تجديد الفكر ، أم تجديد الدين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 04:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة محمد قاسم(ودقاسم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-18-2003, 03:10 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين (Re: Abdel Aati)

    من نقد السماء إلى نقد الأرض
    بقلم العفيف الاخضر

    الجزء الثاني

    ما زالت السلطة العربية تحرق البخور لمزابل تراثنا
    لإنعكاس هذه الأزمة الشاملة نكاد نراه ارقاً فى عيون جميع الحكام الذين يقض مضاجعهم شبح الشيوعية و قد عاد من جديد ليرود لا فى ربوع أوربا الشرقية و الغربية و حسب بل فى ربوع العالم كله .
    لا ضرورة للرجوع المطول لاستقضاء أمثلة هذا الأرق .
    حسبنا هنا وصف المطران المحافظ مخائيل ضوميط لقلق الطبقات السائدة من عواقب هذه الأزمة الطاحنة التى أخذت تنحر أسس مؤسساتها و تبريراته الدينية و الدنيوية :

    فالقيامة قائمة فى العالم كله ، من كل صوب : القيامة قائمة على كل قديم ، فى الشرائع و النظم ، فى الأخلاق و العادات فى الأدب و الفنون (...) و القيامة قائمة كذلك فى الكنيسة على قديم : فى العقيدة : التعاليم الكنيسية غدت فى نظر الكثيرين لغزاً مغلقاً ، كلاما فارغا لا طائل تحته (...) وفى الأخلاق : الشرائع الكنسية غدت إلى نظر الكثيرين نيراً ثقيلاً .. و بعضهم خلعه واحل محله إندفاعاً عفوياً إلى لإنماء الذات ... و فى العبادة أيضاً : الطقوس الكنسية غدت فى نظر الكثير تمثيلاً أعجم أجوف ، لا دلالة فيه ولا وقع له ...أنه لا يطاق ( .. ) و أخيراً فى النظام الذى لم يعد يرى فيه بعضهم غير بقية باقية من عهد بائد ينبغى أن يندثر (...) هذه بعض مظاهر الأزمة التى يعانيها العالم و تعانيها الكنيسة ، وهى على ما يبدو تتعدى النزاع الذى لم يخلو منه عصر العصور ، بين حديث و قديم ، بين جديد و تقليد ، أن النزاعات التى شهدتها العصور الخالية كثيراً ما كانت تدور على أسلوب التعبير ، و أن نعدنه فعلى صيغة التفكير . إما الركائز و الأسس فقلما كانت موضوع جدل أو شك .
    أما اليوم فإننا نشهد نزاعاً أعنف و أِشد ، تناول أول ما تناول ، الأساليب و الصيغ ، لم يلبث أن تجاوزها إلى تاركائز و الأسس (..) أما للدين فقد أصبح إثراً بالياً و ممارسات شكلية لا يقيبل عليها غير قصار الأبدى و قصار العقول " . الإنسانية المعاصرة ، كما لاحظ المطران بحزن ، أخذت تبحث عن إنجيل خلاصها " فى مناهل غير إنجيل الخلاص ، وفى ثورة تطيح بجميع الأستلابات القديمة و الحديثة ، فى إطار سلطة شعبية حقاً قائمة على الإنتخاب المباشر من القاعدة ، الإنتداب الموالت و الجمع الضرورى بين سلطتى التنفيذ و التشريع تجد فيها مشاكل الثورة البروليتارية حلها الحقيقى ، أوعلى الأقل إطار لمثل هذا الحل : سلطة يسترد فيها و بها الإنسان ، فردا و جمعاً ، سلطته المهدورة ، ابداعه لمصادر ووجوده الضائع .
    المسيحية التى تعانى من هذه الأزمة عرفت عبر تاريخها و مراراً الإصلاح و التطهير من الطقوس الشرقية . أولها أوربة europeanisation المسيحية على يد الفيلسوف سيناك Seneque الرمانى ومدرسة فيلون الاسكندرانى الرواقية ، حيث تمت اقلمة المسيحية البدائية مع الفلسفة الرومانية اليونانية الميتذلة ، التى على عكس فلسفة اللذة الابيقورية التى تطورت باتجاه الإلحاد ، اتنهت هى إلى الإيمان بإله واحد و بخلود الروح . وهكذا فالمسيحية الغربية ، و الكلمة لبورنو باور Burno Bauer لم تولد فى الجليل و القدس بل فى الأسكندرية و روما .
    حدث هذا قبل أن تصبح ، بل لكى تصبح ، المسيحية ديانة الدولة الرومانية التى توافد عليها الهنس و الجرمان للاقتيات بجثتها .
    أما التطهير الأخير من بقايا الطقوس الشرقية فقد حدث فى المجمع الفايتكانى الثانى (1965) . أعلن المجمع أولاً أن الكنيسة التى كانت على الدوام ضامنة النظام الإجتماعى السائد ، لم تعد مرتبطة بأى نظام إجتماعى قائم لنمط الإنتاج . وأعطى المجمع الضوء الأخضر لمفسرى الكتاب ليقولوا بأن ( أيام الخليقة الستة ) و " تفاحة حواء " و توقف الشمس " بأمر يوشع و " الأيام الثلاث التى قضاها يونان ( يونس) فى بطن الحوت " إنما أساطير تصورها كتاب الأناجيل أو تلقفوها من أفواه الرواة الشعبين فى أيامهم . و ليست من الحقيقة التاريخية فى شئ . على أن بعض الشرائح لم يكتف بهذا الحد من التطهير بل دفعه إلى ملء مداه : تطهير الكتاب من الخوارق الشرقية و العودة به إلى العقلانية الغربية المعاصرة و هكذا انكروا أسطورة قيام المسيح بعد موته ، أعتبروا أن ذلك مجرد تخيل من حواريية ، كما ذهبوا نفس المذهب فى فهم بتولة مريم التى لم تكن ، فى رأيهم ، إلا من نسج خيال المؤمنين القدامى الذين ، من فرط اعتزازهم بالمسيح ، تصوروا أنه ولد من غير زرع بشرى و مع بقاء أمه عذراء .

