بيـسا قصة قصـيرة بقلم د. أحمد الخميسي

بيـسا قصة قصـيرة بقلم د. أحمد الخميسي


04-01-2017, 06:53 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1491069207&rn=0


Post: #1
Title: بيـسا قصة قصـيرة بقلم د. أحمد الخميسي
Author: أحمد الخميسي
Date: 04-01-2017, 06:53 PM

05:53 PM April, 01 2017

سودانيز اون لاين
أحمد الخميسي-مصر
مكتبتى
رابط مختصر



نقرات الطبلة المشدودة وإيقاعها المتقد بدأ بعد ساعتين من تجمع شباب الصحفيين، الذين احتشدوا عند الرصيف أمام نقابتهم في الحادية عشرة صباحا. وقفوا يلوحون بالقبضات. يؤرجحون عاليا لافتات الاحتجاج. يهتفون تحت شمس مايو الحارة: "ارفع صوتك، قلها معانا.. حبس الكلمة، عاروخيانة". على درج النقابة المرتفع وقف كبار السن من الصحفيين خلف الشباب يحتمون من سخونة الشمس، يتابعون الحركة تحت أبصارهم. في الناحية المقابلة، ركنت سيارتان مصفحتان سوداوان التف حولهما عساكر بخوذات على رؤوسهم، استماتت أصابعهم على مواسير بنادقهم المدلاة من أكتافهم، بينما أبصارهم مثبتة إلي الرصيف المقابل. خلف العساكر جلس ثلاثة ضباط على كراسي أمالوا ظهورها إلي جدار وراءهم يتابعون المشهد بنظراتهم. بين الرصيفين مساحة من الشارع ظلت خالية كأنها منذورة لساعة الاشتباك. بقيت موجات من التوتر تروح وتجيء بين الرصيفين مثل رسائل صامتة إلي أن أمسك كاتب عجوز بميكروفون ووجه سبابته إلي الرصيف الآخر حيث الشرطة:"احنا خلاص مش ح نطاطي.. احنا كرهنا الصوت الواطي". تلقف الشباب الصيحة واشتعلوا يتقدمون إلي الأمام وينحسرون. اعتدل الضباط على الكراسي، واستخدم أحدهم جهاز اللاسلكي، فاقتحمت الشارع سيارة ثالثة مصفحة توقفت قرب العسكر. انفتح بابها الخلفي وهبطت منه مجموعة من النساء والرجال في مقدمتهم "أشرف تكتوك" أشهر لص تكاتك في الجيزة، وفي أعقابه "سنية حشيشة" البدينة الشحيمة معلمة قهوة العمرانية، ثم هبطت "بيسا"، بعودها النحيل ووجهها البرونزي في بنطلون جينز ضيق وبلوزة زرقاء. وشكلت المجموعة دائرة عند حافة الرصيف، وعلى الفور اعتلى"أشرف تكتوك" أكتاف رجلين وأبرز إصبعه الوسطى يلعبها للصحفيين في الهواء هاتفا:" يا أولاد الوسخة يازبالة .. عاملين قال يعني رجالة". حينئذ، وكانت الساعة حوالي الواحدة ظهرت الطبلة. أخرجتها "سنية حشيشة" من كيس قماش. مسحت على جلدها بكفها وشرعت ترسل نقراتها المحمومة لتضبط ايقاع الهتاف: "يازبالة .. آه يازبالة". غمرت نقرات الطبلة كل شيء بقوة وصخب. ومالبثت" بيسا" بأعوامها الثلاثين أن اندفعت إلي مركز الحلقة مثل لسان من لهب. فردت وشاحا في الجو وحزمت به خصرها النحيل والنسوة يصحن " يا لله يابيسا .. وريهم". أخذت "بيسا"،التي ضبطت مرات عديدة في دعارة، تلقي رأسها للوراء، تشبك أصابع يديها عاليا في الهواء، تضرب الأرض بطرف قدمها، تتمايل للأمام والخلف، ثم تستدير فجأة ناحية الصحفيين، تشير بسبابتها " يازبالة..آه يازبالة". رفع الكاتب العجوز رأسه بوجه محتقن وهمس لزميله " فرقة المواطنين الشرفاء"، ثم راح يردد: " الكلمة الحرة في كل مكان.. رغم السجن والسجان". بدأت الأقدام من الطرفين تدوس المساحة الشاغرة بينهما، تتراجع وتتقدم. انتزع صحفي شاب الميكروفون من يد الكاتب العجوز:" يا دستور يادستور..امتى بلدنا تشوف النور". ولم يتأخر " أشرف تكتوك" في الرد بقوة:" تحيا مصر ليوم النصر.. يا خونة يا أوساخ العصر". حميت نقرات الطبلة، وتسارعت، وبيسا تواصل الرقصة على إيقاع الطبلة المحموم، وعيناها تلمعان وهي تصيح" يا زبالة .. آه يازبالة".

