استقالة حمدوك.. صرخة مرتعشة

استقالة حمدوك.. صرخة مرتعشة


12-25-2021, 02:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1640437658&rn=1


Post: #1
Title: استقالة حمدوك.. صرخة مرتعشة
Author: د. ياسر محجوب الحسين
Date: 12-25-2021, 02:07 PM
Parent: #0

01:07 PM December, 25 2021

سودانيز اون لاين
د. ياسر محجوب الحسين-UK
مكتبتى
رابط مختصر



أمواج ناعمة




عندما رمى جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني الأسبق والأكثر جدلا باستقالته على طاولة اللعب الإيرانية قبل نحو عامين، وصفتها صحيفة "ابتكار" الإصلاحية الإيرانية بالصرخة المرتعشة باعتبارها ورقة حظ بكل ما للكلمة من معنى، إما أن تصيب وإما أن تخيب، ثم لم تؤت أكلها ومضى ظريف. كان ظريف في نظر خصومه عميلا للغرب، خائضا في الثقافة الغربية حتى أخمص قدميه وحمَّلوه ما حدث في الاتفاق النووي عام 2015 باعتبار ذلك كان نتيجة مؤامرة نفذها هو مع فريقه لإضعاف إيران وتحويلها إلى دولة مهمشة إقليميا. أواخر الأسبوع الماضي لوّح رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك باستقالة لم يقدمها رسميًا، ورمى بها في طاولة تعتريها فوضى مشهد سياسي مسدود الأفق، فبدت ورقة الاستقالة أكثر من صرخة مرتعشة وأقل من مناورة محسوبة العواقب والنتائج.
لكن إلى أي بريد كانت تلك الاستقالة موجهة؟ هل كانت موجهة لمجموعة الحرية والتغيير المبعدة؟ أم أنها موجهة للمكون العسكري في السلطة الانتقالية ممثلة في الجنرال عبد الفتاح البرهان؟ أم أنها موجهة إلى الخارج لاسيما دول الترويكا (على رأسها واشنطن ولندن) الداعمة له لدرجة وصفه من البعض برئيس وزراء الترويكا، أم أن هذه الاستقالة موجهة لجميع هذه الأطراف معا؟. توقيت وصيغة خبر الاستقالة توحي بكثير من المستبطنات؛ فقبيل تسريب خبر الاستقالة للإعلام العابر للقارات قضى حمدوك اليوم السابق لتلويحه بالاستقالة في إصدار قرارات عديدة تجب ما قام به الجنرال البرهان في سياق ما أسماه بتصحيح المسار في 25 أكتوبر الماضي حيث تم بموجب ذلك إقالة حمدوك وحكومته وحاضنته السياسية قبل إعادته لمنصبه في 21 نوفمبر متمتعا بصلاحيات تنفيذية واسعة، ونظر الكثيرون لقرارات حمدوك باعتبارها خطوة في اتجاه تصفية قرارات البرهان الذي لاذ بصمت بهيم تجاه إجراءات حمدوك. وذلك قد ينفي جدية حمدوك في الاستقالة. وبموازاة ذلك تم تسريب الخبر عمدا ما يبدو لوكالة رويترز للأنباء التي ابتلعت الطعم أو أنها شريك في الهدف. فخبر تصدّره رويترز لابد وأن يكتسب صدقية عالية فضلا عن الزخم الذي من الممكن أن يحدثه الأمر الذي يدعم هدف حمدوك المستبطن والمستهدف لاعبين حول الطاولة.
بالفعل وقبل أن يتأكد حمدوك من وصول رسالته إلى وجهتها أو وجهاتها فقد أعلن تراجعه عن استقالته قبل مضي 24 ساعة على خبر رويترز، بزعم تدخل مسؤولين في الحكومة وسياسيين طلبوا منه عدم الاستقالة والاستمرار في منصبه من أجل استقرار البلاد. وإن كانت رسالة الاستقالة موجهة للبرهان فإن البرهان لم يقاوم أو يعترض القرارات التي قصد بها حمدوك محو قراراته واستفزازه بها أو حتى اختبار مدى قوة صبره على الاستفزاز ونجح بامتياز. وعليه فإن احتمال أن تكون الاستقالة موجهة لبريد البرهان احتمال يبدو ضعيفا. أما احتمال أن تكون الرسالة موجهة لبريد الترويكا، فلا يبدو كذلك واردا باعتبار أن ما بين حمدوك و"حاضنته" الخارجية أكبر من علاقة مطالب ينتظر الاستجابة وقد يضطر ممارسة ضغط ما. فالذي يربط الطرفين علاقة تنسيقية قوية، ولذا فإن حتى تسريب الخبر وتوقيته والجهة المنفذة أمر كان مقضيا ومتفقا عليه.
