أبو القاسم محمد إبراهيم : يهاجم حزب الامة ويتهم الشيوعيين ويقول :حتى يخرس الكذابون

Quote: صباح الـخير .. يا فاطمة وأبو القاسم: من المسؤول عن تهييج التاريخ .. وتقليب المواجـــــع .. وتحضير الأرواح الشـــــــريرة ؟! صباح الـخير .. يا فاطمة وأبو القاسم..! من المسؤول عن تهييج التاريخ .. وتقليب المواجــع .. وتحضير الأرواح الشــــريرة ؟! بين مايو والانقاذ ما الذي اضاع خطوط التناقض وجعل من فقه الضرورة قاعدة تعامـل..؟ 1971 كان انقلاب المفاصلة ، الآن ومع المفاصلة فرصة الانقلاب صفر لماذا ؟؟! في معركة ابو القاسم وفاطمة وما قبلها وما بعدها من معارك نبدأ فنحدد الاطراف المسؤولة عن هذا المناخ المتفجر من وقت لآخر بين مايو وضحاياها.. منبهين وبحرص شديد إلى أن ثمة أطراف أخرى متضررة إن لم نقل صاحبة «ثأر» تستفزها بعض الوقائع وتجرح مشاعرها بعض المقولات والتصرفات، وهو أمر انساني الطابع ومنطقي عندما يظهر أمام الانسان وعلى نحو شبه دائم قاتل أمه أو أبيه أو أخيه أو سجانه ومعذبه أو قاطع عيشه..!. ولنرجع قليلاً لبعض مضابط التاريخ ولو من باب الشيء بالشيء يذكر؛ ليس بهدف فتح ملفات مايو أو تقليب المواجع أو تحريض المتضررين او تبرئة المايويين أو اتهامهم بل لنقل أن مايو لم تنته كنظام بانقلاب عسكري اسكت الذين معها والذين ضدها، وأعطى الفرصة لخصومها ليقولوا أنها كانت الأسوأ ولمؤيديها أن يقولوا أنها كانت الأفضل وأنهم - أي المؤيدين- لمايو كانوا الأكثر ـ بل إن مايو هذه كنظام بكل حسناتها وسيئاتها وتاريخها وشخوصها انتهت بانتفاضة شعبية لو قلت أن تعداد الشعب السوداني أيام الانتفاضة كان في حدود الـ25 مليون فإن القول بأن 20 مليون منهم انتفضوا سيحرم الانتفاضة من الرقم الصحيح لكننا مجازاً نقول ذلك ..!. كما أننا وبالمقابل واستذكاراً لتلك الايام المجيدة - أيام الانتفاضة- نقول أن الذين خرجوا في موكب الردع دفاعاً عن مايو كانوا في حدود الـ40 شخصاً من القادة والقاعدة المايويين وهذه حسبة لا تقبل القسمة بأي حال من الأحوال ..!. طبعاً الذي جاء بعد الانتفاضة كنظام ديمقراطي ولكونه أضاع الانتفاضة يفقد امكانية المقارنة بينه وبين مايو اللهم إلا في مجال الحريات السياسية والحزبية والصحفية، والتي وبسبب عدم مسؤولية اليسار الشيوعي والاشتراكي وعدم اخلاقية اليمين الاسلامي تحولت إلى حالة من الفوضى المخططة لخلق مناخ الانقلاب القادم دون وعي من اليسار ودون ادراك من الحزبين الحاكمين «الأمة والاتحادي»، وعودة إلى ملف مايو الذي تشرفت هذه الصحيفة بفتحه هذه الأيام ولأن الضاربين والمتضررين في معظمهم أحياء فإن القول بأن حكومة الانقاذ تتحمل وبجدارة مسؤولية جرح مشاعر الـ 25 مليون سوداني الذين انتفضوا عام 1985م كما اسلفت، وذلك بانحياز حكومة الانقاذ للقيادات المايوية الأبرز بل وتكريمها وتعظيمها وتوظيفها دون تقديم المبررات اللازمة لمثل هذا العمل الذي يعتبر وبأي مقياس كان استفزازاً لمشاعر المنتفضين في أبريل 1985 ناهيك عن مشاعر الذين قتل آباؤهم واجدادهم واخوانهم في معارك مايو ضد كل الأطراف السودانية بما فيهم الأنصار والشيوعيون والاتحاديون وغيرهم .. وغيرهم..!. نحن لا نقصد هنا الحظر أو الحجر كما اننا بالضرورة لا نقصد تقليب المواجع وجرح المشاعر لأن ذلك من شأنه أن يؤذي الطرفين ونعني المايويين والمتضررين من حكمهم؛ بل كان وما يزال من المفترض أن تعالج أمور تلك الحقبة وغيرها من الحقب السودانية بذات الأسلوب الذي عولجت به قضايا مماثلة وحقب مماثلة في بلدان أخرى مثل جنوب