    لأن البكارة كانت عند الشرقيين وما تزال - رمزاً لطهارة النفس و الجسد معاً .
    لكنها اليوم فى الغرب لم تعد شيئاً مذكورا .
    ولهذا يرى هؤلاء الشراح أن البكارة لا معنى روحى لها ولا تزيد أم يسوع كرامة .
    أما الإسلام المكبل بالطقوس المشلة للتفكير الخرافى فإنه لم يتعرض فى تاريخه الحديث إلى أى محاولة جدية لتطهيره من الطقوس المعطلة للنشاط الإنسانى : تبذير ملايين المواشى فى الحج و عيد الأضحى كل عام ، ارتباك الإنتاج فى شهر رمضان ( 100 مليون ساعة عمل خسارة فى مصر 1968 حسب الأهرام ) وازدياد استهلاك الطبقات المالكة و خراب الموازنات العائلية .
    المتواضعة ، تفاقم أمراض المعدة و السل خاصة فى الريف الفقير و الأحياء العمالية و مخيمات اللاجئين . هذا فضلاً عن الطقوس البربرية فى بعض المناسبات الدينية و التبذير المخيف على قبور الأولياء و مزاراتهم ... صحيح أن قطاعاً من سكان المدن خفف من الصيام فى المشرق و الصلاة فى المغرب . لكن سلطان هذه الطقوس ما زال مع ذلك ينيخ بكلكية على ملكه النقد و الإبداع عند أوسع الجماهير بما فيها ذلك القطاع نفسه .

    وما زال قوة مرسخة لتقاليد الإنضباط أمام طغيان عناصر الطبيعة الغاشمة ( صلاة الإستسقاء ، صلاة الخسوف و الكسوف إلخ ) .
    و طغيان حكام الطبقات الغاشمة ( صلاة اللطيف فى المغرب مثلاً ) .
    الإستسلام للقضاء و القدر ، للكوارث و للطغاة كان و ما يزال يجد فى أعماق الوجدان الذى صاغه الإسلام استقبالاً بدون اعتراض .
    بل أن الاعتراض يصبح ضرباً من الأثم و الكفران .
    فعندما أعلن الخليفة المنصور أمام ألوف الحجيج : " أيها الناس أن الله ملكنى رقابكم و أموالكم فإن شئت قبضت وإن شئت بسطت " صاحت الجموع المروضة دينياً ... الله ..الله يا امير المؤمنين و عندما أعلن عبد الناصر بعد المنصور باثنى عشر قرناً ، لتبرير هزيمة 67 : " لا يعفى حذر من قدرة " تنفس 99 بالمئة من سامعيه ، والأمة العربية كلها كانت تستمع ، الصعداء و أحسوا بعزاء مريح يضمد مشاعرهم الجريحة .
    لا شك أن الحديث قد حرك بطريق التدامى فوجاً من الأحاديث و الأيات و الامثال المماثلة : وما اصابنا من مصيبة إلا بإذن الله ... وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم و أنتم لا تعلمون . وإنما يبلوا الله عباده الصابرين ... و المكتوب على الجبين تراه العين ... ليس من الضرورى أن تتحرك شفاه الجميع بهذه الأحاديث و الأيات و الأمثال ، إنها جاثمة على عقولهم ، ، إنها هناك فى الأعماق دركى داخلى يعلى عليهم ، عن وعى أو بدونه ، ردود فعلهم فى اللحظات الصعبة خاصة .

    ما زال تراثنا بمناى عن أى تصفية حساب تاريخية مماثلة لمسلسل التصفيات ، التى نزلت بالتراث المسيحى :
    الإصلاح فى القرن 16 ع ، مادية القرن 18 ع لكن أكثرها حسماً اثنتان: الأولى عندما شنقت البورجوازية الصاعدة مع ملوكها تراثها . و الثانية عندما صفت الثورات البيروقراطية ، البديل التاريخى للبورجوازية ، فى شرقى أوربا المسيحية ، فى آسيا الإسلامية ، وفى الشرق البوذى تراث الطبقات السابقة عنها .
    أما " توراتنا الفوقية ، العسكرية فإنها لم تزل تحرق البخور لمزابل تراثنا الذى لم توجه إليه سبابة الإتهام منذ تسعة قرون على الأقل : منذ إندحار الإسماعيلية الثورية !
    المناخ النقدى إزاء الثراث الذى أوجدته الإسماعيلية - كما سنرى - تلاشى . بل حتى العقلانية الإنتقائية ( التوفيق بين الفلسفة و الدين ) والمحتشمة التى نشرها المعتزلة أصبحت مستنكرة فى المجتمع العربى المعطل blequee تاريخياً و المصاب بتأخر مثلث : تأخر و سائل الإنتاج ، تأخر نمو الطبقات على النمط الغربى المتضمن بدوره لتأخر الصراع الطبقى محرك التاريخ ، و تأخر الثورة - و بالتالى -، الثورة تنسف نسفاً الأوضاع السابقة عنها .

