كل عام وأنتم بألف خير .. وشكراً للأخوة الذي طالبوا بعودتي

Quote: يا ساري الليل ما شفت عوض؟* *بقلم: الفاتح عبد الله طه* في العام ١٩٨٨ .. أطل النيل بعنفوانه الرهيب ! وبدأ زحفه الكاسح نحو الزرع والضرع ! تشمّرت سواعد الرجال والنساء والشباب يحملون التحدي في نفوسهم ..ومعاول بناء الجسور والسدود في أيديهم ..انتظمت ملحمة أهل البلد وتشكلت ورديات الحراسة والمتابعة ليلا نهار .. ( عوض ) ابن العشر سنوات كان يشاهد تدافع أهله وأبناء عشيرته ، وهم يردمون سواحل النيل بجوالات الخيش درءا للخطر القادم ! يتناوبون على نقاط المتابعة ،ويضربون اروع الامثله في تماسك نسيجهم الاجتماعي الفريد ! تسلل ( عوض ) من بين دروب الحِلّه المشغولة بحديث (فيضان النيل ) ..كاتماً اسرار نفسه بين جوانحه ..وحديثه الصامت ! فجأة ..غاب عوض عن المشهد الدراماتيكي ! لا احد يعرف أين ذهب ؟ وكيف اختفى ؟ توزعت عيون الناس ما بين مراقبة ارتفاع منسوب النيل ، والبحث عن عوض ! على الجسور ونقاط مراقبة الفيضان الممتده عبر النيل ،بدأ الناس يتداولون حكاية عوض الذي غاب ! ..تُنسج القصص الواحدة تلو الاخرى ... بعضهم يقول رأيناه يمشي في اتجاه البحر ! وآخر يقول رأيته على حافة البئر ..وآخرون يؤكدون بأنهم رأوْا جثته تمسك بها أشجار جزيرة في عرض النيل مقابل منطقة اوسلي ومساوي! وتتبدد الحكايات عند سماع صيحات الاستغاثة بان ( الجُسر ) انكسر في نقطة ما ! تسرب لُغز اختفاء عوض وانتشر بين البوادي والحضر ... اسقط الاستاذ حاتم حسن الدابي اشعاعاته الشعرية على المشهد الحزين ، فكان ميلاد ..يا ساري الليل..ما شفت عوض ... انطلقت القصيدة بلحنها الجميل وكلماتها الأنيقة بصوت الفنان عبد الْقَيُّوم الشريفي ..ويرددها كل أهل السودان ..