في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 11:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبد المنعم عجب الفيا(agab Alfaya & عجب الفيا )
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-23-2003, 05:03 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي (Re: Agab Alfaya)

    رمزية السمندل في شعر محمد عبد الحي



    بتأثير من الشعر الأوربي أدخل الشعراء العرب المحدثون الأسطورة كناظم جمالي أو معادل موضوعي للتعبير عن الرؤية الشعرية في القصيدة . وبما أن الأسطورة تتمتع بقدر عال من التجريد الأمر الذي يجعلها قابلة للتحرر من سياقها التاريخي والمجتمعي والعقائدي لتعانق أحلام وأشواق الإنسان في كل زمـان ومكان ، فإن الشعراء العرب لم يجدوا حرجا في استلهام الأساطير الإغريقية التي سبقهم إليها الشعراء الغربيون بالإضافة إلى توظيفهم للأساطير الفينيقية والبابلية والعربيـة .

    وبالرغم من أن الأساطير المتداولة بين الشعراء العرب تكاد تكون معروفة ومحصورة ، إلا أن بعضهم قد ابتكر أساطيره الخاصة ، ومن هؤلاء الشاعر السوداني محمد عبد الحي الذي أنفرد بتوظيف أسطورة " السمندل " في أشعاره .

    ويشكل " السمندل " حضورا ملفتا في أشعار عبد الحي حتى يندر أن تخلو قصيدة من قصائده من ذكره أو الإشارة إليه . وله ديوان كامل بعنوان " السمندل يغنى " بل أن أهم أعماله الشعرية " العودة إلى سنار " تبدأ بالإشارة إلى طائر السمندل ، وإن لم تسمعه صراحة وتذكره بالاسم في أكثر من موضع . أما ديوانه " حديقة الورد الأخيرة " فتردد فيه كلمة سمندل أكثر من أي ديوان آخر ، كما يضم قصيدة كاملة باسم " السمندل ملك النهار " .

    وكثيرا ما يأتي ذكر السمندل في أشعار عبد الحي مقترنا بالنار وذلك مثل قوله ، في العودة إلى سنار " يعبر السمندل في قميصه المصنوع من شرار ، " ارتفعت من الأرض من طيور النار " وحيث آلاف الطيور نبعت من جسد النار " ومثل قوله في ديوان " السمندل يغنى " : " السمندل المبتل بالنار " .

    فما هو السمندل ؟ وما علاقته بالنار ؟ وما هي الدلالة الرمزية التي يرمي إليها عبد الحي من خلال توظيفه لأسطورة السمندل في أشعاره ؟

    يقول محمد عبد الحي في هوامش ديوان " السمندل يغنى " : " السمندل طائر بحري برى هوائي لا يحترق بالنار ا " وهنا تلتقي أسطورة السمندل مع أسطورة طائر الفينيق الذي يجدد شبابه كل مائة عام بالاحتراق بالنار . فإذا قلنا أن السمندل طائر مائي ناري أي أنه يجمع بين النقيضين الماء والنار " المبتل بالنار " ويلغي التناقض بين الموت والحياة ويوحد بينهما ، وإذا ماثلنا بين السمندل وطائر الفينيق الذي يجدد شبابه بالاحتراق بالنار فهل يمكن القول أن السمندل هو المعادل الموضوعي لحلم الشاعر بالحياة المتجددة والشباب الدائم ؟ .

    إن الحلم بالحياة الأبدية والرغبة في الخروج على سلطان الزمن والانتصار على الموت كل ذلك ظل هاجسا يدغدغ مخيلة الإنسان منذ هبط من فردوسه السماوي وسقوطه في الزمن بالخطيئة والتجربة . وقد اخترعت الذاكرة الجماعية للشعوب العديد من الأساطير التي تجسد هذا الحلم الجميل المستحيل . فبالإضافة إلى السمندل وطائر الفينيق هناك أسطورة العنقاء العربية وتموز البابلية وغيرهما من الأساطير . يقول محمد عبد الحي معبرا عن هذا الحلم الجميل المستحيل في شئ من خيبة الأمل :

    حين انكسرت آنية الخزف
    الصينية
    كانت فأرتنا تسكن فيها
    هل ظنتها رحم الأبدية
    ( قمار – ديوان حديقة الورد الأخيرة )

    وفي لحظة من لحظات النشوة النادرة يتماهى الشاعر مع السمندل ويحس بأنه انتصر على الموت أو أنه تصالح معه على الأقل ، وصار نديما له ، يجلسان سويا حول مائدة ويتسامران :

    هنا أنا والموت جالسان
    في حافة الزمان
    وبيننا المائدة الخضراء
    والنرد والخمر والدخان
    من مثلنا هذا المساء
    ( قمار – ديوان حديقة الورد الأخيرة )

    وتتكشف لنا أبعاد الدلالة الرمزية للسمندل أكثر في أشعار محمد عبد الحي عندما نقرأ قصيدة ( السمندل ملك النهار ) من ديوان ( حديقة الورد ) حيث يقول الشاعر على لسان السمندل :