    أى من مسلسل الثورات العربية على النبى ما قبل الرأسمالية لم تفجر مجتمعنا المعطل .
    وعندما انفجرت فيه لم تفجره لأنها كانت فوقية (مصر ) و تعبيراً عن طبقات مصابة بكساح نوعى مزمن .
    الثورة البرحوازية الحقيقية الوحيدة التى عرفناها كانت الإستعمار . ولكن لم نعرفها إلا كثورة مضادة :
    شوهت الصراع الطبقى مرتين : مرة بحرفة عن مساره الطبيعى : طبقة ضد طبقة ، برنامج ، ليصبح صراعاً دينياً - قومياً ضد الأجنبى - الكافر . وهذا ما جعل البروليتاريا العربية المحدودة عدداً و عدة تعيش انتصارات القيادات البورجوازية كانتصارات لها ( تونس ، مصر ، الجزائر ، المغرب ) و بالتالى دورها النوعى .
    ومرة ثانية بتنميته ، لابد من التناقضات الإجتماعية : ظالم - مظلوم ، للتناقضات العرقية عرب - بربر ( الجزائر ، المغرب ) الإقليمية ، و الطائفية فى المشرق - جعلتنا ، خاصة بواسطة البترول و نهب المواد الخام عموماً نعرف الرأسمالية . لاكسيادة للإنتاج البضاعى بل كسيادة للتبادل البضاعى ، جعلنا الإستعمار سوقاً .
    فعل الإستعمار كل شئ ليبقى على الطابع البلى archaique للحياة العربية جيث تتجاوز كل أنماط الإنتاج القديمة و تتعايش، فيما يشبه تنكيد الضرائر لا صراع الأضداد ، جميع الأديولوجيات التى تناسب معها . فى ظل هذا الإستعمار و حمايته لهذه البنى المشلولة و الأديولوجيات المشلة لعب الدين دوراً مرموقاً فى ترسيخ التأخر المثلث وفى تخليف وعى الإنسان العربى و شروط حياته معاً .
    انزل بنا ردة حضارية ممرة : الغزو الإستعمارى للعالم العربى لم يعد لذاكرة الجماهير ذكريات الحروب الصليبية فقط بل هو نفسه كان صليبياً و كان يتظاهر بذلك .
    وعندما احتل الفرنسيون سوريا حياً ( اوركل ) جنرال فرنسى قبر صلاح الدين قائلاً : ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين
    وليس بدون مدلول كون هذه الحادثة متداولة على السنة العامة حتى فى المغرب العربى . لقد سمعتها عشرات المرات قبل أن اقراها . وعندما احتلوا الجزائر هدموا أو حوالوا إلى كنائس 2000 مسجد من بينهما المسجد الأكبر فى العاصمة - كتشاوه وبعد الإستقلال حول جديد من ابرشية إلى مسجد .
    وعاشت الرجعية الجزائرية عاماً كاملاً من على نبش تاريخه حتى أكثر تفاصيله تفاهة .
    وعلى تلقين الجماهير بأن الإستعمار لم يكن مشروعاً للنهب الإقتصادى كما يقول الماركسيون . بل كان مشروعاً لنهب مساجد الإسلام و تقويض اركانه ...
    أمام الإستعمار " الذى وجد فى المسيحية ... تتمته الأكثر ملاءمة " (ماركس) لاذت الجماهير الشعبية العزلاء من كل سلاح للمقاومة الجدية بالتقوقع فى تقاليدها الدينية - القومية البالية .
    تقريباً نفس ردود فعل رعاة جبال الألب فى القرن 12ع على غزو الإقطاعية لهم فى عقر دارهم لتدمير نمط حياتهم البطريقى .
    فى هذا الوضع أصبح نقد الإسلام أو حتى نقد أقل طقوسه شأتاً مرادفً لنقد المشاعر الشعبية ، لنقد الشكل الجوهرى لقوميتها و تقويض السلاح الوحيد الذى كان بيد القوى المحلية فى دفاعها ضد الهمجية البورجوازية على هجميتها التقليدية .
    أسوأ من ذلك بات نقد الإسلام مرادفاً للخيانة الوطنية و التواطؤ مع المستعمر الكافر .
    كما أن نقد تخلف اللغة العربية ( رسما ، نحواً أو مصطلحات ) أصبح يعنى الإنتقاص من لغة القرآن ، يجريدها من اصالتها و مؤامرة على سلاح صمود الشخصية الإسلامية - العربية فى وجه الإبتلاع الغربى .
    أصبح التحريض بالصراع الطبقى فى المجتمع العربى ، حيث فى الواقع لم يكن له إلا مجال هامشى ، موصوماً بكونه تصديعاً لوحدة الأمة بمفهومه الإسلامى : يشد بعضها البعض كالبنيان المرصوص . هكذا أصيب الفكر النقدى العربى ازاء التراث الدينى القومى بردة حضارية شاملة عادت به إلى مواقع كان قد تخطاها منذ زمان بعيد بالمعتزلة ، باخوان الصفاء ، بالفلاسفة العقلانيين و الملحدين و بالأيدلوجيا الأسماعلية الثورية .

    انتصر الدين على الفلسفة فى العالم العربى مرتين : الأولى تحت الحكم السلجوقي و الثانية تحت الحكم الأوربى الإستعمارى حيث ولد شعار الإصالة " العودة إلى المنبع" ، إلى السلف الصالح هذا الشعار الذى رأى الفكر الثورة الأممى نفياً له ، عود بشكل آخر للصلبية الأوربية و مؤامرة لقتلاع الأمة العربية من جذورها . لم تواهج الشيوعية العربية هذا الوضع و مضاعفاته بالكشف عن أسبابه علناً أمام الجماهير لكى تساعدها على تحرير

    وعيها النقدى من استلابه الدينى - القومى ، لكى تساعدها بقوة المثل بممارستها النظرية - العلمية الثورية على الإهتداء إلى سلاح فعال للمقاومة الإيجابية للإستعمار بدلاً من سلاح المقاومة السلبية العاجزة و المنطوية على نفسها و ماضيها . لا فقط لم تعرف كيف تواجه مشكلة قومية أو إجتماعية من مشاكل المجتمع العربى . والأسوأ أنها حاولت هى الأخرى ، بانتقائية و ديماغوجية ، استخدام نفس السلاح لكنها مع ذلك بل بسبب ذلك لم تكسب إليها أى قطاع هام من الجماهير التى شمت بحاستها السادسة رائحة الإنتهازية .
    وصلت بها الإنتهازية إلى حد إنكار . رغم الوقائع اليومية العنيدة . أن يكون للدين عندنا نفس الوظيفة التى اداها فى أوروبا ما قبل اقتصاد الإستهلاك .
    وظيفة التخدير : " نعم أن الشقاء و الألم هما قدر الإننسان " ( الباباليون ، القرن 13ع ) . تماماً كما " لايعفى حذر من قدر". "و الفقر مفتاح الجنة " . أو ،الكلمة هذه المرة لجلاد كومونة بالريس تيير : " أريد أن أجعل تأثير رجال الدين كلى الجبروت . لأنى اعتمد عليهم لترويج تلك الفلسفة الجيدة التى تعلم الإنسان بأنه وجد فى هذه الدنيا الفانية ليشقى ، لا تلك الفلسفة الأخرى التى تقول له بالعكس : تمتع بالحياة " .
    وباختصار كانت وظيفة الدين فى أوروبا وهى اليوم عندنا مناهضة الثورة . وفى هذا المعنى حدد معن أبو نوار ، رئيس شعبة التوجيه المعنوى فى جيش عمان الوظيفة التى اداها القرآن و الإنجيل فى تنفيذ مجزرة عمان بنجاح "لقد طبعنا ....،60 نسخة من القرآن ووزعناها على جميع الجنود المسلمين . وقريباً جداً نأمل أن نوزع نسخاً من الإنجيل على جميع الجنود المسحيين .
    أصبح كل جندى الآن يضع هويته فى جيب و يضع القرآن فى الجيب الأخر . لقد عملنا القرآن بحجم الجيب بحيث يمكن حمله مثلما يحمل الماركسيون الكتاب الأحمر .
    اعتقد أن الجيش محصن فى وجه الماركسية الآن . وعلى استعداد لقتال الفدائين .
    أن ماركسيينا و الماركسيين الإسرائيليين التقوا معاً يقولون أنهم يريدون أقامة دولة ديمقراطية علمانية ، حيث ستتعايش فى سلام الديانات الثلاث .
    من المحزن جداً أن يكون الماركسيون العرب و الإسرائيليون هم الذين التقوا و لسنا نحن المحافظين عرباً و إسرائيليين .
    اعتقد اننا فى غضون 30أو40 عاماً سنقاتل نحن و الإسرائليين معاًُ الماركسيين ".

