بينما تئن الطبقات المسحوقة من أبناء هذا الشعب الأبي تحت ويلات ما أودت به الإجراءات الإقتصادية الأخيرة ، تنتشر في أضابير الكثير من وسائط النشر الإلكتروني ، أخباراً تترى عن الحياة الباذخة التي يتقلب فيها أولي الجاه و النفوذ ، بعضهم ممن هم على سُدة الإنتماء المباشر لحكومة المؤتمر الوطني ، و بعضهم من أولئك الذين يطوفون حول الفرائس كالضباع يقتاتون من ما ينفلت من بين أظافر الكبار ، هم الطفيليون الجدد الذين إنتموا إلى الشعارات السياسية و الآيدلوجية للنظام فقط من أجل المنفعة الشخصية ، هم أحق بأن يُنعتوا بصفةٍ راسخة عنوانها ( اللا متضررون ) فأخبارهم الموثَّقة تترى فيما يفيد المستويات الملكية و المخملية في سكناهم و مأكلهم و مشربهم و فارهاتهم وتداويهم ( الدولي ) ، فأصبحوا دون وعي أو تخطيط يمثلون الحاجز الأصلب الذي يحول بين النظام و المطالبون بالإصلاح من داخل التنظيم الحاكم أو من خارجه و يستثنى من ذلك المعارضة التقليدية الواقفة على رصيف العاجزين ، بينما يجوع الشعب السوداني و يعُد العُدة للمثول طائعاً فريسةً لآفات يأتي في مقدمتها الجهل ثم المرض غير المقدور على تحمُّل علاجه ، تطالعنا أجهزة البث الإعلامي الرسمية و التي هي في حقيقة الأمر ليست أكثر من أبواق ( تنبح ) بإسم النظام في تعليقات و تصريحات لكثير من الوزراء و أصحاب المناصب السامية و التي تؤكد إصرارهم على التمادي في خداع و إيهام الجماهير المسحوقة أن هذه الحكومة لم تزل ترعى الإنسان السوداني ، ويرددون أن الخطط الخمسية في مشاريع زراعية و أخرى تتعلق بالتعدين و التطوير الصناعي ربما أعطت مؤشرات إيجابية متفائلة في إطار زيادة كمية و نوعية في الناتج القومي الإجمالي ، و كأنهم ما زالوا يحلمون أن أذن هذا الشعب الكسير الجناح ستظل دوماً صاغية إلى ترهاتهم و خدعهم غير الذكية التي لم و لن تستهدف سوى كسبهم للمزيد من الوقت للبقاء على صهوة السلطة ، و إستمرار ما يعيشونه من ترف ، في وقتٍ أصبح فيه أثرى أثرياء البلاد و مترفيها هم المسئولين الرسميين و الدستوريين و كبار الموظفين ، مما أشار بحِدة و وضوح إلى إتساع و إزدهار مساحة الفساد العام في أضابير الدولة ، ثم ما ثبت بياناً بالعمل و بأوجه الضبط الإداري و القانوني من تورط للكثيرين من المنتمين إلى دائرة النفوذ السياسي في إختلاسات و مظاهر فساد لكثير من المشاريع و المقاولات و العمليات المتعلقة بمجموعة من المؤسسات الكبرى و التي إنهار بعضها كلياً و قبعت بعضها خائرةً لا تقدم شيئاً للناتج القومي بل أصبحت عبئاً على الميزانية العامة في أحيان كثيرة ، و بعضها تم توزيعه ( كإقطاعيات ) و أملاك حره للمحظيين و المقربين و المطبلين و الرافعين للواء الطاعة ، الحديث هنا ليس حديث السياسة و الإنتماءات الفكرية بقدر ما هو ناقوس للمناصحة و الإرشاد المشترك وفق ما يجب أن يكون عليه واقع الحال بين الإعلام والحاكم ، لذلك لا نتردد من توجيه رسالتنا إلى من عُلِّقت في رقابهم ولاية هذه الرعية التي أرهقتها مرارات الحياة و صعوبات التحايل على متطلباتها التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم ، إن الذين يتوهمون أن بناء الوطن أو الإبقاء عليه في وضعية أمنية مقبولة و تنمية متوازنة و إرادة وطنية متحدة بالتوافق الدستوري دون إستهداف تنمية إنسانه و ( حمايته ) من أعدائه الأربعة : الجوع و المرض و الجهل و الظلم ، عليهم أن يستبشروا ( الفشل الذريع ).