    أنا السمندل
    يعرفني الغابر والحاضر والمستقبل
    مغنيا مستهترا بين مغاني العالم المندثرة
    وزهرة دامية في بطن أنثى
    في الدجى منتظرة

    فالسمندل بما لديه من قدرة على التجدد والاستمرارية يقف على حافة الزمان يرقب موكب الحياة المتدفق أبدا في صعوده وهبوطه وانكسارته ، يشهد ميلاد الحضارات واندثارها ويحكى عن انتصارات الأمم وانهياراتها . وباختصار يتحول السمندل إلى نموذج إنساني متجدد عبر العصور يمثل الإنسان في قوته وضعفه :

    وكم عبرت والدروع الحمر حولي
    والخيول المغلمة
    أسوار " ممفيس " و " طروادة " والأندلس
    المهدمة
    ثم أنثنيت هاربا
    في زي شحاذ ضرير أمن في خرق الثياب
    ينام في مزبلة السوق مع الكلاب
    أسكن في " الكرخ " وفي " دارين "
    أو يملأ جوفي لهب السراب

    ( السمندل ملك النهار – حديقة الورد )

    فحياة السمندل " الذات الشاعرة " سلسلة متصلة الحلقات لا تنتهي أبدا ، فهي كالثمرة التي لا تتفك تتحول من ثمرة إلى شجرة ثم إلى ثمرة تارة أخرى وهكذا دواليك . وهنا تلتقي الدلالة الرمزية للمسندل مع الدلالة الرمزية لأساطير الخصب عند الشعوب القديمة ، حيث كان إله الخصوبة عند الفينيقيين وقدماء المصريين ، يموت ويبعث كل عام ضمانا لاستمرارية دوران الفصول وتجديد دورة الحياة في الإنسان والنبات :

    وضع السمندل تاجه
    وقميصه الناري يسطع في الغبار
    ومشى خفيفا واثقا ملكا على بلد النهار
    مرحا يدور مع الفصول ويستدير مع الثمار
    ( السمندل ملك النهار – حديقة الورد )

    وينفتح رمز السمندل عند عبد الحي على رمزين آخرين يجسدان حلم البشرية في مغالبة الموت وقهر سلطان الزمن ، وهما رمزا : السندباد البحري في قصص ألف ليلة وليلة ورمز " أوليس " أو " أدويسيوس " في ملحمة الأوديسا الإغريقية . ويوظف عبد الحي الرمزين في قصيدة " سمندل في حافة الغياب " ويمزج بينهما مزجا رائعا منفردا .

    و " أوليس " كما هو معروف مثله مثل السندباد البحري ، فهو قد ضل الطريق إلى جزيرته بعد عودته من حرب طروادة ، وظل تائها عشر سنوات في عرض البحار تتقاذفه الأمواج وتحمله العواصف من جزيرة إلى جزيرة ومن مغامرة إلى أخرى وقد صادف أخطارا وأهوالا يشيب لها الولدان ، ووقف أمام الموت وجها لوجه أكثر من مرة لكنه كان في كل مرة يخرج منتصرا وينجو من الهلاك بأعجوبة ، حتى عاد إلى وطنه وإلى زوجته الوفية التي ظلت تنتظره وتحلم بعودته طوال فترة غيابه . يستلهم الشاعر قصة ضياع أوليس فيقول :


    لو ضاع في نزوعه البحري فالعباب
    عبر زمان البحر – والملح
    سينحتان من عظامه المبلورة
    حدائق من صدف
    تضئ في صيف الليالي المقمرة
    على رمال ساحل الغياب
    " سمندل في حافة الغياب – ديوان السمندل يغني " .

    فالشاعر من فرط رغبته في الانتصار على الموت ، يحول الموت إلى شكل آخر من أشكال الحياة . فحتى لو قدر لأوليس أن يروح ضحية الهلاك في ضياعه البحري ، فإن عظامه لن تبلى أبدا بل ستتحول إلى حدائق من المرجان واللآلي لتضئ سواحل البحار وتهدى الضائعين .

    ولارتباطه المصيري بالنار ، ينفتح السمندل عند عبد الحي على بعد آخر ، إذ يرمز إلى العشق المنفتح على المطلق . يقول في قصيدة " في الحلم رأيت سعدى وحافظ " من ديوان " حديقة الورد " :

    النار وطن العشاق
    يتفتح في قلب الظلمة
    في شجيرة الليل
    حيث السمندل والفراشة
    شئ واحد
    زهرة نارية
    في الليل الأبدي ..

    وفي إضاءة لهذا المعنى يقول محمد عبد الحي في كتابه الرؤيا والكلمات : " في الأدب الصوفي لم تزل قصة الوردة التي يسقيها البلبل ، عاشقها من دمه رمزا من رموز الحب وقوة الجمال ، أنها قصة فناء الروح ، العندليب العاشق في وردة المحبوب – كاحتراق فراشة الروح في نار الجمال الجوهري " .

    واحتراق السمندل أو فناء العندليب العاشق في نار الجمال الجوهري إشارة إلى فناء الروح أو الذات الشاعرة في عشق أصلها الإلهي الذي انفصلت عنه بالسقوط في الزمن بالتجربة ، وحلمها باستعادة الاتصال والاتحاد بعالمها الفردوسي الأول وفي إشارة إلى ذلك الحلم يقول عبد الحي :

    زرافة النار ترعى النعنع القمري
    بين الجبال وديك الفجر مقتول
    صحراؤك احترقت ليلا عنادلها
    في حلمك البشري
    والورد من دمك المذبوح معلول
    " الفجر أو نار موسى – حديقة الورد "

    وهنا يتماهى السمندل مع " زرافة النار " و " ديك الفجر " و " العنادل " – جمع عندليب – المحترقة بنار موسى . ونار موسى تشير إلى فجر تحقيق حلم الذات الشاعرة لحياتها الكاملة التي لا يعقبها نقصان . والنار ترمز في الأدب الصوفي إلى تجلى الذات الإلهية : " فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله ، أنس من جانب الطور نارا، قال لأهله امكثوا أني أنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلما أتاها نودى من جانب الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة المباركة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين " القصـص 29 – 30 " .

    وبما أن السمندل قد صار رمزا للتجـلى الإلهـي والوجـود المطلق إلى لا يعقبه نقصان ، فتأتي الإشارة إليه في بعض القصائد بأنه " طائر الله " و " طائر الشمس " و " الطائر الأخضر " .

    في أول الصبح
    كان الطائر الأخضر
    يدور محتفلا
    في صحوة المزهر
    يعلو ويرتفع
    في اللازورد
    وفي إشراقة الذهب
    يا طائر الشمس
    يا طائر الله
    أدخل هنا – دائما والآن منتصرا
    في صحوى المزهر
    " الطير الخدارى – حديقة الورد " .

    " الصحو المزهر " إشارة إلى حالة الإشراق التي يتحقق فيها الإحساس بالوجود الكامل والحياة الكاملة ، وتتجلى فيها الحقيقة المطلقة في أعماق الذات الشاعرة ، وينفتح بها العالم " في انصع لحظات الوعي صحوا وحساسية " . فالقصيدة كما يقول محمد عبد الحي – في الرؤيا والكلمات – " اكتشاف لذلك البعد الميتافيزيقي الكامن في الوجود البشري ، فهي من ناحية شبيهة بالحلم ، ولكنها تختلف عنه في أنها إشراق في أعماق الذات ينفتح به العالم ، في أنصع لحظات الوعي صحوا وإشراقا " .

    وقد ظل محمد عبد الحي الشاعر يحلم دائما بحياة مشرقة ناضرة أبدا ولكنه ويا للمفارقة المأساوية رحل عن هذه الحياة وهو في ريعان الشباب بعد صراع مرير مع المرض الذي شل قواه وأقعده عن الحركة .

    في قصيدة له يتحدث عن التجاني يوسف بشير وكأنه يتحدث عن نفسه :

    هم ما رأوا غير الزمان
    وما رأيت سوى زمان ناضر
    كالطفل في الفردوس يمرح رغم رائحة الحنوط
    ورغم رمل المقبرة
    " ديوان حديقة الورد الأخيرة " .

    لقد عاش محمد عبد الحي طفلا في فردوس الشعر ، يحلم بذلك الزمان الناضر المشرق . ولكن إذا كان الموت قد طوى عبد الحي وهو في ريعان الشـباب ، فسيظل " السمندل يغنـي " وسنظل نحلم دائما بزمان ناضر وحياة متجددة .


    عبد المنعم عجب الفيا

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 08-26-2003, 09:13 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Agab Alfaya08-22-03, 05:54 PM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Agab Alfaya08-23-03, 05:03 AM
    Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي almohndis08-23-03, 03:41 PM
      Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي bayan08-24-03, 03:12 AM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Agab Alfaya08-24-03, 06:45 AM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Agab Alfaya08-24-03, 06:49 AM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Shinteer08-24-03, 06:57 AM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Agab Alfaya08-24-03, 05:41 PM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Shinteer08-25-03, 01:22 PM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Shinteer08-25-03, 06:53 PM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Agab Alfaya08-25-03, 07:59 PM
    Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي nassar elhaj08-25-03, 09:01 PM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Agab Alfaya08-26-03, 05:34 AM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Shinteer08-26-03, 07:20 AM
    Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي bayan08-26-03, 02:50 PM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Agab Alfaya08-26-03, 04:46 PM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Agab Alfaya08-26-03, 05:14 PM
  Re: في ذكراه- قصيدة* * * الفجر -او نار موسي Agab Alfaya08-27-03, 05:51 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de