|
كيف اختار النصوص التي اترجمها (Re: Bannaga ELias)
|
الأستاذ/ عادل البدوي لك تحياتي ومودتي وبعد، تعلم يا صديقي أن ممارسة الكتابة نوع من العشق والعلاقة بين القراءة و الكتابة متبادلة، فعندما تجد نفسك في نص، تقرأه أكثر من مرة، ثم تعيد قراءته تكتشف أبعادا لم تلمسها أول مرة، تعتريك حالة من العشق لذلك النص، فتود أن يشاركك الآخرون متعة الاطلاع عليه عندها تدخل في حالة من الرغبة الآسرة التي لابد من الإتيان بها، وهي لحظة كتابة حقيقية تدلف فيها إلى النص لعكسه إلى لغتك الأم بكل ما نستطيع من مقدرات و مهارات خبيئة و بصورة لا تخون الأصل أي بالاحتفاظ بروح النص نابضة بقدر ما تستطيع فالترجمة الجيدة هي التي تترجم المعنى وليس الكلمات، لأن المعنى حي والكلمات ميتة.
بالطبع يرى بعض الكتاب إن ترجمة النص إلى لغة أخرى خيانة. ليس هناك يا صديقي رأي مطلق والحقيقة دائما نسبية فإذا كانت هناك خيانة للنص هي في تحوير ما يقصده كاتب النص عندما تعاد كتابته بلغة أخرى. علينا أن ندرك اللغة هي ثوب الفكر وعن طريق الثوب يمكن الاقبال على الشخص أو النفور منه أو عدم إدراكه والانتباه إليه، فكلما كانت اللغة جيدة وتناولت روح النص بدقة كانت الترجمة جيدة ومتماسكة،والعكس صحيح والمترجم دائما يلام على كل شيء، وإن الترجمة تفضي بك أكثر مما تأمل إذا تشربت النص ورحلت إلى ما وراء الكلمات ولكن علينا أن لا ننسى أيضا أول ما يفقده النص بعض من روح المر، ما يضحك في ثقافة كاتبه ربما لا يكون كذلك في اللغة المترجم إليها النص، لأن المرح مرتبط بالبيئة الثقافية الموجودة فيها وبالتالي بقدر تفهمك للغة المكتوب بها النص ومعرفتك لثقافتها يكون مستوى الترجمة. وعليه الالمام بثقافة الآخر مهم جدا ولكل ثقافة خصوصيتها، غير أن هناك أشياء متشابهة في بعض الثقافات وقواسم مشتركة في ثقافات العالم الثالث كتشابه بعض أساليب وعادات أمريكا اللاتينية وعاداتنا مثلا في أنواع الحكام، وأسلوب الحكم، وتحديد هامش الحريات، وتغييب الجماهير ,إلهائها بالرياضة والغناء الأجوف و وإهدار طاقاتها في اللهث لتوفير ضروريات الحياة. الأمر الذي جعل كتابات ماركيز وجورج اماندو، وغالينو وغيرهم أكثر تعبيرا عن شكل الطاغية في عالمنا. أيضا ينعكس المخزون الثقافي واللغوي والأسلوب الشخصي على النصوص التي تتناولها ويكسبها أبعادا أعمق ووضوحا أكثر في إضاءة النص حتى لا يأتي النص المتناول جافا وبلا روح كما ان ممارسة ضروب الكتابة المختلفة من شعر وقصة تساعدك كثيرا في توصيل الفكرة الأساسية في النصوص الأدبية مثلا عندما تقرأ مشهدا على الورق ربما تستغرق قراءته خمس دقائق ولكن عندما تحاول نقله إلى اللغة الأخرى ربما يستغرق نفس المشهد ساعات فالقراءة تشحنك عاطفيا والترجمة تفعل ذلك وربما بصورة أكثر كثافة لأنك تحاول لأن تخلق مشاعرا ومشاهدا تكون أقرب إلى المشاهد التي رأيتها وأحسستها عند قراءتك للنص الأصلي كما أن الحفاظ على الايقاع في اللغة مهم جدا لأنه وحده الذي يمنح الترجمة الوحدة والتماسك
|
|
|
|
|
|
|
|
|