اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 07:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-15-2007, 10:26 PM

محمدين محمد اسحق
<aمحمدين محمد اسحق
تاريخ التسجيل: 04-12-2005
مجموع المشاركات: 9813

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا (Re: Mahjob Abdalla)


    الاخوة الاعزاء
    جوك بيونق ..
    بريمة
    دينق
    محجوب عبد الله ..

    واصلوا و مستمتع بالمداخلات و الاستزادة ..و التاريخ زي ما قال الاخ نصر
    محتاج مذاكرة ..
    و في مقال حول الموضوع للاخ الدكتور شريكان نضعه للمزيد من الاطلاع ..

    ----------


    تجارة الرِّق: أشباح صامتة في جنازة الذاكرة

    العبوديَّة هي نوع من الأشغال الشاقة القسريَّة طوال الحياة للعبيد، حيث يعملون بالسخرة القهريَّة في الأعمال الشاقة والحروب، وكانت ملكيتهم تعود للشخوص الذين يستعبدونهم. وكانوا يباعون بأسواق النخاسة، أو يشترون في تجارة الرقيق بعد اختطافهم من مواطنهم أو يهدي بهم مالكوهم. وممارسة العبوديَّة ترجع لأزمان ما قبل التأريخ عندما تطوَّرت الزراعة بشكل متنام، فكانت الحاجة ماسة للأيدي العاملة، فلجأت المجتمعات البدائيَّة للعبيد لتأدية أعمال تخصصيَّة بها. فالعبوديَّة إذن شر لا يمكن الدفاع عنه مهما كانت دواعي استخدامها لما فيها من إهانة لكرامة الإنسان وتدنيس لآدميَّته. بيد أنَّه بهذه العقليَّة اللاعقلانيَّة حاول حسن مكي أن يجد المعاذير – بمنطق مأزوم عليل مقعد بالكراهيَّة ضد الأغيار – لتجار الرق في أفريقيا في القرن التاسع عشر الميلادي، حيث نعتهم ب"الرحالة والتجار العرب". فقد حان الوقت لإبراز الحقائق وسط طوفان المبالغات والترهات "المكيَّة" التي ما أنزل الله بها من سلطان، وتحرير الشخصيَّة السُّودانيَّة من اسقاطات حسن مكي وتأويلاته العنصريَّة؛ لذلك جادلنا في هذا ما وسعنا الجدال في سفر نُشِر لنا العام 2006م بلندن.(95) وتبدو هذه النزعة العرقيَّة غير العقلانيَّة القاسية والوقائع المزيَّفة فيما يكتبها حسن مكي في الكتب المنشورة، ويتلفَّظها في المنابر العامة، وآيات ذلك خطيرة في منتهاها، لأنَّها تعمل في الأدمغة، وتنخر في العظام، وتنذر بعواقب وخيمة.
    بيد أنَّ حسن مكي قد عاد في موضع آخر وكتب: "أمَّا تجارة الرقيق في شرق أفريقيا والسُّودان وغيرها فلا علاقة لها بالثقافة الإسلاميَّة، وجاءت من منطلقات تجاريَّة من تجار وحوش خارجين على دينهم وعلى الإنسانيَّة." وهو – أي حسن مكي – كان قد كتب في عرضه لمعجم البلدان لياقوت الحموي: أنَّ "الفائدة في نظام الرق في الإسلام أنجب حكاماً وكتَّاباً وعلماءاً كياقوت الحموي والجاحظ والمماليك الذين حكموا مصر والشام ثمانمائة سنة، وجاء الإسلام ليبطل الرق، ولم يشرع الرق؛ وإنَّما دفن منابعه، وفي الطريق إلى تجفيف المنابع برزت عظمته، حيث يصير العبد كاتباً عظيماً أو ملكاً."(96) إن لم يكن لهؤلاء التجار النخاسين في شرق أفريقيا والسُّودان أيَّة علاقة بالثقافة الإسلاميَّة فهل يعني هذا أنَّ لهم علاقة بالثقافة العربيَّة؟! فهل كانت لعبد الله بن سعد ابن أبي سرح ثقافة غير تلك الإسلاميَّة-العربيَّة حين وقَّع على اتفاقيَّة البقط، ونصَّت الاتفاقيَّة – على ما نصَّت – على إرسال 360 من الرقيق إلى دولة الخلافة الإسلاميَّة في بغداد، و40 آخرين إلى حاكم أسوان المسلم؟! وهل كانت لسلاطين مسقط وعمان العرب في جزيرة زنجبار ثقافة غير الإسلاميَّة-العربيَّة؟! وهل كانت للزبير باشا رحمة وابنه سليمان وآخرين ثقافة غير تلك الإسلاميَّة-العربيَّة؟! وهنا تجدر الإشارة إلى أحمد دفع الله صاحب المزارع حول مدينة الأبيض، وكان يقود جيشه من العبيد والأقارب مثل الحاج عبد الله دفع الله. وكان هناك علي كنونة شيخ الغديَّات في كردفان، والياس أم برير وهو كان من الجعليين، والذي خلق تحالفاً مع بدوي أبو صفيَّة، والأخير من عائلة الفقراء (الفقهاء) في الأبيض وكانوا كلهم أجمعون أبتعون يغيرون على النُّوبة ويتاجرون بالرقيق منهم في الثلاثينيَّات من القرن التسع عشر الميلادي. ثمَّ تحالف أحد أبناء أبو صفيَّة وهو كان يُدعى عبد الصَّمد مع أحد زعماء الغديَّات وكان اسمه إسماعيل الأمين، وتبارا في اصطياد الرقيق في جبال النُّوبة، وفي ذلك تنافس المتنافسان؛ إنَّهم لعرب مسلمون، وإنَّ ثقافتهم لإسلاميَّة-عربيَّة.
    وكان سليم أغا واحداً من هؤلاء الأرقاء الذي اختطفه النخَّاسون العرب من مملكة تقلي في جبال النُّوبة وكان عمره حينئذٍ ثمان سنوات، وتمَّ بيعه في مزاد علني في القاهرة - حاضرة مصر – أي على بعد 2,000 ميلاً من موطنه الأصلي. إذ تمَّ تسويقه – على الأقل – ثمانٍ مرات قبل أن ينقذه من العبوديَّة القنصل البريطاني في الإسكندريَّة – روبرت ثوربورن – الذي أصطحبه إلى ديار أسرته في مقاطعة أبردين بإسكوتلاندا العام 1836م. استغل سليم أيَّة فرصة للتعلُّم، واجتهد وكدَّ في أول الأمر حتى أمسى شاعراً مرهف الحس، وكاتباً مرموقاً، وداعية لإلغاء تجارة الرِّق، ومحاضراً ورحَّالة في نهاية الأمر؛ وكان خادماً للسير ريتشارد بيرتون في أسفاره – أو قل في مغامراته - في غرب إفريقيا. ألم أقل لكم من قبل إنَّ بعضاً من هؤلاء الأرقاء بلغوا شأواً عظيماً بفضل معدنهم الفولاذي الذي لم يلن! ذلكم هو سليم التقلاوي، وهو كان قد وُلد العام 1827م ومات العام 1875م في الحرب الأهليَّة في ليبيريا.(97) ومثلما عانت بخيتة الداجويَّة (من قبيلة داجو بدارفور) من آثار الاسترقاق حتى أصبحت راهبة في إيطاليا، تعرَّضت زينب ألف (1845/1846-1926م) وأخويها لنفس النكبة حين تم اختطافهم العام 1853م من جبال النُّوبة بواسطة صيادي الرقيق من العرب، وعلى ظهور جيادهم هربوا بهم. فقد تعرَّضت زينب لمحاولة الاختطاف من قبل، ولكنها أُسعِفت بواسطة أهليها الذين أسرعوا لنجدتها في الوقت المناسب، إلا أنَّهم أخفقوا هذه المرة. على أي، فقد تم بيع زينب وأخويها في إحدى أسواق النخاسة ولعله الأبيض أو أم درمان أو شندي من يدري. وهنا افترق الأخوة وانتهي الأمر بأخويها كما انتهى الأمر بغيرهما من الأرقاء في الشرق أو الغرب أو الموت في الطريق، وهكذا لم يسمع عنهما التأريخ ولم يحفظ لهما شيئاً ولم يسجِّل عنهما قليلاً، ولكن كان التأريخ قاسياً حافظاً لذكرى زينب ليصبح لها شأن في عالم آخر وثقافة أخرى وديانة أخرى. فقد أُعيد بيع زينب من مالك لآخر في القاهرة حتى اشتراها الأب نيكولو أوليفيَّري والسيدة مادلينا بيسيو وهما كانا ينتميان إلى "مؤسسة الفداء لشراء وعتق الأرقاء"، وهي جمعيَّة خيريَّة إيطاليَّة كاثوليكيَّة. وبما أنَّ عمليَّة الفدية كانت تحتاج إلى مساعدة ماليَّة لتسديد أسعار الرقيق وتحريرهم وتكاليف رحلتهم إلى أوربا، بالإضافة إلى قيمة إيجار مسكن مناسب ونفقات تعليمهم، لذلك أنشأ الأب أوليفيَّري هذه المؤسسة لشراء وعتق الأرقاء، الذين لا شك فيهم أنَّهم كانوا من جنوب السُّودان وجبال النُّوبة وجنوب النيل الأزرق ودارفور. وكانت تتكوَّن هذه المؤسسة من المسيحيين المخلَصين الذين كانوا على استعداد للمساعدة في هذا المشروع التطوعي الإنساني ابتغاء مرضات الله. وسافرت زينب من القاهرة إلى الإسكندريَّة إلى روما عن طريق مارسيه في فرنسا، حيث انتهت بها الحال إلى أن تصبح الرَّاهبة ماري جوزيفين بينفينوتي. هذه المآسي هي ما سميناها أشباحاً صامتة في جنازة الذكرى (Silent spectres at the funeral of memory)، أو ما نعتها الأديب جبران خليل جبران ب"صراخ القبور" أو "الأرواح المتمرِّدة".
    وقد أحدثت أخبار وصول القس الإيطالي دانيال كمبوني إلى كردفان ذعراً وسط تجار الرق، لأنَّهم أدركوا أنَّ عمله لم يباركه الخديوي في مصر فحسب، بل طلب منه إعداد خطة لإلغاء الاسترقاق. إذ كتب كمبوني أنَّ سكان جبال النُّوبة قد أُبيدوا بواسطة العرب البدو، وانخفض تعداد السكان من نصف مليون إلى 50,000 نسمة، ولم تحميهم منهم إلا تلك الجبال. فما من منطقة سافر إليها القس كمبوني في جبال النُّوبة، إلا وسمع تفجُّع وشكاوي الأهالي من غارات النخاسين. فقد حارب النُّوبة وسط هذه الجبال يذودون عن شرفهم وأنفسهم وأعراضهم وأموالهم، فسقط بعضهم قتيلاً وجريحاً، وأُسِر البعض الأخر رقيقاً؛ وكان لسان حال الذين سقطوا منهم قتلى يقول: "يا أيُّها المار هنا، أذهب وقل لأهل النُّوبة في الجبال إنَّه لمن أجل السمع والطاعة لأعرافنا وتقاليدنا، تجدوننا نرقد ها هنا!" أي كما قال الشاعر المعاصر سيمونيديس في الدوبيت الرثائي على قتلى فرسان سبارتا في موقعة ثيرموبايلي بواسطة الفرس العام 480 ق.م.، والذي وصفه روسكين بأنَّه أنبل نقش على الضَّريح يُكتَب بواسطة إنسان. وقد توَّج القس كمبوني جهوده الكنسي ببناء إرساليَّة الأبيض العام 1872م، وتبعتها إرساليتان في جبال النُّوبة هما إرساليَّة الدَّلنج العام 1874م وملبس العام 1876م، وفيهما كان القساوسة والراهبات يعلِّمون الأطفال الصغار مبادئ القراءة والكتابة، والناس الكبار السبل الأفضل للحياة. وعند بزوغ الثورة المهديَّة تم تدمير إرساليَّة الدَّلنج وأُسِرت راهبتان كانتا تعملان فيهما، ولقيتا مصرعهما من جراء سوء المعاملة من جيوش المهديَّة، ومن الإرهاق في الزحف نحو الأبيض. وفي مدينة الأبيض ذاتها أُسِر المبشِّرون وكانت الراهبة فورتوناتا كواسيه إحدى الأسيرات التي تمَّ أسرهن. وهي كانت عبدة سابقة من جبال النُّوبة، وتم تدريبها كمعلِّمة بعد تحريرها، وأمست راهبة في إرساليَّة كمبوني بالأبيض. وقد أراد الخليفة عبد الله التعايشي أن يقتنيها بنفسه لنفسه، وشرع في التحقيق معها شخصيَّاً، وحاول إدخالها في الإسلام، حيث رفضت وفضَّلت البقاء على المسيحيَّة، التي قالت عنها إنَّها تلقَّت كثراً منها، وأخيراً عثرت على الحقيقة. فقد جلب هذا العناد والتعنت عذاباً تلظَّى منه فورتوناتا من ربط وضرب بواسطة خدم الخليفة وأشياء أخر، وبخاصة حين علم القوم – بعد استجوابها – أنَّها عذراء.
    وكان يمر الرقيق من جبال النُّوبة عبر مدينة الأبيض بمعدَّل 10,000-12,000 مسترقَّاً كل عام، وبخاصة حين تُصدَر التعليمات السنويَّة للجَّيش التركي-المصري في حامية الأبيض بالقيام بالغارات من أجل صيد الرقيق في جبال النُّوبة. وكانت هذه الغارات تتم في الفترة بين أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) من كل عام. وكما ورد في بعض السجلات التأريخيَّة أنَّه في إحدى هذه الغارات في الثلاثينيَّات من القرن التاسع عشر الميلادي بقيادة حاكم كردفان – مصطفى بك – قبضوا على 2,187 مواطناً من النُّوبة، كان أغلبهم من الأطفال والنساء. وكانت إبادة السكان، وبخاصة أولئك الذين يستبسلون ويستشهدون دفاعاً عن ديارهم وأسرهم، تعني شح الموارد البشريَّة للتجنيد في الجَّيش التركي-المصري. وعندما أمر محمد علي باشا – خديوي مصر – حاكم مديريَّة كردفان أن يساهم بعدد 5,000 عبداً سنويَّاً، لا ريب أنَّ المستهدفون من هذا الأمر الباشوي هم النُّوبة في جبال النُّوبة. وخير شاهد على إحدى هذه الحملات هو بالمي، الذي رافق الحملة، وذكر أنَّ الجيش كان يتكوَّن من 2,400 من المشاة، 750 من العرب البدو على ظهور الجياد – "الجنجويد" بلغة اليوم – 200 من رجال الخيالة الاحتياطي، 3,000 من راكبي الإبل، 1,200 من بعض المرغمين المسلحين بالحراب والدروع. وقد استسلمت أول قرية أمام هذا الجيش، حيث بقي فيها 196 شخصاً فقط من جملة 3,000 نسمة في بداية الحملة التركيَّة-المصريَّة العام 1820م. وفي قرية أخرى انخفض تعداد سكانها من 500 إلى 188 فقط، وقد امتلأت كل قطيَّة (منزل) بجثث الكهول والشباب على السواء، الذين سقطوا قتلاً بالسيوف في هذه المعارك غير المتساوية، أو اختاروا الموت طواعياً لاجتناب المصير المقيت في الأسر. هذا تماماً ما أقدم عليه مواطنو إحدى الجزر في البحر الكاريبي في القرن التاسع عشر الميلادي حينما فضَّلوا الانتحار الجماعي بأن ألقوا بأنفسهم كلهم أجمعون أكتعون في المحيط الأطلسي من أن يعشوا صاغرين تحت وطأة الاستعمار الفرنسي، وهذا ما فعلته نساء الجعليين عندما فضَّلن الانتحار الجماعي من الاغتصاب وسوء المنقلب بواسطة جيوش المهديَّة في القرن التاسع عشر الميلادي. مهما يكن من شيء، فإنَّ جماعة من النُّوبة في قرية جبليَّة – وهي مسلَّحة بالحراب فقط – استطاعت أن تصد هجوم هذا الجيش التركي-المصري الرهيب المرعب. إذ فقدت المنطقة حوالي 150,00 شخصاً في الفترة الممتدة بين 1820-1835م برغم من بعض نجاحات النُّوبة النسبيَّة في رد العدوان الغشوم العام 1838م، إلا أنَّهم فقدوا من الأرواح كثراً في نهاية الأمر.(98)
    ويسألونك عن الجنوب فقل كانت منطقة بحر الغزال مرتعاً مروعاً لتجار الرقيق يصيدون أهل الجنوب كأنَّهم حمر مستنفرة. ففي شرق بحر الغزال كان يسود التجار الأوربيُّون أمثال جون بيثيريك، الفونس دي مالازاك، والأخوان أمبروز وجولس بونسيت. أما المنطقة الوسطى والغربيَّة من بحر الغزال فكانتا من نصيب قوة متعددة الجنسيات من غير الأوربيين، ومنهم علي أبو عموري – كفيل الزبير باشا رحمة في هذه التجارة النحسة – الذي أنشأ زريبته وسط قبيلة "بونغو"، قناوي وهو مصريَّاً كان وقد شيَّد مستوطناته على امتداد الأراضي حتى نهر ويلي في الكونغو، وبصيلي الذي أقام سلسلة من الزرائب وسط أراضي "كريش" و"قولو". ثم كان هناك تجار آخرون في المنطقة وهم إخوان العقاد، كشوك علي، إدريس ود دفتار، وأرباب الزبير عدلان. وفي السودان الحديث أفرزت السيطرة السياسيَّة والغارات من أجل الاسترقاق في الماضي مفردات عنصريَّة للتحقير في غاية القساوة من قبل أهل الشمال ضد أهل الجنوب، وتعزيز هذه الحال بافتراضات الدونيَّة والعلوية من منطلق المعيار الديني (الإسلامي) والمزاعم المسبقة أنَّ أهل الشمال يتحدَّرون من أصول شريفة.(99) وفي الحق، فإنَّ الممارسات العنصريَّة ضد أهالي الجنوب – والنُّوبة على حدٍ سواء - من قبل رجال الخدمة المدنيَّة والتجار الشماليين العرب لم تجد حظاً من الدراسة في مجال العلاقات بين الشمال والجنوب ولا عند طلاب العلوم الإنسانيَّة في الجامعات والمعاهد العليا. فلا شك في أنَّ أولئك وهؤلاء دوماً يشيرون إلى أهل الجنوب بالعبيد في احتكاكاتهم اليوميَّة بهم، وفي سبيل أداء خدماتهم التنفيذيَّة والأمنيَّة ومضاربتهم التجاريَّة وهلمجراً. فقد أشار تقرير قطران عن أحداث توريت العام 1955م إلى هذا الأمر دونما الخوض في التفاصيل أو إعطاء أمثلة كثر.
    والغريب في الأمر أنَّ حسن مكي لا يأخذ بالمسبِّبات في تفسيره للظواهر الاجتماعيَّة والمآلات السياسيَّة في أغلب الأحايين، بل يركِّز على النتائج، وهو نوع من البحث عجيب، حيث يخضع المعلومات لقراءات متعسِّفة ليصل إلى النتيجة المطلوبة، لا التوقع المحتمل. ومنطق حسن مكي هذا يذكرنا بقول إحدى النساء في لندن حين كتبت في صحيفة يوميَّة تقول: إنَّ الرجل الأبيض ليس هو أول من مارس العنصريَّة ضد الإنسان الأسود، والعكس هو الصحيح. إذ ذكرت أنَّ مئات الآلاف من الأفارقة السود كانوا قد انخرطوا في الجيوش الرومانيَّة منذ العام 43م، يضطهدون ويستعبدون الإنسان الأبيض في جميع أرجاء أوربا وبريطانيا لأكثر من 400 عاماً. والإمبراطور الروماني سيبتيميوس سيفيروس إفريقيَّاً كان ثمَّ من ليبيا، وهكذا لم يكن الأفارقة تحت قيادة روماني أبيض.(100) هذا منطق معوج لأنَّ كل الجنود الرومانيَّة كانوا أرقاء أجبروهم على الانخراط في الجنديَّة لصالح الإمبراطورية كرهاً ورهباً، وهذه هي الحال بالنسبة لمؤسسة الرق في السّودان حين أُجبر بعض العبيد في خدمة أسيادهم في الجيش الذي عرف بالبازنغر في العهد التركي-المصري (1821-1885م).
    أما العبيد الذين بلغوا شأواً عظيماً فلم يكن ذلك بفضل العبوديَّة، بل كان ذلك من خلال صلابة معدنهم، وعصاميَّة نفوسهم التي سوَّدتهم وعلَّمتهم الكر والإقدام، وقوة تحملهم لأضراب العذاب بالحديد والنار والسياط والعصي، ومما كان يسومهم بهم أسيادهم من الخسف دون أن تلين قنواتهم (Men of an inflexible cast of character). ألم تر كيف قال المتنبئ في حق كافور الإخشيدي:

    لا تشتري العبد إلا والعصا معه إنَّ العبيد لأنجاس مناكيد

    والمتنبئ – بهذه المناسبة – هو أكثر شعراء العرب المحبَّبين لديهم، ليس لأنَّه كان يقرظ الشعر أو كان من فحول الشعراء فحسب، بل لأنَّه كان عنصريَّاً أثيماً، وقد نطق بما لم يكد يستطيع بعض العرب التفوه به شعراً وإن أتوا به فعلاً. ومن كان له مثقال حبة من الشك فيما نزعم فعليه مراجعة قصائد المتنبئ في شخصيَّة كافور؛ فإن خص كافور بهذا الذم الذميم فكان يعني كل من كان لونه أسوداً، أو في مقام كافور. أيَّاً كان من أمر المتنبئ وكافور، فإنَّ الأرقاء الذين لم تتحمل أجسادهم هذا العذاب البدني، ولم تقو عقولهم على هذا الشقاء النفسي قضوا نحبهم وأصبحوا عظاماً نخرة. وأي فائدة في نظام يقوم على خصيان "السُّودان" كالثيران؟! فهل سلم الذي اصطفاه الرسول عليه الصلاة والسَّلام مؤذناً كبلال بن رباح، أو الذين برعوا في الفن الغنائي كطويس وزرياب، أو برزوا في الشِّجاعة والشعر كعنترة بن شدَّاد العبسي، أو تفوَّقوا في اللغة والأدب كالجاحظ، أو حكموا ككافور الإخشيدي، هل سلم هؤلاء كلهم أجمعون أكتعون من عبارات السخريَّة، وآيات العنصريَّة، ولمز النَّفس، والتنابز بالألقاب! فلم تأتيهم هذه العنصريَّة من المشركين الكافرين فحسب، بل حتى من بعض المسلمين القانتين إن لم يكن فعلاً فقولاً. فها هو عبد الله بن مسعود ينزل بجوار أحدهم في المدينة بعد الهجرة من مكة، حتى قال حي منهم: نَكِّبْ عنا ابن أم عبد، كأنَّهم – أو قل لأنَّهم – كرهوا نزوله بينهم. وأي تحقير وازدراء أكثر من الإشارة إلى النكبة – وهي المحنة والفجيعة – في مجاورة عبد الله بن مسعود لهم! فلم يسلم بلال بن رباح حين زجره أحدهم بعبارة يا ابن السويداء (في إشارة إلى سواد لون أمه الحبشيَّة)، حتى صاح الرسول عليه الصلاة والسَّلام في وجه الباغي لقد طفح الكيل. وقد سمعنا بعض أهل الجعليين الجاهلين في بلاد السُّودان يتندَّرون ببلال، وهم في هذا التندُّر وذاك التفكُّه لا يرضون أن يكونوا من المؤذِّنين للصلاة؛ إذ يقول قائل منهم إن كانت هناك ثمة فائدة لمهنة الآذان لما أُعطي لبلال، ذلك العبد الحبشي! وكذلك كان خالد بن الوليد قد أغلظ لعمَّار بن ياسر في القول، وذكر والدته سميَّة التي كانت أمة لعمه أبي حذيفة، ووالده ياسر الذي كان حليفاً لعمه أبي حذيفة، وكانت في خالد بقيَّة من كبرياء مخزوم وكان فيه فضلٌ من صلف قريش. وفي كل هذه الإساءات والإيماءات كان الرسول عليه الصلاة والسَّلام هو الذي يقف إلى جانب المقهورين المحقرين وينصفهم. فلم ترض قريش بصهيب بن سنان مصلِّياً بهم حتى يختار أهل الشورى للمسلمين إماماً كما أمرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أحسَّ الموت. وأنكر بعضهم إمارة الكوفة حين جعلها عمر بن الخطاب في يد عمَّار بن ياسر، وبيت المال في الكوفة تحت إمارة عبد الله بن مسعود، وضرب غلمان عثمان عمَّار بن ياسر حين ذهب إلى عثمان عن نفسه أو عمن وراءه من المسلمين ليحدِّثه برأي الناس في وُلاته. فضربوه حتى غُشي عليه، وظنَّ الناس أنَّه الموت، ولكن عمَّاراً يفيق ويقول: طالما عُذِّبنا في الله من قبل فسوف لن أكون نصيراً للظلم. ويُصبح منذ ذلك اليوم زعيماً من زعماء المعارضة لعثمان. ويقودنا هذا الحديث إلى الفتنة الكبرى. تُري ماذا يقول حسن مكي في هذه الفتنة؟
    من خلال تناوله للفتنة الكبرى في سياق كتابته عن "استدعاء الذاكرة مع الطبري" يتساءل حسن مكي: "ولكن كيف أصبحت مصر وقوداً للثورة على سيدنا عثمان (بن عفان) وعلي مصر أكفأ قواده وأكثرهم ولاء له هو عبد الله بن سعد ابن أبي سرح؟" ويمضي حسن مكي ويقول: "يربط الطبري ما بين الثَّورة وعبد الله بن سبأ اليهودي الأسود، حيث أنَّ أمه كانت سوداء، وكان قد نُفِى إلى مصر، بعد أن فشل في مشروعه للفتنة في الحجاز والبصرة والكوفة."(101) تُرى كيف يربط حسن مكي بين اليهوديَّة الساميَّة والعرقيَّة الزنجيَّة، محاولاً إظهار مفاعيل اليهود التآمريَّة في كل شيء بحق أو بغير حق. والإشارة إلى والدة هذا اليهودي المزعوم بأنَّها سوداء – بالطبع والطبيعة – من أفريقيا، مما يعني أنَّها جُلِبت رقيقاً، وإنَّ هذا اليهودي – كما يود حسن مكي أن يقول – هو إذن كان ابن عبدة من أرقاء أفريقيا ممن جلبهم تجار الرق من تخوم القارة السوداء. هذا ما ألمح إليه حسن مكي في هذه العبارات، لكنه لم يملك الشجاعة الأدبيَّة ليوردها كاملاً، فقد حار وجار عن القصد، وتركها لأولي الألباب للتفكير والتقدير. وهكذا يستعين حسن مكي بالاقتباسات فيأخذها ويستحسنها ويمزجها بكلامه، متوسِّلاً بالاستدلال بها إلى ترويج باطله. وحين يقرأ الناس في نهاية شبابهم وأول كهلهم مثل هذا الكلام على صفحات كتابات حسن مكي وسط شعور بأنَّهم سيكتشفون من جديد أحداثاً خُيِّل إليهم أنَّهم عرفوها على حقيقتها وانتهى الأمر، وإذا بهم يتجرَّعون من مداد حسن مكي السم اليحموم. ومن هنا – انطلاقاً من هذا السياق – فإنَّ نفحات يراع حسن مكي لمسموم، وذلك بما يعطي لنصوصه ذلك القدر الكبير من التلوين التأريخي والتلويث الأسلوبي في الأحداث المفصليَّة، حتى عندما يتوقَّف عند بعض اللحظات التأريخيَّة الأكثر رهافة وإثارة للتساؤلات. فكل من درس التأريخ الإسلامي أو ألمَّ بطرف منه يدرك كيف استعرت الفتنة الكبرى في المدينة المنوَّرة، وذلك من تراكم الظلم الذي كان يعانيه رعايا الإمبراطوريَّة الإسلاميَّة في مصر، وبخاصة من وُلاة الخليفة عثمان بن عفان. وكيف جاء وفد من أهل مصر إلى المدينة يطلبون الإنصاف، وكيف فعل بهم مروان بن الحكم كاتب الكتاب المدسوس، ثم كيف تسوَّر الثوَّار المصريُّون بأسوار بيت الخليفة عثمان الذي قُتِل فيما بعد. هكذا نشبت الفتنة الكبرى، وبدأ الصراع سياسيَّاً بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان، ثم سرعان ما تحوَّل النزاع إلى عصبيَّة قبليَّة وشهوة نحو السُّلطة السياسيَّة. ومن وُلاة عثمان هؤلاء عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي أصبحت سيرته في مصر موضع الشكوى بين المصريين كسيرة غيره من وُلاة عثمان في الكوفة (الوليد بن عقبة). ويذكر أنَّ آية في القرآن قد نزلت أُشير فيها إلى عبد الله بن سعد ابن أبي سرح هذا الذي أُمِّر على مصر، وهي قول الله عزَّ وجلَّ: "من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم" (النَّحل 16/106). وكان المسلمون يرون أنَّ عبد الله بن أبي سرح هو الذي أُشير إليه في قول الله عزًّ وجلَّ: "من شرح بالكفر صدراً".
    تلك أمة خلت؛ أما في السُّودان اليوم فرواسب الاسترقاق والاستعلاء العرقي تتبدَّى في الظلم الاجتماعي الذي يتمثَّل في القانون الذي أصبح في المجتمعات السُّودانيَّة تعبيراً طبقيَّاً عن إرادة طبقة ما تستأثر في البنيان الاجتماعي بالنفوذ السياسي والسلطان، وتخضع لها سائر طبقات المجتمع الأخرى، وتلتزم بما يصدر عنها. ومن ثَمَّ لا نعدو الصواب إن قلنا إنَّ رواسب الاسترقاق تتمظهر في القهر الثقافي، والتناقض الشديد بين النظريَّة الإنسانيَّة في الإسلام – الداعية إلى المساواة وإعطاء كل ذي حقٍ حقه – والتطبيق المقيت؛ إذ لم يُذهِب الإسلام عن هؤلاء الأدعياء نخوة الجاهليَّة وتعظُّمها بالآباء. أي أنَّ الفكر السياسي الإسلامي ما يزال داخل النفق المظلم نفسه في ضحى يقظة يزعمونها جديدة، ويطلقون عليها اسم "المشروع الحضاري"!