    ليس هذا الإستخدام للدين مصادفة عارضة . بل انه استراتيجية طبقية مدروسة : سيطرة الإقلية على الأكثرية لن تدوم إلا إذا قبلت بها الأكثرية نسبياً ، إلا إذا استسلمت لها كقدر مقدور ، إلا القمع داخلياً و البوليس مرابطاً فى رؤوس الناس الذين لا سلطان لهم على حياتهم لكى يمنعهم من وعى ذلك و ضرورة الثورة علية . أن الدين ما زال عندنا اداة فعالة لتحقيق استبطان القمع .
    التعايش السلمى المعلن بين الشيوعية العربية و الدين يعكس تعايشها السلمى مع الأنظمة البروقراطية - الأتوقراطية و هدنتها المفتوحة مع الأنظمة التقليدية . لقد تخلت نهائياً عن هدف قلب الأنظمة البيروقراطية بل تخلت حتى عن وسيلة نقدها ، ويعكس بالتالى تخليها -فى الواقع تخلت حتى قبل أن تشرع - عن صراع الطبقات لصالح تصالح الطبقات الذى هو جوهر الأيدلوجية البونابارتية العربية ( الناصرية ، البورقيبية إلخ . ) التى تعرف فيها عجز الستاللينية العلابية عما كان يطمح عبثاً فى تحقيقه هذا التعايش ليس إلا تعبيراً عن اندماجها فى الأوضاع الراهنة .
    كانت القيادات الشيوعية العربية ستضع هذه الأوضاع المتعفنة لو لم تكن هى نفسها من صنعها . لذا فان الحرب القادمة على أوضاعنا الراهنة ، والتى تستمد بقاءها من الإحتفاظ بكل العاهات حتى باتت هى نفسها العاهات تجسدت أوضاعاً ، أما أن تكون حرية شاملة عليها وعلى فضلاتها أو لا تكون .
    صراع الطبقات فى العصر العباسى
    الثورة هى الذكرى و الذاكرة الأعمق لشعب من الشعوب . ذاكرة ثورتنا القادمة التى سيكون عليها أن تحل ، بعصاهاغير السحرية : سلطة المجالس الشيوعية ، جميع التناقضات المتراكمة و المزمنة ، وأن تطيح فى وقت واحد بالإستبداد دون أن تسقط فى الليبرالية ، وأن تقضى على التخلف دون أن تسقط فى عبادة اقتصاد الإنتاج و ديكتاتورية الإستهلاك ، يجب أن تكون ذكرى ثورات الجماهير العربية و الأعجمية التى ناطحت سماء الطغاة ارباباً ، أفراداً و طبقات أكثر بكثير مما تجرأ عليه أجراً الشعوب فى القرون الوسطى و قاومت تسلط الإسلام على العقول وتسلط أصحاب اللإقطاعات على الأرض .
    عندما تعود البروليتاريا العربية الحديثة إلى تاريخ أسلافها الثوريين فلن تريد وما ينبغى لها ، التعرف على مطالبها النوعية الأكثر تبلوراً ، راديكالية و شمولاً فى مطالبهم المحدودة بحدود وعيهم و حدود عصرهم . بل لتذكر نفسها بأن أسباب ثورتهم على الدولة و دينها و استغلالها و طغيانها ما زالت حاضرة ، رغم اختلاف الشروط التاريخية ، فى ثورتها القادمة التى يجب أن تكون تحقيقاً لمشروع الإنسان الكامل الذى لن يقبل بديلاً عن إمتلاك العالم و الزمن للإستمتاع بالحياة المتحررة .
    ما كان عند الأسلاف طموحاً سديمياً يجب أن يصبح اليوم عند البروليتاريا مشروعاً واعياً . و لقاء المشروع الثورى الراهن بذاكرته القرمطية ، البدالية سيتم حتماً على أساس تطهيرها من بقايا استلابها الدينى . ذاكرة جماهيرنا المظلومة التى تغير سيادتها و لم تتغير شروط حياتها هى بالأخص الأيديولوجيا الثورية للشعبية الإسماعلية و انتفاضاتها المتعاقبة فى العصر العباسى .
    رافق إنتقال السلطة من الأرستوقراطية العربية ( القيسية و اليمنية ) التى سادت على الإمبراطورية الأموية إلى الأرستوقراطية ( العربية ، الفارسية و التركية ) التى سادت على الأمبراطورية العباسية ، انتقال المجتمع الإسلامى من مجنمع عشائرى عسكرى يغلب فيه نمط الإنتاج الزراعى ولا تلعب فيه الصناعة و التجارة إلا درواً هامشياُ إلى مجتمع تعدى عرفياُ و فكرياُ تغلب فيه التجارة و التبادل البضاعى و مستقطب بين طبقتين " طبقة الخاصة التى تملك المال و الوقت الذى تبذره فى الجنس و اللهو و القنص و طبقة العامة التى يملكها الحرمان الشامل و السخرة .
    طبقة الخاصة نعنى بها مجموع مراتب الأرستوقراطية السائدة و الفئات المستغلة المرتبطة بها فى العصر العباسى: 1- البيروقراطية و تتكون من : الخليفة ، الرئيس الزمن و الروحى للدولة وهو لا يسأل عما يفعل ، الوزير ، الوسيط بين الخليفة و مراتب البيروقراطية الأدنى ، القاضى ، القيم على تطبيق الشريعة و القضاء بين الناس ، حاشية البلاط وموظفوه ( الجلادون ، الخدم المنجمون ) قواد الجيش ، العمال ، ممثلو الخليفة فى الولايات ، ضباط الشرطة ، المسؤولون عن الأمن داخل المدن ، و الجباة و السجانون ، وموظفو ديوان الإنشاء .
    2- أصحاب الإقطاعات ، المالكون المقاريون الكبار الذين أستولوا على أراضى الفلاحين بواسطة الالجاء .
    3- التجار ، وهم فئة واسعة ، غنية و متداخلة مع المالكين العقاريين إذ أن قطاعاً واسعاً منهم كان يوظف رؤوس أمواله فى تمللك الأراضى .
    4- الإنتليجانسيا و تضم الأطباء ، الكتاب ، المغنون الشعراء - شعراء كانوا دائماً فيما ندر شعراء دولة ! - المترجمون ، فقد كان المنصور مثلاً يدفع لحنين المترجم 250 دينار شهرياً ووزن الكتاب الذى يترجمه ذهباً .
    5- رجال الدين أو العلماء كما كانوا يسمون عهد.