في تلك الأثناء كان الكاتب العجوز يمعن النظر إلي" بيسا". يزر عينيه من عند الدرج ليستوثق إن كانت هي أم لا. أخيرا هبط ببطء. اقترب منها يدقق في ملامحها. صاح بها: " بيسا؟". توقفت عن الرقص. مالت برأسها ناحيته:" تعرفني منين حضرتك؟". قال: " مش أنت بسمة؟ بسمة حسني من مساكن الزلزال؟ بيسا؟". أجابت بتحد:" أيوه أنا بيسا. تعرفني منين؟".قال: " أنا علاء فكري". نظرت إليه وغابت في ذهول تتذكره. أضاف: " الصحفي اللي كتب عن ابنك المريض.. نسيتيني؟". تذكرته بوضوح. هو الذي ساندها حين مرض صغيرها محمود واستمرت تجري به من مستشفى لأخرى فيقولون لها" سرطان وعلاجه غالي. استعوضي ربنا فيه. الأدوية غير متوفرة. يلزمك تحويل من وزراة الصحة. الجهاز عاطل اليوم" بينما يذبل الولد يذبل على ذراعيها كل ساعة، وتسوخ روحه كل لحظة إلي أن أرشدها أحد زبائنها إلي علاء فكري وشدد عليها: " لا تقولي إني من أعطاك رقم هاتفه". كتب عن الولد ونشر صورته وظل يلاحق وزارة الصحة حتى تقرر له علاج مجاني. تمتمت وقد همدت حرارة جسمها: " العفو يا أستاذ علاء.. معقول أنسى حضرتك؟".سألها: " ابنك أحسن دلوقت؟" سقط صوتها إلي قرارة بئر عميقة:" محمود؟ تعيش أنت. قعد شهر في المستشفى وربنا رحمه. وقت العلاج كان فاته خلاص". صمتت ثم أضافت: " أنا آسفة يا أستاذ .. كنت بأقول زبالة كده يعني .. ما أقصدكش أنت". راح يواسيها " البقية في حياتك. أنت مازلت شابة وتقدري تجيبي طفل تاني". أجابت: " أنا مش عاوزه طفل تاني، أنا عاوزه محمود اللي كان معايا، مش أي طفل". هز رأسه بتفهم وعاد إلي سلالم النقابة. سرحت "بيسا" بعيدا. جرت دموعها في روحها. وضعت رأسها على صاج السيارة المصفحة تداري وجهها وجهشة بكاء. أطبقت قبضتيها تسحق فيهما الألم. مرت أمامها حياتها الشقية كلها منذ أن توفي والدها بواب العمارة النازح من الجنوب إلي أن انخرطت من الصغر في كل الأشغال وتعرفت إلي كل أشكال البشر، من ضربها ومن أهانها ومن أكل عليها أجرة ليلة، وأيام قضتها في حجرات الحجز بأقسام شرطة تعرضت فيها لشتى صنوف التحقير، ثم ظهر محمود أملا صغيرا وحيدا في حياتها، وضاع من يديها فلم يعد للحياة طعم ولم يعد لشيء فيها معنى. غرزت أظافرها في لحم ذراعها حتى ظهرت نقطة دم. لاح المخبر يصيح: " سكتي ليه يابيسا؟". رفعت جبينها من على صاج السيارة. سمعته يخاطب النسوة الأخريات:"يا الله يا مرة يا لبؤة أنت وهي.. رقصوها". حميت نقرات الطبلة يجري إيقاعها اللاهب في الأبدان. تعالت زغاريد النسوة، وجأر الرجال" أيوه.. أيوه". راحت " بيسا" تختلس النظرات إلي درج النقابة وهي تلف عودها ببطء. وسارع " أشرف تكتوك"يصفق بكفيه زاعقا:" هزي يا مرة.. هزي. عاوزين شغل". شبكت" بيسا" كفيها عاليا تحت الشمس الحارقة. برمت خصرها بتثاقل ترقص بخدر، ونكست بصرها إلي الأرض وهي تغمغم بمرارة " آه يا زبالة". وقرع الطبلة يتواصل ويغمر كل شيءء بقوة وصخب.