    خلاصة

    لا شك في أنَّ كتاب "الحركة الإسلاميَّة في السُّودان (1969-1985م): تأريخها وخطابها السياسي" قد تناول موضوعات كثر، والتي من أجلها وحولها يصطرع أهل السُّودان؛ لذلك كانت هذه القضايا في غاية الأهميَّة ليست لأنَّها تمثل عناصر الصراع في المشكل السُّوداني فحسب، بل لأنَّها كفيلة بتشكيل مستقبل هذا البلد غير الأمين ومصائر أجياله. ومن هذه القضايا، التي تطرَّق إليها الكاتب في الكتاب – عرضاً أو تحريضاً – التنمية الاقتصاديَّة، العدالة الاجتماعيَّة، التمثيل السياسي، وحقوق القوميات السُّودانيَّة الأخرى، والتي يسميها أهل الحكم إساءة ب"الأقليَّات"، وقد جادلنا في هذه المسألة في أكثر ما يكون الجدال في مقالات سابقة وعلى صفحات الشبكة العالميَّة الواسعة الانتشار. فعلى الساسة في السُّودان ورجال الأحزاب وأهل الحكم وضع منهجيَّة عملانيَّة واقعيَّة تأخذ في الاعتبار المكونات الاجتماعيَّة والثقافيَّة والتطلعات المستقبليَّة لأهل السُّودان كافة، وبناء الدولة بمشروع مشترك، وتسوية عقلانيَّة للنزعات، وإصلاحات ديمقراطيَّة تترجم بسيادة واضحة، وتعدديَّة ثقافيَّة قائمة على المساواة، وتكريس مبدأ الجمهوريَّة المحايدة تجاه أنظمة المعتقدات، وتطوير مفهوم المواطنة والوطنيَّة، وتأسيس مجتمع منفتح ودولة القانون وحقوق الإنسان، بحيث تسمح هذه الدَّولة لجميع الجماعات بممارسة الحياة السياسيَّة على القدر نفسه من المساواة والنديَّة والكرامة. فقد فشل فكر القوميَّة العربيَّة-الإسلاميَّة وسياستها، لأنَّها تعالت على الخصوصيات السُّودانيَّة، وقامت على سياسة النفوذ المسيطر، وأمست السياسات الأصوليَّة تعبِّر عن واقع الدُّول والأنظمة الديكتاتوريَّة بثوب ديني، وأخيراً لا بدّ من البحث في القراءة الاختزاليَّة أو المجتزأة لتأريخ السُّودان الذي يجعل كل ما هو عربي وحده منطلقاً له. هذا التأريخ الذي يمكن للبعض أن يتعملق به، بينما يتضاءل شأن الباقين إن لم يضمحل نخباً وشعوباً، وكم إنَّ هؤلاء البعض يعتبر نفسه محوراً مركزيَّاً للتأريخ والتقدُّم، فلا يقيم للآخرين وزناً على اعتبار أنَّهم لم يكونوا – في أفضل الحالات – سوى بوادر هامشيَّة لا أثر لها في الحراك الرئيس العام، ويرى نفسه هو ممثِّل له وفاعل فيه بجدارة. وفي نهاية المطاف – أي بعد ابتكار علاقات ارتباط جديدة خالية من سياق هيمنة واستعباد - يمكن أن تكون هناك إمكانيَّة الوصول إلى عقد اجتماعي، ينقذ السُّودان من دوامة العنف التي تُكتسي دينيَّاً، والارتقاء به إلى فضاء الديمقراطيَّة، فضاء التعايش والاعتراف بالآخر والتعايش مع الإقرار بحق الاختلاف: الفضاء الكوني الذي يتَّسع للجميع، وحق الوجود السياسي الذي هو ملك لجميع القوى السياسيَّة بلا استثناء؛ فالديمقراطيَّة لا تقبل التجزئة ولا انطباقها على فصيل أو فصائل واستبعاد غيرها منها. فلا أمل في تطور أي مجتمع يرجو أن يكون متقدِّماً إلا بالقضاء على ثقافة التمييز فيه، واستبدال ثقافة التعصُّب بثقافة التَّسامح، والدَّولة التسلُّطيَّة (العسكريَّة أو القبليَّة أو الطائفيَّة) بدولة الحريَّة القائمة على العدل الاجتماعي، وإطلاق سراح الفكر الذي يعني حريَّة التفكير والإبداع، وحق التَّعبير، وغير ذلك من القيم الخلاقة التي بها تتفتَّح العقول وتغتني، فتزداد قدرة على بناء مجتمعات متقدِّمة.
    أما بعد، فهذه هي رايتنا رفعناها خفاقة عالية طالما انتظرنا أمداً مديداً عسى أن يتعقَّل الذين أسرفوا على أنفسهم، وهم على الأرائك ينظرون إلى الأغيار بشيء من العنجهيَّة والعنصريَّة كثير، ولكنهم لم يكفوا عن ذلك، بل استكبروا ومكروا مكراً كُبَّاراً. إذ لا نزعم في هذه الصفحات وبصوتٍ جهير أنَّنا حدَّدنا – بصفة قاطعة – كل أدواء المشكل السُّوداني المتمثِّل في إفرازات عقول الصفوة من أهل الشمال، الذين أوتوا بسطة في العلم. ولكنَّنا قطعاً سلَّطنا الأضواء على طبيعة الأزمة السياسيَّة، والتي تكمن نواتها في المسألة العرقيَّة، والتي ينفخ حسن مكي فيها فإذا هي حيَّة تسعى لتلدغ غيره. وفي هذا السياق نعتبر حسن مكي – أصلاً وفصلاً – من علماء التسلُّطيَّة السلطانيَّة لتأصيل الانحراف السياسي، وتديين صلاحيات الظالم الغشوم – أي الملك العضوض، حتى يتم التَّعامل مع أهل الحكم وكأنَّهم يمارسون طقوساً دينيَّة. وبفعله هذا نجد أنَّه ينيخ بعيره في مربد الظلام. وتتبنَّى هذه الصفوة من المنظِّرين الكذب من أجل أن تعيش فئة من النَّاس بسلام، بحيث يصبح الواقع الاجتماعي أشبه بقصر من ورق يحتاج إلى أول ريح عاتية كي يتدمَّر. ونعرف أنَّ "الأيديولوجيَّة الإسلامويَّة" كان همها الأساس منذ اتَّخذت تلك الجماعة شرعنة وجودها، منع الريح من الوصول، فإن وصلت يجب أن ألا تدنو من قصر الورق. وأهميَّة فقهاء وعلماء السُّلطان تكمن ليس فقط في أنَّها لا تترك الريح تتسلَّل، بل في صد الريح التي تحاول تدمير القصر، متخذين أقنعة الكذب والرِّياء الاجتماعي تغطية بمقدار ما يتقدَّم الوقت. فإذا لم يخرج علينا مصلحون بواسل، ستبقى أزماتنا طويلاً دون حلول، وسيبقى الشَّعب السُّوداني مكرهاً حاملاً مساوئ لتظل باقية لفترات، أو كما قال الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري في مطلع قصيدته الرَّجعيُّون، والتي نُشِرت في 26 آب (أغسطس) 1929م:


    ستبقى طويلاً هذه الأزماتُ إذا لم تُقصِّر عمرها الصَّدمات
    إذا لم ينلها مصلحون بواسلٌ جريئون فيما يدَّعون كُفاة
    سيبقى طويلاً يحمل الشَّعب مكرهاً مساوئ مَنْ قد أبقت الفترات
    ألم تر أنَّ الشَّعب جُلُّ حقوقه هي اليوم للأفراد ممتلكات؟
    ومن عجبٍ أنَّ الذين تكفَّلوا بإنقاذ أهليه هم العَثَرات


    وكأي رق منشور داخل السُّودان للاستهلاك المحلي جاء سفر حسن مكي إيَّاه تحريضاً إسلامويَّاً فاقع اللون، بعيداً عن العرض العلمي، مشوِّهاً لقيم الآخر؛ وتمَّ تعميقه وحشوه بمتفجِّرات الكراهيَّة مريبة المصادر خطيرة الأهداف. وأخيراً، هذه بعض ملاحظاتنا عن هذا التأليف وصاحبه حسن مكي؛ وبرغم من ذلك كله، فإنَّ الكتاب سيظل أمراً يستحق الانتباه بالقدر الذي يستحق التأمل والدَّرس وتحليل الخطاب السياسي للحركة الإسلاميَّة. وقد آلينا على أنفسنا – حسب الجهد والطاقة – أن نقرأه بحروفه وألفاظه، لنجلي ما حدث بشكل أوضح، ولنري العالمين بوضوح كيف تمكَّنت الظلال الخادعة والمرايا المعكوسة أن تبرز صوراً أخرى مغايرة ومناقضة تحت عنوان إسلامي كبير.



    http://www.sudanslma.com/design-4.asp?action=showarticl...cid=5&articleid=2977



    حلوا القيود عني فهي ثقيلة عليّ ..

    كم عانيت امنا القديسة بخيتة جوزفين ...
                  

العنوان الكاتب Date
اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-14-07, 10:26 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Tragie Mustafa07-14-07, 10:35 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-14-07, 10:59 PM
      Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Tragie Mustafa07-16-07, 08:23 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا JOK BIONG07-14-07, 11:08 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا JOK BIONG07-14-07, 11:25 PM
      Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا JOK BIONG07-14-07, 11:35 PM
      Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-14-07, 11:46 PM
        Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Biraima M Adam07-15-07, 00:21 AM
          Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Biraima M Adam07-15-07, 00:35 AM
            Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا JOK BIONG07-15-07, 02:25 PM
          Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 07:12 PM
        Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا ابوالقاسم ابراهيم الحاج07-15-07, 00:28 AM
          Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 07:18 PM
        Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا JOK BIONG07-15-07, 02:39 PM
          Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 07:22 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Deng07-15-07, 02:44 AM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 07:32 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا خالد العبيد07-15-07, 03:57 AM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 07:37 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-15-07, 05:05 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Biraima M Adam07-15-07, 05:18 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-15-07, 06:18 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-15-07, 06:19 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 07:41 PM
      Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Biraima M Adam07-15-07, 08:23 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Nasr07-15-07, 08:17 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 08:22 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-15-07, 08:23 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Deng07-15-07, 08:27 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Biraima M Adam07-15-07, 08:47 PM
      Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Biraima M Adam07-15-07, 08:59 PM
        Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 10:12 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-15-07, 08:51 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-15-07, 09:07 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-15-07, 09:23 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا JOK BIONG07-15-07, 09:31 PM
      Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا JOK BIONG07-15-07, 09:54 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-15-07, 09:36 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 10:26 PM
      Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 10:33 PM
        Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 10:36 PM
          Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-15-07, 10:40 PM
            Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Biraima M Adam07-16-07, 00:21 AM
              Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا JOK BIONG07-16-07, 00:33 AM
              Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Biraima M Adam07-16-07, 00:34 AM
              Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محى الدين ابكر سليمان07-16-07, 00:41 AM
                Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Biraima M Adam07-16-07, 00:54 AM
                  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-16-07, 09:01 PM
                Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-16-07, 08:58 PM
              Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا walid taha07-18-07, 10:10 AM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-16-07, 03:51 AM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا JOK BIONG07-16-07, 07:55 AM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-16-07, 02:18 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Albino Akoon Ibrahim Akoon07-16-07, 02:57 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-16-07, 09:11 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-16-07, 05:22 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Tragie Mustafa07-16-07, 08:12 PM
      Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-16-07, 09:22 PM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-16-07, 09:19 PM
      Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-16-07, 10:40 PM
  Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا Mahjob Abdalla07-17-07, 02:27 AM
    Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-17-07, 10:07 PM
      Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا محمدين محمد اسحق07-17-07, 10:10 PM
        Re: اعادة الاعتبار الي القديسة الدارفورية بخيتة جوزفين .. حلوا القيود عنا فهي ثقيلة علينا JOK BIONG07-18-07, 11:21 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de