عاجل جدا. . لقد تم القبض علي المجرمين الجاز وكرتي ومصطفي عثمان!!

Quote: كان لي الشرف أن أحضر محاكمة رمزية تاريخية ومن النوع الثقيل شهدتها قاعة المهدي بنبركة يومه السبت 20 أكتوبر 2012، محاكمة حرص منظموها (الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان والمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير) أن تتوفر فيها كل شروط المحاكمة الحقيقية والعادلة، من رئاسة المحكمة بمالها من باع نضالي وحقوقي يترأسها النقيب ذ. عبد الرحمان بنعمرو، ثم النقيب ذ. محمد أقديم ثم المحامي الحقوقي ذ.خليل الإدريسي وذة سعيدة الرويسي، ودفاع المشتكين ودفاع المشتكى عليه وممثلي النيابة العامة أي ممثلي الشعب، لقد كانت مرافعات السادة المحامين الذين يمثلون الأطراف المشتكية ضد الدولة المغربية، وهي الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة ممثلة بدفاعها المحامي ذ. عبد اللطيف قنجع، الشبكة المغربية لحماية المال العام ممثلة بدفاعها ذ. الحسن الإدريسي، ثم المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير ممثلا بدفاعه ذة. نعيمة كلاف. كانت مرافعات ذات بعد تاريخي استدعت جل الجرائم الاقتصادية والسياسية التي اقترفتها الدولة في حق الشعب المغربي، وتميزت بقوة حجيتها ووسائل إثباتها التاريخية، حيث حاسبت الدولة في مجمل مسلسل الفساد الاقتصادي والسياسي طيلة عقود من الحكم، حملت المسؤولية للدولة في خوصصة قطاعات استراتيجية هامة وفي تفقير المغاربة ونهب ثرواتهم، واستعرضت في خلاصات مجمل هذه الجرائم الاقتصادية من مثيل اختلاسات طالت عدة مؤسسات عمومية باعترافات رسمية من تقارير برلمانية وتقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية من مثيل القرض العقاري والسياحي والقرض الفلاحي والبنك الشعبي والبنك الوطني للإنماء الاقتصادي...، وإفلاس بعضها نتيجة هذا النهب للمال العام من مثيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمكتب الشريف للفوسفاط وكوماناف والمكتب الوطني للنقل والخطوط الجوية الملكية والمكتب الوطني للصيد البحري ومكتب التكوين المهني ووكالة المغرب العربي للأنباء، ومن مثيل خوصصة فندق حياة ريجينسي بقيمة أقل من قيمته الحقيقية، وتفويت معمل ايكوز بدرهم رمزي، وتفويت معمل لاسامير بقيمة أقل بكثير من قيمته الحقيقية لشركة سعودية، وتقديم قطاع اتصالات المغرب بعدما أصبح قطاعا مربحا لشركة فيفاندي حيث تم تفويت 35% من رأسمال الشركة 2.3 مليار دولار فقط وفي غياب أبسط الشروط القانونية وفي مقدمتها شرط التنافسية، في حين أن التقدير الرسمي لوزارة الخوصصة آنذاك قدرتها من 4 إلى 5 مليار دولار، وتفويت أجود الأراضي الفلاحية لبعض المحظوظين والنافذين من مراكز السلطة والجاه من خلال شركتي صوديا وصوجيطا اللتين كلفتا بتسيير واستغلال جزء من الضيعات المسترجعة من المعمرين، وتوزيع ومنح رخص الصيد في أعالي البحار لبعض النافذين في مراكز القرار السياسي والاقتصادي والعسكري، ونهب لرمال الشواطئ وأحجار المقالع، كما كانت هذه المرافعات فرصة لاستعراض مآلات هذا التدبير الكارثي للدولة المغربية لخيرات الوطن وللشأن العام، حيث ذكرت بالصفوف المتأخرة التي يحتلها المغرب من بين الدول في محاربة الرشوة والفساد من سنة 2007 إلى سنة 2011، وتقدمت بوسائل إثبات عبارة عن أرقام وجداول لتفشي الرشوة في القطاعات العمومية حيث بينت دراسة عينة من تظلمات توصلت بها الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة خلال سنة 2011 أن القطاعات الأكثر فظاعة في الرشوة هي الجماعة المحلية وقطاع العدل ثم الدرك ثم الشرطة، وأن استطلاعا للرأي شمل مائة مقاول أيضا أظهر أن 55 % من رجال الأعمال المغاربة يقولون بأن الرسميين يتسلمون الرشوة بالبلاد بشكل متداول جدا، مما يؤكد حسب هذه المرافعات استفحال ظاهرة الرشوة داخل الدولة المغربية، في حين ركزت المرافعات في شقها السياسي