لكن يبدو أن الرسالة موجهة بالأصالة إلى بريد قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) حاضنته السياسية الداخلية السابقة والتي تشوش عليه اليوم وتقوم بدور معارض شرس له حدّ من قدرته على تشكيل حكومته التي وعد بها قبل أكثر من شهر بُعيد توقيع الاتفاق السياسي مع البرهان في 21 نوفمبر الماضي. بل قد يكون البرهان مستفيدا من استقالة حمدوك إذا ما تمت، إذ إنه فعل ما عليه وأعاد حمدوك مستجيبا للضغوط الدولية لا سيما الترويكا. بل إن غياب حمدوك سيفسح له المجال لتعيين رئيس وزراء بمواصفاته، طيع لين.
حمدوك اليوم لا يشعر بقدرته على إحداث توافق سياسي مع تصاعد الاحتجاجات الرافضة لاتفاقه مع البرهان والتي تقف من وارئها قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي). وقيل إن حمدوك مستاء جداً من موقفها وتصعيدها لخطاب سياسي ضده شخصياً، ورفضها كذلك مناقشة مشروع ميثاق سياسي مقترح من شخصيات قومية يدعمه حمدوك. وتريد قوى الحرية والتغيير التي فقدت مناصبها واستئثارها بالسلطة من حمدوك أن يقف معها ضد البرهان ويتحلل من اتفاقه السياسي معه. لكن ذلك لا يبدو واقعيا ولا ممكنا. كما لم يكن حمدوك سعيدا حتى ما قبل إجراءات البرهان التي تسميها قوى الحرية والتغيير بالانقلاب، فقد كانت قوى الحرية متشاكسة ومتناحرة بشكل عطل العمل التنفيذي تماما وكشف ضعف حمدوك نفسه مما دعا البرهان للقيام بتحركه في 25 أكتوبر الذي أفقد قوى الحرية مواقعها وسلطتها التي استحوذت عليها وأقصت بقية القوى حتى تقلصت أحزاب قوى الحرية إلى 4 أحزاب فقط مهيمنة ومسيطرة.
إذن فإن حمدوك في رسالته لقوى الحرية والتغيير يعوّل على أن تعي أن استقالته ستمثل خسارة كبرى لها وهي تقاوم المكون العسكري. كما أن وجوده سيمكنه باستمرار من اتخاذ مجموعة من القرارات تساهم في تخفيف القبضة العسكرية على مفاصل الدولة. ويوحي حمدوك لقوى الحرية المعارضة كذلك أن استقالته ستجعل البرهان ورفاقه يتحركون لاستعادة السيطرة على مواضع سيطرتهم التي فقدوها بسبب عودة حمدوك.
إلى هذا فلا يتوقع أن تغيّر محاولات حمدوك شيئا في الواقع المأزوم فالرجل نفسه جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل. فلم يعرف عن حمدوك الموظف الأممي السابق قدرات سياسية خارقة تناسب المشهد السياسي السوداني المعقد ولم يبد أي خبرة في تعاطيه مع مسؤولياته في الفترة السابقة أو حتى يتعلم من أخطائه. من الأساس بدا للكثيرين أن إعادة حمدوك لرئاسة الوزراء كانت إعادة لإنتاج الأزمة وهذا ما يبدو حادثا اليوم.
yasir_mahgoub@



عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/24/2021

عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/24/2021


عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 12/24/2021