|
Re: زرائب اللغة (Re: عبدالرحمن الحلاوي)
|
الأستاذ محمد الأمين موسى
لا أفشي سراً إذا قلت لك أن الحديث عن اللغة وأصل الإنسان هو حديث ممتع ومشوق لا سيما إذا كان الغرض منه هو الوصول إلى الحقيقة التي لن نتمكن من الوصول إلى الجانب الكامل منها ، إنما نحن نبحث بما هو متاح ومتوفر لدينا من معلومات سواء عبر نتائج الدراسات المتعمقة التي أجراها ويجريها علماء الأنثربيولوجيا أو سواء مستفيدين من الإرث الديني الذي يخبرنا بعض الحقائق التي ربما تلتبس حيناً بسبب احتمال اللغة لأكثر من وجه وتفسير.
أولاً دعني أخبرك أنك لم تشوش علي بمداخلتك هذه إنما على العكس تماماً جعلتني أكثر حماسة في المواصلة في هذا النقاش الذي أزعم أنه نقاش موضوعي دافئ أتمنى أن يستمر على هذا المنوال حتى نصل إلى نهايته. عندما قرأت مداخلتك استخلصت ثلاث نقاط أساسية – وآمل إفادتي إذا كان ثمة نقاط أخرى تجاوزتها سهواً - :
النقطة الأولى: حول الفرق بين آدم والإنسان البدائي النقطة الثانية: لماذا نحن الوحيدون الذين اضطررنا إلى التقليد والمحاكاة. النقطة الثالثة: كيف تعلم آدم اللغة.
وإن لم أكن مخطئاً فهذه النقاط الثلاث كلها تصب في محور حديثنا عن أصل اللغة. وهذا ينفي التشويش الذي تخشاه. عموماً دعني أحاول أن أعرج على النقاط الثلاث محاولاً توضيح ما أشكل فيها ربما بسبب رداءة اللغة التي استخدمها وربما بسبب حساسية الموضوع وارتباطها بالجانب الديني.
( آدم ) هذه الشخصية الدينية بعينها ليست أول هي أول البشرية بل إنما هو من نسل ذلك المخلوق الذي كان الله سبحانه وتعالى يتكلم عنه في حواره مع الملائكة. وذلك المخلوق الذي نتفق على تسميته بـ(الإنسان الأول) كان أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان بمعنى أنه لم يكن ذا وعي متطور إذ لم يكن بعد قد مر بتلك النقلات النوعية التي ساعدته على تطوير وعيه وسلوكه الاجتماعي. فالإنسان الأول كان مثله مثل الحيوانات يسعى في الحصول على غذائه عن طريق الصيد أو الالتقاط وكان يعيش في كهوف وكان يخاف النار وكان يأكل اللحوم نية وكان لا يمتثل بالترتيب الاجتماعي ولا يعرف شيئاً عن التنظيم الأسري والعائلي ، فكان فقط يعيش في مجموعات بدائية جداً حتى أنه لم يكن يعرف أبجديات دفن الموتى أو حتى نظام التخلص من الفضلات ووووو إلى آخره من الأشياء التي أكتسبها الإنسان بمزيد من الاحتكاك بالطبيعة والتقليد. وفي الميثالوجيا الدينية نجد أن الإنسان عرف دفن الموتى عن طريق (الغراب) فأصبح يقلده في ذلك وتقول الآية (يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب) ومن المعروف أن علماء الآثار والباحثون الأنثربيولوجيون يعتمدون في بحوثهم وحفرياتهم على مدافن الشعوب وأدواتهم الإنتاجية والاستهلاكية في تقييم حضارتهم. وعلى هذا فإن هذا الكائن - الذي حتى علماء الإنثربيولوحيا لم يتفقوا على تسميته بالإنسان إلى في مراحله المتقدمة – كان كائناً بدائياً خضع لعمليات متتالية من التطور والرقي حتى وصل إلى مرحلة الكمال البشري المعقول الذي أهله ليصبح (خليفة الله في الأرض) فأصبح عارفاً لكيفية التعامل مع الطبيعية والتكيف معها وأصبح متمتعاً بملكات التفكير العقلي والاستنتاج والاستنباط والتحليل بحيث أصبح ينزع إلى الاختراع بدلاً من اعتماده على الموجودات المفردة من حوله. ومن هؤلاء البشر المتطورين اختار الله ( آدم ) ليكون أول هو صاحب رسالته الأولى لهذه البشرية. وبهذا التفسير فإنني أفرق بين الإنسان الأول وبين آدم غير أنهما من سلالة واحدة (البشرية) ونحن كذلك من تلك السلالة البدائية. وما هذه الحضارة التي نعيش فيها اليوم إلا امتداد طبيعي لسلسلة احتكاك الإنسان البدائي الأول بالطبيعية في محاولاته للتغلب على الطبيعة من أجل (البقاء) وحفظ النوع. وفي اعتقادي أن خلق البشرية لم يكن بتلك الصورة التي يفهمها الكثيرون من أنها كان عبارة عن تجسيد الله لطينة لازبة في هيئة بشر ثم النفخ ليصبح هذا الكائن عبارة عن صنم طيني متحرك. بل إن مراحل الخلق كانت أكثر تطوراً من هذا المعنى السطحي للخلق. وإصرار القرآن على أن أصل الإنسان من الطين ما هو إلا دلالة أن العنصر الأساسي المكون لهذا المخلوق هو الطين وهذا الطين بمكوناته الحيوية وعناصره المعدنية هو النواة الأساسية لهذا المخلوق. وإلا فكيف نفسر وجود اللحم والعظم والدم؟
النقطة الثانية: لماذا نحن الوحيدون الذي اضطررنا للتقليد. من قال أننا الوحيدون الذين اضطررنا إلى التقليد؟ إن التقليد والمحاكاة في السلوك هو سنة طبيعية سارية على جميع المخلوقات الحية. فصغار الطيور تقلد أمهاتها في الطيران. وهنالك العديد من الأمثلة التي توضح ذلك. أما إذا اقتصر استفهامك عن تقليد الأصوات. فلك أن تعلم أن الإنسان يمتلك جهازاً صوتياً متطوراً لا يجود لدى بقية المخلوقات الحية. وهو – أي الإنسان – لديه قدرة كبيرة على التقليد لا سيما تقليد الأصوات مقارنة ببقية الحيوانات التي لا تستطيع إلا أن تقلد نفسها. وهذه واحدة من الميزات التي يمتاز بها الإنسان عن سائر الكائنات إضافة إلى أنه يسير على قدمين. فالإنسان حتى وإن وجد في بيئة تخلو من البشر فإنه وبمرور الوقت فسوف نجده يسير على قدمين رغم أنه لم ير أمامه مخلوقاً يفعل ذلك. على عكس اللغة التي يجب أن تتوفر لديه حتى يستطيع امتلاكها عن طريق المحاكاة والتلقين.
النقطة الثالثة: كيف تعلم آدم اللغة؟ أولاً يجب أن نتفق أن آدم وجود عارفاً للغة التي كانت موجودة من قبل أسلافه. ولكن كيف عرف هؤلاء الأسلاف اللغة؟ في الحقيقة لا أجد أمامي أي حقيقة علمية يمكن الاعتماد عليها لمعرفة كيف اكتشف الإنسان اللغة غير أن الميثولوجيا الدينية تقول (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة....) الآية. وهنا أتوقف كثيراً عن لفظ (علّم) فكيف كانت طريقة الله في تعليم البشر هذه اللغة؟ لا أعتقد أن الله سبحانه وتعالى قام بتلقين البشر اللغة تلقيناً مباشراً بل كان التعليم عن طريق توفير أدوات مساعدة. كيف؟ امتلاك الإنسان للعقل الذي هو أعظم نعمة وميزة يتميز بها الإنسان عن بقية الحيوانات هو كان المعول الوحيد في استطاعة هذا الكائن البدائي في خارجه على استنباط وسائل جديدة. فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع الابتكار والاستنتاج والاختراع. ولقد مكن الله لهذا الكائن في عقله هذه القدرة التي لم تكن الملائكة تعرف به ولذا فقد استغربوا أن يجعله الله خليفة له في الأرض. والأسماء التي عرضها الله على الملائكة هي كل موجودات الكون: الأرض – السماء – الأشجار – البحار – الجمادات .... إلخ فالإنسان هو من أطلق عليها هذه الأسماء معتمداً على الميزة التي يملكها في تسمية الأشياء بأسمائها. وبهذا فلم يكن تعليم الله للإنسان عن طريق التلقين وإلا لانتفت حكمة الاختبار الذي أقامه الله لإثبات (أني أعلم غيب السماوات والأرض) ولو لاحظنا نجد أن الملائكة عندما طرح عليهم هذا السؤال قالوا (لا علم لنا إلا ما علمتنا) أي أنهم يعتمدون على الله في المعرفة وليست لديهم القدرة التي لدى البشر في الاستنتاج وفي التحليل وفي الاختراع فهم – أي الملائكة – مخلوقات غير متطورة كما البشر.
أخشى أني أطلت عليك ... ولكن الحديث ذو شجون
ولك المحبة والتحية
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
زرائب اللغة | هشام آدم | 02-14-06, 12:36 PM |
Re: زرائب اللغة | عبد الله عقيد | 02-14-06, 01:08 PM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-14-06, 01:56 PM |
Re: زرائب اللغة | عبد الله عقيد | 02-14-06, 02:29 PM |
Re: زرائب اللغة | Faisal Taha | 02-14-06, 03:23 PM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-14-06, 04:24 PM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-14-06, 03:59 PM |
Re: زرائب اللغة | Kabar | 02-15-06, 03:03 AM |
Re: زرائب اللغة | farda | 02-15-06, 03:46 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-15-06, 12:43 PM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-17-06, 10:56 AM |
Re: زرائب اللغة | نادية عثمان | 02-17-06, 11:03 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-17-06, 11:24 AM |
Re: زرائب اللغة | محمد الأمين موسى | 02-17-06, 11:44 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-17-06, 12:03 PM |
Re: زرائب اللغة | محمد الأمين موسى | 02-18-06, 02:14 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-18-06, 05:06 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-18-06, 11:39 AM |
Re: زرائب اللغة | محمد الأمين موسى | 02-19-06, 02:07 AM |
Re: زرائب اللغة | عبدالرحمن الحلاوي | 02-19-06, 03:44 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-19-06, 06:25 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-19-06, 07:53 AM |
Re: زرائب اللغة | عبدالرحمن الحلاوي | 02-20-06, 01:30 AM |
Re: زرائب اللغة | محمد الأمين موسى | 02-20-06, 01:40 AM |
Re: زرائب اللغة | عبدالرحمن الحلاوي | 02-20-06, 03:48 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-20-06, 06:13 AM |
Re: زرائب اللغة | عبدالرحمن الحلاوي | 02-21-06, 00:01 AM |
Re: زرائب اللغة | محمد الأمين موسى | 02-21-06, 02:21 AM |
Re: زرائب اللغة | عبدالرحمن الحلاوي | 02-21-06, 04:11 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-21-06, 10:32 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-21-06, 10:59 AM |
Re: زرائب اللغة | عبدالرحمن الحلاوي | 02-22-06, 00:58 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-22-06, 09:33 AM |
Re: زرائب اللغة | عبد الحميد البرنس | 02-22-06, 09:49 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-22-06, 03:31 PM |
Re: زرائب اللغة | عبدالرحمن الحلاوي | 02-25-06, 05:11 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-25-06, 01:02 PM |
Re: زرائب اللغة | عبدالرحمن الحلاوي | 02-25-06, 11:23 PM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-26-06, 08:43 AM |
Re: زرائب اللغة | هشام آدم | 02-28-06, 02:33 AM |
|
|
|