ما هذا الذي يحدث في جامعة الأحفاد ـ البروف قاسم بدري يعتدي على طالبات بالضرب

Quote: جامعة الاحفاد للبنات او المسيد الجندرى بقلم:يوسف الحسين اثار تداول مجموعة فيديوهات قصيرة ، يظهر فيها بروفيسور قاسم بدرى ،وهو يقوم بصفع بعض من طالبات من جامعة الاحفاد التى يديرها، وسقوط احداهن على الارض نتيجة للتدافع ،موجة ضخمة من ردود الافعال المتناقضة،تراوحت ما بين الشجب والادانة المباشرة للسلوك، الى القبول والتبرير له ، استنادا الى ان البروفيسور قاسم بدرى ، يعتبرنفسه ابا لجميع طالبات الجامعة اللائى يبادلنه نفس الشعور ، و كما اتضح لاحقا ، ومن خلال منشورات على وسائط التواصل لعدد كبير من طالبات الجامعة ،ادليْنَ بها فى معرض الدفاع عنه ،ان الصفع والركل هو سياسية معتادة، و سلوك دارج، لبروف قاسم ،على مر سنوات وجوده مديرا للاحفاد ، يمارسه كعقوبة تاديبية وتربوية ، ويبدو انها المرة الاولى التى يتم فيها تسجيل وتداول شريط مصور بهذا الشكل الموسع ، لهذه الممارسة القديمة فى جامعة الاحفاد ، و التى ترجع جذور تاسيسها ، الى جده السيد بابكر بدرى ، رائد التعليم الاهلى النسوى فى السودان قبل اكثر من مائة عام. بعد مرور ثلاث ايام من الحادثة، اصدر بروف. قاسم بدرى ما اسماه، رسالة من رئيس جامعة الاحفاد، شرح فيها مهامه كمدير للاحفاد ،والمتمثلة فى تخريج اجيال من الطالبات الرائدات، ليساهمن فى تنمية وتطوير المجتمع ، وفى تهيئة الجو الملائم وتوفير الحريات الاساسية لهن للتعبير عن ارآئهن داخل الجامعة ، والحفاظ على سلامتهن وسلامة الجامعة ،ثم اعلن تحمله المسئولية عن كل ما حدث يوم الاربعاء 10-01-2018 ( يقصد ما ورد فى الفيديوهات )، موضحا انه كان يهدف الى حماية الطالبات، من مخاطر خارج اسوار الجامعة ، واضاف (واذا ادى ذلك الى انعكاسات سالبة لدى البعض، فانى اود ان ان أؤكد ان الاحفاد تسير فى طريقها القويم الذى اختطه لها مؤسسوها ،وارجوا ان يكون فى هذا توضيحا واعتزارا لمن يهمهم الامر ) بغض النظبر عن مبررات الضرب، ايا كانت للحماية او التربية او الحث على التحصيل العلمى ، يمكن الجزم بكل اطمئنان ، ان جامعة الاحفاد للبنات ،هى الجامعة الوحيدة فى العالم ،التى يتم فيها ضرب الطالبات فيها ، من قبل مديرها البروفيسور ، ويمكن الجزم ايضا ، ان بروفسير قاسم بدرى، هو مدير الجامعة الوحيد فى هذا العالم ، الذى ينتهج هذا النهج المهين للكرامة ، والذى صدم وفاجأ الكثيرين ، ممن شاهدوا الفيديوهات المسربة . وهنا لايهم مطلقا مناسبة او توقيت تسجيل اوموعد اطلاق ،او ظروف الحدث الذى يتناوله الفيديو ، فالمشهد مجردا من الزمان والظروف، يصور ممارسة لاقبح صنوف الاضطهاد والقهر والاذلال للمراة، واين ؟ فى قلب فضاء جامعى عريق ، لجامعة ظلت تعتبر رمزا تاريخيا ووطنيا لتعليم و تحرير المراة، وقد اكدت جميع افادات الطالبات ، ان سياسة الضرب صفعا وركلا ليست حدثا معزولا،وانما ممارسة راتبة اعتاد بروف قاسم على ارتكابها ،فى حق اجيال عديدة من الطالبات ،وعلى مدار سنوات عديدة . ومهما قيل عن فضائل البروف قاسم بدرى،ابويته للطالبات، حبه الكبير لهن، تفانيه فى العطاءوالبذل، ومساعدته للكثيرات -وهو امر يحتاج لكثير من اعادة النظر- ،اوعن خصوصية اسلوبه التربوى ، ومهما توالت شهادات الحب والبراءة من طالباته، الا ان جميع ذلك ،لا يمنحه الحق فى ضربهن ، و يظل هذا السلوك امرا مستهجنا ومرفوضا ،و يجب ان يدان باقسى عبارات الشجب والادانة . فهو من حيث المبدأ جريمة ، وهو سلوك غير اخلاقي، ويخالف كل قيم العصر،و مبادئ تحرير المراة فضلا عن مفاهيم حقوق الانسان، هو كل ذلك واكثر وليس مجرد انعكاس سلبى لدى البعض، كما حاولت ان تصوره رسالة بروف قاسم التى اسموها اعتزارا. هو سلوك غير قانونى لان جامعة الاحفاد ، مثلها مثل بقية الجامعات الاخرى، لديها نفس الهيكلة الادارية والاكاديمية ،و تخضع لكل قوانين ولوائح تنظيم التعليم العالى ، والتى بالتاكيد تشكل المرجعية لكل لوائح الجامعة ، ومن بينها لائحة العقوبات التأديبية ، وبالتاكيد ليس من بينها بند يتعلق بتنفيذ عقوبة الصفع او الركل على الطالب/ة المخالف/ة من قبل مدير جامعته ، بل هو تصرف يجب ان يؤدى بمرتكبه الى ساحات القضاء ، والتصرف غير اخلاقى ايضا ،لانه يشكل انتهاكا ،لخصوصية وحرمة اجساد طالبات جامعيات ،من قبل مدير جامعتهن الذى يمتلك كل السلطة والمعنوية والمادية ،فى تحديد مصير هن ، كما ان هذا الاسلوب يناقض بشكل مطلق، الهدف من انشاء جامعة الاحفاد للبنات، وهوكما ورد على موقعها فى الشبكة العنكوبيتة :( إعداد النساء لتولي أدوارا مسؤولة في أسرهن ومجتمعاتهن وفي الأمة) ( ليصبحوا عوامل تغيير في أسرهن ومجتمعاتهن المحلية) ولتمكينهن من (تولى المناصب القيادية الحديثة) فكيف يتم تحقيق تلك الاهداف النبيلة ، وتاهيل نساء قياديات ،تحت نير الصفع والركل المستمرين بشكل مهين ، فى مؤشر خطيرعلى انحدار قيم الاستنارة والحداثة ، وسيادة شكل من اشكال السادية التى يمارسها البروف العتيد . لاتتوقف تداعيات هذ السلوك الهمجى المهين ،على مخالفته للقانون، وروح العصر، ومبادئ الحرية والحقوق الطبيعية للمراة، ولا على تحويله الجامعة من مؤسسة اكاديمية رصينة فى عطائها، ومحكمة فى ادارتها، الى كُتَّاب فوضوى من القرن التاسع عشر ،بل يتجاوز ذلك ،الى انه يرسخ ويؤسس ، لممارسة نفس السلوك المهين واللاقانونى مستقبلا ، من قبل اخرين يعتبرون قاسم بدرى،نموذجا ،و ابا روحيا ، وقدوة او رمزا لتعليم وتحرير المراة. لكن ما الشى يدفع رجلا يحمل درجة الاستاذية، ويدير احدى اهم واعرق تجارب العالم فى التعليم النسوى ، لاستخدام العنف ، وبهذه الطريقة المهينة لاقصى حد ،كاسلوب ادارى و تربوى ، مالذى يدفعه للقول ،فى احاديث صحفية،بانه على استعداد لتكراره ذلك مستقبلا نافيا وجود اى سبب الاعتزار ، ثم يصدر رسالة اسماها البعض اعتزارا و هى بمثابة صفعة لقيم الاعتزار،اذ لم يعتزر مطلقا عن فعل الضرب ،وانما عن الانعكاسات السلبية التى خلفتها مشاهدة البعض للفيديو ، ،كما ورد فى ما اسماه (رسالة رئيس جامعة الاحفاد)، اين يقع الخلل فى القيم والمعايير ، الذى يجعل استاذا جامعيا ، يجعل من الصفع والركل اسلوبا راتبا ومعتادا، على مدار سنوات وسنوات ،فى ادارة جامعته الخاصة ، و ما الذى يجعل البعض من اولئك الطالبات ، يتقبلن ذلك ، ويعتبرنه سلوكا ابويا و تربويا، ليس فقط ذلك، بل و ويتدافعن فى الدفاع عنه فى تناقض تام ، مع رسالة الجامعة التى اريد من انشائها، ان تكون منارة وعى لتكريس حقوق المرة وتطوير دورها فى المجتمع ،وتأهيلها لتولى المناصب القيادية الحديثة ؟ ما سر هذه الغيبوبة الجماعية الغامضة ؟ ربما تكمن كل الاجابة على هذا السؤال ، فى متن ردٍ ادلى به البروفيسور قاسم بدرى، فى لقاء صحفى اجراه معه لصالح صحيفة اليوم التالى، الصحفى حسن محمد على، بتاريخ 12 يناير 2018م حيث سأله عن السر فى استمرارية جامعة الاحفاد فكان رده : ((الأحفاد قائمة على الطريقة السودانية، وهي عبارة عن طريقة، مثلما في التقاليد السودانية "شيخ الطريقة والقبيلة"، ولتضمن استمرار المكون يجب أن تعمل بطريقة الشياخة، وهي تكليف رباني مثل ما قال الإمام المهدي في ثورته، ونحن قائمون فيها لأنها تكليف رباني.)) . انتهى الاقتباس ولااظن انه هذ النص فى حاجة لتفسير او كثير شرح ،فطالما ان مفهوم بروف قاسم بدرى ، لدور الاحفاد فى تطوير وتعليم المراة ،انه تكليف رباني ،مشابه فى ربانيته لثورة الامام المهدى فى السياسة ، وانها كالطريقة الصوفية ، تدار بطريقة الشياخة ، فانه يكون قد استدعى كل مكونات امتلاك السلطة المطلقة، من الادعاء بالتكليف الربانى الذى تتوارثه العائلة فى القيام بامر ادارة والحفاظ على جامعة الاحفاد ، الى اتباع نظام الشياخة كنظام ادارى لها ، وهو نظام مستمد من ارث الطرق الصوفية ،يستدعى وجود مرجعية مطلقة السلطة والصلاحيات ، ممثلة فى الشيخ والذى يسمى عادة بين مريديه وحوارييه بابونا الشيخ . فى هذا النموذج الاحفادى فان الشيخ هو المدير و هو البروفيسور قاسم بدرى، و جامعة الاحفاد هى مسيده الحصرى ، لكنه مسيد جندرى خاص، فالاحفاديات هن الحواريات فيه ، واللائى يحق لابيهن الشيخ(بابا قاسم ) صفعهن وركلهن ،دون ان يستطيع احد ، ان يقول له (عينك فى راسك)، نعم فمن يحاسب الشيخ المكلف ربانيا فىما يفعله فى مسيده . ويبدو جليا ان هذا المفهوم تم زراعته وترسيخه ، فى ذهنية جميع الاحفاديات ،على مر السنين ، وبمساعدة تامة من كل البيئة الادارية والاكاديمية للجامعة ، فطغى اسم بابا قاسم على كل القابه العلمية والادارية ،ورضخت جميع الاحفاديات المقاتلات من اجل حقوق المرأة،والمتمكنات من منطق الجندرة،لـرزيـلة احتمال الصفع والركل، بل والشعور بالامتنان والعرفان لضاربهن، مقابل السماح لهن بتلقى العلم ،على يديه وفى مسيده ،كما يحدث فى اى مسيد تقليدى لشيخ تقليدى لطريقة صوفية تقليدية .!! ختاما :الا يستدعى هذا الانحراف الجماعى العميق المترسخ عبر السنين، فى القيم والمفاهيم تحقيقا ودراسة استقصائية رصينة، تبحث عن حقيقته الكاملة وكيفية اصلاحه.