إفريقيا مثلاً؛ حتى لا تظل الأورام التاريخية هذه عُرضة للانفجار من وقت لآخر كما حدث في حالة «فاطمة وابو القاسم»، أو في حالة «نميري ونعمات مالك»، وربما في حالات أخرى غير منظورة. إن ثمة سؤال هام ما الذي جعل الانقاذ كنظام يسعى وبحرص شديد على تقديم وتكريم وتعظيم بعض المايويين القياديين من صفهم الأول إلى صفوف أخرى .. وهل هذا الذي فعله نظام الانقاذ ناجم عن حاجته إلى المايويين وخبراتهم وقدراتهم الأمنية والسياسية إن لم نقل القمعية.. أم أن نظام الانقاذ أراد بهذا العمل أن يوسع من دائرة شعبيته؛ وهو الأدرى بأن شعبية مايو زادت بعد زوال مايو، لأن خلفاء مايو في الحقبتين الديمقراطية والانقاذية المالية قدموا البديل الأسوأ في كثير من الأمور فاصبح معظم السودانيين والاريتريين الذين اطاحوا بهيلا سلاسي يوماً وجاؤوا بمنقستو فجعلهم يتغنون ويتمنون ويعتذرون لهيلا سلاسي ، ومثل الاريتريين الذين قاتلوا وناضلوا لنحو نصف قرن من الزمان لاستقلال بلادهم فإذا بنظام اسياسي افورقي يجعلهم الآن يتغنون ويرقصون ويدندون بحب هيلا سلاسي ومنقستو والاستعمار الاثيوبي بعد أن تبدل حالهم إلى الأسوأ، وزادت نسبة نزوحهم إلى الخارج شباباً وشابات رجالاً ونساءً وعواجيز وحتى معاقي حرب التحرير الإريترية زحفوا على بطونهم هرباً من الوطن المشتعل بتضحياتهم بحثاً عن اللجوء إلى السودان أو غيره ..! أم أن نظام الانقاذ وهو يستفز الانتفاضة والمنتفضين ضد مايو أراد أن يرد التحية لمايو، وأن يصبح جماعة الانقاذ كوادر وقيادات أصحاب يد عليا على مايو والمايويين بعد أن كانوا ولعشر سنوات حلفاء لمايو والمايويين كيد سفلى..!. نحن وسائر الباحثين في تاريخ الأحزاب العقائدية صاحبة الأجندة المحددة.. اشتراكية كانت هذه الاجندة كما بدأت مايو أو اسلامية كما بدأت الانقاذ تعلم أن الطرفين يتعاملان بقاعدة واخلاقيات «فقه الضرورة»؛ وإلا كيف بدأت مايو محتفلة بميلاد ماركس ولينين ومتفاخرة بشيوعيتها ثم انقلبت على كل ذلك بعد سنوات؛ ليكون شعارها آمين يا رب العالمين متخلية عن شعارات «سايرين سايرين في طريق لينين». السبب والدليل على استخدام فقه الضرورة هنا هو أن مايو 1969 جاءت في مناخ هيمنة ووجود القوى الحديثة عامة والاشتراكيين والشيوعيين خاصة فوق الساحة السياسية، وعندما تضاربت مصالح ومطامع بعض القياديين المايويين مع حلفائهم الاشتراكيين والشيوعيين وبعد أن لاح البديل «القومي العربي» أولاً ثم الغربي الأمريكي ثانياً برزت مفاهيم «فقه الضرورة»، وكانت المذابح والصراعات وكان الانشطار الأكبر حيث تشابه ذلك الوضع مع ما نحن فيه من وضع الآن؛ بمعنى أن معظم الاشتراكيين والشيوعيين والتقدميين اختاروا السلطة فانحازوا لنميري ومايو، وضحّوا أو باعوا أو تركوا العقيدة والمعتقد ومارسوا هنا فقه الضرورة والضرورة هنا هي اختصار بعضهم للقضية برمتهم في نفسه ، هذا يحدث الآن بين معتمدي فقه الضرورة «الاسلاميين» إذا انقسموا على أنفسهم وحدث ما يُسمى بالمفاصلة فاختار البعض ووفقاً لفقه الضرورة ايضاً الوقوف مع السلطة الحاكمة، وآثر الآخرون الوقوف مع السلطان «الفكري» أي مع الشيخ ..!. اجزم هنا والعديد من المراقبين والمتابعين يجزمون أيضاً أن الذين انحازوا لـ «الشيخ السلطان» وابتعدوا عن السلطة في خضم ذلك الصراع «حسبوها خطأ»، ولشدة ثقتهم في قدرة السلطان الشيخ أو الشيخ السلطان على تحويل دفة الأمور لصالحه وتابعوه وناصروه لأجل العودة إلى السلطة ، وما تبقى من سيناريو «فقه الضرورة» اشتراكياً واسلامياً كما يقول البعض، وكما تشير