تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 10:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-25-2010, 03:14 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" (Re: محسن خالد)

    إنَّ ثقافات الشعوب، نتاجُ سجيِّتها، العفوية، تبقى دائماً، مهما تَعَرَّضت لتنقيحات الأيدولوجيا والبرجواز الطبقي والأكاديمي على مَرِّ الزمان وكَرِّه. تبقى في هذا العنصر الشفاهي، من أنسها وأحاديثها وأساطيرها، من مَلَكَةِ الكلام التي ليس بوسع أحدٍ مصادرتها عن هذه الشعوب. فمعالجة ما فيها من معايب وكوارث، بالنسبة للشقِّ الضارِّ منها، لا تتم إذن إلا على صعيد العظة وتربية وتنقية البشري نفسه، لا تصفية مواد صمّاء ومعنوية بالإبادة. لأنَّ الإبادة فعلٌ غير ممكن الحدوث، ما دام سيبقى هؤلاء البشر، على الدوام، يمتلكون أفواهاً، بمقدورها صنع الكلام في كل حين، ومتى وكيف تشاء.
    فالمكتوب على الحَجَر من ثقافتنا القديمة جداً، التي كانت كوشية فقط، قبل أن نُضطر لوضع لاحقة "إرث" الدالة العربية والإسلامية كان دائماً هو {كتاب الموتى}. كتابُ الملوك الآلهة والمتعلمين والكهنة المثقفين! فما الذي يمكن أن يمثّله "غيرُ" المكتوب إذاً من خلال هذا التناظر! ألا يُمَثِّلُ المأثور من (لسان الأحياء) عامة الشعوب ومن يُتَوقَّع فيهم الأُميَّة نَظَرَاً لطبيعة تلك المجتمعات عادةً؟
    لقد ذهب الكاتب عبد الحميد البرنس، يقرأ موقف الدكتور حسن موسى، من الأمثال السِّريَّة تحت أضواء الأيدولوجيا، وإنِّي أرى أنَّ هذه الزاوية في قراءة الأستاذ البرنس خاطئة تماماً.
    ففي الحقيقة، كما أُقَدِّرُهُا، نجد أنَّ موقف الدكتور حسن موسى، كان موقفاً "أسطورياً" بامتياز، أو شخصانياً، غير عقلاني بالمرَّة. وليس له أدنى حظ من الأيدولوجيا كما تأوَّل الكاتب عبد الحميد البرنس، حين نقاشه لدكتور حسن موسى تحت ظلال الأيدولوجيا.
    لنقرأ تحت عنوان (الأسطورة والنموذج الأصل)(1*) ما كتبته باربرا ويتمر:
    {يمكن تقديم مزيد من التوضيح للتفريق بين الأيدولوجيا والأسطورة. تُعطي الأيدولوجيا بوصفها وظيفة حافظة للسلطة، تشريعاً لتلك السلطة (الحكم بالإجماع على نحو ضمني) عبر الاحتكام إلى الماضي، فتصبح تبعاً لذلك تاريخية. أمَّا الأسطورة، بوصفها ضماناً للسلوك وحكاية الموروث، فهي تدمج الماضي مع البُنى الشرعية فيه، وتمتد إلى المستقبل كقصة نموذجية حول ما هو جوهري لاستمرار الثقافة. حيث يمكن تسويغ خطاب استخدام العنف بالاحتكام إلى الأسطورة بدلاً من الأيدولوجيا كتبرير لسلوك مستقبلي عنيف. من هنا يمكن أن تُقدم الأسطورة، بوصفها نموذجاً أصلياً، نوعاً من تشريع للعنف وتبرير له، بوصفه ممارسة طقوسية اجتماعية}.
    وهي تُشابه بالضبط، النقطة التي وصفتُها أعلاه، من كونه لا يمكن وصف سلوك الدكاترة والأساتذة هؤلاء بالردَّة، لأنَّهم أتوا بسلوكٍ لم تأتِ به الكتب التي سبقتهم بمئات، بل آلاف السنين. إذن هم، وبحسب باربرا في هذا المُقتبس، لم يحتكموا للأيدولوجيا التاريخانية، وإنَّما إلى الأسطورة الدينية من نوعٍ مُعَيِّنٍ ومحدود، مثل الأساطير الوهَّابية للتربية، وبذات فهمها، المانوي، ذي المنطق الثنائي، في تقسيم كل شيءٍ لخير وشر، حتى الكلام. فهي بذلك، وعبر مفهوم الحلال والحرام، والعقاب العنيف كآلة تربوية، ترعى الأخلاق المُنتجة للسلوك المطلوب عبر هذا المفهوم الردعي، المتبني للعنف والإسكات والعقاب البدني. إذ يقول الدكتور حسن موسى مثلاً، بتاريخ 17 فبراير 2010م {فهؤلاء هم الطلشاء، الضرب ينفعهم و العلم يرفعهم}. وهي ليست جملة عارضة، أو سطر تظارف طائش، وإنَّما هي فكرة راسخة بِتُّ أرقبه وهو يكتبها في مَرَّات كثيرة، بالسنين، وبألوان عديدة، ويعتقد في جدواها، لا جدوى إكرام البشري والتَّلَطُّف به، لكي يتعلَّم ويتثاقف بالحسنى لا بالعنف، فتتحسَّن وتتبَدَّل فكرته عن السلوك قبل إتيانه عن اقتناع وفرح ومحبّة.
    اقرأ الدكتور حسن بتاريخ 06 مايو 2005م بفارق خمس سنواتٍ عن قوله المُتَقَدِّم:
    {المهم يا زول أنا افتكر إنو "الضرب بيد من حديد" ينفعهم والعلم يرفعهم. وكان مكضبني أمشي اقرأ كلام ناس مازن والجريفاوي وغيرهم تلقاهو بقى ـ بعد الحديد ـ مكتوب بعناية أكتر من المرات الفاتت. ولا يفلّ الحديد (حديد الطلاشة) إلا الحديد (حديد الهدم النقّاد)}.
    وبتاريخ 21 يناير 2006م:
    {و انا متفائل بأن هؤلاء الرجال و النساء العاكفون على الانحطاط و على رؤوس الاشهاد بذريعة المجهولية الاسفيرية ، قمينون بتجاوز عاهاتهم الاخلاقية و عاداتهم المرذولة لو تعهدناهم بالحزم و بالصبر و بالحيلة و هم الذين عناهم المثل :
    " الضرب ينفعهم و العلم يرفعهم " و العكس ايضا صحيح}.
    وبتاريخ: 6 أكتوبر 2006م:
    {ورغم أن أسلوبي يملك في بعض الأحيان أن يفاجئ بعض الأصدقاء الذين عرفوني من خلال فضاء الرسم، إلا أنني أعرف بالتجربة أن لـ "الكتابة العدوانية" كفاءة لا تخيب في مقام اللئام ممن يخافون ولا يختشون فينفعهم الضرب ويرفعهم العلم(وهيهات)}.. إلخ.
    وأعتقد أنَّ الضرب بيدٍ من حديد، وكتابة أو رسوم العدوان، ليستا بأداتي تعليم على الإطلاق. هما أداتا حرب، ومشروعتان بحدود أخلاقية مُلْزِمَة وفي مقاس الحرب، كما هما مُلْزمتان بمعايير العدالة المُعَقَّدة جداً، حين إخفاق القانون أو قصوره، في مثل هذه الحالات. ولكن هما بذلك تتحولان إلى أداتيْ ثأرٍ وقصاصٍ، ووسيلة نحو أخذ العدالة باليد، لا "تعليم" ولا "نقد". وتنتميان بواقعهما الجديد هذا إلى عصور {كبس الجبّة} لا إلى مدارس التعليم والتربية والنقد. {كبس الجبّة} كما قال الدكتور عبد الله علي إبراهيم وتغافل عن نقد صاحبه "زعيم كابسي الجُبب الأكبر"، والمتوسِّم بريشتهم، كما كان حمزة بن عبد المطلب متوسِّماً بريشة أبطال "بدر"، حين قتال المشركين، كما يرد في إرث الإسلام والعرب. تغافل الدكتور عبد الله عن نقد صاحبه لسنين طِوَالٍ، ومِلالٍ، وَرَدَّ له دكتور موسى هذا الجميلَ المتنافع، بتغافلٍ هو الآخر عن مخازئ لا {كفوات} د. عبد الله فحسب.