على مظاهر طغيان الفساد السياسي وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، من خلال استمرارية الدساتير الممنوحة التي تجعل من الملكية سلطة مطلقة، ومواجهة الدولة لكل المعارضين لنهجها السياسي اللاشعبي بالاختطافات والتعذيب والنفي والاعتقالات السياسية، ومن خلال شرعنة الاستبداد السياسي وتمييع الحياة السياسية وتفريخ الأحزاب الإدارية، وإرشاء نخب سياسية تدافع باستماتة عن سياسة الدولة، وجعل الفساد السياسي المرتكز على الريع الاقتصادي والرشوة ونهب المال العام أسلوبا ومنهجا في الحكم، وانتهت مرافعات المشتكين بمطالب للمحكمة الرمزية نذكرها إجمالا في: - اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لإسقاط الفساد السياسي باعتباره جريمة ومتابعة كل المسئولين على ارتكابها، وذلك ضمانا لحق الشعب المغربي في تقرير مصيره السياسي؛ - متابعة المتورطين في نهب وتبذير المال العام والمخططين والموجهين والمشاركين والمنفذين وإرجاع الأموال المنهوبة ومصادرة ممتلكاتهم؛ -إلغاء نظام الامتيازات وإحداث هيئة مستقلة للحقيقة وإرجاع الأموال المنهوبة؛ -إلزام الدولة بحرمان ناهبي المال العام من الحقوق الوطنية والسياسية ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم؛ -القيام بافتحاص شامل ودقيق لكل الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية من طرف أجهزة الافتحاص تتميز بالاستقلالية والصلاحيات اللازمة للكشف عن الاختلالات المتعلقة بالانحرافات المالية؛ -حذف ما يعرف بالامتياز القضائي الذي يتمتع به الوزراء وسامي الموظفين...and#61482; فيما تميزت مرافعة دفاع الدولة بمطالبته باستبعاد دعاوى المشتكين من الناحية الشكلية واحتياطيا عمل على سرد أهم منجزات الدولة في سعيها لمحاربة كل أشكال الفساد الاقتصادي والسياسي، حيث ذكر بمسلسل الإصلاحات الدستورية والسياسية التي أقرتها الدولة المغربية، سواء من خلال دستور 2011 الذي عمل على دسترة مجموعة من المؤسسات الدستورية لها علاقة بمحاربة الفساد الاقتصادي والسياسي (مجلس المنافسة، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها...)، ومرورا بأهم النصوص القانونية والتشريعية التي عملت الدولة على سنها في مجال محاربة الفساد سواء منها القوانين أو المراسيم أو المناشير الوزارية...، لقد كانت محاكمة تاريخية ورمزية بامتياز، قفزت من نقاش التفاصيل ومن الإغراق في حيثيات السياسة الدنيا إلى قضايا السياسة العليا حيث محاكمة السياسة العامة للدولة المغربية منذ ما سمي بالاستقلال إلى غاية 2012، وانتهت في مطالب الدفاع إلى محاولة ربط الخيوط ببعضها لنسج تصور متكامل وشامل ومعارض لبنية الدولة وللسياسات العامة التي انتهجتها منذ عقود وهي سياسات انتهت بنا إلى مراتب دنيا للمغرب في التصانيف الأممية والدولية لمؤشرات التنمية البشرية والديمقراطية، وإلى مراتب عليا في التصانيف ذاتها لمؤشرات الرشوة والفساد... فكانت أهم المطالب القوية تتركز على حق الشعب المغربي في تقرير مصيره السياسي من خلال دستور ديمقراطي في إعداده وفي مضمونه ومن خلال انتخابات نزيهة وحرة وديمقراطية، وعلى إدانة الدولة المغربية وأجهزتها بصفتها المسئولة عن جرائم الفساد السياسي والاقتصادي، وعلى متابعة كل المفسدين ناهبي المال العام وعدم إفلاتهم من العقاب مع استرجاع الأموال المنهوبة، وعلى إجراء افتحاص شامل للمؤسسات والإدارات العمومية منذ عهد "الاستقلال" إلى الآن... ومن شأن هذه المحاكمة والخلاصات التي انتهت إليها مرافعات المشتكين وتعليلات الحكم الصادر عن هذه المحكمة الرمزية أن يشكل كل ذلك مرجعا أساسيا للانطلاق في بناء جدول أعمال نضالي وطني يلتف حوله كل الشرفاء والغيورين على هذا الوطن والتواقين إلى فجر الحرية والانعتاق من ربق الاستبداد في مواجهة المستبدين والموالين لهم والمضللين والمحرفين للمعارك والخانعين والمستفيدين من صمتهم... أحمد بوعشرين الأنصاري