الوقائع هو الفصل الأخير من السيناريو انقلاب المنشقين المعارضين على نصفهم الحاكم ، وهذا ما لا نتمناه، وإن كان البعض يتوقعه ، ونقول لا نتمناه لأن ثمة حقائق لابد من أخذها في الحسبان عندما يفكر كائناً من كان في التغيير، وإنهاء حالة الاحتقان الحالية والخروج بالبلاد إلى وضع أفضل وأمثل ..!. أولاً: ولمن يتوقعون الانقلاب بقيادة المتفاصلين أو المنفصلين من الاسلاميين كما حدث من الشيوعيين عام 1971م. في انقلاب هاشم العطا 1971م كان الجيش في زمانه جيشاً واحداً تمّ التأثير والتحريك لبعض قادته وضباطه من منطلق ايديولوجي أو وطني..!. والوضع الآن يختلف عسكرياً فبدل الجيش الواحد عام 1971م هنالك عدة جيوش عام 2007م ، فاللحركة الشعبية في الجنوب جيشها، ولمني اركو مناوي جيشه، ولجماعة شرق السودان جيشها، وللمنشقين من هؤلاء واولئك في دارفور والجنوب والشرق مسلحين ومدربين بسلاحهم، بل و في العاصمة كما اعترف بذلك وزير الداخلية هنالك مليشيات مُسلحة ستكون عوناً للانقلابيين أو ضدهم إذا فكر مُغامر لا قدر الله. ثانياً: الانتفاضة غير ممكنة أيضاً لأن الشعب مثل الجيش وبسبب نيفاشا وأبوجا وأسمرا غير موحد، بجانب أن المصالح والذاتية جعلت من وحدة الغاضبين أمراً مستحيلاً حتى في الحياة اليومية.. فقد يغضب الجميع ضد الحكومة ولكن لا أحد لديه استعداد ليوحد أو يتحد بغضبه مع الآخر ..!. ثالثاً: الوضع الدولي والاقليمي منغمس في الشأن السوداني لدرجة انعدام أو استحالة الخيارات المذكورة آنفاً أو غيرها؛ ونعني الانقلاب أو الانتفاضة». رابعاً: ولأن هذه الأجواء كلها تحتم التفكير والتقدير البعيد عن الموروثات المتبعة في التغيير ببلادنا فإن أمام الحاكمين الانقاذيين خيار واحد؛ هو توسيع دائرة التشاور والتحاور للخروج من المأزق مع الابتعاد الواضح عن سياسة استفزاز الشعب وتاريخه وانتفاضته بتحضير الأرواح المايوية، ودفعها للمقدمة في العمل السياسي، وكأن الانتفاضة ضد مايو كانت خطأ تريد الإنقاذ تصحيحه بتكريم المايويين القياديين ووضعهم في الواجهة، وكأن الحركة السياسية السودانية قد أصابها العقم فلم تلد بعد قادة مايو وغير مايو قادة جدد، لا يقود ظهورهم على المسرح السياسي إلى حالة من الغليان، والهيجان، واستفزاز المشاعر، وتقليب المواجع كما حدث بين «فاطمة وابو القاسم»، وبين «نعمات ونميري»، وما هو متوقع حدوثه بين رموز مايو والأنصار ..!. نعم أن من حق الانقاذ وحزبها المؤتمر الوطني ومن حق المايويين نسيان ما حدث من عراك ودماء عام 1976م فيما عرف بالغزو ، وأيضاً من حق الانقاذيين أن يغفروا لمايو مطاردتهم وملاحقتهم ووضعهم في السجون قبيل الانتفاضة لفترة، وليندرج ذلك في« ميزان حسنات الانقاذيين» ولو تحت «فقه الضرورة»، ولكن ليس من حق الانقاذ أن تسوق هذا النهج للآخرين وان تستفزهم بوجود القيادي لرموز مايوية؛ خصوصاً إن كانت هذه الرموز ليست بريئة من دماء الشيوعيين والانصار والطلاب وقطاعات أخرى من الشعب السوداني ما كانت تطلب او تطالب بغير العيش الكريم والحرية ، وإن كانت خطايا وأخطاء مايو تجسدت فقط في محاكم العدالة الناجزة «وشيل حال السودانيين ، إذاعة وتلفزيوناً وصحفاً»، وتدمير حياة العديد من الأسر ؛ فإن هذا يكفي للعمل على إخفاء وجوه تلك الحقبة المايوية خاصة القياديين والفَعَلة أو القَتَلة ..! نحن لا نريد الحظر، ولاندعو للعزل؛ ولكننا ولمصلحة كل الأطراف ولكي تطوى وفاقياً وتوفيقياً خزايا تلك الحقب ومآسيها لا نرى أن في استخدام الانقاذ لبعض الرموز المايوية مصلحة للشعب ولا للنظام نفسه.