    والعنف في إجماله لا يمكن أن يستولد أية فضيلة كانت على وجه هذه البسيطة. والعنف، كما أراه، في أي تجلٍّ من تجلياته هو موقف أسطوري، أكثر مما هو أيدولوجي. وحسن موسى لا يشبع من أنماط العنف الثقافي كلاماً ورسوماً، حتى تخال العنف والقسوة، البَّغْضَاء، من صميم مستوى وعي الدكتور، ومن صميم {ممارسة طقوسية اجتماعية} على حدِّ تعبير باربرا، ومُلِحَّة جداً. لا تنفصم عن رؤيته الأسطورية للكون، ولأنَّه يمتلك الحقيقة كاملة التي تُخَوِّلُهُ حق أن يضرب بيد من حديد، لأجل التعليم والتربية، فمن قال له إنَّ معه الحق، وإنَّه مُرَبٍّ الناسُ متوثِّقون مما معه من متاع تربوي، لذا عليه أن لا يتردَّد في الضرب بيدٍ من حديد!؟ هل {الصفوة} هؤلاء تلاميذٌ عنده، أم شركاء معه في منتدى للتفاكر المتكافئ!؟ ماهي مبرِّرات أن تكون له فَلَقة مشدودة من لسانه، وأخرى مشدودة لألوانه، حتَّى تحسبها حامل رسم!؟
    وبشرح بسيط لمسألة أنَّ العنف الثقافي هذا ما هو إلا موقفٌ أسطوري بامتياز من الكون. أقول، إنَّني لطالما رأيتُ في الموقف الأسطوري ذاته، أنَّه يُنْتِجُ أحد أمرين، إمَّا العنف، وإمَّا الكوميديا. وسأشرح هذه النقطة بمثالين، أحدهما قصة طريفة رواها أحد الكُتَّاب معنا هنا في البورد، وبحثتُ عنها كي أُثَبِّت له روايتَها ولكنني لم أعثر على القصة، وإن كنتُ أذكرها وسأحكيها بروايتي لها، كما أعرف شبيهاتٍ لها، ولكنَّها أنصع من غيرها وأمتن في خدمة المثال.
    يحكي الزميل الكاتب عن مجموعة من الأطفال يتسوَّرون جنينة للفواكه، أحدهم به سمنة قليلاً وبطئ الحركة، فيأتي صاحب الجنينة ويباغتهم، ليهربوا جميعاً إلا هذا الطفل البطئ، فيقبضه بذلك صاحب الجنينة وهو يأكل من ثمرها وفمه وملابسه مليئة بعصير تلك الثمار. فيُصِرُّ الطفلُ مُقْسِمَاً {والله دا ما أنا، أو والله أنا ما معاهم}.
    أي، خلاصة المثل هنا، هي مجافاة الواقع ونقضه على نحو مُطلق وأسطوري، ولكن النتائج المترتِّبة على ذلك لن تكون إلا كوميديا، لنوع وظرفية الموقف. فهو طفلٌ وهذا الموقف الأسطوري نَجَمَ لتحاشي عقاب بسيط، في النهاية سيضحك صاحب الجنينة، ويُطلق صراح الطفل، ليتندَّر الرجل بالقصة بين الناس مشيعاً فيهم روح الفكاهة والكوميديا.
    ولكن ماذا لو كانت هذه الانتخابات التي جَرَت قبل أيام، تُمثِّلُ انتخاباتٍ حقيقية، والأحزاب كلها مشاركة وبوزن وثقل حقيقي، ومع ذلك يُعْرَضُ فيديو لأناسٍ، تراهم، هؤلاء أمامك يُزوِّرون الانتخابات ويَرُجُّوَن الصناديق أمام عينيك، ليتأكدوا من امتلائها، ومع ذلك تأتي المفوضية أو شيوخ المؤتمر الوطني مُقْسِمين {والله ديل ما نحن، أو والله نحن ما كنّا معاهم}.
    ستلجأ الأحزاب للقانون كخُطوة أولى، وبما أنَّ الإسلاميين قد أفسدوا القانون عبر مؤسساته وقضائه، سيتخذ القانون الوهمي هذا الموقفَ الأسطوري عينه، ويُردِّد معهم مُقْسِمَاً هو الآخر {والله ديل ما هم، أو والله هم ما كانوا معاهم}. هنا، بالضبط، وفي تمام مواقيت اكتمال بدر الأسطورة، وهذا الموقف الأسطوري المُطلق في نقضه للواقع، سينشب العنف السياسي، رَدَّاً على هذا الموقف الأسطوري، الذي لا يمكن الجدل معه.
    وفي كتابة قديمة لي، قمتُ فيها بمناقشة ودراسة قضية (العنف بين العُشَّاق، أو المتزوجين) وجدتُ نفسي قد بلغت في آخر تلك الدراسة، أنَّ العنف "بين من يتعارفون" سببه بشكل رئيس هو المواقف الأسطورية كهذه المواقف. كأن تقبض الحبيبة على سلسلة رسائل من امرأة ثانية، في موبايل حبيبها، وسلسلةَ ردودٍ من حبيبها على رسائل تلك المرأة، وتعثر على عشرات البراهين والأدلّة الأخرى، التي تُثبت تورُّط ذلك الحبيب في خيانة. ولكنّه مع ذلك، لا يعترف ولا يعتذر، لا، بل يتخذ موقفاً أسطورياً عبر قَسَمِ {والله دا ما أنا، والله ما كنت معاها ولا بعرفها}، وسَيَسُدُّ الموقفُ الأسطوري البابَ أمام مجادلته، نقاشه، أو محاسبته ومفارقته بالتي هي أحسن. حينها سترتمي هذه المرأة المغدورة، بحنقها وغصتها وغبينتها كلّها، على جسده ضرباً، وسيردُّ لها هو الصاع صاعين، وهكذا تنجر العلاقة إلى العنف. بسبب هذا الموقف الأسطوري. ففي تقديري أنَّ معظم حالات العنف بين أشخاص يتعارفون منبعه المواقف الأسطورية كهذه، التي تنكر أحداثاً ما من سبيل لإنكارها، وليس بالضرورة أن تكون خيانة، أي مواقف أسطورية ما، كفيلة باستولاد العنف "دفاعاً" أو "هجوماً".
    فموقف الدكتور حسن، مع الأمثال السرِّيّة كان أسطورياً "مدافعاً" لا أيدولوجياً كما رأى البرنس. الأيدولوجيا لا بُدَّ لها من منطق، بعكس الأسطورة. والدكتور يعرف أن المنطق الثنائي الذي اعتمده في الحديث عن الأمثال السريّة، لن يصمد طويلاً أمام الحجج المنطقية الكثيرة، والمعرفية، وكذلك الموقفية "أيضا"ً التي يمكن أن تحاصره باستخدامه هو نفسه لألفاظ أكثر بذاءة من هذه الأمثال، في عنف مُباشر مع متحاورين لا تشبه حال الأمثال كمادَّة متهمة بالبذاءة فحسب، منشورة عموماً، وغير موجَّهة إلى أحد الناس على وجه التعيين من خلال حوار. واستخدامه أيضاً لرسوم تفوق تلك الألفاظ بذاءة على حدِّ تعبيرهم وتعريفهم للبذاءة. كل هذا دعا الدكتور لأن يستخدم العنف الثقافي والإرهاب الدفاعي، عبر مشهد أسطوري مطلق لا أيدولوجي. بإزالة المادَّة أولاً دون تركها للنقاش، وبإزالة باسويرد جامعها وناشرها ثانياً كي يكَمِّم فمه من الرد عليه. ثم وجد نفسه، بعدها، في قلب مشهد محزنٍ أكثر مما هو مخزٍ، لأنَّه اختار أن لا يترك العنف مستقبلاً، كأداة يطمر بها عوراته لدى ذلك الخطأ البشع الذي ارتكبه. أو كما قال له الأستاذ محمّد حسبو:
    {لقد كان موقف الإدارة من بوست الأمثال خاطئاً، وغير منسجم مع الأهداف المعلنة لهذا الموقع ورسالته، و كل ابن آدم خطاؤون، و لطالما رأيتُ أنّ الإنسان يحتاج تجربة يتعلّم منها و لا حرج عليه، و حتّى إذا انعدمت إرادة تصحيح الخطأ بأثر رجعي فلا بأس و هذا من حظّ النفس. فإذا كانت إدارة الموقع قد تجاوزت ما حدث و استخلصت دروسه، ففي هذا عزاء، بل ويسهّل علينا أن نفهم هذا الموقف المتسامح مع مكتوب الأخ النور الأحمر}.
