظر تأخذ فى الإعتبار العنصر الإنسانى للإنتماء العرقى (الإثنى) فى التاريخ القديم كمعيار لدارسة الأثاريات والحقب التاريخية مما يعنى إسقاط المفهوم المعاصر للتحيز العرقى
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالرحمن إبراهيم محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست