علي وفد دارفور توجيه إنذار صارم للوسيط الإفريقي: لا لمقترحاتكم الظالمة .. و لتنهار المفاوضات

Quote: علامات استفهام محمد ابراهيم الشوش ماذا بقي للآخرين؟ كل شئ أصبح مألوفاً حتى أغرب الأشياء، وكل شئ أصبح مقبولاً حتى أسوأ المصائب، وكل شئ إصبح مستساغاً حتى أسخف الأمور. وليس أدل على ذلك مما نشرته وانفردت به صحيفة (الحياة) السودانية عدد الخميس 8 ديسمبر، ولم تر فيه بقية الصحف ما يستحق الإشارة فأهملته. والخبر الذي لم تر فيه الصحف ما يستحق النشر يقول بأن الاتحاد الإفريقي يدفع لإقناع الحكومة للتنازل عن منصبي نائب الرئيس ووالي الخرطوم تلبية لمطالب مسلحي دارفور. والتنازل يعني أن المطلوب ليس إحداث وظائف جديدة كإنشاء منصب إضافي لنائب رئيس أو والي إضافي للخرطوم بل المطالبة بالتحديد بالمنصبين الحاليين اللذين يشغلهما السيد علي عثمان محمد طه والدكتور عبد الحليم المتعافي. وقد أفادنا في سياق الخبر أحد المتحدثين باسم حركة تحرير السودان بأن الاتحاد الإفريقي قد أخطرهم بعقد حوارات لتقريب وجهات النظر في النقاط الخلافية بشأن قسمة السلطة بين الرؤية الموحدة للحركات المسلحة ورؤية الحكومة، مضيفاً نحن في انتظار رد الاتحاد الإفريقي حول استئناف التفاوض المباشر. وليس لدينا ما نقدمه إذ أن ما قدمته الحركتان برؤية موحدة يمثل سقفاً أدنى لمطالب أهل دارفور بشأن قسمة السلطة (باعتبار أنهم أي المسلحين يمثلون أهل دارفور هكذا بقوة السلاح) مؤكداً أن الحركتين المسلحتين لن يتنازلا عن تلك المقترحات. وتقريب وجهات النظر في نظر الحركتين يعني تبني الاتحاد الإفريقي لموقفهما وحث الحكومة على قبوله وإلا.... ولن يكون الاتحاد الإفريقي وحده في الميدان -ميدان الضغط على الحكومة لقبول مطالبات المسلحين- فقد ذكرت مصادر قريبة من المفاوضات أن هناك وجوداً دولياً مكثفاً في أبوجا من أجل الضغط على أطراف النزاع (يعني الحكومة) من أجل أن تكون الجولة نهائية. ولن تكون نهائية إلا بالقبول التام لما يطلبه المسلحون كحد أدنى. وإذا كان مسلحو دارفور لا يقبلون بغير منصب نائب رئيس الجمهورية والذي هو أحد الأعمدة الرئيسية الثلاثة للحكومة وللشراكة ولتنفيذ اتفاقية السلام ومنصب والي الخرطوم والتي تمثل بأركانها الثلاثة وامتداداتها مركز الثقل الفكري والسياسي والاقتصادي للسودان وتقطنها غالبية عظمى من قبائل الشمال والوسط بل تقع في قلب منطقتهم، فماذا بقي للحكومة لتتنازل عنه لحملة السلاح في الشرق الذين ينتظرون دورهم كما انتظر أهل الغرب دورهم حتى تم تسوية قضية الجنوب بتدبير محكم من بندر شاه الذي يمسك بخيوط الفوضى. وماذا بقي للحكومة لتتنازل عنه للمتطلعين من أبناء النوبة من حلفاويين ومحس ودناقلة ولأهلنا في الشمالية وهم قبائل شتى وكل يريد لنفسه موقعاً عالياً في القصر الجمهوري وولاية الخرطوم والمصرف المركزي؟ وحتى لو اتفقنا على تقسيم السودان على أهله بالتساوي -ومسلحو دارفور- من بين أهله المكرمين المعززين- فبأي منطق وبأي قانون يصبح لمسلحي دارفور -ونحن لا نعرف مدى تمثيلهم لأهل دارفور- الحق في مناصب عليا بعينها كحد أدنى؟ وحتى إذا افترضنا أنه آن الأوان لتقسيم تركة السودان على أبنائه متراً متراً ووظيفة وظيفة وديناراً ديناراً أليس من العدل أن يحضر القسمة جميع الوارثين ويتم تسجيلهم قبيلة قبيلة لدى مسجل التركات بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ثم توضع الموارد والمناصب كلها في قائمة يأخذ كل منها نصيبه إلا من أبى فهناك سيف أمريكا الباتر؟ ذلك هو العدل. أما التوزيع العشوائي وفق أسبقيه حمل السلاح والتفاوض تحت الضغوط الدولية، وأولوية بندر شاه، فذلك لا يكون. وحتى إذا تم التنازل عن وظيفة الوالي فسنجد أمامنا ثلاثة مستحقين: اركوي وعبد الواحد وخليل وخصوصاً بعد أن صرح الأخيرأنه سيأخذ الخرطوم عنوةً واقتداراً وسينصب نفسه رئيساً ووالياً، فكيف العمل ونحن قوم مسالمون في هذه الرقعة من الأرض ولا نريد أن تتصارع فوقنا ثلاثة جيوش، إلا إذا قسمنا العاصمة لمدنها الثلاثة ولكن من سيقبل منهم بالخرطوم بحري؟ أما دفع الاتحاد الإفريقي لقبول الحكومة لطلب المسلحين فليس مستغرباً. فالاتحاد جزء من سلسلة مترابطة الأجزاء. وليس هناك دولة إفريقية واحدة تستطيع أن ترفض لبندر شاه طلباً. وليس هناك قائد إفريقي -باستثناء مانديلا وقد انتهى عصره- يمكن أن يعترض. الاتحاد الإفريقي يودي دوره المناط به بجعل اللامنطقي منطقياً واللامعقول معقولاً. وهو يؤدي دوره بأحسن مما يؤديه في الميدان. وليته يحتفظ بما حصل عليه من آليات وراجمات كندية وغربية فلا نراها في أيدٍ أخرى تقتحم علينا الخرطوم.