    وهم خمس مراتب أساسية :
    1- القضاة .
    2- الأئمة ، وقد لعبوا دور الإذاعة اليوم فى تطويع الرعية للخليفة الذى يضعون الولاء له بمنزله الإيمان .
    3- الفقهاء الذين كانوا قادة الرأى ، موجهى أفكار الناس و مفبركى الأحكام و الإجتهادات لمن يحتاجها من رجال السلطات او من التجار . و كانت لهم هيبة روحية فى نفوس الناس : " أين لذة الملوك من لذة ما نحن فيه . لو فطنوا لقاتلونا عليه " (أبو حنيفة ) .
    4- المحدثون ، ومهمتهم ، إلا القليلون ، اختلاق الأحاديث لتبرير نزوات الحكام أو مطالب هذا أو ذاك من الأحزاب المتنافسة و يبدو أن كل حزب كان له محدثوه .
    5- الوعاظ ، الذين كانوا يدخلون على الخلفاء ليعظوهم معطين لأنفسهم ولهم الشعور براحة الضمير . يشبه دورهم دور كاهن الاعتراف فى المسيحية .

    كان رجال الدين حجر الزاوية لسلطة الأتوقراطية الخلافية . بدون فتاويهم و دسائسهم لم يكن الخلفاء بقادرين ، بكل تلك السهولة ، على تصفية المعارضة بتهمة المروق عن الدين ، ونادراً ما أقدم خليفة على دق عنق معارض دينى أو سياسى قبل الحصول على فتوى شفوية أو كتابية من واحد أو أكثر من العلماء المشهورين فى عهده . غالبية رجال الين كانوا متداخلين مع الدولة الجائرة ، إلا قلة من الفقراء و الأتقياء منهم كانت تشكل المعارض السلبية لهم و للدولة . مضمون معارضتها : الإحتجاج على مداخلة رجال الدين للسلطات الجائر ( الدولة ) . وأعتقد أن الأحاديث الموضوعة .
    ما فى ذلك شك ، للتنديد يتواطؤ رجال الدين و رجال الدولة على حساب الشعب هى من وضع هذه المعارضة و عامة الشعب . مثل : " صنفان من أمتى إذا صلحا صلحت الأمة و إذا فسدا فسدت السلطات و العلماء " و " هلاك أمتى : عالم فاجر و عابد جاهل " .
    قويت هذه المعارضة الدينية الشعبية فى القرن الثالث حيث كان تواطؤ رجال الدين و البلاط ضد ثورات العامة جلياً إلى درجة أن الفقيه أبو بكر الأجرى تجاسر على تأليف كتابه " اخلاق العلماء و أدابهم الذى ضمنه مقارنة لاذغة بين علماء السلف الذين لم يتقربوا من السلطات لأن " السلطات من لا يعرف السلطان عندهم .
    و الذين يرون الجهاد " كلمة حق تقال فى وجه سلطان جائر و بين علماء عصره ، " الفسقة ، الفجرة " الذين " يداخلون السلطات الجائر " و " يحتقرون ما دونه من العباد ".

    وفى كلمات نارية شهر بحبهم للدنيا و اقبالهم على المال و الشهرة و حرصهم على مجالسة الملوك وإدارة ظهرهم للدين ... مستشداً بعشرات الأحاديث ، التى أسهم هو نفسه فى وضعها ، و التى تحرض العامة على رجال الدين و السلطات ، مثل : " يكون عليكم أمراء تعرفون منهم و تنكرون ، فمن أنكر فقد برئ ، ومن كره فقد سلم .لكن من رضى و تابع فأبعده الله " .
    فى القرن الخامس صنف أبن عبد البر القرطبى كتابة : جامع بيان العلم و فضله . أغنى فيه بوقائع عصره و ثيقة اتهام الأجرى لعلماء القرن الثالث ، قائلاً : " لم يزل الفساد متزايداً على ما ذكرنا أضعافاً . فلا حول ولا قوة إلا بالله ".
    فى الإمبراطورية الأموية كان الفرز الأساسى عنصرياً : بين العرب و الموالى . فأصبح فى الإمبراطورية العباسية أجتماعياً : بين الأرستوقراطية و العامة . و بين ذوى السلطات و الدين لا سلطان لهم على استخدام حياتهم . فى العهد الجديد نما التنظيم الإدارى . التجارى . الزراعى و الصناعى نمواً ضخماً . غدت بغداد مركز التجارة التجارية العالمية توريداً و تصديراً . أصبحت الدولة المركزية . المراتبية و المنظمة أداة نهب داخلى و خارجى لم يسبق له مثيل . فقد بلغ دخل الدولة السنوى فى عهد الرشيد . على حد تقييم أبن خلدون ، 70 مليوناً و 150 ألف دينار . هى موازنة ضخمة بالمقارنة مع موازنات الدولة القديمة .