    وكلامي، وكلام حسبو لن يستوفيا شروط الصحَّة والقيمة، إلا عبر افتراض حسن النيّة في الدكتور (قطعاً) من كونه لا يقصد جامع تلك الأمثال في نفسه. ولكن هل أجرى الدكتور أي نقدٍ على الذات، هل تهمه تربيتها بذات المقدار الذي يهمه من تربية الجريفاوي وصحبه!؟ هل هو Honest ويسعى للاتساق لا الانتصار والاستكبار!؟
    بأي حال الإجابة تُسْتخلص، من سلسلة سلوكياته، التي ما كانت تعبر به فوق موقف أسطوري، إلا وتحشره في {Cul-de-oie} موقفٍ آخر. والكلمة الفرنسية للدكتور لا لي، أنا لا أعرف الفرنسية، ناهيك عن إجادتها لدرجة معرفة مواقع "غميسة" كهذه من الوز والبط والدُّجاج، وغيرهن مما يمشي على اثنين.
    ولكن الدكتور التزم هذا الموقف الأسطوري طوال الخط، وتجَدَّد ثانياً وأبشع، لأنَ الناس احتجوا عند إنزال بوست {في مديح طيز الوزَّة} وسألوا عن تلك المعايير المتبعة مع هذا البوست "الوَزَّي" ومع ذاك الذي مضى من أمثال. فجاء الدكتور حسن هنا بـ"الترغيب" و"الترهيب" لمحمّد عثمان، مفترع تلك الدعوة للمقايسة. رَغَّبَه الدكتور حسن حينما أغراه، أو استغفله، بـ"المديح" الفطير والمُباشر، دون حصافة، كما يرى الأستاذ البراق النذير . أي يستهون الدكتور به وبالناس حينما يقول له، وأمام الأعين، إنَّه كاتب، وقارئ خطير يقرأ كيت وكيت فـ{كَفَّن -محمّد عثمان- الميتة} هذه، كما تقول الكوشرثيا. والدليل على ذلك أنَّه عَرَضَ سحب المداخلة ذاتها، التي قام فيها بمقايسته تلك بين بوست الأمثال وبوست طيز الوزّة. وأرهبه الدكتور حينما خَفَّضَ منزلته من "عثمانهم الذي في أستراليا"، كما كان يقال في التاريخ، الحجّاج بن يوسف، يَدُ يزيد، أو سيفُه، الذي بالعراق، أو بالشام، وهكذا. فبعد أن كان محمّد عثمان هو "عثمانهم الذي في أستراليا" أي عثمان ثلاثي حسن وبولا ونجاة، كُدِّر كما يُكَدَّرُ ضباط العَسَس. من مرتبة نقيب بثلاثة أنجم في جيشهم، ليكون ملازماً بدبورة واحدة في مليشيا التسعة عشر، وإله جهنمهم وحده. فبولا ونجاة لم يعودا يرغبان في ذلك البيدق بعد مخاشنته لنجاة، وهذا هو "الترهيب". انظر للفداحة، كأنَّما رضاهم عن الناس جائزة، يا للهوان! فـ"ترهيب" الدكتور يعلن لا يضمر، أنَّه إذا استمرَّ محمّد عثمان في المقارنة بين الموقفين، ونقد الموقف الأسطوري لإدارة المنتدى، فسيخسر حتى نجمته تلك. وحرفياً قال له الدكتور معلناً ذلك التكدير {يا محمد عثماني[ شايفني غيرت صيغة ضمير الجماعة عشان الجماعة الطيبين الكنت برجعك ناحيتهم مش قدر المقام]}.
    وتستمر المواقف الأسطورية، مُوَلِّدة العنف على يديِّ الدكتور، بلا انقطاع وفي سياق ونَسَق أسطوري مثلها. يستخف بكل من يقرأ، ويفترض فيه انعدام العقل من أساسه لا السذاجة والبلاهة فحسب. لا أدري ماذا يظن الدكتور عن نفسه وملكات سَحْرِه لأعين الناس، أو ما الذي يظنه عن أفهام الناس وقدراتهم! لدرجة أنَّه يأتي بكلام عن أكل العيش وربطه بالكتابة والنيَّات و"لغوثة ذلك كلّه"، كما قال حسبو، بجامع الأمثال السريّة.
    فتأمَّله وهو يقول كلاماً في موقع المرافعات المنطقية والفلسفية، لا أدري أهو شعر، أم طلاسم، أم ماذا؟ اقرأ له:
    {يا محمد عثماننا أنا مصر على ان أعمال الكتابة بالنيات و الكاتب الحقيقي هو الذي يباشر أعمال الكتابة على نيـّة صادقة و عن رغبة عارمة تموضع فعل الكتابة في خاطر الكاتب كحديقة سرية ممنوعة أو كمخاطرة وجودية فريدة و لو شئت قل :كأولوية دينية حرجة لا تقبل التسويف.و كل كتابة بخلاف ذلك هي صف للتلاوين التعبيرية الجاهزة و بروباغاندا و " أكل عيش " بلا تبعات.و أنا لا استكتر الكتابة النفعية على آكلي العيش البواسل كما لا استبعد ان يخرج من بينهم الكاتب المبدع الذي قد يعثر على ضالته بعد طول ضياع في شعاب الكلام المباح لكني بصدد فرز المويات حتى يقف كل واقف موقفه على بصيرة نقدية تتنائى عن اللبس}.
    نيّة صادقة، رغبة عارمة، تموضع فعل الكتابة؟ حديقة سريّة؟ خاطرة وجوديّة؟ أولويّة دينية حرجة؟ شعاب الكلام المُباح؟
    شخصيَّاً لا رغبة بي مُطلقاً في أشعار الدكتور، إن كانت بهذا المستوى. يكفيني ما يكتبه (إخوان وأخوات الوشل)! فقط ليوضِّح لنا الدكتور، بلغة متواضعة جداً، ومُبينة، همّها المنطق والترافع الفكري، لا الشعر في مقام التفاكر والجدل الصعب..
    (1) من هم الكُتَّاب النفعيون الذين يقصدهم هؤلاء؟ (2) ما هي أدلَّته الملموسة أو غير الملموسة على نفعيتهم هذه؟
    (3) كيف تُبرهن لنا هذه الطرمزات الشعريّة أعلاه أية علاقة ما لـ"الكتابة" بـ"النيَّات"؟
    لكي نقف على بصيرة نقدية تتناءى بنا عن اللَّبس، كما يقول.
    الكتابة التي هي "رَقْنٌ" و"تدوينٌ" ماثلٌ بالخصوص والعمديّة ضد "النيّات"، وفعلٌ ملموسٌ Tangible، تأمَّل كيف يحيلها الموقف الأسطوري من لدن الدكتور إلى نيّات بالخصوص والعمديّة، وإلى هُرَاء Nonsense. وجانبها المُضحك "الآخر"، ما دام قد ثَبَت أنَّها بالنيّات! هو أنَّ المؤلِّف "سين"! ومن هو هذا المؤلِّف "سين"!؟ هو الذي ألّف مليون كتابٍ في جميع أضرب المعرفة! وأين كتبه هذه حالياً؟ دُفِنَت ولُحِدت معه يا أخي وأختي، إنَّما الأعمال بالنيّات ولكل امرئ ما انتوى. فمن هَمَّ بتأليف كتابٍ واحدٍ كُتب له عند الله والناس، وصُفَّ له في رفوف المكتبات، بعشرة أمثاله. والكاتب "سين" هذا تُوفي دون كتابة، إي نعم، ولكنه انتوى كتابة مائة ألف كتاب، فاضرباها في عشرة يا أخي وأختي في الله!
