π ضَعُوا القلمَ.. فالحِصَّةُ وطَنٌ £

@ لقد لعب علم الأجناس البشرية (الأنثروبولوجيا) الإستعماري دور
كبيرأ في نقل صورة أبسط ما يمكن أن توصف به أنها موغلة في العنصرية.
ومهما يكن من أمر فإن أى من تلك الأوصاف التي ظل يطلقها أهل السودان على
أنفسهم أو الصورة التي ظلوا يرسمونها لأنفسهم وتلك التي ظل يرسمها لهم الغير لا
تنفي عن السودانيين بعض عيوبهم المشتركة ولاتضخم من محاسنهم بصورة نهائية.
فهم مثل غيرهم من البشر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم من هذا و ذاك. إلا أن لمثل ذلك
السلوك العام الذي يتميز بالتسامح والود ومثل تلك "العقيدة عن الذات" ما يمكن أن يترتب
على أو ما تقوم عليه الحياة العامة و ضمن الأطر التي تقوم عليها و تائرالتنشئة الإجتماعية
التي يمكن أن تتطور في المجال العام أو ما يمكن أن يلحق بها ويتنامى في داخلها المجتمع
المدني في أشكال مختلفة من الجمعيات و التجمعات والمنابر والأحزاب التي ينضوي تحت
لوائها و ينضم إليها الناس وفق إرادتهم الحرة والتي يمكن أن تعكس تلك الروح العامة التي
تهدف في المنتهى لتكون قوة مادية لصناعة حياة مسالمة تتطور وفق أساليب متفق عليها في
إدرة الشأن العام بشكل ليرتضيه السواد الأعظم من الناس و يتشاركون فيه بطرقٍ شتى

# من ذلك يمكن أن يبتدع مناهجاً يتبعه الناس في صناعة ونماء تلك الحياة. هذا ومن كل ذلك
يتكون أيضاً بناء الدولة ككيان متسق في مهامه مع الروح العامة لذلك المجال العام و بالتالي تكون
وظيفتها الأساسية هي إدرة حياة ومصالح الذين أشادوها بالمعروف لا أن تنهال عليهم قولا وعملاً
بممارسة القوة والنبوت. وبتعديل لقول كارل ماركس فإن الإطار التنفيذي للدولة الحديثة تكون هى
لجنة لإدارة الشؤون المشتركة للأمة بكاملها لا لمصلحة طبقة بعينها أو جماعة عسكرية أو آيديلوجية.

# لذلك فهناك فصل بين المجال العام والمجال الرسمي. ويظل العدل هو أساس الحكم كما يظل المجال العام
هو القيم على الدولة وأدائها وهو الذي يعطي مؤسساتها الثقة ومواطنيها السعادة والامان وليس العكس. ولذلك فإن
كل الذين يقولون بعكس ذلك هم الذين ظلوا يسعون بالسيطرة على جهاز الدولة وتسخيره من أجل البطش بالمعارضين
والمختلفين معهم في الرأي وبمثل ذلك الأسلوب توجه وتوزع المظالم والمكاسب والمغانم بدون عدل. ولذلك فإن جذور
الدولة القائمة الآن تمتد إلي تلك الدولة الإستعمارية التي أشادها ريجنالد ونجت حاكم عام السودان المستعمر من 1899
وحتى 1916 ذات يوم كترياق للمجال العام والتي تقوم بإستعمار حياة المواطنين الإقتصادية والإجتماعية والدينية وحتى
الخيال العام. بالتالي أخذ إستعمار المعرفة ومحاولة "تموينها" بالشكل الذي تراه تلك الجماعة أوغيرها هو المنهج
والمسلك. والدولة الحالية أو "الأم البديلة" للدولة الإستعمارية أصبحت أكثر ظلماً في توزيع المظالم والمغانم من
تلك الأم البيولوجية للدولة الإستعمارية لا لأن ونجت قد كان أقل ظلماً بل لأنه قد تيسرت للقائمين على
أمر الدولة القائمة من وسائل وأساليب البطش ما لم يتيسر لونجت ومن تبعه بغير إحسان