|
Re: فصل الدين عن السياسة (Re: elsharief)
|
الإسـلام والعـولمة هل يوجد اسلام عولمي؟
الحلقة الاولى
- د. حسن حنفي
يسهل تحديد التصورات وتعريف المفاهيم طبقاً لمنطق الجواهر وهو لب المنطق القديم. ويصعب تحديد العلاقات ومعاملات الارتباط وهو لب المنطق الحديث. لذلك يمكـن تعريف (الإسلام)، وتعريف (العولمة) ولكن يصعب تحديد معني (واو) العطف لربط الإسلام بالعولمة. وقد أصبح هذا الربط شائعاً في الفكر العربي الاسلامي الحديث والمعاصر (الإسلام والتنمية)، (الإسلام والتقدم)، (الإسلام والعلم)، (الإسلام والتكنولوجيا)، (الإسلام وحقوق الإنسان)، (الإسلام والمرأة)، (الإسلام والمجتمع المدني)، (الإسلام والحداثة).. الخ. وهي أسوأ طريقة للجمع فيها بين القديم والجديد. إذ توحي بأن الطرف الأول، وهو الإسلام، قديم، وأن الطرف الثاني، التنمية والتقدم والعلم والتكنولوجيا وحقوق الإنسان والمرأة والمجتمع المدني والحداثة حديث. فلا القديم قادر علي أن يتحول إلي الحديث، ولا الحديث تمتد جذوره في القديم. فينشأ صراع بين غير متصارعين. ويقع تناقض بين غير متناقضين. والقديم من الأنا، والحديث من الآخر، والمسار بالضرورة من قدم الأنا إلي حداثة الآخر مما يساهم في نشأة عقدة نقص في الأنا من الآخر، وعقدة عظمة في الآخر تجاه الأنا. وقد يتحول الأمر إلي نقد الأنا وجلدها وسلخها والقطيعة معها، ومدح الآخر والانبهار به واعتباره نموذجاً للحداثة والارتباط به. فتنشق الثقافة الوطنية إلي قسمين، أنـا جماهيري قديم يدافع عن نفسه، وأنا نخبوي حديث يدافع عن غيره. ويتحول الانشقاق إلي فصام كما هو الحال في وسط شبه الجزيرة العربية وعلي الأطراف، والخصام إلي عداء، كما هو الحال في المغرب وتونس ومصر وسوريا والعراق واليمن والكويت، والعداء إلي حرب بين الاخوة الأعداء كما هو الحال في الجزائر. ولا يوجد مدخل واحد للموضوع أو طريقة واحدة لتناوله. فالإسلام موضوع لعلوم عدة: العقلية النقلية مثل العقائد والفلسفة والأصول والتصوف، والعلوم النقلية الخالصة، القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه، بل والعلوم العقلية الخالصة، الرياضية مثل الحساب والهندسة والفلك والموسيقي، والطبيعية مثل الطب والصيدلة والطبيعة والكيمياء والنبات والحيوان والمعادن. والإسلام له مرحلتان تاريخيتان. الأولي في عصر تكوين العلوم واكتمالها في القرون السبعة الأولي، والثانية عصر الشروح والملخصات والموسوعات في العصر المملوكي التركي العثماني في القرون السبعة التالية. والإسلام ليس فقط علوماً وحضارة. بل هو تاريخ عمران وسكان ودول وفتوحات وحروب وصراعات. فأي إسلام يُقرن بالعولمة؟