    مصادرة هذه الموازنة : الخراج على الأرض ، الجزية المفروضة على أهل الذمة و الشعوب المقهورة ، الضرائب المفروضة على أهل الصناعات و الحرف و الزكاة ....
    لم يعد الخليفة ، كما كان فى العهد الأموى ، مجرد شيخ قبيلة مهيب " بدون وزير طقوس يستقبل الناس و يجلس للفصل فى المظالم بين العامة ، بل تحول إلى أمبراطور تبنى تقاليد البلاط الفارسى و الرومى من إتخاذ الوزير إلى الإحتجاب عن الناس . بتعقد مراتب السلطة ازداد اضطهاد عامة الشعب . لكن الإضطهاد لم يكن فى الواقع ، مقصوراً عليه بل كان معمماً و مراتبياً : تمارسه بدون ضابط المرتبة العليا ضد المرتبة الأدنى : الخليفة يصادر أملاك الوزير . و الوزير يصادر أملاك مرؤسيه .
    و العمال ( الولادة ) يصادرون أملاك الأغنياء و حياة الفقراء . لقد كان ديوان المصادرة سيفاً على أعناق الجميع بما فى ذلك الخلفاء أنفسهم على عهد استبداد قادة الجيش الأتراك بالسلطة .
    هذا الديوان مشاهد إثبات آخر على الدور المضاد للتقدم التاريخى الذى لعبه وما يزال الإستبداد الشرقى : تحكم الفرد الحاكم فى المراتب البيروقراطية و تحكم هذه الأخيرة فى الطبقة .
    من هنا أسبقية الدولة ظهوراً وأهمية على الطبقة و بالتالى إستقلالها عنها و حكمها فيها .. عكس المسار العام لبروتسيس التاريخ الغربى .
    فى لايونان كانت السلطة تعبيراً عن رأى السادة الذين يختارون قيادتهم من بينهم .
    أما دولة الإستبداد الشرقى فهى مغلقة عن كل ديمقراطية و حوار .
    السلطة فيها لا تنبع عن مجلس شيوخ ، أو مجمع كرادلة إو برلمان بل من حد السيف و من ثورات القصور . الخلفية هو الذى يختار ولى عهده على هواه ، لا حسب تقليد مرعى يشجع على الإستقرار و يقصد حروب الأسر ، يأخذ له البيعة الأسمية من حاشيته ، قواد جيشه و رجال دينه بمحضر السيف و النطع و الجلاد !
    السلطة عبر التاريخ العربى كله كانت _ وما زالت - دائماً فوق القانون ، سواء كان قانوناً و ضعها هى نفسها ، أو قرآناً ولم ينجح كفاح المعارضات القديمة و الحديثة لكى يصبح القانون فوق السلطة !
    لم يكن مثل هذا النظام الإستبدادى الفردى يساعد على تشكيل طبقة سائدة متماسكة تغلب مصالحها الشاملة على المصالح الفئوية لهذا أو ذاك من اجنحتها أو افرادها ، وكل إنتعاش لطبقة اجتماعية ، مثل انتعاش التجار و ملاك الأرض فى العصر العباسى الأول ، إنما هو إنتعاش ظرفى على رحمة نزوة من نزوات الخليفة التى لا يستطيع أحد أن يتنبأ بها أو يتعرض عليها ( نكبة البرامكة مثلاً ).
    فى ظل الإستقرار النسبى الذى تميز به عهدً الرشيد و المأمون تكونت طبقة من التجار نملك الأموال الطائلة ، وقد بلغت ثروات لبعض الملايين و ظهرت فئة رأسمالية نشطة ، وكونوا أنواعاً من الشركات مثل شركة الضمان ( تشبه شركة المساهمة ) و شركة المفاوضة ( حيث تبقى رؤوس الأموال مستقلة ) ، وشركة الوجوه ، وتكون الإختصاص بين التجار"
    فعلاً تنوعت التجارة و تخصصت أى أن تقسيم لعمل فيها بلغ درجة علياً . فقد كانت واردات بغداد متنوعة جداً ، من الصين : البورسلين ، الحرير و المسك . من الهند وجزر الملايا : البهارات ، العطور ، الأصبغة المعادن ، العمل الشمع و الفرو . و من السويد و روسيا : العبيد البيض للأستمتاع الجنسي . من افريقيا : العاج الذهب و العبيد السود للأستعمال المنزلى و الزراعى .

    نشطت الصناعات ، تنوعت و تخصصت هى الأخرى : صناعة الأقمشة ، المرايا المعدنية ، الورق ، الجواهر الحلى ، صناعة الساعات ، تجليد الكتب ، صناعة العطور ، النسيج و الحرير خاصة فى الكوفة .
    قامت القصور فى بغداد التى كانت على عهد الرشيد تعد مليونى ساكن ، نفس عدد سكان باريس فى 1871 . أحتلت أرستوقراطية الدم المال حى الرصافة . غدت بغداد مدينة الملاهى حقاً التى ينفق فيها الخلفاء ، الوزراء ، الأغنياء و الأدباء فائض وقتهم فى الأفراح المستمرة ، بينما سواد الشعب الذى لا مال ولا وقت _ بالتالى - لديه غارق فى الأتراح المستمرة . هب رجال الدين يفتون للأرستوقراطية و الخليفة بشرب أصناف من الخمور ( الجعة ، الطلاء ، نبيذ التمر) و يتحايلون على الشريعة لتسهيل المعاملات الربوية استجابة لرغبة التجار . وبعض رجال الدين أنفسهم كانوا تجار !

    لم تكن بغداد باذخة و حسب بل كانت مبذرة : الرشيد ينفق على طعامه 10 الآف درهم يومياً . ويومياً يعد له الطهاة 30 صنفاً من الطعام السعودى . وعند زفافة بزبيدة كان يهب الناس أوانى الذهب مملوءة فضة وأوانى الفضة مملؤة ذهباً . وغالى فى تزيينها بالحلى عجزت عن المشى لكثرة ما كان عليها من الجواهر . كان البيروقراطيون و الأغنياء على دين خليفتهم فانتشر التبذير بينهم ، وقويت شهيتهم للنهب . كان هذا التبذير استفزاز غير حكيم لبؤس الجماهير الكادحة فى المدن التى كانت على حافة المجاعة : أجرة عامل البناء ثلث درهم فى اليوم . بينما أجرة الجندي درهم . ودخل القاضى 8 دنانير يومياً . أما عن بؤس العاطلين و الفئات الهامشية كالشطار و العيارين ، التى افرزتها هجرة الريفيين إلى المدن و اختلال التوازن بين عدد السكان و إمكانيات الإستخدام ، فحدث ولا حرج ! ظل الريف بطريقياً ، بدوياً و فقيراً .