    أي أنَّ العنف، الذي أصله كَذِبٌ لدرجة الأسطرة، ما يشبهه في هذا المقام، صناديقَ تُرَجُّ أمامك حتى تمتلئ، ومع ذلك يقسم صاحبها بالتكذيب متأسطراً، ومُناقضاً للواقع الـconcrete والحق الماثل على نحوٍ crucial، حاسم. الأمر الذي قد يجعله يستخدم العنف بعدها مدافعاً وحامياً أوهامه تلك، كي لا يتم إيقاظه للحقيقة.
    بالتمام والكمال، كما فعل الدكتور، إذ غَرِقَ في سلسلة متواصلة، من الأسطورة الكاذبة، والأنماط الثقافية للعنف، لأجل رَدْمِ ما سَبَقَها من أساطير وعنف.
    بالضبط، كما قال شكسبير، ما خلاصته، يستحيل ردم الدم بآخر Blood have Blood.
    ثم وجد الدكتور نفسه، في عرض موقف أسطوري جديد، من تلك السلسلة، وهو أنَّ الأستاذ حسبو "زنقه" ولكن لم يُسِئْهُ، ولم يخاشنه بحيث يعطيه مُبَرِّراً للهروب. وإنَّما كاشفه على نحوٍ لم يرغب به الدكتور من جنس الذي قام بإحباطه لدى محمّد عثمان، وآخرين، عبر ترغيب المديح وترهيب التكدير هذا ذاته. إذ أجابه الأستاذ حسبو بكلام دغري، واضح، ورصين، غير ذي عوج:
    {يا حسن موسى مُحسن خالد دا رجل مرق لهذه الكتابة برضو منذ آلاف السنين، وله طريقته فيها، وهو يقرأ ويعافر أيضاً منذ آلاف السنوات ليخدم هذه الكتابة، وما عرفتُ فيمن يرتكبون الكتابة من أندادي طرّاً من يبذل لها مثل محسن خالد، و ليس من الشرف أن يصبح الاختلاف معه سبباً لنفيه أو الحط من قدره عبر حديث النيّات الملتوي هذا وسيء النية هو ذاته.. محسن له تقديراته فيما يكتب وله رؤاه وربّما كان فيها هنات هنا أو هناك وهذا شأننا أجمعين، إذا لم يكن لديكم من صبرٍ عليه أو نصح له فلا تثريب، وإذا لم يكن مرغوباً بمحسن هنا فهذا حقّ يمكن لإدارة الموقع ممارسته وأخذه بالدرب العديل، عنوةً ودون تبرير، أمّا مثل عملك هذا، و خلط الخبيث بالطيّب، فالسكوت عليه ليس من نوع الذنوب التي أهوى و اقترف..
    يا حسن أشرح لينا كلام النيّات دا وكلام فرز المويات عشان نفهم الموقفين ديل في سياق صحيح ومتسق فنعرف الفرق بين هذا وذاك من جهة خامة المفردات أو من جهة ما اعترضم عليه وقتها في حديث الأمثال، وهذا ليس مطلباً فقط بل واجبك الأدبي كمان}.
    ومشكلة الدكتور، أو معضلته، أنَّ حسبو، لن تعمل معه نظرية "الترغيب" و"الترهيب"، فهو لا يرغب في مديح الدكتور ولا يخشى تكديره. فاضطر الدكتور لمرّة جديدة أن يمارس العنف، ويُلَفِّق كلاماً من عنده، ويجعله في موضعٍ يفهم منه القارئ أنّ حسبو قد جاء وكتب ذلك الكلام للدكتور. ولمّا لم يسكت حسبو على ذلك، في بوست قصي سليم، اضطر ثلاثُتُهم هذه المرّة، بإضافة عضوي إدارة المنتدى الآخرين، نجاة وبولا، لارتكاب عنف ثقافي جديد. باستبعاد حسبو وإنهاء عضويته، وأيضاً من خلال موقف أسطوري عريض، ليس خلفه ما يسنده على الإطلاق، ولو مثقال ذرة. مثلما فعلوا بالضبط مع جامع الأمثال والكثيرين غيره. وهكذا...إلخ. تأسيس خلف تأسيس، للأسطورة لا الأيدولوجيا، ولأنماط العنف الثقافي، بلا شبع ولا انتهاء، ودون حَد. لأنَّهم ينطلقون من موقف أسطوري بامتلاك الحقيقة، ويدفعون عنه بآليات أسطورية، أيائلَ مُجنّحةٍ، تعدو في هُوّة ما بعد اليأس، مخطرفةًُ بين ماء المزن. والأدهى وأمَرُّ، أنَّهم يحلمون بإقناع الجميع، لتبنِّي هذا الموقف الأسطوري بتمام أسطوريته هذه، وأنماط عنفه الثقافي!

    ***


    أمَّا الأمثال السريّة الضارَّة، أو مواد الكوشرثيا الضارَّة في تمامها، فما هي بمُمَارِسةِ عنفٍ في حَدِّ ذاتها. إذ هي مادَّة معنويّة لا عقل لها، والإنسان هو من بوسعه ممارسة العنف بها، وهو المسؤول عن ذلك. وقراءتها، مفيدة للكثير من المواضيع الحضارية والتاريخية، والتربويّة أيضاً، والكثير مما لا يراه كلُّ قارئ. والوفير، مِمَّا لا تظهر منافعه إلا على يديِّ من هو ناقد حصيف، وله نظرٌ ثاقب يجوز العبارة في شكلها الظاهري، لموقعها النَّسَقي، من التاريخ وعلاقاتها الأخرى، والمتشابكة، مع مجمل البناء الحضاري الذي أنتجها.
    فأسئلة من نوعِ، هل تآمر "الإرثُ"، أي لُقى وأُعطيات ما هو إسلاموعروبي ضد ما هو كوشي؟
    سؤال بهذه الكيفية، تتم الإجابة عليه من خلال هذه المواد الكوشرثية، بفحصها وقراءتها. ولا تكمن الإجابة عليه في إثبات أنَّ مجموعة من الناس الإسلاموعروبيين جلسوا في الظلام ذات ليلة، بكهف سرّي ما، وقالوا دعونا نتآمر ضد الحضارة الكوشية وأهلها! ومن ثَمَّ وضعوا خُططهم ثم شرعوا بعد ذلك في إنفاذها! أبداً، المسألة ليست هكذا، ولا الرؤية قائمة على هذا الكيف. وينطبق الحال ذاته، على سؤال هل قَصَد العطبراوي فعلاً عبر تلحين وغناء ذلك الوطن الذي هو في مجمل "تصوُّراته" إسلاموعروبي، أن يؤسِّس لما هو ضد الحضارة الكوشية وأهلها بالنيّة العمديّة لذلك!؟
    فبدءاً أقول، إنَّ التصوُّر الخاطئ ذاته أكبر مؤامرة تجني على الإنسان نفسه قبل أن تجني على الآخرين. لأنَّها شلَّت نصفه، لا بل أساسه، الكوشي تحديداً، وجعلت جسد هذه الكوشرثيا يتقاتل مع بعضه بعضاً بالدهور الطويلة. أمَّا حركة مصلحة الجماعة الإسلاموعربية، التي بالأساس تُنْشِئُها وتحميها هذه التصوُّرات الخاطئة، وغالباً المُجرمة، فهي أكبر مؤامرة يمكن أن تتم بالمفاهيم الحضارية.
    فلنقرأ مثلاً، هذا المُقْتَبَسَ من علم اجتماع العلوم(2*):
    {البعد الثالث الذي يميّز البرنامج القوي في علم اجتماع العلوم هو الأهمية التي يوليها لمفهوم "المصلحة". ويعتبر بارنز، وبلور، وماكنزي، أو شابين أنَّه لا يمكننا فعلياً أن نفهم طبيعة ثقافة ما وكذلك مبادئ تجدّدها من دون الرجوع إلى طبيعة المصالح الاجتماعية ذات الصلة بها. هناك من التصورات حول "النظام الطبيعي للأشياء" بقدر ما يُوجد من مصالح اجتماعية مختلفة}.
    إذن الوطن بمفهومه الطبيعي هذا، لدى الإسلاموعروبيين، الذي نجده ليس في غناء العطبراوي وحده، بل في مجمل الغناء الذي يسيطر على الآلة الإعلامية للدولة، وتمام شعار الدولة، وفي تلفزيون (لا إله إلا الله) الدولة، هذا كلّه، نحن لكثرة تكراره وترداده أصبحنا ننظر إليه وكأنَّه هو {النظام الطبيعي للأشياء} بحسب قول العلماء السالفين، في المقتبس أعلاه. بينما الوطن في الحقيقة الماثلة على أرض الواقع، غير الأسطورية، مما أسطرتهُ في الوجدان الشمالي الأيدولوجيا الإسلاموعربية، هو أكثر تعدُّداً واختلافاً وتنافراً، مما هو مفروض على الجميع من خلال تركيبة "النظام الطبيعي للأشياء" هذه، التي تحركّها المصالح والمنافع. هذه هي المؤامرة وهنا يقبع التخطيط الذي أصبح آلية تعمل بشكل ميكانيكي دون أن يحس بها المنتفع على نحوٍ ظاهر، إن لم يُنَبَّه لذلك.
    وهذا النظام الطبيعي للأشياء، يمكن قراءته ومتابعة تسلسله، منذ دهور الاسترقاق، الذي قادته في تعريفي له، القبائل الأقوى، ضد القبائل الأضعف. رأيي أنَّ القراءات في الرق السوداني "جُلُّها" كانت خاطئة، ولا أعرف منها استثناء. الرق -"داخل"- السودان، كما ثَبَت لي عبر الأدلَّة القاطعة والكثيفة التي لا داحض لها، أنَّه لم تقم به لونية ضد لونية، ولا ديانة ضد ديانة، وإنَّما قامت به إثنيات أقوى ضد إثنيات أضعف. وصحيح أنَّ هناك إثنياتٍ لم يقع عليها الرق مطلقاً "الإثنيات الأقوى"، مثلما أنَّ هناك إثنياتٍ وقع عليها الرق دائماً "الإثنيات الأضعف". ولكن محرِّكه الأساس كان هو القوة ضد الضعف، وليس الألوان ولا الأديان.
    فالفور، هم إثنية إفريقية قُحَّة، مسلمة، هي أكثر إثنية سودانية مارست الرق، بالحساب وليس {الكوار}. والحساب هنا معياريته هي أنَّهم ولمدى مئات السنين، كانوا نظاماً System إدارياً وثقافياً، لم يضارعه على مستويات التاريخ الوسيط كلّها، أيُّ نظامٍ آخر من الممالك التي عاشت على جوانبه، تابعةً له. فكيف تفوقه هذه الشَّراذم والقبائل والممالك بخصوص موضوعة (الرق) التي كانت عصباً أساسياً من عصب الاقتصاد، بحسب المصادر التاريخية، عن الرق وعن سلطنة الفور. التي مارست الرق على الممالك المجاورة لها من غرب إفريقيا ومن السودان، وعلى الإثنيات الضعيفة تحديداً. وموقع الفور الآن من التاريخ تغيّر "حكايةً" فحسب. وأصبحوا لعامل إثنيتهم ولونيتهم، يُجْمَلون فيمن يمكن لـ"جلابي" غير مُلِم بالتاريخ أن ينعتهم بالعبيد، أي حفدتهم، وهم سلاطين الأمس ونخاسوه الأقوياء، وأهل الـSystem لذلك. بالرغم من أنَّ هؤلاء الجلابة أنفسهم كانوا يجلبون معظم عبيدهم بالشراء، من السلطنة. وكانوا يذهبون بأشعارهم مادحين لأولئك السلاطين الأقوياء، كي يمنحوهم العطايا التي من ضمنها العبيد. هذا الترويج الخاطئ حَدَث، وأضراره لا تقوم على مستوى "المَسَبَّة" كما يمكن أن يفهم صاحب عقل خفيف. فلا مسبَّة في أن يقع بك ظلم الرق، بل تقع الشناءة كلّها والانحطاط بمن لا يدينه. وإنَّما يقوم نقاشي بصدد إعفائهم المجّاني، كإثنية، من تحمل المسؤولية الأدبية مع باقي الإثنيات التي قامت بذلك، من الإثنيات الشهيرة، كنوبة الشمال بجميع بيوتهم أوَّلاً والجعليين بجميع بيوتهم ثانياً، والبجة بجميع بيوتهم ثالثاً، والقبائل النيلية القوية بجميع بيوتها رابعاً. فتجارة الرقيق كانت موضوعاً اقتصادياً بالأساس، وحرَّكّها العامل الذي حرّك الاقتصاد على مَرِّ التاريخ وهو القوَّة.
    وكتابات التاريخ كلّها، صالحها وطالحها، تُثبت ما أقول به الآن، بخصوص هذه الإثنيات، وبخصوص سلطنة الفور. وتقول بأنَّه لولا سلطنة الفور القوية في غرب السودان، لما امتلك الجلابة عبيداً إلا النذر اليسير مما كان يجلبه مغامرو الجلابة من جنوب السودان، وأيضاً ذلك تَمَّ عبر القبائل الجنوبية القويّة، كالقبائل النيلية تحديداً، الدينكا والشلك والنوير والأنواك.. إلخ. حتّى في الجنوب كانت القبائل النيلية تسيطر على تجارة الرقيق، وتقوم به ضد القبائل الضعيفة، وتبيعه للجلابة كي يصدروه عبر مصر. وإلى اليوم، انظر للسلالات من أحفاد أولئك البشر الذين بيعوا، أيام تلك الوحشية الغابية لا البشرية، وسُفحت كرامتهم الإنسانية، في بلاد الغرب. تأمَّلهم وستجد أنَّهم يشبهون قبائل إفريقية أخرى، ومعروفة، ولا علاقة لها مطلقاً بالقبائل النيلية السودانية. بالأصل معظمهم من غرب إفريقيا، وسواحلها الغربية، لسهولة غزو هذه الشواطئ بالنسبة للسفن القادمة عبر الأطلسي. وحتى النذر اليسير هذا -مقارنةً بغرب إفريقيا- الذي جُلِبَ من السودان، من فشودة، فقد كان لقبائل معروفة وتشبه في ملامحها الفسيولوجية، قبائل غرب إفريقيا. ولا علاقة تربطها مطلقاً بالقبائل النيلية السودانية، طويلة الأجسام وفارعتها، دقيقة الملامح، ناعمة البشرة، وناصعة بياض الأسنان. وهذا لا يمنع أنَّ هنالك أفراداً من هذه القبائل، التي أعنيها ذاتها، قد وقع بهم الرق. ولكنَّني أتحدَّث عن تلك التجارة وبوصف أنَ هنالك قبائل كانت سوقاً "رئيسة" لتلك التجارة، ولا أتكلَّم عن الشوارد.
    وفكرة المصالح هذه ذاتها، عبر قانون قوّتها الاقتصادي، ستُوَزِّع أدوار هذه التجارة الذميمة وهذا الـBusiness اللئيم على حسب مواقع وجود هؤلاء المُسْتَهْدَفَين، ومنافذ التصدير الخارجي لهم. سيتضافر الأقوياء إذن، في حلف تجاري واحد، ضد الضعفاء. وهذا حَدَثَ أيام كانت تحدث تجارة الناس، ويحدث الآن حين تجارة البهائم، والخضار، والمحاصيل، وفي جميع أنواع التجارات، وبكل بقاع العالم، دون استثناء. والجلابة أنفسهم، بوصفهم المُصَدِّرين، كانوا يذهبون بالمنكوبين هؤلاء إلى داخلية مصر، إلى {وكالة الجلاّبة} الوكالة التاريخية لبيع البشر بمصر. ثم يتركونهم لحلف أقوياء آخر، يرتاد بهم ما بعد المتوسط، وهكذا، حلف قوي، إثر آخر، حتى يبلغ أولئك المنكوبين مبلغهم.
    فمَثَلٌ غير سري، ويسري على لسان غالبيّة مِنَّا مثل {مجبورة خادم الفكي علي الصلاة}، هو في الحقيقة مجهول المؤلِّف، ولكنه يحمل بجوفه الكثير من الدلالات التاريخية، والكثير من الروابط، التي يمكن، ملاحقة تشابكاتها مع دلالات تاريخية وحضارية ثانية.
    فهو مثلٌ قادمٌ أو عابرٌ لأزمان الرق، ما بعد دخول الإسلام والعرب إلى السودان، هو يحمل تاريخه في جوفه. من دلالة "الفكي، أو الفقيه، المُسلم"، فبما أنَّه يُصَلِّي ويأمر أهله بالصلاة، فلا مناص لخادمته من الصلاة، ولو من باب مداهنة سيّدها فحسب.
    فمن واقع قهرها إذن، عليها أن تُصَلِّي ما دامت هي خادمته، مسلوبة الحريّة الوجوديّة والاختيار. ولكن بعضنا لا يرى هذا الجانب الوحشي من المثل، لصورة امرأة مستضعفة في الأرض، ومقهورة، على يد رجل دين، مُسلم، و"كمان" فقيه. وهذا ما أسماه علماء علم اجتماع العلوم بـ"النظام الطبيعي للأشياء". إن لم تفحص وتتدبَّر في الحكاية، سترى مثلاً اعتيادياً، يتَحَدَّث عن الاضطرار فحسب، ويشبه المثل الآخر الذي يقول {المضطر يركب الصعب}. ولكن هل هو يشبهه في الحقيقة؟ لا، ما بينهما بُعْدُ المغربين والمشرقين.
    لأنَّه مدفون الشناءة، وليس مُكَشِّراً عن أنيابه الوحشية مثل {العب عب، والمره مره}، أو {العبدُ عبدٌ، والمرأةُ امرأةٌ}.
    The slave is a slave, and the woman is a woman
    وشِقُّ المثل الأوَّل مأخوذٌ، عَمَّا أعتقد أنَّه مدسوس، على ذلك الشاعر الكبير، المؤسِّس للوعي الإنساني الفاسد والمنحط. مَنْ أنفق الأستاذ الطيب صالح ثُمَنَ عمره مادحاً له ومُعجباً به من جهة الفن وحدها، لا شريك لها، ولا أدري كيف! أعتقد أنَّها مقالة مدسوسة على المتنبي في القول {العبد عبدٌ وإن طالت عُمَامَتُهُ... والكلب كلبٌ ولو ترك النباح}، وما دسُّوه عليه، إلا لأنَّهم وجدوا فيه الكفاءة غير الأخلاقية المناسبة، و"المزبلة" المناسبة جِدَّاً وأزْيَد، التي أقامها عبر أشعاره الثابتة عليه، ثبوتاً ورسوخاً لا طعن فيه، في هذا المضمار. هذه المقالة أعتقد أنَّها مدسوسة عليه، إذ لا أذكر أنَّني قرأتُها في كتاب أصولٍ يعتدُّ به، و"ربما" هي موجودة، ولم تقابلني، فتواي فيها أنَّها مدسوسة عليه، لأنَّها لم تقابلني، ولأنَّها في أصلها ركيكة.
    {العب عب، والمره مره} هو مثلٌ يعمل على أن لا تُفَكِّر، وأن لا تتساءل بأسئلة من نوع، ولماذا هو العبد ليس مثلي، ولماذا هي المرأة ليست مثلي!؟ توقّف عن التساؤل ودع عنك النبش والحفر، لماذا؟ ليبقى "النظام الطبيعي للأشياء" هذا قائماً ويدير كل شيء، وليصبح البشر برمجياتٍ واقعة تحت سطوته فحسب، ولا أكثر.
    أمَّا "المرأة" و"العبد"، فالمقولة تُقَرِّر وبشكل قاطع، أنَّ حالهما سيبقى هكذا، دائماً، وإلى الأبد. وليس بوسع أي أحدٍ من المذكورَيْن في المثل تبديل خانته القيمية، أو موضعه الاجتماعي و"مقامه" الذي يجب أن يكون مساوياً لمقامِ أي بشرٍ آخر.
    فأين نجد هذه التصورات عن النظام الطبيعي للأشياء؟
    نجدها في مجمل السلوك الثقافي المتواتر عن المجتمع، وفي مجمل مأثوراته القولية والتطبيقية أيضاً. "التطبيقية" كأن لا يحدث تزاوج وتخالط بين الإثنيات المختلفة هذه، بعضها بعضاً. لأنَّ هذا النظام الطبيعي للأشياء هو عينه النظام الذي يُراد إشاعته والتكريس له عبر (العب عب، والمره مره) هذا هو الطبيعي الذي سيبقى هكذا دائماً، مثلما قال كَيَانُ الأبارتيد.. الأبيض أبيض، والأسود أسود، وإلى الأبد.
    ولك مقارنة هذا المثل عينه بالفقرة الدستورية الأشد لؤماً وظلماً من تاريخ جنوب إفريقيا، البلاد التي تعتبر الآن تُحكم من خلال واسطة النظام الديموقراطي الأرقى والأكثر كفاءة في العالم كله. لأنَّ هذا البلد اختبر كافة أشكال وألوان الظلم والقمع، فخرج دستوره الحالي ناضجاً ومعافى من الأمراض القاتلة جميعها. هذه الفقرة قد بُروزت في خط عريض ووضعت في مدخل معرض البطاقات بمتحف الأبارتيد Apartheid Museum. وكانت الجمعية التشريعية للأبارتيد الكولونيالي House of Assembly قد ناقشتها وأجازتها في إحدى جلساتها المنعقدة بتاريخ 15 مارس 1950م، وهي تقول:
    The white man is master in South Africa, and the white man, from the very nature of his origins, from the very nature of his birth, from the very nature of his guardianship will remain master in South Africa to the End.
    وترجمتها {الرجل الأبيض سيِّدٌ في جنوب إفريقيا، من واقع طبيعة "أصله"، ومن واقع طبيعة "ميلاده"، ومن واقع طبيعة و"صايته" سيظل سيِّداً حتى النهاية}.
    فهذا المثل عن العبد والمرأة ضروري جداً -إذن- لاستمرار المصالح الذكورية والسيّديّة، التي تُريد بشراً عبيداً لها، وامرأةً خادمة لها كخادم ذلك الفكي، مثل ما هو قانون الأبارتيد ضروري لاستمرار مصالح هذا الكيان الفاشي الغَابي.
    فقانون الأبارتيد هذا هو مثلٌ أنتجه متوحشون لا أُمّيون، ومَثَلُ الكوشرثيا هذا هو بمثابة قانون أنتجه تاريخٌ ثقيل من الأُمّية، والاستعباد. ويراد بالقانونين، استمرار المصالح النوعية، للذكر خصماً من النساء، ولمصالح الأقوياء الإثنية في حالة السودان خصماً على الضعفاء، وللعنصريين في حالات أوسع، خصماً على من يرون أنَّهم ليسوا في مستواهم.
    فموضوعة امتهان الكرامة الإنسانية، يمكن تتبعها في دائرة الكوشرثيا ذاتها، عبر موادها في تمامها، وعبر أمثالها السريَّة، وكذلك أمثالها الشاملة، الذائعة، دون تَحَرٍّ لمعانيها ودلالاتها، ودون تنقيب وحفر في جوهرها.
    ودلالة المثل السالف هذا، في أن يُبقيَ خُدْعَة وغشاوة "النظام الطبيعي للأشياء" هذه تعمل، فلا بُدَّ له من إطلاق واستنفار دعايات كثيرة مجاورة له. هنالك مثل {هذه أخلاق عبيد} وقد كتبتُه بالفصحى بدلاً عن {دي أخلاق عبيد} الكوشرثية، لأنَّه منتشر في البيئات العربية إجمالاً. وأذكر أنَّني أدرتُ حوله نقاشاً حامياً مع الكاتب والصحفي المصري وليد علاء الدين بأبو ظبي. محاولاً أن ألفت نظره لكون المثل، يضع العبيد في Category خاص بهم، لنقل {كرنتينة} عَزْل. فالعبيدُ أخلاقهم قائمة من قيمتهم، التي هي أدنى من الأسياد. لذلك السيِّد يرى نفسه أخلاقه لا تشبههم وفوق أخلاقهم. وهذا المثل أنتجه السيّد ولم ينتجوه هم. بينما كان هو يحاول أن يقنعني بأنَّ العبودية هي التي تُمْلِي أخلاقها على هؤلاء المستعبدين، فيتصرفون تصرف من لا يخشى خسران شيء، كرد فعل لهذا الواقع القاهر الذي وجدوا أنفسهم فيه. قراءته هي قراءة نفسية هَشَّة إذ أراها، لأنَّه يغفل مفهوم العَزْل هذا، المعمول لحماية فوارق وهمية وترسيخها وتكريسها، من قِبَل هؤلاء الأسياد. وهذا المثل يصب في ذات الاتِّجاه، والأنكأ هو كيف يظنُّ من يستعبد الناس أنَّه أكثر رفعة أخلاقية من هؤلاء العبيد، هذا كما تقول الكوشرثيا {الجَمَل ما بشوف عوجة رقبتو}.
    وخُذ مثل هذا المثل الذي يدعم أيضاً مفاهيم العَزْل بمضامينها المصلحية هذه {لا تخاوي عب، لا تبول في شَقْ، العب نَسَّاي، والشق حَسَّاي}.
    فدعوة المثل هي، لا تصاحب العبيد، لا تؤاخيهم، لا تصاهرهم، لا تخالطهم، فهم أهل غدر، وينسون الإخاء والمعروف. معلومٌ أنَّه ما عاد في الدنيا اليوم من عبيد، ما يدلُّ فعلاً على أنَّ الموضوع كان يتم بناءً على مواصفات القوَّة. ولكن بعد ذهاب هذه المواصفات بوجود دول، في موضع تلك القبائل والممالك والسلطنات، مهما كانت بشاعة هذه الدول، فقد هلكت العبودية بهلاك عوامل القوة الإثنيَّة التاريخية. ولكن انسحبت هذه الأوصاف الجوفاء مثل "عبد" و"خادم"، لتغطي الألوان تحديداً، اليوم، لأنَّها تأسطرت، بفعل ذهاب القوَّة الحقيقية. ولاحظ لكون العبيد كانوا من الفرس والرومان ومن كل جنس، ولكن المتنبي لأنَّه ضعيف ولا يساوي شيئاً في وجه كافور، صاحب الدولة والجيوش القوي، لم يجد المتنبي ما يشتمه به، سوى اللون، وهذا أسطرة "كاذبة" منه، للموضوع، فالواقع يقول إنَّه كان بإمكان كافور أن يفعل بالمتنبي ما يشاء.
    ودعوة العَزْل هذه، هي بالضبط، دعوة القوانين التي كان يصدرها الأبارتيد في جنوب إفريقيا وفي أوروبا وأمريكا. لا يدخلون أي منتزه أو بار للبيض، لا يشاركونهم البصَّات، لا يخالطونهم، لا يؤاكلونهم، لا يصلّون معهم حتى في الكنائس، فلهم كنائسهم المعزولة.. إلخ.
    ولاحظ لكون الأمثال هذه، كثيراً ما تربط بين المرأة والعبد والدَّابة، نظرتها إلي هذه الثلاثية دائماً موحّدة، وتقف خلف ذلك، بالقطع، الذكورة الذميمة. فما هو هذا الشَّق المقصود بالبول، أهو شق في جدار أم في الأرض؟ لا بل، المقصود عضو المرأة التناسلي.
    وهذه الجزئية من المثل تُفهم جيداً حين ربطها، بالمثل السرّي الآخر، الذي يقول {عيزومة الأبولنا بمحل البول}. وقصته كما أوردتها في بوست الأمثال السريّة هكذا:
    {إنو جماعة مشوا يخطبوا ليهم بت، وخلاص اتحكروا في الديوان وشربوا الموية والشاهي وحق الله بق الله. قالوا لأهل البت دايرين بتكم دي، لفلان ولدنا. أهل البت قعدوا يزاوغوا جاي وجاي، والمحاحاة المعروفة: كدي يا أخوانا العشاء مواعيدو دخلت أتعشوا ونشوف حكاية البت دي كيف وشنو وشنو. المهم أهل الخطيب ديل فيهم زول كدا جاهل ولسانو متبري منو. قام شب علي حيلو وقال ليهم شوفوا آعرب، إنتو بالعديل كدا مديننا البت دي وألا لا؟؟
    تاني أهل البت قعدوا يفنجطوا، وقالوا ليهم البت فيها كلمة وشنو وشنو. الزول طوالي صفّق إيديهو للجماعة المعاهو وكورك فيهم: قوموا آعريب نتراوح من ضو، الناس ديل ما حقين سترة. طوالي تلَّب واحد من أهل البت وقال ليهم: أفو آولاد أعمي حرّم ما بتمشوا بلا عشاء، يا ناس الدنيا طارت وألا الحريم عرفتنا بيكم. الزول الجاهل واللسانو متبري منو قال ليهو: يا زول حَرَّم ما بنتعشى. هو إنتو رجال عزيمة كمان بعد أبيتولنا بمحل البول!؟}.
    فهذا هو العضو، الذي يأتيه المثل من وصف أنَّه الشق الذي يَحَسَى ولا يمتلئ، أي ناكر معروف كالعبيد، من جزئية المثل الأخرى. فهذا الإرذال، وفي عصرنا الحاضر هذا، لجماعات البشر نساءً ورجالاً، يحتاج وعياً بلغته هذه، وبالتنويه إليها وقراءتها، والوقوف معها. والآن، العلوم والاقتصاد، أخذا يتنازلان عن الكثير من عمى غرور الرياضيات وحدها، وصارا يبحثان في موئل الثقافة بحسبانه مصدراً أساسياً لهما. ما جلبتُه أعلاه من اقتباس عن علم اجتماع العلوم يوكِّد ذلك. وتحت عنوان (الثقافة والاقتصاد الإبداعي في عصر المعلومات)(3*)، تشترط شاليني فنتوريللي لأجل فهم طبيعة هذا (الاقتصاد الإبداعي) أن تُجرى مراجعات دقيقة لمسألة كيف ينظر هذا المجتمع إلى ثقافته وهل يتوافر هذا المجتمع على فهم حقيقي لهذه الثقافة! ثم تقوم بتعيين ثلاثة من الموروثات وأضيف عليها من عندي وصفة -المُسَلَّمات- في الثقافة، وترصدها كالآتي:
    {(1) الميراث الجمالي، وارتباطه في الفنون الجميلة.
    (2) الميراث الأنثروبولجي، وفهمه للثقافة كنظام رمزي مُتَلقَى ومشترك، أو "طريقة شاملة للحياة" بالنسبة إلى المجتمع.
    (3) الميراث الصناعي أو التجاري، والذي يَنظر إلى المنتجات الثقافية كسلع صناعية تُباع للمستهلكين}.
    وهذه الثلاثية في إجمالها تعنينا بالنسبة لموضوعتنا الحاضرة هذه، لأنَّها تناقش مشاكل الإبداع، من منطلق عملي، هو الاقتصاد. فهذه الكوشرثيا، وغيرها من ثقافات الدنيا في البلاد الفقيرة منها، تُهْمَلُ وتموت بفعل غياب المُستثمرين في الثقافة. لأنَّ مجالات الثقافة هي مجالات غير ذات عائدٍ ضخم من وجهة النظر الاقتصادية البحتة. أمَّا الميراث الصناعي والتجاري، فهذه موضوعة نقاشها يطول وقد تخرج بموضوعنا هذا عن سَمْتِه، وتدخل به حدود مواضيع أخرى في الجوار. أذكر أنَّني أشرتُ للصديق حسبو، بأنَّ اللغة العربية من منظور اقتصادي، بالنسبة لنا، ككتاب يكتبون بها، هي بأقل تقدير تُمَثِّلُ سوقاً لمنتجاتنا الثقافية، رغم شح هذه المنتجات، ولكنّها تمثل وجهتنا الأهم إن لم تكن الوحيدة بالنسبة لوارداتنا الثقافية. وعليه لأجل {عدل رأس} هؤلاء الناس، الذين صعدوا باللغة، فوق موضعها الطبيعي كأداة تواصل، لتكون مرجعية وجود، فلا بُدَّ من {عدل رأس} هذه السوق، من وجهة نظر اقتصادية، وليُفَكِّر لنا الأستاذ حسبو في ذلك، إن شاء! إذ لا بُدّ من عدل ميزان الإبداع التجاري هذا، لعدل موازين كثيرة ثانية مرتبطة به ارتباطاً وثيقاً.
    ولكنّني حالياً سأركِّز هنا على (الميراث الأنثروبولجي) وهو وجهة هذا الكتاب. فالكوشرثيا والأمثال السرية هذه ومعظم أنواع الـVerbal Arts تناقشها الأنثروبولجيا الثقافية من ضمن ما تناقش، وتفرد لها مساحاتٍ وأبواب مهولة.

    ---------------هـوامـش------------------
    (1*) كتاب (الأنماط الثقافية للعنف)، تأليف باربرا ويتمر، ترجمة د. ممدوح يوسف عمران. ص: (98).
    (2*) كتاب (مدخل، إلى علم اجتماع العلوم) ميشال دوبوا، ترجمة د. سعود المولى. ص: (384).
    (3*) كتاب (الصناعات الإبداعية)، تحرير جون هارتلي، ترجمة بدر السيد سليمان الرفاعي، ص: (183).
                  

العنوان الكاتب Date
تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-10-10, 12:12 PM
  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" عمران حسن صالح04-10-10, 12:26 PM
  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" عمار عبدالله عبدالرحمن04-10-10, 12:26 PM
    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" البدري عبد الله04-10-10, 12:53 PM
      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد إبراهيم علي04-10-10, 01:06 PM
        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Omayma Alfargony04-10-10, 01:27 PM
          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-10-10, 04:19 PM
            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-10-10, 04:28 PM
              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" د.نجاة محمود04-10-10, 04:40 PM
                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-10-10, 04:46 PM
                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Al Badawi04-10-10, 07:36 PM
                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" وليد محمد المبارك04-10-10, 07:51 PM
                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" AnwarKing04-10-10, 09:25 PM
            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Amjad ibrahim04-12-10, 01:19 AM
  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Osman04-10-10, 08:36 PM
    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" صلاح عباس فقير04-10-10, 09:53 PM
    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-10-10, 11:38 PM
      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد قرشي عباس04-11-10, 00:19 AM
        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" د.نجاة محمود04-11-10, 03:05 AM
          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد عبد الماجد الصايم04-11-10, 07:15 AM
            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" أيمن الطيب04-11-10, 07:27 AM
              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" حبيب نورة04-11-10, 07:59 AM
                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" نيازي عبدالله مرحوم احمد04-11-10, 08:59 AM
                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-11-10, 12:42 PM
                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Siham Elmugammar04-11-10, 01:43 PM
                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" ابو جهينة04-11-10, 01:59 PM
                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-11-10, 11:03 PM
                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Al Badawi04-11-10, 11:17 PM
                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-12-10, 00:45 AM
                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" أمين محمد سليمان04-12-10, 01:35 AM
                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" شول اشوانق دينق04-12-10, 09:55 AM
                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Medhat Osman04-12-10, 11:38 PM
                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohamed Abdelgaleel04-13-10, 07:13 AM
                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" صديق الموج04-13-10, 07:31 AM
                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Al Badawi04-14-10, 08:21 PM
                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-17-10, 11:26 AM
                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-17-10, 11:45 AM
                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-18-10, 06:45 PM
                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" حمور زيادة04-18-10, 06:50 PM
                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-18-10, 11:19 PM
                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Omayma Alfargony04-19-10, 04:10 AM
                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" دينا خالد04-19-10, 08:00 AM
                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-19-10, 04:31 PM
                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-20-10, 02:25 AM
                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد قرشي عباس04-20-10, 02:37 AM
                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-20-10, 10:18 AM
                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" آدم صيام04-20-10, 04:29 PM
                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-20-10, 09:28 PM
                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-21-10, 00:00 AM
                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد عبد الماجد الصايم04-21-10, 06:23 AM
                                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-21-10, 02:06 PM
                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohammed Haroun04-21-10, 02:56 PM
                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" وليد محمد المبارك04-21-10, 04:05 PM
                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-21-10, 04:24 PM
                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد المختار الزيادى04-21-10, 04:19 PM
                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-21-10, 10:17 PM
                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الصادق اسماعيل04-22-10, 00:43 AM
                                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohammed Haroun04-22-10, 10:33 AM
                                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" أحمد أمين04-22-10, 11:06 AM
                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Al Badawi04-23-10, 00:40 AM
                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" ابو جهينة04-23-10, 04:39 PM
                                                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-24-10, 08:40 PM
                                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-24-10, 09:10 PM
                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-24-10, 09:57 PM
                                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-25-10, 03:14 AM
                                                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-26-10, 10:09 PM
                                                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-01-10, 04:46 AM
                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-02-10, 01:41 AM
                                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-02-10, 03:36 AM
                                                                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-02-10, 03:42 AM
                                                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohamed E. Seliaman05-02-10, 06:09 AM
                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الصادق اسماعيل05-02-10, 09:25 AM
                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الصادق اسماعيل05-02-10, 09:25 AM
                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الصادق اسماعيل05-02-10, 09:25 AM
                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الصادق اسماعيل05-02-10, 09:25 AM
                                                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-02-10, 03:42 PM
                                                                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-02-10, 04:06 PM
                                                                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-03-10, 04:21 PM
                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" عبدالله ود البوش05-03-10, 04:52 PM
                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الجندرية05-03-10, 04:55 PM
                                                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-04-10, 01:23 PM
                                                                                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-04-10, 01:41 PM
                                                                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الجندرية05-04-10, 01:52 PM
                                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-04-10, 10:42 PM
                                                                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" أمين محمد سليمان05-04-10, 11:29 PM
                                                                                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد زكريا05-05-10, 01:20 AM
                                                                                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Al Badawi05-05-10, 11:18 AM
                                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" عمر التاج05-05-10, 01:42 PM
                                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-05-10, 02:16 PM
                                                                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد حسبو05-05-10, 07:32 PM
                                                                                                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" هاشم الحسن05-05-10, 09:45 PM
                                                                                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-06-10, 10:29 PM
                                                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد قرشي عباس05-07-10, 01:38 PM
                                                                                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohamed Abdelgaleel05-08-10, 08:08 AM
                                                                                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-08-10, 01:21 PM
                                                                                                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohamed E. Seliaman05-08-10, 06:51 PM
                                                                                                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة Kabar05-09-10, 04:09 AM
                                                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة Mohamed Abdelgaleel05-09-10, 12:50 PM
                                                                                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة عبدالكريم الامين احمد05-09-10, 01:43 PM
                                                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة محسن خالد05-09-10, 08:14 PM
                                                                                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة محمد جميل أحمد05-09-10, 09:57 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de