شعب آخر..لو تعقلون ..! عبدالمنعم عثمان

شعب آخر..لو تعقلون ..! عبدالمنعم عثمان


11-24-2021, 01:26 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1637756767&rn=0


Post: #1
Title: شعب آخر..لو تعقلون ..! عبدالمنعم عثمان
Author: عبد المنعم عثمان
Date: 11-24-2021, 01:26 PM

12:26 PM November, 24 2021

سودانيز اون لاين
عبد المنعم عثمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




منذ ان اندلعت ثورة ديسمبر المتفردة ، والمحللون المحليون والغربيون ،والاقليميون بالاخص يجدون فى ايجاد نقاط الالتقاء بينها وبين ماعرف بثورات الربيع العربى ، فأحيانا يوفقون وغالبا مايفشلون . ذلك لسبب بسيط وموضوعى فى نفس الوقت ، وهو انهم لايجدون بنفس الدرجة فى التعرف على هذا الشعب العظيم المختلف . ولو انهم راجعوا فقط ماكانوا يقولون ويعتقدون جازمين بان الانقاذ باقية لأنه لم يعد هناك من يستطيع ازالتها خصوصا من الشباب ، الذى نعتوه بكل اوصاف الخنوع والخضوع بسبب الادمان للمخدرات وغيرها من مغيبات العقل ! ولكن حدث ماحدث بقيادة هذا الشباب نفسه ، فادهشهم ومن ورائهم العالم اجمع . ولكن هل يعنى ذلك ان اختلاف هذا الشعب هو بسبب جينى مثلا ، او بسبب تاريخه الذى اصبح كل يوم يزيد دهشتنا قبل العالم ؟ لاشك فى ان هذين السببين وراء عظمة هذا الشعب وقد عبر شاعره محجوب شريف بكلماته البسيطة عن ذلك الارتباط فى قوله :( عمق احساسك بحريتك .. يبقى ملامح فى ذريتك ) وقد كان ! ولكنى ارى ان هذين السببين ، على اهميتهما ، قد كانا مؤثرين فى ترسيخ السبب الرئيس فى ماأرى ، الا وهو الوعى . هذا الوعى الذى ترسخ على مدى سنوات الكفاح من اجل الاستقلال ، ثم ضد الدكتارتوريات العسكرية والمدنية على مدى عقود مابعد الاستقلال . ونحاول فى هذا المقال ان نتابع بعض الادلة على تجارب رئيسة نرى انها قد مكنت لهذا الوعى :
خروج المظاهرات الشعبية ضد ماعرف بمشروع النقطة الرابعة ، الذى كان مقدمة للتدخل الامريكى من خلال المعونات فى شئون بلدان الشرق الوسط ، التى كان بعضها قد خرج لتوه من الاستعمار الاوروبى بشكله القديم . حدث ذلك فى الاعوام الاولى من الاستقلال ، وقد وصل وعى الشعب وقتها الى حد انقسام الحزب الوطنى الاتحادى ، حيث تكون حزب الشعب الديموقراطى بقيادة الشيخ على عبدالرحمن الذى اقتنع بالوقوف ضد المعونة ، بما أدى الى تخوف رئيس الحكومة عن حزب الامة ، السيد عبدالله خليل ، من سقوط حكومته وبالتالى الى تسليم السلطة للعسكر فى اول انقلاب فى العام 1958 . حدث هذا فى الوقت الذى قبلت فيه الكثير من حكومات المنطقة بمقدمة السيطرة الاستعمارية الحديثة ! واستمر حكم العسكر بمباركة راعيي الحزبين الكبيرين الامة والاتحادى . غير ان موقف الحزبين تعدل عدة مرات مع وضد الحكم العسكرى وحتى قيام ثورة اكتوبر-1964- بقيادة جبهة الهيئات . وجاءت الحكومة الاولى مكافأة لجهد اليسار الذى كان بالفعل هو القائد لحركة المعارضة ضد الحكم الدكتاتورى .