    و القصة المروية فى الأغانى دلالة ، فقد شهد الشاعر البدوى : ناهض بن شولة عرساً بمدينة حلب فأصيب بالجنون لما هاله من ألوان الطعام و الملابس و الات الغناء و مظاهر البذخ الفارسى .
    كان وضع طبقة العوام : الموالى ، العبيد ، عمال الزراعة ، الفلاحين ، العمال ( الفعلة ) ، أهل الصناعات و الحرف و جماهير البدو ، لا يطاق . مع ذلك فقد كانت هدفاً للنهب الهمجى : نهب الحكومة المركزية و ممثليها فى الولايات . ولعل إتهام الرشيد . لعامله على الشام عندما ادخل عليه مكبلاً بالأغلال ، أبلغ من الإستشهادات و الإحصاءات التقريبية : " أوليتك دمشق وهى جنة بها غدر تتكفاً أمواجهاً على رياض كالزرابى ، واردة منها كفاية المؤن إلى بيوت أموالى ، فما برح بك التعـدى (...) حتى جعلتها أجرد من الصخر وأوحش من الفقر " ( المسعودى) و عندما صادر نفس الرشيد أموال عامله بخرسان ، على بن عيسى ، حملت إليه على 1500 يعبر ، نهيت من عرق الناس وخبزهم اليومى .
    من البديهى أن التغيرات فى المجتمع العباسى لم تكن اقتصادية و حسب بل كانت انقلاباً شاملاً على جميع الأصعـدة : الأقتصادية ، السياسية ، العرقية والأديولوجية . التعدد العرقى و الإجتماعى كان يتطلب تعدداً فكرياً و سياسياً : هكذا فتح هذا المجتمع التجارى نوافذه لكل الرياح . خاصة لرياح الفلسفة اليونانية التى حاول المستنيرون من المفكرين المسلمين عقلنه الإسلام بها : التوفيق بين النقل و العقل ، بين الفكر الأرستوطاليسى و الشريعة المحمدية . و من الذين أضطلعوا بهذه المهمة المعتزلة . و المعتزلة هم التركيب الذى أعطاه لقاء نهوض البورجوازية التجارية بالفكر اليونانى . فالأنسان ، فى تحليلهم ، خالق أفعاله كما أن التاجر خالق ثروته . والله هو مبدع قوانين الكون العامة أما الشؤون الصغيرة ، الطبيقات الأرضية فقد تركها لعناية الحرية الإنسانية . تماماً على صورة الملك الدستورى الذى كانوا يحلمون به قبل أن تنزل على رقابهم سيوف المتوكل . كان الباب أيضاً مفتوحاً أو موارياً أمام تأثير الديانات و الهرطقات الغارسية الوثنية و غيرها التى قهرها الإسلام كما قهر شعوبهاً .

    فلا عجب اذن أن تكون جميع المدارس ، الفرق و الهراطقات الثورية و الرجعية التى شكلت العمود الفقرى للحضارة العربية ، ظهرت أو تحددت ملامحها واختياراتها فى مناخ الصراع الإجتماعى المحتدم على الصعيدين السياسي و الأيديولوجى لهذا العصر الذى تمكن مقارنته ، مع حفظ الفوارق ، بمصر الأنوار فى القرن 18ع ففيه بدأ الصراع الطبقى يتمتم باسمه . وفيه ولد شرعت فى الصراخ باسم صراعها الطبقى فى حلوان و الدار البيضاء وقريباً فى كل مكان . لامر ما أنطلقت معظم الهرطقات و الحركات الثورية فى العصر العباسى من الكوفة ، باريس القرن 19ع لقد كان الفرز و الصراع الطبقى فيها واضحين : الزراع الكبار ، التجار ، البيروقراطية ورجال الدين فى قطب . وفى القطب الآخر لفيف العامة من الموالى إلى الزنج مروراً بالعمال و الشطار و الفلاحين وهم إجراء لاملكية لهم أو أقنان محرمون حتى من الحرية الشخصية .
    " كان فى الكوفة أقلية تملك الأرض الواسعة . وكان المالكون عرب و غير عرب . وكان الفلاحون خليطاً من فرس و انباط و عرب لذا كان طبيعياً أن يكون الإنقسام فيها على أساس اقتصادى . كما أن الكوفة مركز تجارى ، لوقوعها على طريق الحج ، كما أنها مركز صناعات مهمة كصناعات العطور و النسيج ، مما كون فيها طبقة صغيرة لرية من أرستوقراطية التجار و أصحاب المعامل ، إضافة إلى أرستوقراطية الزراع ، فكان تذمر الفلاحين و العمال قوياً . ثم أن الكوفة مركز ثقافى هام أنتشرت فيه الفلسفة اليونانية و حركت الزندقة بين المثقفين فوسعت الشكوك بينهم و زعزعت ارائهم الدينية الإسلامية " . ( ع . الدورى ) .
    فى هذا المجتمع المستقطب خلت التقاليد البطريقية ، الدينية و القومية التى كانت تطمس الصراع الطبقى مكانها للتبادل البضاعى و الصراع الإجتماعى .
    لم يعد معيار الصلاح هو التقوى كما كانت فى عهد محمد و خلفائه : أبو بكر ، عمر وعلى . ولم يعد الدم العربى كما كان فى العهد الأموى بل أصبح أرستوقراطية المال و الدم ( التجار ...وآل العباس ): " بدلاً لكم من الكتاب و عمال و أعوان ، فاستعينوا بالأشراف و اياكم و سفلة الناس ، فإن النعمة على الإشراف أبقى وهى بهم أحسن ، و المعروف عندهم أشهر و الشكر منهم أكثر " ( من وصية يحى بن خالد البرمكي لبنية ) (السعودى ) . وأمام التخلى الفعلى الصريح للخلفاء و الأغنياء و معظم رجال الدين عن الدين ، فقد العزاء الدينى قوة ضبطه لجموع البائسين .
    وبدت سيطرة الخاصة الخامسة على العامة بدون قناع ، أصبحت بالتالى عرضة لنقد اللسان و نقد السلاح . تلك هى حال المجتمع الإسلامى فى نهاية القرن الثانى الذى فقد غطاءه الدينى لحاكمين و لجامة الدينى للمحكومين . فاختل توازن العام و تصاعد فيه الصراع بين الطبقات الظالمة و المظلومة .
    على امتداد القروون الثالث ، الرابع و الخامس ، انفجر هذا الصراع حروباً أهلية مختلفة هدفاً سياسياً و تركياً اجتماعياً عن الحروب الأهلية الشيعية و الخارجية التى دارت رحاها فى ظل الإمبراطورية الأموية و ضدها . لم يعد تنصيب آل على أو اتنخاب أمام كفء ( الخوارج ) هو الهدف الجوهرى المعلن للحرب الأهلية .
    بل الإستيلاء الجماعى على الأرض ، المساوة فى الثروة ، المساوة بين الرجل و المرأة ، إقامة حكومة الشورى (الديموقراطية ) ، عبادة العقل و التمتع بالحياة هى مضمون البرنامج الذى على شرط وضعه موضع التطبيق ، يأتى محكم الإمام ( الحزب الثورى ) اسماعلياً كان أم مستقلاً مثل صاحب الزنج . لم يعد الإمام الشيعى ، كما كان عند الأوائل ، انتساباً اسروياً إلى آل على بل أصبح ولاء فكرياً للإسماعلية الباطنية وإلتزاماً ببرنامج ثورتها : ملء الأرض عدلاً بعدما أمتلأت جوراً بعد الإطاحة بالدولة العباسية و دينها بالنسبة للراديكالين أو بتفسيره السنى بالنسبة للمعتدلين . من السخف و الإدعاء ، . كما فعل بعض العرب و المستشرقين ، بأن هذه الصراعات كانت دينية ، فوقية و مستقلة عن الطبقات الإجتماعية و مطالبها . بل أنها ، كما سنرى ، وكما لاحظ انجلز " حركات و لدت من أسباب اقتصادية رغم انها كانت تحمل قناعاً دينياً " أحياناً شفافاً جداً ، لأنها لم تكن قادرة على مواجهة عدوها بدونه . وفى امكاننا اليوم تحديد الفرقاء الطبقيين لمعظم الفرق و الهرطقات التى تصارعت فى ظل الدولة الإسلامية من محمد إلى عبد الناصر
                  