***

د. أحمد الخميسي. كاتب مصري





أبرز عناوين سودانيز اون لاين صباح اليوم الموافق 01 ابريل 2017

اخبار و بيانات

  • ابراهيم محمود يثمن دور المراة ودعمها ومساندتها لانجاح برامج الدولة
  • الحركة الإسلامية: السودان مر بسنوات عصيبة
  • بيان باسم قيادة الشعبية يعلن تجاوز أزمتها لقاء مواجهة بين عقار والحلو وعرمان في كاودا اليوم
  • مدير مركز التنمية المعدنية الكندي يؤكد عراقة وقٌدم الآثار السودانية
  • وصفتها بالسالبة ولم تراعِ التحوُّلات الكبيرة في البلاد الخرطوم ترفض تحذير واشنطن لرعاياها من مخاطر
  • خُبراء أجانب يوكدون عراقة وقدم الآثار السودانية
  • د. ابو كشوة لدى مخاطبتها ختام المهرجان الابداعي الطلابي تحيي ابداعات الطلاب في المناشط العلمية والث
  • اعتذرت لبعثة السودان رسمياً عن الخطأ مفوضية أممية تعترف بتبعية حلايب للسودان
  • صبي يقتل رفيقه بسبب سماعة هاتف
  • الاتحاد الأوروبي يدعو الخرطوم لفتح ممرات إضافية لإغاثة جنوب السودان
  • بكري حسن صالح لدى مخاطبته ختام الدورة الطلابية للجامعات القومية يؤكد ان رئاسة الجمهورية ستتكفل برعا
  • إيقاد تشيد بدعم السودان للدول المتضررة بالإقليم
  • السجن (٣) أعوام لضباط نقابة الشحن والتفريغ بنيالا
  • رئيس الجمهورية: الحوار الوطني احدي إبدعات وإشراقات الشعب السوداني
  • السودان يتجه للتصنيع التعاقدي مع شركات الأدوية العالمية
  • محكمة جرائم دارفور تقضي بإعدام مدانين بالقتل والنهب
  • رحّب بانضمام قوى سياسية للحوار عصام البشير يدعو إلى تحصين الشباب من الغلو والتطرف
  • توثيق لبعض تجاوزات الحٌكم الاسلاموي في السودان الزميل الصحفي خالد ابواحمد يصدر كتابا جديدا بعنوان

    اراء و مقالات

  • هام وعاجل: مطلوب للعمل مع محمد بن راشد بقلم رندا عطية
  • جهل غندور بقلم د.آمل الكردفاني
  • محجوب شريف: قصيدته حياة .. حياته قصيدة بقلم جعفر خضر
  • للأسف هذا ما يريده النوبة و لكم حق التعليق بقلم عبير المجمر سويكت
  • إقالة بروفيسور غندور بقلم جمال السراج
  • انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوربي وأثره على العالم العربي بقلم حمد جاسم محمد الخزرجي
  • ماذا بعد انتكاسة الجوهرة بقلم اسعد عبدالله عبدعلي
  • لكل مقام ترويج ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • جنوبيون في صنعاء بقلم عبد الله الشيخ
  • مذكرات امرأة سيئة الحظ..!! بقلم عبدالباقي الظافر
  • كأنه هو!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • عندما ينعدم الأكسجين في المستشفى بقلم الطيب مصطفى
  • ونحن سنصلي شكراً لله دهراً ياحسبو!! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • مُسلمي أبو كدوك
  • حوار على ضريح القائد يوسف كوة مكي!. بقلم الصادق جادالله كوكو –ولاية اوهايو –الولأيات المتحدة ألامري
  • لا مساومة على قرارات مجلس التحرير ..فليذهب مالك عقار إلى الجحيم.. بقلم عبدالغني بريش فيوف

