أشكر لك طيب ثنائك على جهد أراه واجبا وطنيا ودينا مستحقا لشعب عانى الامرين وما زال يعانى من أنانية متعلميه وفشلهم فى خدمة من مهدوا لهم لينالوا ما ناولوا من تعليم ومناصب. وأشكر لك تمييزك الفكرى لمكونات المجتمع السودانى مضاهاة مع الحقائق المجردة والمثبتة تاريخيا
فعظمة وجلال الحضارة النوبية لم ولن يفهمها أو يستوعبها المتشبعون بالإستلاب العروبى الذى يفكر دواما من منطلق خلفية قبلية مقيته. وهذا إرث متغلغل فى السايكولوجية العربية من أيام حرب البسوس وداحس والغبراء. ونقل إلى حيث أرتحل العرب وأستقروا وأستغله مفكرو الدول الإستعمارية فى تصميم مناهج وأساليب حكم وتعاطى مع المجتمعات المستعمرة تعتمد على إستنهاض العصبية القبلية التى أضطروا فى كثير من الأحيان إلى خلقها عمدا حتى فى المجتمعات العشائرية التى لا تنظر الى الآخرين من وجهة نظر"قبلية" فأطنب علماء الأنثروبولوجيا أو بمنطق أدق "علم الأجناس" الإثنى فى ترسيخ مفهوم القبلية وأستغلها الأداريون الإستعماريون كسياسة فى توطيد سلطة المستعمر المهيمن بخلق علائق قوية مع بعض من نصبوهم زعماء وإن إنحط قدرهم. وعلى ذلك النهج سار الإستعمارى السير فردريك لوقارد فى ترسيخ ذلك النظام فى نيجيريا ويوغندا بعد نجاحه فى زنزيبار وثم تطبيقه فى السودان. لذلك سيطرت على العقلية التى تدربت وتربت ونشأت فى كنف الإدارات الإستعمارية قناعة بأن كل شئ مرتبط بالقبيلة مستهدية فى أساسها بالعقلية العربية التى أنجبت ومكنت للتفكير فى إطار القبيلة. لذلك نشأ عند كثير من السودانيين رهاب فكرى من مجرد ذكر كلمة"نــــوبـــى" مفسرين لها بأنها تشير إلى الحلفاويين والمحس والسكوت والدناقلة والكنوز. دون النظر إلى معناها القيمى كإشارة إلى ثقافة حضارية هى فى اساسها بذرة الكيان القومى السودانى فى معناها الشمولى. وظلت هذه النظرة القبلية الضيقة المعيار الذى عادى به كثيرون كلمة "نوبى"؛ بلا سعة أفق ثقافى-حضارى يشير ليس إلى قبيلة أو قبائل أو أعراق وإنما إلى حضارة إنسانية ميزت الوطن على كل ما عداه من بلاد. وهنا آن لنا أن نفرح بتجرد عقلية أجيالنا الصاعدة وتحررها من عقد القبلية والإثنية والنظر إلى الوطن بمنظار شمولى يسمو فى نظرته بالنفس إلى مرافئ الوعى القومى والفخار بكل إنجاز لأى مكون من أبناء الوطن. فبالله عليكم أستعموا إلى جمال تعابير إبنة بوسطن الشابة لنا بشير وهى تحكى روعة إحساسها بصدق وعيناها تعاين الفخار الذى خلفته لنا الحضارة النوبية. فطوبى لنا وطوبى للوطن بأجيال تعرف قيمتها وإنسانيتها وعظمة إرثها:
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة