مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 05:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-12-2004, 03:19 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟

    مليشيات الجنجويد في دارفور
    ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟

    مقدمة:
    احتل اسم "الجنجويد" صفحات الاعلام السودانية والاقليمية والعالمية؛ دون شرح تام للاسم وما يعنيه؛ وفي ظل غموض كبير حول هذا التعبير. ويتم الحديث عن مليشيات "الجنجويد" باعتبارها مليشيات لعناصر من اصول عربية في اقليم دارفور السوداني؛ موالية للحكومة في الخرطوم؛ ومعادية للتمرد المسلح وللقبائل الزنجية هناك. وينسب لهذه المليشيات القيام باعمال قتل المدنيين وحرق القري ونهب ممتلكاتهم؛ مما يصفه بعض المحللين بالتطهيرالعرقي او حملات الابادة.؛ او الابادة الجماعية (Genocide).

    وقد اصبحت المطالبة العالمية بحل مليشيات الجنجويد وايقاف عملياتها التي يفترض بانها مسؤولة عن هجرة وهرب ما يقارب المليون مواطن مندارفور؛ وقد شكلت مأساة المواطنين المهجرين من دارفور؛ تكدسهم في معسكرات اللاجئين في الاقليم ودولة تشاد؛ بندا اساسيا في الضغط الدبلوماسي العالمي من اجل ايجاد حل للازمة في ذلك الاقليم. وقد ترددت الانباء عن الدعوة لفرض عقوبات علي "الجنجويد"؛ وكذلك ردد رئيس الحكم السوداني عمر البشير دعوات مختلفة بحل تلك المليشيات.

    فما هي مليشيات الجنجويد؛ وما هو دورها في الحرب القائمة في دارفور؛ وما هو مستقبلها السياسي والعسكري؛ ضمن فسيفساء الصراع الضاري في دارفور والسودان والمنطقة؟

    في اصل اسم " الجنجويد":
    اول ما يسترعى الاهتمام حول هذه المليشيات؛ هو اسمها الغامض؛ والذي لا يعني شيئا محددا في اللغة العربية او اللغات المحلية في دارفور. وينطق الاسم مرات بالدال " جنجويد"؛ ومرات بالتاء "جنجويت"؛ كما ينطق ايضا بتحويل فتحة الجيم الي ألف "جانجويد". فما هو اصل هذا الاسم الغريب؛ وما هي دلالته في تحديد طبيعة هذه المليشيات؛ وفي سيكلوجية الحرب القائمة وثقافتها؟

    التفسير الارجح لكلمة "جنجويد"؛ هو انها اختصار لجملة " جِن علي جواد"؛ او بالدارجية السودانية "جِن فوق جواد"؛ اي شخص مجنون علي ظهر جواد. وقد صغر كلمة الجواد تحبيبا الي "جويد"؛ ودغمت الكلمتان يالاستغناء عن كلمة فوق او علي لضرورة الاختصار؛ لتصبح "جنجويد"؛ اي جنون علي جواد؛ او شخص مجنون علي جواد.

    كما يذهب البعض الي إن الكلمة ترجع لاسم احد مؤسسي المجموعة؛ وهو حامد جنجويت؛ والمنحدر من قبيلة الشطيّه؛ هو من قيادات حركة النهب المسلح في دارفور؛ وقد ظهر ومجموعته في عام 1988؛ وقتل من بعد في معارك مع الشرطة في جبل كرقو في دارفور في 1991؛ بينما استمرت مجموعات من اتباعه محتمية بالجبل تمارس النهب المسلح؛ حتي قيام التمرد في دارفور؛ وانخراطها فيه معارضة للحكم في
    البداية؛ وموالية له من بعد؛ ومكونة نواة لمليشيا الجنجويد القائمة.

