أجمل صورة وخبر على المنبر منذ زمن طويل
ويجب علينا أن نقرأهما من عدة وجوه:
أولها أن تبسيط الموضوع على أنها حبكة إنقاذية ليس إلا فيه الكثير من التجنى على مفهوم "القومية السودانية" ومبدأ "تأصيل الهوية السودانية" من منطلق الإعتراف بالأنتماء الأفريقى العربى لمكونات الشعب السودانى
ثانيها أنَّ موضوع الهوية السودانية سيكون من موضوع ساحة الحرب والمفاوضات القادمة بعد الوصول إلى إتفاقية شاملة لإرساء السلام وما سيترتب على ذلك من كتابة دستور جديد للسودان والذى لا يمكن له أن يمثل شيئاً ما لم ينص صراحة على تعريف الهوية الإثنية والثقافية للشعب السودانى
ثالثها أنَّ القومية السودانية اليوم ما زالت فى حالة نشؤ وتبلور ولم تستقر على حال بعد, وستظل تتبلور إلى أن تصل الى درجة مقبولة من الإنصهار الإثنى تتجاوز مفاهيم العرقية والجهوية الضيقة وتتصاعد لتصل الى حالة "الأمة" مثل المجتمع المصرى اليوم والذى مرَّ بدرجات مختلفة من التطور والإختلاط الإثنى ولدت مجتمع اليوم الذى تتضاءل فيه الفهم القبلى الى درجة العدم
رابعها إذا أردنا أن نتحول من وضعنا القبلى العرقى وما نتج عنه من تفرقة بين أبناء الوطن الواحد فعلينا أن نقبل بالآخر ثم القبول بالتداخل الزيجى كعملية تسرع من مفهوم الإنصهار الإجتماعى
خامسها لقد سبق أن أفتى الدكتور الترابى بزواج المرأة المسلمة المتعلمة الواعية بأمور دينها من المسيحى, ولا أخال الدكتور الترابى حين أجاز ذلك إلا بسبب نظرته إلى حتمية حدوث ذلك تحت ظروف التحول الإقتصادى والإجتماعى والذى لا بد من أن يجد وعاءاَ فقهياً يسبغ عليها الشرعية الدينية ويتجاوز كهنة الخطاب الدينى المتخلف, وبالرغم من إختلاف الكثير مع الترابى فى منهجه الفكرى والسياسى إلا أنَّ ما أورده فى هذا الخصوص لجدير بالتأمل
أخيراً أحيى شجاعة العروسين للإقدام من إتخاذ هذه الخطوة وهم على قناعة تامة وفهم أكيد فى معناها الواسع بالنسبة للشعب السودانى وهى ليست بالأولى على أية حال فقد سبقتها زيجات عديدة من رجال جنوبيين بنساء شماليات, كما أرجو من الأخ بكرى توثيق تلك الصورة الجميلة وياليت لو تمكن العارفون بالعروسين من دعوتهما للبورد وإجراء حوار معهما, وياليت لو تكرم الأخ بكرى برعايتها, لما فيها من دلالات هامة يجب ألا تفوت دون تحليل مثلما فات علينا الكثير من قبل
ولك الشكر واللعروسين أحلى التهانى والأمنيات السعيدة
(عدل بواسطة WadalBalad on 09-27-2003, 07:16 PM)