أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 00:27 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-16-2003, 01:07 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية

    أم عطية ، بالرغم من أنني أناكفها كثيرا ، إلا أنها لا تستغنى عن ونستي. فأنا أثير فيها دائما شجون قديمة ، تحب هي أن تعلق عليها بروحها اللانمطية. فهي كما قلت من قبل ، لها عقلية عصرية ، تخلطها بتجربة سنواتها و حياتها الماضية.
    ذهبت إليها ، فوجدتها ، ما شاء الله ، قد إستردت عافيتها تماما و توردت خدودها و ظهرت شلوخها جلية واضحة. و دائما هي متسلحة في جيبها اليمين بحقة الصعوط و في الآخر أصابع من الإسنكرز ، عشقها الأزلي و حولها كالعادة شابات تتوسطهن أم عطية.
    بادرتني أم عطية : هوى يا جنا ، سمعتو ولا جابوه ليك ؟ مالك قاطعتني ؟
    قلت لها و أنا أعانقها بحرارة : هو أنا أقدر أقاطعك ؟
    طيب يا جنا أنا ما رسلت ليك عطية ؟ و كلمت ليك مرتك في التلفون ؟ دة تقل ولا شنو ؟
    لا و الله يا أم عطية ، الشغل كتير ، و الناس بقوا كتار و مشتتين هنا و هناك.
    و بعد أخذ و عطاء ، و كعادتها ، أنهت الملامة بضحكة مشوبة بكحة و هي تخبيء سفة ماكنة في فمها و هي تقول :
    الحمد لله الجيت ، تعال فكني من البنوت ديل.
    فسحبت كرسيا و جلست بقربها.
    قلت لها : خير إن شاء الله.
    قالت شابة : أم عطية قولي لينا يوم شلخوكي شنو كان شعورك ؟
    قالت و هي تستعدل في جلستها :
    أنا غبيانة من يومي ، أتاري يدلعوا فيني و يطبطبن لي في جضيماتي قبال أسبوع من يوم الشلخ ، زى البهيمة الدايرين يسمنوها قبال الضبح. أها اليوم داك إتلمن النسوان الماكنات الفي الحلة ، ، و كت مسكني ، بالله غير رموش عيني ما قدرت أحركن. مكلبات فوقي و خديجة أم نفسين واقعة جزر في جضيماتي.
    قلت لها و أنا أضحك : إسمها خديجة أم نفسين ؟
    قالت و هي تضحك ضحكتها المحببة : سموها أم نفسين عشان ما بتفتر تب ، ما شاء الله كانت تسوي ألف شغلة في وكت واحد ، عشان كدي سموها أم نفسين .
    قلت لها : تفتكري الفنانات الفي التلفزيون ديل ، لو شلخوهن ، شكلهن كان حيكون أحلى و لا لا ؟
    قالت : في واحدة كدي تبارك الله وشها يملا العين ، الشلوخ كانت حتكون فيها زينة ساكت. وشها كان حيشيل أربعة شلخات من جنس شلخاتي في كل جضم ، و لو شلخات شوايقة كان الجضم بيشيلو أربعة ولا خمسة.
    منو دي يا أم عطية ؟
    فقالت شابة : تقصد ميادة الحناوى.
    فضجت البنات بالضحك ، فقالت أخرى : طيب دق الشلوفة كا حينفع مع منو ؟
    فقالت أم عطية : البنية البتغني في القهوة ديك وسط الرجال إسمها منو ؟
    فقالت إبنة إبنها : تقصدي نانسي عجرم ؟
    فقالت أم عطية : بس ياها ، شلاليفا يستاهلن الدق و الله.
    فتصايحت البنات ضاحكات و هي تجاريهن في الضحك الصاخب.
    نظرت إليها ، و قلت في نفسي : سبحان الله ، لديها مقدرة لا يستهان بها في الترويح عن نفسها و إلهاؤها عن آلامها.
    قالت شابة : أم عطية قولي الجد رأيك شنو في الفنانات في التلفزيون ؟
    قالت أم عطية : أنا شايفة لي بنوت بيتراقصن و يتلولون بالله الواحدة زى صباع المعجون ، محل ما تميل جسمها يتزاوغ معاها ، ما زى نسوان زمان الواحدة زى الوتد المغزوز في المراح ، يدقوهو واقف و يمرقوهو واقف.
    تتعالى أصوات البنات بالضحك و هن يطلبن منها الإسترسال ، فتقول :
    بري .. بري .. يا بنات ، زمان القميص كان نص كم ، حسع القميص ذاتو بقى نص قميص ، بالله لحدي الصرة و بس ، و البنطلون ما تعرفيهو ناصل ولا أصلو كدي .
    ثم ، صمتت صمتا مفاجئا ، و كست وجهها بوادر حزن و قلق.
    قلت لها : مالك ، زى الفي حاجة شاغلاكي ؟
    قالت بصوت خفيض و نبرة حزن مفاجئة تكلل كل نبرات صوتها : يا ولدي ، قعاد الشقق دة جاب لى وجع الركب. و متل ما إنت عارف ، أنا هني لى خمسة سنين ، أختي ماتت و ما حضرتها ، و أخوى مات و ما حضرتو ، و أهلنا كتار ماتو و أنا بي جاي أبكيهم بين الأربعة حيطان. و أنا بيني و بينك دايرة أموت و أندفن في تراب حلتي و وسط أهلي و ناسي ، و يشيلو عنقريبي رجال حلتي العاشو معاي و مع أبو عطية ، ما دايرة أموت هني و يختوني في تلاجة و أندفن هني في بكانا ما تعرفوه تاني يوم لو عاوزين تزورو قبري..
    ثم إنفجرت باكية في نحيب إبتدأ مكتوما ، ثم إنقلب إلى نحيب متشنج ، و أنا دائما ضعيف أمام دموع الناس ، لا أستطيع أن أتحمل بكاء رجل مظلوم أو إمرأة عجوز ، و خاصة إن كانت في ظروف أم عطية ، فهي لن تجد من يرعاها بالسودان لو عادت، لذا فهي بين سندان الغربة القسرية و مطرقة البلد الذي لا وجيع لها فيه.
    بكت أم عطية بكاءا إنفطر له قلبي ، بكاءا تحس فيه نبرة الشخص الضعيف الذي لا حول له ولا قوة ، نبرة تمتزج بإحساس الشخص الذي لا أمل له في العودة قريبا ليملي عينيه بشوفة الأهل و موية النيل و ريحة الدعاش و مشية الحلة التي تعفر أصابع الأرجل بتراب البلد..........، و لم تنفع توسلاتي و تصبيري لها بحالات مشابهة لحالتها في إسكاتها ، و هي تضع رأسها على كتفي كطفل صغير ، و بللت دمعاتي توبها الذي أشتم فيه رائحة أهلي العزاز بالبلد. و خرجت من عندها مسرعا حتى لا ترى ضعفي. فلا هي نادتني للرجوع و لا أنا إلتفت ناحيتها.
    قاتل الله الغربة و قاتل الله الظروف.
    لم تفارقني صورة أم عطية و هي تبكي ، صوت نحيبها و بكاءها ظل يؤرقني طوال الليل ، و كأن صوتها و هي تبكي بتلك الحرقة قد إختزلت كل الألم الذي تخبؤه كل الطيور المهاجرة في دواخلها و لكنه ألم مكبوت ينفجر في لحظة ضعف كالتي مرت بي و أنا عند أم عطية. حكيت لزوجتي الموقف ، فتذكرت أمها التي ماتت و دفناها بالرياض ، فتكومت هي الأخرى منكفئة تبكي بصوت مكتوم حتى لا تزيد أوجاعي ، و تركتني مع هذا الموقف الذي إنحفر في ذاكرتي تاركا شرخا من الصعب أن يزول.