    كما يقال ان تكرار حرف الجيم في الاسم؛ هو اشارة الي ثلاثة "جيمات" يعتز بها "الجنجويد"؛ وهي الجن او الجنون؛ والجويد اي الجواد؛ والجيم3؛ اي السلاح الآلي – الكلاشنكوف- الذي يحملونه؛ اي تصبح التسمية في المحصلة اختصارا لتسمية قريبة مما اوردناه اعلاه؛ وهي جن علي جواد يحمل جيم 3؛ اي اختصارا "جنجويد".

    وغض النظر عن الاصل التاريخي او اللغوي للتسمية؛ فان تعبير الجنجويد في دارفور؛ وخصوصا وسط قبائل الرعاة العربية هناك؛ قد كان له معني سلبي؛ وقد رمز به طوال فترة التسعينات؛ للعناصر الخارجة عن السلطة وعن قبائلها؛ والعناصر اللامسؤولة عموما؛ ومن المعروف ان القبائل البدوية في دارفور تنطق الاسم ك"جنجويت" بالتاء؛ مما يعزز الراي بان التسمية ترجع لقاطع الطرق "الهمباتي" حامد جنجويت.

    ويهدف الاسم بغموضه والتفسيرات المفزعة التي تحملها بعض مضامينه – شخص مجنون علي جواد- الي احداث حالة من الفزع والرعب في نفوس الاعداء المحتملين. واذا كان غرض الجنجويد كما يفترض هو احداث نوع من التطهير العرقي ضد القبائل الافريقية في دارفور؛ واجبارها علي الهرب والنزوح من اراضيها؛ واذا كان المستهدفين هم المدنيين؛ فان مجرد التسمية تلعب هنا دورا محوريا؛ باحداثها للفزع قبل المعارك؛ وشلها للخصم بالخوف؛ واجباره علي الهزيمة والهرب قبل ان يري الجنجويد.

    وتلعب مثل هذه العوامل السيكلوجية المشار اليها اعلاه؛ دورا مهما فيما يسمي بالحروب القذرة؛ وخصوصا الهدافة الي احداث نوع من التغيير الديمغرافي في منطقة ما.. وقد استخدم المغول مثل هذه الحرب النفسية بمهارة في هزيمة الشعوب التي هاجموها؛ كما في العهد الحديث كانت شهرة كتائب ال"SS" الالمانية مماثلة؛ في اثناء الحرب العالمية الثانية. كما في غمار الحرب في البوسنة والهرسك؛ ومن بعد في كوسوفو؛ كان لمليشيات القائد الصربي "اركان"؛ والمشهورة بقسوتها ووحشيتها؛ نفس الدور في اجبار المواطنين المدنيين علي الهرب؛ لمجرد سماع الاسم؛ وقبل بدء المعارك.

    ويأتي اسم الجنجويد او الجنجويت؛ كواحد من الاسماء الشعبية؛ التي تتفاعل بها المجموعات الاقل ثقافة؛ مع واقع إعلامي وسياسي يحاصرها ويتجاوز وعيها البسيط. وقد تم تبني تسميات شعبية مختلفة لوصف المجموعات المسلحة في دارفور؛ بما فيها تلك التي تحمل مسميات رسمية كحركتي التمرد. وتقتبس هذه التسميات من تعبيرات اعلامية مشهورة؛ دون فهمها بصور كافية؛ ومن ذلك مثلا اطلاق اسم تورابورا علي عناصر المعارضة المسلحة –المحتمية بالجبال-؛ أو الجنجويد علي العناصر الموالية للحكومة؛ او تعبير البشمركة المطلق مرات علي الجانب المعارض؛ ومرات علي الجانبين.

    في تاريخ تكون مليشيات "الجنجويد":
    تدل الوقائع علي ان قوات الجنجويد قد تكونت عبر ثلاثة افرع رئيسية: عناصر النهب المسلح من المنحدرين من القبائل العربية؛ وعناصر قبلية موالية للحكم في الخرطوم؛ من مليشيات "الفرسان" او الدفاع الشعبي؛ وعناصر اجنبية من خارج السودان؛ ترجع اصولها الي دول افريقية شتي؛ هاجرت الي دارفور في العقود والسنوات الاخيرة واستقرت فيها او تنوي الاستقرار فيها.

    اما عناصر النهب المسلح؛ فقد تكونت هذه المجموعات وانتشرت طوال فترة الثمانينات والتسعينات؛ وذلك بعد ضرب موجة الجفاف لاقليم دارفور؛ وفقدان العديد من القبائل لمواردها؛ وخصوصا القبائل الرعوية المتنقلة؛ فكان ان اتجه عدد كبير من افرادها للاستقرار والعمل في المدن؛ بعد ان فقدوا مصدر ثروتهم الاساسي والمتمثل في قطعان الماشية او الابل.
    م
    ن بين هؤلاء وجدت عناصر لم تستطع ان تتأقلم مع جو المدينة؛ او تنجح في ايجاد اعمال شريفة فيها؛ وذلك لضعف تأهيلها وتجربتها؛ وتعودها علي الحياة البدوية. وفي ظل التفكك القبلي الذي تم بوتائر حثيثة في الثمانينات والتسعينات في دارفور؛ وتوفر السلاح وتوتر الاوضاع السياسية والامنية في الاقليم؛ والمرتبطة بالحرب الاهلية في تشاد؛ فقد لجأت هذه العناصر الي تكوين عصابات النهب المسلح وقطع الطرق؛ واحتمت بجبال دارفور المنيعة؛ لتهاجم منطلقة منها الطرق والمواطنين؛ محدثة ازمة انسانية وامنية حقيقية في اقليم دارفور طوال عقدي الثمانينات والتسعينات.

    وتعد مجموعة حامد جنجويت من اهم هذه العناصر؛ وقد احتمت بجبل كرقو كما اسلفنا؛ وانضمت اليها مع الزمن عناصر متمردة علي القيادات القبلية؛ او عناصر دفعها الفقر خارج قبائلها؛ او لأسباب اخري شتي. وقد تميزت هذه المجموعة بصراعاتها المتعددة مع الشرطة؛ وقيل ان ثلة من العائدين من ليبيا والعراق؛ وهم اكثر تجربة وتأهيلا؛ قد انضموا الي هذه المجموعة؛ ولعبوا دورا في تسييسها؛ بعد ان كانت مجرد عصابات للنهب.

    وعند اندلاع التمرد المسلح في دارفور في فبراير 2003؛ اعلنت احدي هذه المجموعات انضمامها له؛ وبدأت في مهاجمة المواقع الحكومية؛ وحاولت التنسيق مع المجموعات المسلحة في جبل مرة وفي كرنوي. ولكن يبدو ان عناصر الحكم كانت اقرب؛ حيث تم فتح معسكرات التائبين في الفاشر ونيالا؛ وتم العفو عن جميع العناصر الخارجة عن القانون؛ بما فيها المتهمة بجرائم القتل؛ شرط الانضمام لتلك المعسكرات. كما تم اغراء العناصر "التائبة" باعطائهم مبلغ مليون جنيه سوداني؛ وبندقية حديثة؛ وخمسمائه الف جنيه كمرتب شهري.

    وفي ظل ضبابية الموقف؛ والاستفادة من حساسية العلاقات القبلية والمرارات القديمة؛ وفي ظل العفو العام وامكانية الخروح من وضع المطارد من قوي الامن؛ الي وضع الشريك؛ وفي ظل التخوف من مستقبل ونيات المجموعات المسلحة في جبل مرة وكرنوي؛ فان اغلب هذه العناصر قد انضمت الي المعسكر الحكومي؛ والذي استغل قيادات قبلية نافذة للتحاور معه وجذبها له؛ وبذلك تكونت النواة الاولي لقوات الجنجويد.

    اما قوات "الفرسان" او الدفاع الشعبي؛ فهي جزء من مليشيات متعددة كونتها الحكومة السودانية في دارفور؛ واستغلتها لمحاربة التمرد في جبال النوبة وفي جنوب السودان. وقد كانت هذه القوات شبه النظامية تنحدر من جميع القبائل في دارفور؛ من عربية وافريقية وخليطة؛ وقد لعبت دور محوريا في القضاء علي تمرد المهندس داؤود يحي بولاد؛ والذي انتدبته الحركة الشعبية علي راس فصيل مسلح في اوائل التسعينات؛ لاشعال التمرد في دارفور. ويعتقد ان قوات الفرسان هي من اعتقلت المهندس داؤود بولاد؛ وتم تسليمه للحكومة؛ والتي وعدت بمحاكمته؛ ثم لم تلبث ان اعلنت موته من بعد؛ مما يعده المراقبون اشارة واضحة الي اعدامه.

    وقد انضمت بعض القيادات القبلية للصف الحكومي بعد بدء التمرد المسلح في دارفور في عام 2003؛ ولعبت دورا محوريا في اقناع قوات الفرسان التابعة لقبائلها بمحاربة التمرد؛ كما لعبت دورا مهما باقناع متمردي وخارجي جبل كرقوا بالانضمام للجانب الحكومي؛ ومن هذه العناصر يعتبر الشيخ موسي هلال شخصية مركزية وسط هذه القيادات؛ ويعتبره العديدين الزعيم السياسي الاول واحد القيادات العسكرية الفاعلة والمتحدث الرسمي باسم عناصر الجنجويد.

    اما العناصر الاجنبية فتنسب لقبائل عربية مهاجرة من تشاد ومالي والسنغال وبوركينا فاسو والنيجر؛ وقد نشطت بعض هذه العناصر في "الفيلق الاسلامي" الموالي لليبيا في الثمانينات؛ والذي تلقي قبولا صامتا لوجوده بدارفور من قبل حكومة الصادق المهدي في ذلك الوقت. كما بينها بقايا جيوش القائد التشادي " ابن عمر"؛ ومجموعات اخري من العناصر المهاجرة لظروف الجفاف او الصراع السياسي في بلدانها.
    ويبدو ان قوات الجنجويد؛ فوق ما تملكه من اسلحة ومعدات؛ حصلت عليها بالنهب او الشراء او من قوات الدفاع الشعبي؛ قد تلقت دعما مكثفا من قبل بعض الاطراف النافذة في الحكومة السودانية؛ تمثل بتزيدها بالسلاح والمال والعتاد. كما ضمت الحكومة عناصرا واسعة من الجنجويد للقوات المسلحة و الشرطة وحرس الحدود؛ ووزعت عليهم ملابس عسكرية؛ ومنحت قادتهم رتبا عسكرية عالية في الجيش السوداني؛ ومخصصات وامتيازات مقابلة لوضع تلك الرتب.

    وتعمل قوات الجنجويد بشكل غير مركزي؛ في صورة مجموعات تتكون من 50 الي 500 عنصر؛ حسب نوع الهدف المطلوب مهاجمته؛ وتشن هجماتها علي ظهور الجياد والجمال في الغالب؛ وتستخدم بعض وحداتها السيارات العسكرية الحديثة. كما تنسق المليشيات هجماتها مع الجيش الحكومي؛ وتهاجم غالبا بعد التمهيد لها بالقصف المدفعي او عن طريق الطيران لمواقع المتمردين او قري المدنييين؛ او بعد معارك الجيش الحكومي وانسحابه واتاحة الفرصة للجنجويد من بعد؛ كما تم في مدينة كتم مثلا.