    المنبر العام

  • ناسا تخدع العالم .. الأرض ليست كروية بل مسطحة ..
  • انحنا عرب و لا عبيد ... و لا احكي ليكم حكاية ام ضبيبينة ؟
  • مات من الضحــك .. هاشم صديق
  • أسبيس أكس تحقق نجاحاً تاريخياً بإطلاق صاروخ وتوصيل قمر صناعي للمدار والهبوط بالصاروخ في البحر ..
  • عفاف تاور- إستفادوا من الذهب الموجود في جبال النوبة.. عرمان أصبح ثرياً جداً
  • من التيار إلى السوداني..يعجبني هذا الرجل- بقلم سهير عبد الرحيم
  • كاريكاتور: عرمان يضع شعب جبال النوبة في قفص مكتوب عليه "ممنوع الإطعام"
  • تقلّيص صلاحيات وزير الداخلية ونقل بعض الصلاحيات لمدير قوات الشرطة!!
  • عمر دفع الله لقد تجاوزت الخطوط الحمراء ................!!!!!!!!!!
  • ارهاصات بنقل مقر الأمم المتحدة الى الخرطوم...
  • موقع ماستر كارد يرفع الحظر عن السودان ..
  • إقتراح بالتصويت للحد من صلاحيات بكري أبوبكر رئيس منبر سودانيزأونلاين ..
  • نفرتاري تصر على البقاء .. الفيلم كامل
  • التَّوَتُّرُ الجّهنّميُّ
  • نفيسة طه صالح التازي ،، شقيقة رجل الأعمال محمد التازي بالأمارات ،،، في ذمة الله ،،،
  • ترتيبات حفل الوداع !!
  • دعوة بورداب أمريكا وكندا لمكالمة جماعية (Conference call) بخصوص لقاء الصيف، يوجد كود ...
  • الإعدام على نهاب قتل مواطناً بالسلاح ونهبه بدارفور
  • الإعدام على نهاب قتل مواطناً بالسلاح ونهبه بدارفور
  • إنطلاق فعاليات مهرجان الأوقاف الأول
  • مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تعترف بتبعية حلايب للسودان
  • ضبط وتنظيم المرور توديعاً للزحمة
  • وزير مالية النيل الأزرق يكشف عن خطة وزارته الرامية لتنفيذ المشروعات التنموية في المجالات الخدمية
  • مدير مركز التنمية المعدنية الكندي يؤكد عراقة وقٌدم الآثار السودانية
  • إنقلاب النظام الخالف إعداد الشيخ الراحل وإخراج المشير الباقي , أسرار وخفايا..
  • هل يمكن لإعادة التوطين منع الهجرة غير النظامية
  • رفع أسعار البنزين يتسبب في أزمة حادة بالعاصمة الخرطوم
  • منع الاستاذ محمد ضياء الدين السفر للامارات
  • طرد طبيب من داخل استديوهات فضائية مشهورة!
  • اعتقال (12) أستاذاً بمدرسة مسيحية بسبب رجل أعمال “إسلامي”
  • اتهامات بالفساد المالي في مواجهة ياسر عرمان ومالك عقار والحركة تختتم اجتماعاتها
  • جامعة ترامب احتالت على 4 آلاف طالب.. وقاضٍ يعوِّضهم بـ 25 مليون دولار، تفاصيل القصة
  • النظام الخالف مسار جديد للشمولية
  • بالفيديو.. السيسي: أهرامات السودان «مصرية»
  • بصراحة هـــذا او مغادرة المنبر ي بكرى ابوبكر(صور)
  • لم توفق يا عمر دفع الله فى هذا الرسم
  • "جنوب كردفان" عقار وعرمان يؤكدان علي وحدة الحركة وتمسكها بموقفها التفاوضي ووفدها المفاوض ..
  • باركولي .. واخيرا تم ترشيحي .. سفيرا للنوايا الحسنة ...........