المرحلة الثانية من زراعة الوعى حدثت عند تمدد اليسار وسط الجماهير لدرجة اخافت القوى التقليدية فى نفس الوقت الذى جعلت فيه الحزب الشيوعى التفكير فى انفتاح اكبر على الجماهير وتكوين الحزب الاشتراكى ، غير ان الاتجاهين لم تشا الظروف السياسية وقتها ان ينجحا . فمن ناحية استطاعت القوى التقليدية طبخ مؤامرة أدت لحل الحزب الشيوعى وطرد نوابه من البرلمان . ومن ناحية اخرى تراجع الحزب تحت ضغط الحزب الشيوعى الروسى عن تكوين الحزب الاشتراكى . وكان لهذه التطورات ، فى ماأرى ، دور رئيس فى بحث اليسار عن اسلوب آخر للوصول الى السلطة ، وهو ماكان ايضا سببا فى انقسام الرأى فى الحزب حول هذا الاسلوب الذى هو الانقلاب العسكرى . فقد رأت المجموعة بقيادة السكرتير العام ان ذلك لايجوز الا فى حالة انحياز الجيش الى حركة جماهيرية ثورية لاينقصها غير ذلك الانحياز مثل ماحدث فى اكتوبر وابريل من بعد ، بينما رأت مجموعة اخرى بقيادة معاوية سورج واحمد سليمان انه بعد التجربة البرلمانية الفاشلة لابد من الاتجاه لأسلوب الانقلاب كاسلوب وحيد اصبح متاحا امام الحزب !
فى 1969 جاء انقلاب مايو ليكون محكا عمليا لأختلاف الرأى فى الحزب . فبينما اعتبره الفريق المؤيد لفكرة الانقلاب كمنقذ للحزب ، خصوصا وانه طرح برنامج الحزب بالكامل ، اعتبره الرأى الآخر انقلاب قامت به مجموعة الضباط الذين يمثلون البرجوازية الصغيرة المترددة غير انه يمكن ان يتطور الى ثورة لو التزم جانب الجماهير وقام بتنفيذ أهداف الثورة باستكمال الاستقلال السياسى باستقلال اقتصادى حقيقى يزيل سيطرة راس المال الاجنبى فى المجالات الاساسية من تجارة خارجية ومصارف ..الخ وكان ايضا من اسس هذا الرأى ان يظل الحزب قائما مستقلا . وقد اوضح تطور الاحداث من بعد صحة رأى الحزب الذى ظل مستقلا واستطاع من خلال مواقفه الخاصة ان يقف ضد العمليات العسكرية ضد الانصار وكذلك ضد عملية التأميم والمصادرة التى اختلط فيها الحابل بالنابل فصادرت واممت ممتلكات الرأسمالية الوطنية التى كان من المفترض ان تكون التأميمات فى مصلحتها . كذلك ثبت خطل الرأى الآخر الذى انضم اعضاؤه الى الاتحاد الاشتراكى وذابوا بذوبانه عند انتفاضة 1985. ومن هذه التجربة بدأت تتوطد فكرة رفض الانقلابات العسكرية من اين جاءت ، يمينا اويسارا .
قبل انتفاضة 1985 كانت الجبهة الاسلامية قد مكنت نفسها من جل مراكز السلطة والقرار خصوصا بعد اعلان قوانين 1983 المسماة بالاسلامية ، ولذلك جاء الانقلاب اسلامويا بكل معنى الكلمة . ومهد لذلك الوجود السياسي اضافة الى النفوذ الاقتصادى المالى والتجارى ، مهد لفوزها بالمستوى الثالث فى برلمان مابعد الانتفاضة لكن طموحها للسلطة منفردة وسيطرتها على وسائل الاعلام بصورة شبه كاملة من خلال استغلال الشعارات الاسلامية ، اضافة الى ترك الحبل لها على الغارب من قبل سلطة رئيس الوزراء الذى كان يعبر كلاميا عن الوقوف ضدها ولكنه عمليا ينفذ ارادتها وذلك الى حد اشراكها فى بعض حكوماته الائتلافية ، بل والتقاضى عن تحذيرات، جاءته من اكثر من جهة بمافى ذلك مدير امنه ،باعداد الجبهة للانقلاب . وبرغم ان القوي السياسية كانت قد وقعت ماسمى بميثاق الدفاع عن الديموقراطية وانه قد تم توقيع اتفاقية قرنق \ الميرغنى ، التى كانت كفيلة بانهاء الحرب فى الجنوب وانضمام الحركة الشعبية الى العمل السياسى ، وان الجيش كان يقف فى ف القوى السياسية ، الا ان كل ذلك لم يكن كافيا للحؤول دون حدوث انقلاب الجبهة ، الذى تم بمشاركة ثلثمائة فرد اغلبهم من غير العسكريين !