    دور ومستقبل الجنجويد في سيرورة الأزمة بدارفور:
    لعبت عناصر الجنجويد دورا رئيسيا في الصراع المسلح في دارفور؛ وذلك بعد أن تلقت القوات الحكومية هزائم ساحقة علي يد المتمردين هناك؛ من حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة؛ والمتمثلة في الهجوم علي قولو واحتلالها وعلي مطار الفاشر وتدميره ودخول كتم والاستيلاء علي الطينة وغيرها من المعارك.
    وقد انتبهت الحكومة السودانية لاهمية الجنجويد؛ وذلك لخبرتهم العسكرية العالية ومعرفتهم الممتازة بتضاريس دارفور وجبالها ووديانها؛ الامر الذي يقتقده الجيش الحكومي؛ وبذلك فقد شكلوا لها قوة عسكرية واستخباراتية ضاربة. من الناحية الاخري فقد قلصت الحكومة بتكوين ودعم الجنجويد من احتمال انتقال التمرد المسلح ضدها للقبائل العربية؛ وحاولت ان تجيش تلك القبائل في صفها؛ وان تحول الصراع من كونه صراعا سياسيا لاهل دارفور ضدها؛ الي صراع بين الدارفوريين انفسهم.

    وقد لعب الجنجويد دورا في المعارك ضد المتمردين؛ ولكن اسهامهم الاكبر كان في ترويع المدنيين من القبائل الافريقية؛ والتي يشتبه في دعمها للتمرد؛ وخصوصا قبائل الفور والمساليت والزغاوة؛ والتي تنحدر منها معظم قيادات حركتي التمرد في دارفور؛ وفي تنفيذ سياسة الارض المحروقة؛ وتغييير التوازن الديمغرافي للسكان في دارفور.

    ويبدو الهدف السياسي للحكومة واضحا في تعاملها مع الجنجويد؛ وهو شق الجانب الدارفوري؛ وعدم السماح بقيام تحالف هناك بين القبائل العربية والافريقية؛ وفق برنامج دارفوري موحد؛ يمكن ان يشكل تهديدا خطيرا للحكم في الخرطوم؛ وتمتد آثاره الي الاقاليم المجاورة لدارفور؛ وهي بحر الغزال جنوبا؛ وكردفان شرقا؛ والاقليم الشمالي في الشمال الشرقي؛ وخصوصا بعد محاولات حركة تحرير السودان نقل نشاطاتها وتكوين مجموعات موالية لها في كل من كردفان والاقليم الشمالي.

    ويذهب بعض المراقبين؛ الي ان بعض العناصر تستغل الجنجويد لتنفيذ مخطط قديم؛ تتبناه تنظيمات غامضة؛ من بينها التجمع العربي في دارفور؛ والذي تأسس في الثمانينات؛ وتنظيم قريش الذي يزعم بقيامه في التسعينات. وتنسب لهذه التنظيمات ايدلوجية وبرنامجا "قوميا عربيا" شوفينيا في دارفور؛ يقوم علي ضرورة سيطرة العنصر العربي علي الاقليم؛ وابعاد وتهميش القبائل الافريقية فيه. وقد جاء في الوثيقة الاستراتيجية المنسوبة لتنظيم قريش؛ ان التنظيم له قيادات نافذة بالحكم السوداني؛ وانه سيستغل سياسات الحكومة في الاقليم؛ لتحقيق مخططاته الاستراتيجية طويلة الأمد.

    واذا كان الجنجويد لا يعبروا عن كل القبائل العربية في دارفور؛ وانما هم عناصر متمردة علي قبائلها في الغالب؛ او شرائح من بعض القبائل العربية هناك؛ وذلك في وجود عناصر عربية اخري وسط قوات التمرد؛ فان نشاطهم قد احدث حالة من تغيير طبيعة الصراع؛ وتحوله من معارضة مسلحة؛ الي ما يشبه الحرب الاهلية في دارفور؛ وانكفأت معظم القوي السياسية والنخبة الدارفورية الي مواقع اثنية و قبلية متضادة؛ عبرت عنها الحرب الكلامية بينهم علي صفحات الصحف وفي شبكة الانترنت وفي مختلف المنابر؛ الامر الذي يوضح نجاح استراتيجية الحكومة في شق الصف الدارفوري.