ابعاد تاريخية والعولمة في الغرب موضوع لعلوم عدة، السياسة والاقتصاد والثقافة والاتصالات. هي ظاهرة مركبة ذات أبعاد متعددة، تاريخية في التراكم الرأسمالي للغرب، واقتصادية في الهيمنة، هيمنة الدول الصناعية الكبري، مجموعة السبع والشركات المتعددة الجنسيات علي أسواق العالم، وسياسية في تخطي حدود الدول الوطنية باسم العالم قرية واحدة أي سوقاً واحدة، وثقافية، ثقافة الاستهلاك والجريمة والعنف وقيم البذخ والغني والترف، وعسكرية، في استعمال الولايات المتحدة الأمريكية المنظمات الدولية لفرض الحصار علي الشعوب وتهديد أخري بالغزو والعقاب الجماعي إذا ما شقت عصا الطاعة علي نظام العالم الجديد ذي القطب الواحد. فأي جانب من جوانب العولمة في علاقة مع الإسلام؟ لا يوجد ارتباط واحد بين الإسلام والعولمة. فالاختيارات متعددة. ولا يوجد مدخل واحد أفضل من الآخر، كلها اجتهادات تنير الموضوع. إنما الاختيار الأفضل هو ما تبقـي في الموروث الثقافي والوجدان الشعبي من صور للإسلام والعولمة. تقدم الدول وتنهار، وينشأ العمران ثم يعمه الخراب. وما يبقي من الإسلام، ثقافته ورؤيته وقيمه، ما يجعل التاريخ حياً قائماً. وتأتي العولمة وتذهب كما أتت كل أشكال الهيمنة للوعي الأوروبي المركزي منذ ما يسمي (الكشوف الجغرافية) عندما التفت أوروبا حول العالم والقديم، أفريقيا وآسيا من أعالي البحار والمحيطات بعد أن فشل غزوها الصليبي من البحر المغلق، البحر الأبيض المتوسط، واكتشفت العالم الجديد واحتلته وتنافست عليه وهي في طريقها إلي استعمار العالم القديم، ونشأة المدن التجارية علي سواحل البحر الأبيض المتوسط، وتصدير الثورة الفرنسية وتحويلها إلي استعمار جديد باسم الجمهورية العالمية ثم الاستعمار الأوروبي الحديث الذي بلغ الذروة في القرن التاسع عشر وخلافته للإمبراطورية العثمانية بعد هزيمتها في الحرب الأولي، والعنصرية الدفينة المستمرة عبر أشكال الهيمنة، روما التي ورثت أثينا، وأسبرطة التي ما زالت تنبع في أعماق الوعي الأوروبي وإن بقيت أثينا في عقله، واليهودية التي شكلت رؤيته للعالم ومعايير سلوكه وإن كان مسيحي الدين واللسان. والمنهج هو تحليل التجارب الشعورية الحية الفردية والجماعية لكل من الإسلام والعولمة اللتين يعيشهما العالم الغربي الاسلامي اليوم دون إعطاء النفس أقل مما تستحق أو إعطاء الغير أكثر مما يستحق، ودون إحساس بالأقلية وقهر الأغلبية لها مما يدفع إلي الاحتماء بأغلبية أكثر، العولمة، ودون نفسية السجين الذي ينتفض ضد العولمة كأحد أشكال القهر والذي تتبعه النظم الحاكمة، ودون نفسية المهاجر الذي يجد في غزل العولمة مصدر رزق وإبرام عقد في جامعة بحثاً عن عمل بعد أن فقد العمل داخل الأوطان للتعالي عليها والكفر بها والبحث عن وطن بديل. ليس المنهج هو نصوص الإسلام فهذه تخضع للانتقاء والتأويل أو جداول إحصائية تخضع أيضاً للانتقاء والقراءات المختلفة. إنما المحك هو التجربة المشتركة، وتطابق التجربة الفردية مع التجربة الجماعية. وهو أحد معاني الموضوعية، التطابق مع الواقع من خلال التطابق مع الآخرين. ففي التجربة المشتركة يكمن الأنا والآخر في الزمان.
عولمة إسلامية ويمكن تناول الموضوع بطريقتين: الأولي رؤية الإسلام من خلال العولمة إجابة علي سؤال هل هناك عولمة إسلامية؟ والثانية رؤية العولمة من خلال الإسلام إجابة عن سؤال هل هناك إسلام عولمي؟ ولا يكفي فقط الحكم علي العولمة من وجهة نظر إسلامية أو الحكم علي الإسلام من وجهة نظر العولمة. وهو استئناف للعبة المرآة المزدوجة رؤية الآخر من خلال الأنا، ورؤية الأنا من خلال الآخر كما مارسها الطهطاوي في (تخليص الابريز). ولا يمكن رؤية الإسلام والعولمة من منظور ثالث يتجاوزهما معاً فلا يستطيع ذلك إلا شعور كلي محايد، وهو ما يستحيل علي البشر. وتصعب الأحكام (العلمية) الصارمة نظراً لأن الإسلام والعولمة تجربتان حيتان في وجداننا المعاصر. الموضوع من الذات، والذات من الموضوع. فالإنسان العربي المعاصر محاصر بين الإسلام والعولمة، بين الأنا والآخر. هما صورتان لوعيه، النفس والبدن، الروح والمادة ومن ثم يستحيل إصدار الحكم. المهم أن تبعد الأحكام عن التقريظ للنفس والدفاع عن الإسلام، وهجاء العولمة ونقد الغرب ورفض الآخر كما تفعل بعض الاتجاهات الإسلامية الغالبة أو العلمانية المتطرفة، وأن تبعد أيضاً عن مدح العولمة وتقريظها وبيان فوائدها وهجاء النفس وبيان تخلفها وانطلاقها كما تفعل بعض الحركات المستحدثة. والمهم أيضاً أن تحليل ظاهرة العولمة من منظور فلسفي وعلي مستوي فكري. فالفلسفة تخصص ونوع أدبي وإلا تحول الفلاسفة إلي اقتصاديين وسياسيين وإعلاميين خلّص. الفلسفة ماهية التاريخ. وكل الظواهر الاجتماعية والسياسية هي ظواهر فلسفية في أسسها النظرية. هي رؤي فردية وجماعية. لذلك ركز بعض المفكرين العرب المعاصرين علي نظرية المعرفة والبحث عن الوحدة المعرفية episteme وراء الظواهر تحت أثر فوكو والبنيوية فتنفصل المعرفة عن الوجود وتستقل بذاتها في عالم نظري مغلق. الفلسفة ما هية التاريخ تعني فقط البحث عن الجذور المعرفية لظواهر التاريخ دون أن تنفصل عنها.
جريدة (الزمان) العدد 1241 التاريخ 2002 - 6 - 22
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
فصل الدين عن السياسة | elsharief | 06-28-03, 02:46 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 06-28-03, 03:44 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | al_msaa | 06-28-03, 03:50 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 06-30-03, 12:42 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 06-29-03, 07:55 AM |
الى المساء | خالد العبيد | 06-28-03, 04:06 PM |
Re: الى المساء | elsharief | 06-30-03, 12:50 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Yasir Elsharif | 06-29-03, 12:44 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | bayan | 06-30-03, 02:22 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Yasir Elsharif | 06-30-03, 09:07 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | shiry | 06-30-03, 02:13 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-01-03, 08:45 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Yasir Elsharif | 07-06-03, 06:34 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 06-30-03, 03:19 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 06-30-03, 02:20 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | قرشـــو | 07-01-03, 08:34 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-01-03, 04:26 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Yasir Elsharif | 07-04-03, 09:03 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | حسن الجزولي | 07-04-03, 12:06 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | حسن الجزولي | 07-04-03, 12:06 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Yasir Elsharif | 07-04-03, 12:13 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | nasiradin | 07-04-03, 04:31 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-08-03, 10:44 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | حسن الجزولي | 07-04-03, 09:02 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-05-03, 10:08 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-06-03, 03:42 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-06-03, 03:46 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-06-03, 03:52 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | waleed500 | 07-10-03, 02:09 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-11-03, 09:52 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | omdurmani | 07-04-03, 10:26 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-07-03, 09:12 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | abu-eegan | 07-06-03, 06:49 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-16-03, 04:10 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | خضر حسين | 07-09-03, 01:32 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Lark | 07-09-03, 01:04 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Lark | 07-09-03, 01:07 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Lark | 07-09-03, 01:11 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Lark | 07-09-03, 07:54 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | waleed500 | 07-09-03, 08:04 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-14-03, 03:52 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-12-03, 10:02 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-12-03, 10:19 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Lark | 07-13-03, 10:03 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Lark | 07-13-03, 10:31 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-15-03, 04:15 PM |
Re: فصل الدين عن السياسة | Lark | 07-13-03, 11:10 AM |
Re: فصل الدين عن السياسة | elsharief | 07-17-03, 07:22 PM |
|
|
|