رسالة مفتوحة لتراجي مصطفى ..

Quote: طلال ، لا أخفي عليك أني سئمت التعريض المستمر بي ، وإني سئمت من التلميحات الفارغة ، ومعليش كونك الوحيد من ديل الذي سأواجهه بالكلام ، والسبب في ده إني عندي شوية عواطف تجاهك ؛ المهم ، زي ما قلت ليك ، فقد سئمت التعريض والتلميح ، وفي كلامك يا طلال إشارة لأني أتحيز إنسانياً لناس دون الآخرين ، إحتمال ، ربما عشان أنا من دارفور.. لكن الكلام الإنت بتقولو ده كلام فارغ يا طلال .. لسبب بسيط لو كنت قريب من اللاجئين شهداء مذبحة الميدان لكنت قد إطلعت عليه .. فقد كنت معهم بإستمرار ومتابعة من كندا ، ووصلتهم في القاهرة بالتلفون ..وبعد حدوث المذبحة بيوم إعتصمت فى مواقع كثيرة؛ وقد تابعت بالتلفون مع الضحايا الناجين من المذبحة يوماً بيوم مسائل الطعام والعلاج والإعاشة ، وساهمت بالتلفون في جمع البطاطين والأدوية والأموال من مقر كنيسة السكاكيني . وفي كندا قمت بتوزيع كتيب بعد أن صورته لمئات النسخ على نفقتي الخاصة فيه تفاصيل المذبحة والدعوى لعدم نسيانها. في سبتمبر بادرت بالتجهيز ليوم سوداني يصادف الذكرى السنوية لذاك الموت وأن نقوم بمسيرة صامتة تطوف بتورنتو وتتوقف عند السفارة المصرية ، إلا أن ظروف عملية حالت دون الإستمرار في هذا الإتجاه . هذا بعض من مواقفي العملية تجاه هؤلاء الناس ، أما ضميرياً فلا أعتقد في أنك جاد في كوني أضعف محبة للمصريين من الجماعة السودانيين ، لسبب بسيط وهو إنني تجردت من الحاجات دي زمان ، تجردت من النظر إلى الناس بمنظور عنصري ، فكون واحدهم سوداني أو جزائري فهذا ما لا يفرق معي ولا أشتريه في سوق البشر بمليم ؛ هذه الجنسيات والقبايل تركتها ورائي من زمن ، أنا يا طلال إنسانة حرة ومتحررة من هذا القيد ، أنتمي للناس بقدر محبتي لهم وأنتمي للأمكنة بقدر عطفها علي وشوقي لها ، دي كل حكايتي ، ليس فيها مصري ولا سوداني ولا كوشي ولا حلبي ولا حاجة بالشكل ده أبداً . طلال .. أنا الآن هنا ، في كندا .. أتعامل يومياً مع ضحايا التعذيب واللاجئين ، وأقوم تجاههم بما يمليه علي ضميري .. كذلك يا طلال فإن مواقفي المناهضة للعنف والظلم والعسف والديكتاتورية ، مواقف حقيقية ، ولا يستطيع أحد أن يزايد عليها أو علي ، وأقول ذلك ورجلي فوق رقبة أي زول بيلمح إني أستهتر أو أتهاون في قضية أي فئة من فئات البشر .. أنا يا طلال لا أطبل لنفسي ، ولا أقوم بنضالات بهلوانية ومسرحية ، تعرضت للإعتقال وللتعذيب وللضرب والإيقاف والضغط بما لا تتخيله في هذا السودان ، وأنا الآن فيه روحيآ وليس جسديآ ، إخترت أن أقضي فيه هذه المرحلة من عمري وأدفع ثمن هذا الإختيار من صحتي ومزاجي وهداوة بالي .. لو أتيت يوماً ما إلى كندا فاسأل عني ؛ لم أتوقف يوماً في أصعب الظروف، عندما كنت فى السودان، عن زيارة معسكرات النازحين والقرى النائية جداً وتنظيم الأيام العلاجية في مناطق عمرك تتخيلها ؛ أفعل هذا بحب وود وإخلاص ، وليس من أجل أي مكسب سياسي أو نزعة إستعراضية .. ليس من حقك يا طلال أن تقول فيني ما قلت ، وليس من حقك يا طلال أن تتعامل معي بهذه السطحية .. ويعلم الله أنني أنزف وأنا أكتب كل حرف من هذه الكلمات ، لأني ما تخيلت أنه سيأتي علي يوم وأضطر فيه لقول هذا الكلام وبهذا الشكل ، فأنا من بيت يردد بإستمرار " من تواضع لله رفعه " .. إنني يا طلال في غاية الألم ، ولا أعرف إن كنت سأنام هذا الليل ، لكني سأوصل ما أفعله ، وسأستمر في وثوقي بهذه الحياة رغم آفاتها ولعناتها والمخابيل من البشر فيها .. لقد آذيتني ومن قبلك آخرون .. لكن ، خليها على الله .. سلام تراجى [URL] [Email] [Profile] [Edit] [اضف رد]