رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 04:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام هباني(هشام هباني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-05-2009, 08:40 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    http://www.ssc-sudan.org/Ar/DesktopDefault.aspx?tabid=9&ArticleID=48



    الثقافة والعرق
    التحامل والانكار فى المجتمع السوداني
    بقلم : د/ فرانسيس دينق
    ترجمة / بكرى جابر

    مدخل:

    فى البداية يتوجب علينا الاطراء بسخاء على مركز الدراسات السودانية لتنظيمه هذه الندوة الهامة التي جاءت في وقتها. فالثقافة هي محور وجودنا الإنسانى، إذ تحدد ماهيتنا وماهية تطلعاتنا وأهدافنا البعيدة، الى جانب طموحاتنا القصيرة و البعيدة المدى في آن. وترسم استراتجيتنا لتنفيذ هذه الأهداف.
    ومن هذا المنظور تعد الثقافة مرتكزاً أساسيا لفهم السودانيين لذواتهم. و لمواجهة التحديات التي تواجههم كأمة منذ نشؤها. وهي - أي الثقافة - أداة تساعدهم على التحليل، ومن ثم معالجة الأزمات الحادة التي مزقت الوطن أشلاء وعطلت عجلة التقدم عن المضي نحو السلام والوحدة والتنمية والاستقرار وبناء الأمة الواحدة. ولا يجب أن ننظر للثقافة بوصفها ميداناً للتسلية يرتاده الفنانون والشعراء والحالمون، بل هي شأن يرتبط بحياتنااليومية ويجسد قيمنا وقيم مؤسساتنا وأنماط سلوكنا.
    إن رؤيتنا لديناميكية الثقافة ولتقاطع وتداخل الثقافات، يعتمد بشكل أساسي على الزاوية التي نراها منها، ولذا يتوجب على كل شخص يتناولها بتعليق أن يوضح مدخله لمقاربتها. لأننا بذلك نقلل من مخاطر الغموض، ونتحلل من أسر الأحكام المسبقة. ومن هذا المنطلق أود أن أحدد نقطة إنطلاقي في مقاربتي لهذا الموضوع.
    بدءاً وللحقيقة والتاريخ و لتفادي أي لبس أو غموض. دعونى أقر، وبشكل لا مرية فيه، بأنني أؤمن إيماناً قاطعاً بوحدة السودان، وفي ذلك أسير وبكل فخر على ركاب أسلافي مبتدئاً بجدي كوال أروب الذي تعتبره روايات الدينكا الشفوية (أول من أرسى الروابط مع نظائره العرب) ومن ثم والدي دينق مجوك الذي عزز ودعم ما بات شريعة أسرية. ولكن دعوني كذلك أضيف أن أولئك الأسلاف كانوا في ذات الوقت منافحين أشداء عن هوية الدينكا وكرامتهم وعن الوحدة المستندة على المساواة الكاملة. وفي ذلك لم يكونوا يساومون وكانوا يعتزون بكونهم دينكا في أواسط العرب. و قد حظوا باعترافٍ واسعٍ كزعماء لمجالس تجمع ما بين العرب والدينكا في وعاء إداري واحد على الرغم من أنهم كانوا أقليّة. وبالرغم من البعض كان ينظر إلى ذلك كشذوذ عن القاعدة‘ إلا أنني أنظر إليه كمثال على قدرة الأغلبية في جذب وقبول الأقلية ووضعها في موضع الاعتراف الندي. وأنا هنا مثل أسلافي إذ تشكل قضية الوحدة المستندة على المساواة الحد النهائي لرؤيتي القومية، فالتزامي بالوحدة مشروط وبلا مساومة، بالمساواة.
    إن تفهم مثل هذه الرؤية ليس دائماً سهلاً على الآخرين. ناهيك عن تقديرها. وحتى وقت قريب وربما حتى الآن، كان الاتجاه السائد هو تصنيف الجنوبيين كانفصاليين والشماليين كوحدويين والبين بين هم الخونة. وتحضرني محادثة جرت بيني وبين دبلوماسي أمريكي حول الأوضاع في السودان، حيث سألني عن هويتي هل أنا شمالي أم جنوبي؟؟؟ فأجبته بسؤال مضاد قائلا له: ‘خمّن مما سمعته مني حتى الآن هل أنا شمالي أم جنوبي؟؟‘ فأجابني بالقول: ‘أعتقد أنك مسلم من الجنوب.‘ وفي الحقيقة أنني لست مسلماً ولا أتحدث بلكنة مثل الجنوبيين.
    من هذا المنظور الشاذ دعوني أطرح تساؤلاً مستفزاً وأجيب عليه بطريقة مستفزة أيضاً.. هل نحن كسودانيين عنصريون ومتعالون ثقافياً؟ وأجابتي هي بلا شك‘ نعم‘ مع فارق ملحوظ في عملية التعمية والتمويه التي نمارسها داخل المنطقة التي تتداخل فيهاالحقائق والأساطير من أجل تلطيف عنصريتنا وتعالينا الثقافي. وهذه المنطقة هي التي تعمل على إنتاج تلك الأفكار وتقلل بالتالي من قدرتناعلى مواجهة المشاكل التي تواجهنا. وتحد من إيجاد العلاج الناجع لها.
    وفي هذه الورقة أود أن أقول الحقيقة كما أراها دون تمويه أو مواربة، لأنني أؤمن بقوة بأن تعرضنا للحقيقة المرة هو الذي سيكشف لنا الأرضية المشتركة لبناء الوحدة على أسس متينة.

    رؤية السودانيين للثقافة والعرق:

    من أجل تأكيد ما أوردته أعلاه. أرى بأن العرق وتفريعاته من المفاهيم المستندة على الإثنية ووحدة الدم والجهوية، بالأضافة لعناصر التقارب الثقافي، تعد أمراً مركزياً لتحقيق إنسانيتنا وطموحاتنا وإنجازاتنا. وفي كلا المفهومين هناك عوامل ذاتية وموضوعية وهي التي تحدد ماهو مدرك وما هو حقيقي، وهذه العوامل هي التي تنتج في المقابل أسس الإقصاء والقبول بطرق عشوائية أو مبررة. وفي ذلك يبدو السودان بلدٌ انصهرت فيه مفاهيم العروبة كظاهرة عرقية وثقافية بالإضافة للإسلام بتنويعاته المختلفة في وعاء كلي أفضى إلى إرساء أسس الطبقية والتفرقة العنصرية والإقصاء والقبول.
    ولكن قبل أن يُقال بأنني أحمّل المسؤلية لطرف واحد، أود أن أوضح بأن التحامل العرقي والتعالي الثقافي هما خصائص كونية تتقاسمها كل المجتمعات بدرجات متفاوتة. ففي السابق كنت أؤمن بالحكمة القائلة بأن التحامل هو إحد نواتج الجهل، وسيزول بالتعليم والاحتكاك والتداخل الثقافي. ولكن بعد حين راجعت وجهة النظر هذه. إذ أن التعليم ليس عملية مجردة. بل هو عملية لنقل المعارف والخبرات المكتسبة بما فيها كل البغائض والكراهيات التي تنتجها البيئة الاجتماعية والسياق الثقافي. وعلينا في السودان أن نقر بأن التحامل ليس حكراً على الشمال بل هو عملية ذهنية توجد وتنداح داخل الطرفين. الشمال والجنوب.
    و لكن هناك فرق نوعي ما بين تحاملات الشمال وتحاملات الجنوب. إذ أن التحاملات الجنوبية تجاه الشمال ذاتية، وليست ذات أهمية تذكر بالنسبة للشمال لأن الجنوبيين تعوزهم السلطة والمقدرة على ممارسة تحاملهم على الشمال. ومن المؤكد أن تحاملات الجنوبيين تجاه الشمال تنزع أن تكون رد فعل لممارسات الشماليين ولذلك تبدو بائسة. أما الشمال - من الجانب الآخر - فقد مارس ومازال يمارس تحاملاته تجاه الجنوبيين من منطلق الهيمنة القومية. ومن المؤكد - ولذات الأسباب - يجهل الشماليون حقيقة أن الجنوبيين يضمرون لهم نظرة سلبية، تقوم على أساس عرقي وثقافي. وقد أخبرني صديقاً من شباب الدينكا ذات يوم قائلاً: ‘إن الجنوب سيسيطر في النهاية على الشمال. لأن الشماليين يحتقروننا ونحن ندرك ذلك، ونحن نحتقرهم ولكنهم لا يدركون ذلك‘.
    إن تحاملات الشماليين ضد الجنوب متجذرة في التاريخ ومنداحة داخل ثقافة الشمال التي ترى في ذلك التحامل شأن مبرر ومسلم به. والحقيقة التاريخية تقول بأن السودانيين الشماليين هم نتاج عملية تمثل تاريخية أتاحت لهم الخروج من أسر الإهانات التي يمكن أن تلحق بهم باعتبارهم (سود) و(وثنيون)، وفي المستقبل إذا لم يكن في الواقع (عبيد) وقد جعلهم ذلك يحتفون بهويتهم المكتسبة. بل و حتى يشفقون على اخوتهم الجنوبيين الذين لم يتمكنوا من اللحاق بقطار (الهوية) ذلك. وقد عبّر لي أحد القضاة الشماليون من الذين عملوا بالجنوب عن رثائه على الجنوبيين بوصفه لهم بـ (المساكينن) الذين لا يؤمنون بالله. وحين حدثته عن المجلدات التي كتبهاعلماء الأنثروبولوجيا في الديانات النيلية. وذكرت له أن علماء الأديان المقارنة يعتبرون النوير والدينكا من أكثر المتدينين في السودان. جاء رد فعله مندهشاً (بالله العظيم!!)
    ومن هنا يمكن النظر الى سياسات الأسلمة والتعريب وبالتالي تفسيرها. في أحد أوجهها على الأقل، باعتبارها ناتجة عن افتراض الشماليين بأن الجنوب يعاني من فراغ روحي وثقافي. ولذلك عليه - أي الشمال - أن يرفع الجنوبيين من الوضعية المتدنية وسياق الحرمان ذلك، إلى مستوى عزة الثقافة العربية وتفوق الإسلام، دون أن يذكروا سبباً واحداً يتعلق بالوحدة الوطنية مثلاً. ولذلك لا يستوعب الكثير من الشماليين مقاومة الجنوبيين لمثل تلك الرفعة:
    فقد سمعت العرب من الحمريرددون بأن أبي قد كف عن أن يكون (دينكاوياً) وأصبح عربياً وذلك تعبيراً عن قبولهم لسلوكه الاجتماعي. وحدث مرة أن علق أحد العرب علي اجادتي التحدث باللغة العربية، بأن قال لأبي: (إبنك أصبح عربياً). وذات مرة حين كنت بجامعة الخرطوم ذهبت لزيارة سانتينو دينق الذي كان وزيراً في حكومة الرئيس عبود، فخاطبني مدير مكتبه بلغة لإنجليزية مكسرة مخبرني بأن الوزير غير موجود بالمكتب، وقد عبر عن ذلك بقوله:
    “Minister.. no, Minister.. go”.
    فرددت عليه باللغة العربية قائلاً: ‘لماذا لا تجرب اللغة التي تتقنها، وإذا لمم أفهم يمنك محاولة لغة أخرى؟‘
    فاندهش لكلامي وقال: ‘الله! أنا آسف والله قايلك جنوبي‘.
    كل ذلك يوضح أن مفاهيم العرق والثقافة تعمل بفاعلية في إدراك السودانيين لأنفسهم. ومن الواضح أن ما ذكرته أعلاه هو وظيفة للثقافة أكثر منه وظيفة للعرق أو للهوية القومية التي تستند على روابط الدم. وعادة ما يزعم المثقفون الشماليون أن العروبة هي عملية ثقافية وليست عرقية وذلك ما يجعلهم يستبدلون العنصرية بالشوفينية الثقافية، التي في نظرهم مقبولة أكثر من العنصرية.
    والحقيقة هي أن كلاهما ليس مرفوضاً بل وملتحمتان فى وعيينا العام.
    ذات مرة زارني رجلٌ في منزلي وهو يلبس ثياباً عربية ويبدو من الحمر، وكان يحمل في يده إبريقا ومسبحة. وكان يتحدث لهجة عربية واضحة ولم يكن لدي أدنى شك من أنه عربي، وبعد برهة قال لي بلهجته الحمرية أعتقد أنك لم تعرفنني؟ وحينما أكدت له ذلك. مضى يشرح لي هويته: ‘أنا إبن عمك دينكاوي مائة بالمائة، ولدت وترعرت بالشمال وأصبحت معتنقا للثقافة العربية‘.
    ‘إن أحد الأسباب التي تدعوني للتمسك بالوحدة هو أن لدينا العديد من الجنوبيين من ذوي الدماء المختلطة، بدرجات متفاوته، أصبحوا يعدون أنفسهم عرباً. وينكرون أصولهم غير العربية. وبعضهم ذوي أصول إفريقية مئة بالمئة. ويمكننني أن أذهب أبعد من ذلك في القول بأن غالبية سكان الشمال هم ذلك النوع. وأن لا أرى شيئاً يجزىء الوطن سوى تخلينا عن هويتنا وأصولنا‘.

    التبسيط الاستراتيجي للتعقيد:

    على الرغم من أهمية الإقرار بالتركيبة العرقية الثقافية المعقدة للسودان وما تمثله من تحدٍ سياسي للبلاد. إلا أنه لا يجب أن نترك أنفسنا عرضة للانجراف وراء هذا التعقيد وعلينا أن نعيد تعريفنا للأزمة بطريقة بسيطة دوماً لنجعل حلها ميسوراً، وهذا التبسيط يجب أن يبدأ بالإقرار بالحقائق التاريخية التي قسمت البلاد إلى شقين شمال وجنوب مع مناطق بين بين في الوسط. ومن ثم نبحث عن حلول عملية استناداً على تلك الحقائق تاركين الباب مفتوحاً لحلول استراتيجية على المدى البعيد.
    إن الأمر الأساسي في هذه القسمة الشمالية/الجنوبية هو أن هنالك هوية متميزة للشمال تشكلت وتطورت عبر آلاف السنين وأهم مقوماتها العروبة والإسلام. بينما تشكلت هوية الجنوب كمقاومة ضد الهيمنة الشمالية وضد التهديد بالاندغام داخل الصبغة (الإسلاموعروبية). ويمكن لتقرير المصير أن يكون حلاً في هذا الاتجاه. ولكن يجب ألا ننظر لتقريرالمصير كمرادف للانفصال. بل يجب أن نراه تحدياً وخاصة بالنسبة للشمال، في أن يجعل الوحدة خياراً محبباً للجنوب وذات فوائد أكثر من الانفصال.
    هنالك ثلاث خيارات أساسية للخروج بالبلاد من محك الصراع الشمالي/الجنوبي: يتمثل الخيار الأول في إعادة بناء الوطن بطريقة جوهرية تسمح بالمساواة الكاملة ولا تتحدد فيها وضعية الفرد على أي اعتبارات عرقية أو ثقافية أو دينية. وهذا الخيار يعد هو الأفضل على الإطلاق والمرغوب فيه بشدة، ولكنه عصي على التحقيق في ظل الأوضاع السائدة.
    أما الخيار الثاني هو خلق إطار لوحدة فضفاضة تحمي هوية وأمن كل إقليم تاركةً الباب مفتوحاً للتداخل والانسجام لخلق تكامل نهائي يخلو من أي نزعات انفصالية. وبالرغم من أن هذا الخيار معقول وعملي إلا أنه ليس سهلاً على التحقق الآن. والخيار الثالث والأخير هو الانفصال وهو الأسهل بين هذه الخيارات ولكنه غير مرغوب فيه لأنه يؤكد فشلنا في إيجاد صيغة للتعايش المشترك.
    وبعيداً عن صيغة القسمة ما بين شمال وجنوب. هنالك حاجة ماسة لمواجهة أزمة المناطق الحدودية الثلاث: أبيي وجبال النوبة والانقسنا. فيما يتعلق بأبيي، كان لدينكا ‘أنقوك‘ في كردفان دوراً تاريخياً كجسر للتواصل بين الجنوب والشمال. وقد كان لزعمائها من أسرتي القدح المعلى في ذلك. ولكن ما نتناساه غالباً أن هنالك بعض القبائل الجنوبية من بينهم ‘التويج‘ في بحر الغزال و‘الراوونق‘ في أعالي النيل. كانوا جزاءاً من إدارة قبلية موجودة في كردفان تحت زعامة جدي كوال أروب. ولكنهم انفصلوا بعد ذلك وانضموا إلى الجنوب. بينما ظلت قبيلتنا – دينكا انقوك - في إقليم كردفان (من أجل حماية الحدود) وليلعبوا دوراً تصالحياً في تلك المنطقة المتداخلة قبلياً. ومع مرورالوقت وتفاقم أزمة الصراع ما بين الشمال والجنوب كف ‘الانقوك‘ عن أن يلعبوا ذلك الدور وأصبحوا نقطةً في خط المواجهة. وإذا نظرنا إليهم في ذلك السياق التاريخي نجد أن دينكا ‘أنقوك‘ كانوا دائماً يمثلون الذراع الجنوبية الممدودة إلى الشمال دون أن تبتر عن أصولها الجنوبية. وفي حال تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب لا يكون هنالك مجال للشك في أين سيقع دينكا ‘أنقوك‘؟
    أما بالنسببة للنوبة والأنقسنا فإن وضعهم يختلف نوعياً عن دينكا ‘أنقوك‘ لأنهم أكثر ارتباطاً من النواحي الثقافية والدينية بالشمال. لذلك فإن أي حل يعطيهم الحق في ممارسة هوياتهم المتميزة ويمنحهم اعترافاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، يكون قد أتاح لهم حكماً ذاتياً ويمكنّهم في ذات الوقت من أن يلعبوا دوراً ديناميكياً في الربط والتواصل بين الشمال والجنوب.
    وفقا لما أوردته أعلاه فإننا نحتاج إلى خلق إطار يمهد لتكامل بعيد المدى عبر عمليةٍ سلمية تطورية ذات نفس طويل.

    نحو استراتيجية ثقافية للوحدة في إطار التنوع:

    إن أي حلٍ سلمي للصراعات العرقية والثقافية والدينية في السودان يجب أن يتجاوز حدود الكلام المعسول من أجل سبر غور الأزمات السودانية واقتراح الاستراتيجيات المناسبة لحلها.
    وكما أوضحت في بحث سابق لي عن الصراعات السودانية (أن ما يفرقنا هو المسكوت عنه) بينما المواجهة والكشف يحفزان الحوار والبحث الجاد عن الحلول. وعلينا أن نستبعد أساطير الهوية التي مزقت البلاد طويلاً ونبحث في ثراء التنوع الذي لا يزال حتى الآن مطموراً في تلافيف الخطاب البلاغي والانشائي.
    أولاً علينا أن نزيل العوائق اللغوية التي حرمت قراءنا من الجانبين من التوافر على - وبالتالي معرفة - الموارد والمصادرالثقافية لدى الجانبين. إذ يتوجب علينا ترجمة الأعمال المكتوبة باللغة الإنكليزية إلى العربية لجعلها ميسورة ومتاحة للقراء في الشمال كما يتوجب علينا بالمثل ترجمة أعمال الشماليين في موضوعات تهم القارىء الجنوبي مثل الحوار حول الهوية القومية. ونقلها إلى اللغة الأنكليزية للقراء الجنوبين الذين لا يقرأون إلا بها.
    الخطوة الثانية والتي تسير متساوقة مع الأولى. هي تكثيف أنشطة البحث في تنوع الثقافة السودانية وتوثيق ذلك عن طريق الكتابة والوسائط المرئية والمسموعة وجعلها متاحة للقراء والمشاهدين في كافة أرجاء القطر.
    أما الخطوة الثالثة والتي تتساوق أيضاً مع سابقاتها، تتمثل في التحليل المقارن لهذه المواد الثقافية لتحديد القواسم المشتركة وكذا الفوارق بين تلك الثقافات، وذلك من أجل خلق مركب ثقافي متكامل وغني.

    وأخيراً، إن أية استراتيجية شاملة للتنمية الثقافية تستلزم أطراً مؤسساتية لها كينونتها التمثيلية. وذلك لوضع التصورات ولشرح وتفسير وتنشيط، ومن ثم فحص ومراجعة تلك الأنشطة من أجل ترقية دور الثقافة كوسيلة لتحقيق السلام والاستقرار وبناء الأمة الواحدة.

    خاتمة:

    في مفارقة جديرة بالاهتمام تؤكد عكس الأدوار في رسم ملامح التوجهات القومية، يجب الاقرار بالمساهمة الكبرى التي قدمتها الحركة الشعبية لتحرير السودان وذراعها العسكري الجيش الشعبي لتحرير السودان بتفجيرها للحوار حول التحديات التي تواجه السودان الجديد استنادا على الإقرار بالعناصر المتميزة المكونة للبلاد. وبمناداتها بالمساواة دون تفرقة على أسسٍ دينية أو عرقية أو إثنية أو ثقافية، أو على أساس الجنس (gender). بينما قدمت الجبهة اللإسلامية القومية، من الجانب الآخر - ولا زالت - تقدم مساهمتها على أسس التفرقة والإقصاء. أما التجمع الوطني الديمقراطي فيحاول أن يلعب دوراً وسطاً يتمثل في مساعيه لبحث إمكانيات التواصل وإيجاد القواسم المشتركة بين تناقضات ذلك التنوع. أما القُوى الحديثة والمثقفون والاتحادات التجارية وقُوى التقدم فقد كانت دائماً تلعب دور العامل الوسيط لعملية التغيير بالرغم من أن مساهمتها المستقبلية كانت دائماً متعطلة بسبب فقدانها للقاعدة السياسية العريضة. إن كل ذلك يعني أن هناك حاجة ماسة لتضافر جهود الجميع من أجل تحقيق الاجماع القومي. ومثل هذا الاجماع لا بد أن يقوم على عدة فرضيات أساسية:

    أولاً: داخل كل المجتمعات السودانية وجود متأصل للتحاملات على أسس عرقية وثقافية وعلينا الاعتراف بأن ذلك مرض اجتماعي في حاجة الى علاج، وفي ذلك تلعب المجموعات المهيمنة الدور القيادي من أجل التوصل إلى ذلك العلاج.
    ثانياً: علينا الإقرار أيضاً بأن رؤيتنا وأفعالنا مختومة بأختام الهوية الضيقة التي تنزع دوماً نحو تشويه منطلقاتنا وتجرفنا إلى حد العنف.
    ثالثاً: يتوجب علينا إيجاد الحلول الفورية الأنجع لتلك التشوهات مع إتاحة الفرصة لتفاعل بناء يحقق التكامل القومي بعيد المدى.
    رابعاً: من أجل تحقيق تلك الغاية نحتاج إلى خلق إطار مؤسس يحفز ويقود النشاط البحثي وإنتاج المواد الثقافية.
    خامساً وأخيراً: علينا أن نتذكر دائماً أنه مهما تكن أجندتنا السياسية والثقافية والدينية فإن تحقيقها لا يتم إلا عن طريق الإقناع والإقتناع وليس عن طريق الإكراه والإجبار.
    أود أن أختم ورقتي هذه بحكاية من تاريخ دينكا ‘أنقوك‘ الشفاهي تقول أن جدي الأكبر ‘أروب بيونغ‘ ذهب ليقدم مبايعته للمهدي وكان معه زعيم آخر للدينكا هو ‘ألور إجينغ‘، وتقول الرواية أنهما اعتنقا الإسلام وصليا مع المهدي. وبعد أن انتهيا من الصلاة سأل ‘ألور إجينغ‘ ‘أروب بيونغ‘ قائلاً: ‘أروب، حينما صلينا مع المهدي هل رأيت الله؟‘ فرد عليه أروب بالقول: ‘لا لم أره، ولكن دع هذا الأمر كما هو عليه‘.
    والنقطة التي أود الإشارة إليها هنا هو أنه من الواضح أنهما أعتنقا الإسلام تحت ضغط الإكراه. وحينما يعودان إلى ديارهما سيعودان ثانية إلى ديانتهما الأصلية، لأن الأمر لم يكن قد تم عن طريق الاقناع والاقتناع.


    قدمت هذه الورقة في ندوة ‘الثقافة والتنمية‘ بالقاهرة والتي عقدها مركز الدراسات السودانية بالقاهرة أغسطس 1999م وعلى القاريء الكريم مراعاة السياق الزمني الذي كتبت فيه.
    المترجم.







                  

العنوان الكاتب Date
رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 07:56 AM
  Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:07 AM
    Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:12 AM
      Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:15 AM
        Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:19 AM
          Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:22 AM
            Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:25 AM
              Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:28 AM
                Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:36 AM
                  Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:40 AM
                    Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:43 AM
                      Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 08:51 AM
                        Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-05-09, 02:58 PM
          Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-09-09, 07:05 PM
    Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-08-09, 06:20 AM
  Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-07-09, 02:45 AM
    Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-07-09, 02:52 AM
  Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-10-09, 11:41 AM
  Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-12-09, 12:05 PM
  Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-15-09, 09:18 PM
  Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-18-09, 04:33 AM
  Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! هشام هباني09-18-09, 02:40 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

������� ��������� � ������ �������� �� ������� ������ ������� �� ������ ������ �� ���� �������� ����� ������ ����� ������ �� ������� ��� ���� �� ���� ���� ��� ������

� Copyright 2001-02
Sudanese Online
All rights reserved.




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de