وجاءت الطامة الكبرى بنجاح انقلاب الجبهة الذى كان بينا لجماهير الشعب السودانى، حيث كانت كل القوى السياسية فى طرف يتفق على برنامج سياسي واضح لم تستثنى منه غير الجبهة الاسلامية . وبالتالى فلم يكن لأى من القوى السياسية بخلاف الجبهة ، مصلحة فى القيام بالانقلاب ! وبرغم الآلام والمصاعب المصائب التى جرها الانقلاب على الشعب السودانى والشعوب المجاورة ، وعلى شعوب العالم اجمع، الا ان سقوطه قد كان تجربة مثيرة ومفيدة بنفس القدر . فهو قد ساهم فى تعرية الاسلام السياسى على كل نطاق . ففى السودان عبر شعار الجماهير " الجوع ولا الكيزان " على هذا العري الذى لحق بفكرة الاسلام السياسى ، وما يحدث الآن فى تونس والمغرب وغيرها من بلدان الاسلام السياسى ليس الا صدى لما كشفته ثورة ديسمبر المتفردة من فراق واضح بين فكرة الاسلام السياسى وتطبيقها!
وجاءت ثورة ديسمبر المتفردة بالوعى المتراكم على مدي تلك العقود ، والتى ذكرنا شذرات منها لتثبت خطل المحللين من حدب وصوب ولتبين ماجاء فى عنوان المقال من ان مايحدث فى مجريات الثورة السودانية هذه المرة لايمكن تشبيهه بأى شئ يحدث فى بلاد اخرى وذلك لأنه اصبح شعب آخر ! ولوراجعنا بعض المواقف التى حدثت منذ بداية الثورة وحتى اليوم لثبت لنا هذا الزعم بملايدع مجالا للشك :
كانت الخرطوم ، مثلها عوام الدنيا الاخرى ، هى التى تمثل راس الرمح فى الثورات ،غير ان درجة الوعى التى عمت القري قبل الحضر جعلت ثورة ديسمبر تبدأ من الدمازين فى اقى الجنوب الشرقى للبلاد ومن عطبرة فى شمال السودان .
طرحت الثورة منذ بدايتها شعار عبقريا حاويا ، ظل يمثل متطلبات بناء السودان الجديد على مر مراحلها : حرية سلام وعدالة . ولاشك فى عبقرية الشعار حتى فى وضع اولوياته ، الحرية بمعناها الشامل تظل هى الضامن الوحيد لمزيد من الوعى من خلال التنظيم والحديث والتحركات الجماهيرية للتعبير عن الرأى الجماعى ، وهل للديموقراطية تعريف آخر ؟!. يأتى بعد ذلك السلام ، وايضا بمعناه الشامل الذى لايقتصر على وقف الحرب ، اذ ان شموله الجوانب الاجتماعية كافة يظل ايضا هو الضمان لتفرغ الشعب لمهام البناء والتنمية . ثم تاتى العدالة ، ايضا بشمولها الجوانب القانونية والاقتادية والاجتماعية ليكتمل العقد العبقرى للشعار الخالد .
بسبب الوعى الناتج عن تجارب العقود الماضية ، والذى ساهمت فيه كل القوى السياسية سلبا وايجابا ، فان القوى الثورية استطاعت ان تقلب الطاولة المرة تلو الاخرى على محاولات الردة . الامثلة متعددة ومعروفة وآخرها مايجرى الآن على الساحة من وقوف صلب ضد المحاولة الانقلابية الاخيرة ، التى دفع اليها ياس قوى الردة فى الداخل والخارج عندما رات احلامها تتبخر تحت وطأة العمل الثورى الذى اشتد قبل الانقلاب ووصل الى مايمثل خطرا داهما ليس على من هم فى السجون من قادة الانقاذ ، بل على من هم فى سدة السلطة الانتقالية .
الى هنا نكون قد حاولنا التدليل على تفرد الثورة السودانية الواعية مقارنة بماعرف بثورات الربيع العربي ، وبهذا يتبقى الرد على بعض الادعاءات من مثل : الثورة ثور شباب ولادخل للاحزاب بها ، فهى ، اى هذه الاحزاب ، جاءت متأخرة وسرقت جهد الشباب . وفى هذا الاطار الرد على الادعاء الأخطر بأنه لاضرورة للاحزاب ، وان كان لابد منها فسيكون على الشباب تكوين مؤسستهم الحزبية الخاصة ! وغير هذا من ادعاءات وتحليلات المحللين " الاستراتيجيين " ، وهو ماسنقوم به فى مقالات قادمة ان شاء الله.

عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 11/23/2021



عناوين المواضيع المنبر العامبسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 11/23/2021



عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 11/23/2021