أمريكا تضيّق خناق العقوبات علي النظام بملاحقة البنوك و الشركات الأوربية بغرامات باهظة لخرقها الحظر

Quote: بنك «بي.إن.بي باريبا» الفرنسي يواجه عقوبات أمريكية قياسية ذات عواقب غير مؤكدة JUNE 30, 2014 باريس – أ ف ب: يواجه مصرف «بي.إن.بي باريبا» الفرنسي عقوبات قياسية في الولايات المتحدة لإلتفافه على حظر فرضته واشنطن على بعض الدول ولا سيما إيران والسودان. فكيف وصل الامر بالمصرف الفرنسي إلى هذا الوضع؟ وما هي الرهانات في هذا الملف الذي يلقى متابعة حتى في اعلى دوائر السلطة في فرنسا؟ وكيف سينعكس على اوضاع المصرف؟ * ما هو مأخذ القضاء الأمريكي على «بي.ان.بي باريبا»؟ - أشرف المصرف على تحويلات مالية ولا سيما لحساب مؤسسات صينية بحسب بعض المصادر، موجهة إلى عملاء في دول خاضعة لعقوبات إقتصادية أمريكية. ودقق القضاء الأمريكي في مئة مليار دولار (72 مليار يورو) من التحويلات التي تمت بين 2002 و2009. وخلص التحقيق إلى ان المصرف أخفى حوإلى 30 مليار دولار من التحويلات (21.5 مليار يورو) للتهرب من العقوبات. ومعظم العمليات المعنية بالتحقيق تتناول تعاملات مع السودان وبشكل اساسي في قطاع النفط، غير ان المصرف متهم ايضا بتيسير تحويلات مالية إلى إيران وغيرها من الدول الخاضعة لحظر أمريكي. * لماذا تخضع المجموعة الفرنسية للقانون الأمريكي؟ - جرت التعاملات التي تطاولها العقوبات، والتي تعتبر قانونية في فرنسا وأوروبا، خارج الاراضي الأمريكية. لكنها تمت بالدولار ومرت بالتالي من خلال الولايات المتحدة. وتفرض الحكومة الأمريكية ان تمر اي مدفوعات بعملتها عبر غرفة تسوية (مقاصة) واقعة على أراضيها. وغرفة التسوية هي هيئة تقوم بمقام الوسيط بين العملاء الماليين (البائع والمشتري) لضمان المدفوعات وتأمينها. وبما ان الصفقة تمر عبر أراضيها فان الولايات المتحدة ترى من حقها فرض قانونها. واشار حاكم المصرف المركزي الفرنسي كريستيان نواييه إلى ان الولايات المتحدة أدخلت تغييرا في نهجها في النصف الثاني من سنوات الألفين، اذ تشددت حيال المعاملات بالدولار التي تجري خارج اراضيها. والمشكلة التي طرحها العديد من المراقبين هي ان وضع الدولار كعملة معتمدة للمبادلات الدولية يجعل العديد من الشركات الدولية خاضعة للقانون الأمريكي ما يولد نوعا من الإمبريالية القانونية. * ما هي المخاطر التي يواجهها المصرف؟ - سوف يضطر «بي.إن.بي باريبا» لدفع غرامة تقارب 9 مليارات دولار (6.5 مليار يورو) وهي غرامة قياسية لمصرف فرنسي، مع الاقرار بذنبه. كما سيفرض عليه تعليق قسم من عمليات التسوية بالدولار لمدة سنة. ومركز الخدمات المعنية يقع في باريس وجنيف وسنغافورة. وتشمل هذه الخدمات أنشطة مرتبطة بتصدير النفط والغاز. والغرامة اعلى بكثير من الغرامات التي فرضت على مصارف أوروبية اخرى لارتكابها المخالفات ذاتها، لكن المحللين يرون ان المصرف الفرنسي سيتمكن من امتصاصها. وهو لم يرصد سوى اقل بقليل من 800 مليون يورو تحسبا للعقوبة لكنه كان يملك في نهاية 2013 شبكة أمان مريحة من الاموال الذاتية بلغت 94.4 مليار يورو. والاقرار بالذنب يطرح خطر على سمعة المصرف. فبعض العملاء الأمريكيين ولا سيما صناديق تقاعد لا يمكنها التعامل مع مصرف اقر بذنبه. وبالتالي فهو قد يخسر عملاء. ويطرح الخطر ذاته بالنسبة لتعليق عمليات التسوية بالدولار لقاء بعض النشاطات. فهذه العمليات لا تمثل سوى قسم ضئيل من رقم أعمال المصرف، غير ان العديد من الزبائن يستخدمونها، وقد يفضلون اللجوء إلى مصرف آخر يتولى التسوية بنفسه، ولو ان «بي.إن.بي باريبا» سيعرض عليهم حلا بديلا. * ما هي العواقب على العملاء والموظفين؟ - يحرص المصرف على طمأنة العملاء ويؤكد انه ليس هناك اي عواقب يمكن ان يخشوها جراء القضية. اما من جانب الموظفين فقد تخلى المصرف عن 12 موظفا، بينهم إثنان من كبار المسؤولين، نزولا عند طلب القضاء الأمريكي. لكن من غير المتوقع بحسب احد المصادر ان تجري تسريحات اُخرى. اما بالنسبة للنقابات، فقد أبدى الإتحاد العام للعمل في بيان قلقه حيال إنعكاسات هذه العقوبات على الوظائف. * ما التبعات السياسية التي يمكن ان تنجم عن القضية؟ - في فرنسا تناول قصر الإليزيه ورئاسة الحكومة ووزارتا الخارجية والإقتصاد الملف علنا، مبدين خشيتهم من ان تؤثر العقوبات الفادحة على قدرة المصرف في عرض قروض. وان كانت السلطات الفرنسية لم تطعن في قانونية العقوبة، إلا انها دعت إلى رد عادل، ولم تتردد في التلويح بتبعات على المفاوضات التجارية الجارية بين ضفتي الأطلسي والتوجه إلى الرئيس باراك اوباما طالبة تدخله. ووردت ردود الفعل هذه في وقت كانت الصحف تتحدث عن غرامة بقيمة 10 مليارات دولار (7.2 مليار يورو) اعتبرت غير متناسبة.