Post: #1
Title: التجاور الطبقي والتجانس الطبقي والعزل الطبقي
Author: أمل الكردفاني
Date: 12-31-2021, 04:36 PM
Parent: #0
03:36 PM December, 31 2021 سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر
لا يمثل وجود طبقات إقتصادية مشكلة، إذا كانت هذه الطبقات غير متجاورة. تثبت دراسات الجريمة إزدياد الجريمة كلما اقتربنا من المركز. وتقل كلما ابتعدنا عن المركز. أي المركز الحضري أو التجاري أو المدينة (أنظر كويتليه وجيري ومدرسة شيكاغو).. ليس لأن المركز يضم طبقات الرأسماليين ومن ثم فرص أكبر للمجرمين واللصوص (كما تقول نظرية الفرصة) وإنما لأن المركز به خليط بين الطبقات أو تجاور طبقي.
التجانس واللا تجانس هو السؤال الأهم الذي لا يطرح سيكولوجياً بشكل جاد. فكرة التجانس الطبقي، أهم من التواجد الطبقي على نحو تجريدي. إن وجود طبقة عمال مع طبقة رأسماليين تمثل استفزازاً نفسياً يحفز على اقتراف الجريمة. أما وجود مراكز العمال بعيداً عن مراكز أصحاب العمل حيث لا يلتقيان إلا في مكان العمل لا يغري كثيراً بارتكاب الجريمة.
يمثل التجانس الطبقي بين الفرد والجماعة عاملاً هاماً للرضى عن الذات، أما التجاور والتخالط بين الطبقات المتباينة فهو يكشف عن أوجه قصور الفرد ونواقصه باستمرار.
▪️هذا لديه قصر وأنا ليس لدي سوى كوخ.
▪️هذا لديه سيارة، وأنا أتنقل بالمواصلات العامة.
تحدث مقارنة في الوعي واللا وعي ويتنامى الشعور بالفقر. في حين أن مجتمع المزارعين المتساويين في كل شيء لا يفضي إلى ذات الشعور. ولذلك فمن الأفضل لأصحاب الأراضي الزراعية أن يقطنوا بعيداً عن أراضيهم الزراعية. أي بعيداً عن الأقنان؛ لإحداث التجانس الطبقي ومن ثم صد عوامل الاستفزاز النفسي.
هناك تعاريف متعددة للفقر، ولكننا لا نستطيع التأكد من صحتها إلا في حدود قصوى للإنحطاط الإقتصادي، أي حيث يكون إشباع الحاجات الأساسية شديد الصعوبة، كما في حالات المجاعة والجدب الشديدين. أما فوق هذا فالفقر يفقد تموضعه في مرتكز مفاهيمي ثابت ليصبح متوتراً، يصبح مفهوم الفقر مفهوماً نفسياً، وهكذا فإن التجانس الطبقي يمحو سؤال الفقر، أو يخففه، أما التجاور الطبقي فيدفعه للإنبثاق. ما كنا لنستطيع أن نطرح سؤال الفقر على مجموعة دول متقاربة إقتصاديا قبل اربعمائة عام واليوم مثلاً، ولكننا إذا قارنا بين أوروبا قبل اربعمائة عام وأوروبا اليوم فهي كانت فقيرة في الواقع. وبدون مقارنتها باليوم فإنها قبل اربعمائة لم تكن فقيرة، لأنه لا يوجد مقياس أساسي Standard scale للمقارنة. أما عندما نضع أوروبا اليوم كمقياس أساسي فإننا نستطيع أن نقول بأنها كانت فقيرة قبل ذلك. وعلى هذا فالدول الأفريقية اليوم ليس فقيرة إلا عندما نواجهها بمقياس أساسي للمقارنة. لكننا لو جعلناها هي اليوم مقياساً اًساسياً بها نفسها قبل مائتي عام فهي اليوم أغنى من ذي قبل.
هكذا يجب أن نبحث عن معيار لفقر الدول، وهو معيار الفرص، أي أن الدولة تكون غنية كلما أتاحت للفرد فرصاً إقتصادية أكبر لتحقيق التجانس الطبقي. أما إن كان هناك تفاوت حاد مع تجاور بين الطبقات فإن هذه الدولة ستعاني من خلل أمني كبير، وتحفيز للجريمة والعنف والفساد. لذلك فالدولة يجب أن تعمل على خلق الفرص للمواطنين، أو تعمل على منع التجاور الطبقي، وتوطين الطبقات في غيتو خاص بكل طبقة. يجب أن يكون للعمال مناطقهم المنفصلة عن أرباب الأعمال، ويجب أن يكون الفلاحون بعيدين بما يكفي عن الإقطاعيين الجدد، والمدينة حالة هامشية تعج بالسماسرة والوسطاء فقط. ولكي يحدث ذلك فإن التوطين الطبقي يحتاج بدوره إلى توفير الخدمات الأساسية في كل مستوطنة طبقية؛ كالماء والكهرباء والعلاج والتعليم؛ وإلا فإن نزوحاً حتمياً سيتم من طبقات العمال والفلاحين إلى مناطق طبقات الرأسماليين، مما يفضي إلى التجاور الطبقي من جديد وبالتالي زيادة معدلات الجريمة.
إن بناء مئات الآلاف من الوحدات السكنية متكاملة الخدمات للفقراء مهم جداً، ولكن يجب أن تكون تلك الوحدات بعيدة بما يكفي عن غيتو الطبقات الغنية. على أن تربط بينهما مدن صغيرة لتحقيق رقابة أمنية مركزية نشطة وفاعلة. كما يجب عزل مناطق الصناعة عن المدن ولكن يجب أن تقترب أكثر من الوحدات السكنية للعمال، لتقليل الإنفاق على الانتقال إليها. وبعيدة بما يكفي عن أصحاب الأعمال ويمكن أن نطلق على ذلك (العزل الطبقي).
يحقق العزل الطبقي التجانس المطلوب لكبح عوامل الاستفزاز النفسي، وبالتالي رضى الفرد عن الواقع (المشترك) مع الجماعة. مع ضرورة ألا يتحول العزل إلى تهميش، بل يظل هناك إهتمام مستمر بتوفير الخدمات الأساسية للطبقات الفقيرة، حتى لا يحدث النزوح وبالتالي ينشأ مقياس أساسي للمقارنة.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/30/2021
عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/30/2021
عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 12/30/2021
|
|