    إلا انه من الناحية الاخري؛ فان فظائع ممارسات الجنجويد تجاه المدنيين؛ وانفلاتهم عن قبضة الحكومة؛ ودخولهم الي حدود دولة تشاد وشنها للهجمات داخلها؛ وردود الفعل الواسعة المحلية والاقليمية والعالمية علي نشاطاتهم وممارساتهم؛ والخوف من انفلات "الجن" الاثني في دارفور؛ قد جعل من وضع الجنجويد وضعا محرجا للحكومة السودانية؛ وللقبائل العربية في دارفور.

    وقد اعلنت الحكومة السودانية علي لسان رئيسها؛ انها عازمة علي حل قوات الجنجويد؛ ودعتهم الي القاء السلاح. ويأتي هذا في ظل ضغط عالمي خطير علي الحكم السوداني؛ وخصوصا من طرف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا؛ والتي تدعومجتمعة الي حل الجنجويد ونزع سلاحهم؛ ويذهب بعضها مثل الولايات المتحدة الامريكية الي ضرورة محاكمة قادتهم؛ بتهم جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.
    ويقدم قرار الرئيس السوداني البشير بحل الجنجويد؛ اشارة مباشرة بصلة الحكومة بتلك المليشيات؛ بعد طول إنكار؛ اذ ان الحكومة لا تستطيع حل مليشيات لا تخضع لها. من ناحية اخري فان تنفيذ القرار يبدو صعبا؛ حيث يمكن ان ينقلب الجنجويد ضد الحكومة؛ فيما لو حاولت نزع سلاحهم بالقوة؛ ويمكنهم الانضمام الي التمرد المسلح ضدها؛ وهو أمر تتخوف منه الحكومة تماما؛ وتبدو مدركة له جيدا.

    كما يبدو واضحا؛ ان الجنجويد والقوي السياسية التي تقف خلفهم؛ سواء كانت اطرافا نافذة في الحكم؛ او تنظيمات التجمع العربي وقريش الغامضة؛ سيعملوا علي الاستفادة من وضعهم العسكري القوي؛ لايجاد موطئ قدم سياسي لهم؛ وانهم لن يتنازلوا عن سلاحهم بسهولة؛ وسيحاولوا الدخول كطرف في اي محاورات لحل الازمة في دارفور؛ مثلهم مثل الطرف الحكومي او حركتا التمرد.

    الا ان استمرار الجنجويد في ممارساتهم الفظيعة؛ والضغط العالمي ضدهم؛ ورفع دعم الحكومة عنهم؛ وتحولها ضدهم؛ حماية لمواقعها؛ قد يهدد الجنجويد بخطر الانتقام والابادة؛ وذلك نتيجة لشحنات الغضب والثار العالية؛ التي فجروها في نفوس ضحاياهم ومناهضيهم. وفي ظل تعقد العلاقات السياسية والقبلية؛ والانخراط المتزايد فيه علي اسس اثنية وقبلية؛ فإن الآية يمكن ان تنقلب؛ ويمكن ان نواجه بتطهير عرقي او تصفية عرقية مضادة؛ وحرب اهلية طويلة المدي؛ كما قد رأينا في تجربة كوسوفو الأليمة؛ وفي تجارب بورندي ورواندا المستمرة تداعياتها الي اليوم.


    5 يوليو 2004
                  

العنوان الكاتب Date
مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ Abdel Aati10-12-04, 03:19 PM
  Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ Raja10-12-04, 03:34 PM
    Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ Abdel Aati10-12-04, 03:39 PM
  Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ ياسر مكاوي10-13-04, 06:58 AM
    Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ Abdel Aati10-14-04, 11:14 AM
      Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ Outcast10-14-04, 01:40 PM
        Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ Abdel Aati10-14-04, 01:47 PM
          Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ Shinteer10-15-04, 06:51 AM
  Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ abuarafa10-15-04, 01:25 PM
  Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ abuarafa10-15-04, 01:25 PM
    Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ ابنوس10-15-04, 05:30 PM
  Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ abuarafa10-15-04, 10:19 PM
  Re: مليشيات الجنجويد في دارفور: ما هي؛ وما هو دورها ومستقبلها؟ abuarafa10-15-04, 10:33 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de