نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
مقال : عن حرية المرأة الأوربية
|
سلامااات أدناه مقال في صحيفة الخليج عدد 9/9/2004
فنجان قهوة المرأة الأوروبية
أتمنى أن تقرأ المطالبات بالمساواة بين الجنسين اللواتي يتخذن من المرأة الغربية مثلا أعلى لهن، ذلك التقرير الذي أعده المجلس الأوروبي عن أوضاع المرأة في دوله، خصوصا تلك الفقرات التي تقول إن العنف الذي تتعرض له المرأة في الغرب أصبح السبب الرئيسي للعجز الجسدي والوفاة بالنسبة للنساء، قبل حوادث السير والأمراض المستعصية مثل الشلل وأمراض القلب والسرطان.
ويقول التقرير إن الأوروبيات غير سعيدات بالحرية التي حصلن عليها، وإن نصفهن يتعرض لسوء المعاملة والعنف، وفي البرتغال ترتفع هذه النسبة إلى 52،5%، وفي ألمانيا تتعرض 1،4 امرأة يوميا للقتل، وفي بريطانيا تفارق امرأة واحدة الروح كل 3 أيام، ويذكر تقرير هنريون الفرنسي أن 6 فرنسيات تتعرضن للقتل شهريا نتيجة الاعتداءات (أي بمعدل 72 امرأة في السنة)، وتشمل هذه الاعتداءات الطعن بالسكين حتى الموت، وإطلاق الرصاص، والخنق، والضرب المبرح، وفي مجمل دول الاتحاد الأوروبي الخمس والعشرين تلقى ما يزيد على800 امرأة حتفها في العام بسبب العنف، أي ما يعادل 2،2 امرأة كل يوم.
والعنف الذي تتعرض له المرأة في الغرب لا يأتي بالضرورة من جانب أشخاص منحرفين، أو أميين لم ينالوا قسطا وافيا من التعليم، وإنما من جانب خريجي جامعات لا يعانون من أي انحراف، بل إن المجلس الأوروبي يذكر في تقريره “إن عمليات العنف ضد النساء تزداد مع ارتفاع مستوى الدخل والتعليم” ويشير إلى أن نصف الذين يمارسون العنف ضد النساء في هولندا هم حملة الشهادات الجامعية. ويلاحظ تقرير هنريون الفرنسي أن الذين يمارسون العنف ضد النساء هم في الأعم الأغلب من الرجال الذين يمتلكون شيئا من النفوذ بسبب وضعهم الوظيفي (67%)، أو أولئك الذين يعملون أطباء في قطاع الصحة العامة (25%) أو في سلك الشرطة والجيش.
والطريف أن الدول التي تعتبر أكثر احتراما لحقوق المرأة، وأكثر إيمانا بمساواتها بالرجل هي الدول الأكثر قسوة مع النساء، وخصوصا داخل الدائرة العائلية المغلقة، ففي فنلندا تتعرض 8،56 امرأة من كل مليون من السكان للقتل سنويا على يد أحد أفراد عائلتها، وخصوصا الزوج، وفي النرويج تصل هذه النسبة إلى ،6،58 وفي الدانمرك ،5،56 وفي السويد 4،59.
والمرأة في الغرب حصلت على حريتها الكاملة، وهي تستطيع التحرك والتجول كما تريد، بل إنها تستطيع أن تترأس الشركات، ولكن هنالك دائما من يترصدها ليعتدي عليها، وهي تستطيع الانفصال عن عائلتها والسكن في شقة بمفردها، ولكن هنالك دائما من ينتهز الفرصة لاقتحام هذه الشقة وارتكاب جريمة، فالعنف تحول إلى وباء، وهو ينتقل من شخص إلى آخر بالعدوى، والسبب هو: إن المجتمع الغربي الذي منح المرأة كل هذه الحرية لم يهذب أفراده ويطالبهم بغض البصر، بل إن النساء في الغرب لا يتركن مجالا لغض البصر، فهن يكشفن أكثر ما يسترن، مما يشكل استفزازا صريحا للرجال.
لقد أخلت المجتمعات الغربية بالعلاقات المتوازنة تاريخيا بين الرجال والنساء، والذين يطالبون بمساواة المرأة بالرجل يتجاهلون حقيقة أساسية من حقائق الكون هي: إن الرجال، بحكم تكوينهم يتمتعون بخصائص تناسب المهمات التي تطلب منهم، والمرأة، بحكم تكوينها، تتمتع بخصائص تناسب المهمات المطلوبة منها، وكمال كل صنف يكون باكتمال خصائص صنفه واحترامها، وأخذ أحدهما خصائص الآخر يخل بالتوازن.
والمجتمعات الغربية التي دفعت المرأة إلى منافسة الرجل في كل شيء، وأفهمتها انها مساوية له إنما دفعت المرأة إلى أقبح حالات النقص التي يمكن أن تعتري إنسان، وهي: محاولة تجاوز واقعه التكويني ومهماته، بحيث يبدو غريبا حتى في نظر نفسه.
أبو خلدون
|
|
|
|
|
|
|
|
|