العنوان الكاتب Date
تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-10-03, 11:43 AM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين alsngaq08-10-03, 12:21 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-10-03, 01:02 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-10-03, 12:31 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-10-03, 03:09 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-10-03, 01:21 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين abuguta08-10-03, 01:55 PM
      Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-10-03, 04:18 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين nasiradin08-10-03, 01:48 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-10-03, 08:24 PM
      Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين nasiradin08-10-03, 08:42 PM
        Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-11-03, 08:59 AM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-10-03, 05:49 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين abuguta08-11-03, 08:31 AM
      Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-11-03, 04:18 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين alsngaq08-11-03, 09:57 AM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين خضر حسين08-11-03, 04:38 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-12-03, 03:24 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-11-03, 09:23 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين elsharief08-12-03, 03:05 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-12-03, 09:26 PM
      Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين elsharief08-16-03, 07:23 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-12-03, 04:53 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-12-03, 07:22 PM
  ود قاسم توما08-12-03, 11:45 PM
    Re: ود قاسم ودقاسم08-13-03, 01:09 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-13-03, 12:05 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين TahaElham08-13-03, 05:17 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-13-03, 05:47 PM
      Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-13-03, 06:29 PM
  Re: خلق القران TahaElham08-13-03, 05:43 PM
  Re: لماذا لم تكن الستينات فترة ازدهار للاسلام السياسي في السودان TahaElham08-13-03, 07:25 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-13-03, 07:38 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-14-03, 00:00 AM
    Re:ما بين الدين والماركسية TahaElham08-14-03, 07:29 AM
    Re:ما بين الدين والماركسية TahaElham08-14-03, 07:29 AM
      Re: Re:ما بين الدين والماركسية ودقاسم08-14-03, 10:12 AM
        Re: Re:ما بين الدين والماركسية Abdel Aati08-14-03, 04:49 PM
          Re: Re:ما بين الدين والماركسية ودقاسم08-14-03, 05:28 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين أحمد أمين08-14-03, 05:13 PM
  ما بين الماركسية و الدين TahaElham08-14-03, 06:46 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-14-03, 10:34 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين TahaElham08-15-03, 06:00 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين خضر حسين08-15-03, 08:29 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-15-03, 08:43 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين TahaElham08-15-03, 09:28 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين اسامة الخاتم08-16-03, 10:02 AM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-16-03, 10:45 AM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين abuguta08-16-03, 11:01 AM
      Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-16-03, 02:58 PM
  حتي لا نكون متناقضين مع ما نطرحه TahaElham08-16-03, 11:25 AM
    Re: حتي لا نكون متناقضين مع ما نطرحه Bakry Eljack08-16-03, 04:41 PM
    Re: حتي لا نكون متناقضين مع ما نطرحه bayan09-25-03, 02:37 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-16-03, 05:53 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-16-03, 08:44 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين elsharief08-17-03, 04:05 PM
  Re لماذا لا يكون التجديد بنفس اسلوب النبي (ص TahaElham08-17-03, 02:48 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-17-03, 03:59 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين سودانوبس08-17-03, 08:14 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين سودانوبس08-17-03, 08:14 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Haydar Badawi Sadig08-17-03, 09:52 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-18-03, 11:22 AM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Abdel Aati08-18-03, 03:07 PM
      Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Abdel Aati08-18-03, 03:10 PM
        Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Abdel Aati08-18-03, 03:17 PM
          Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين HOPELESS08-18-03, 04:05 PM
            Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين مهيرة08-18-03, 07:41 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين خضر حسين08-20-03, 08:24 AM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-21-03, 09:34 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين TahaElham08-22-03, 09:12 AM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين مهيرة08-24-03, 00:59 AM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين اسامة الخاتم08-23-03, 10:09 AM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Abdel Aati08-24-03, 01:28 AM
      Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Abdel Aati08-24-03, 01:34 AM
        Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Abdel Aati08-24-03, 01:36 AM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين elsharief08-24-03, 03:54 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-25-03, 01:51 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين elsharief09-15-03, 09:30 AM
  حول ضرورة تجديد فقه المرأة في الإسلام Yasir Elsharif08-25-03, 04:45 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين TahaElham08-25-03, 08:59 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين TahaElham08-25-03, 08:59 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين مهيرة09-06-03, 12:04 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-26-03, 12:04 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Haydar Badawi Sadig08-26-03, 04:53 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Yasir Elsharif08-27-03, 10:00 AM
  Reالعلاقة بين الرجل و المراة فبل الاسلام TahaElham08-27-03, 03:54 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-27-03, 05:29 PM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Haydar Badawi Sadig08-27-03, 08:11 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين TahaElham08-28-03, 08:03 AM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم08-28-03, 12:31 PM
  Re: تعدد الزوجات TahaElham08-29-03, 06:10 AM
    Re: تعدد الزوجات HOPELESS08-30-03, 05:16 AM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم09-03-03, 09:46 AM
    Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين Haydar Badawi Sadig09-03-03, 10:39 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم09-04-03, 09:42 AM
  ما ملكت أيمانكم Yasir Elsharif09-06-03, 12:34 PM
    Re: ما ملكت أيمانكم مهيرة09-06-03, 03:40 PM
      Re: ما ملكت أيمانكم Yasir Elsharif09-06-03, 08:08 PM
        Re: ما ملكت أيمانكم مهيرة09-06-03, 10:45 PM
          Re: ما ملكت أيمانكم Yasir Elsharif09-06-03, 11:53 PM
  Re: تجديد الفكر ، أم تجديد الدين ودقاسم09-06-03, 04:59 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de