    رن جرس التلفون ، و جاءني صوت زوجة عطية :
    أم عطية عاوزاك.
    أيوة يا حجة.
    أسمع يا ولدي ، عليك الله ما تقول لولدي عطية الكلام القلتو ليك أمبارح ، خصمتك بالنبي كان تقول ليهو ....
    ليه يا حجة ؟
    فقالت و مشروع بكاء في نبرة صوتها : ما دايرة أنكد عليه يا ولدي ، هو عارف أنا بحس بي شنو ، لكن شن يسوي يا حشاى ، لا يقدر يخليني أمشي براى ، و لا يقدر يسيب رزقو هني و يبراني للبلد. شحتفة يا ولدي. بهدلة يا ود أمي في آخر العمر ، ....الحمد لله على كل حال.
    و لم تستطع أن تكمل ، فقد إحتبس صوتها بغصة أعرفها إن أرادت أن تبكي.
    زادت ألمي على الألم الفائت الذي لم تندمل جراحاته بعد.
    ها هو رذاذ الغربة يطال حتى من كنا نظنه أنه بمنأى عن إفتراش الألم و إجترار شريط الماضي.
                  

العنوان الكاتب Date
أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية ابو جهينة08-16-03, 01:07 PM
  Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية bayan08-16-03, 01:29 PM
    Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية ابو جهينة08-16-03, 01:38 PM
  Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية maia08-16-03, 01:40 PM
    Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية ابو جهينة08-16-03, 02:04 PM
      Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية shiry08-16-03, 02:38 PM
        Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية ابو جهينة08-16-03, 03:03 PM
  Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية بدرالدين شنا08-16-03, 06:42 PM
    Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية ابو جهينة08-17-03, 08:15 AM
  Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية maia08-17-03, 09:35 AM
    Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية ابو جهينة08-17-03, 09:52 AM
  Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية almulaomar08-17-03, 10:50 AM
    Re: أم عطية اللانمطية و الهجرة العكسية ابو جهينة08-17-03, 11:19 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de