لا حاجـة لـها بـه

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 05:29 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-26-2005, 03:36 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لا حاجـة لـها بـه

    هذه المعدية تتردد بين ضفتي النهر طيلة النهار وجزءا من الليل . كلما انحشرت داخلها خُيّل إلي أنها تنحدر من صلب تلك السفينة التي حافظت على نسلنا من الانقراض ، فهي تحمل من كل نوع أزواجا وفرادى . وكلما ازدادت حمولتها وجدتها تتسع للمزيد . والناس هنا لا يفترون من عبور النهر ، جيئة وذهابا ، وأنت في منتصف النهر تلاحظ باستمرار أن هناك من ينتظر على الضفتين ، وكأن القوم يخرجون من باطن الأرض ، أو كأنهم يتواصون ، ويتناوبون ، فلا ينقطع سيلهم حتى ينتصف الليل وتهجد المعدية فوق سطح الماء وتظل مربوطة إلى شجرة الحراز الضخمة على الشاطئ المقابل للمدينة حتى فجر اليوم التالي ..
    هيكلية الإركاب في المعدية لا تتبدل ، فالقائد ( الريّس ) يجلس أعلاها في مقصورة القيادة ، وأمام السقالة مباشرة يرص الفلاحون سلال الخضار ، وجوالات الغلال ، وإلى الجانبين يربط البعض دراجاتهم ويجلس الشباب مستمتعين برذاذ النهر ، والمواشي والدواب تقف خافضة رؤوسها إلى أرضية المعدية .. والنساء ، والأطفال ، وكبار الشخصيات يجلسون فوق الكنبات التي تظلها مقصورة ( الريس ).
    الطريق ينحدر بك إلى داخل المدينة ، فتنزل وخطاك مسرعة دون ما اختيار منك ، ويصادفك القادمون تعلو أنفاسهم وتهبط وكأنهم يصعدون تلا ، فترى الرجال يستعينون على الصعود بإحناء ظهورهم ، والنساء يستعن عليه بإبراز صدورهن ، ثم يسألك بعضهم إن كان سيلحق بالمعدية أم لا ، وهم عجلون لا ينتظرون ردا منك .
    ( الريس ) يعرف تماما موعد عبور الفئات المختلفة من مستخدمي المعدية ، فبائعو اللبن أولا ، يليهم بائعو الخضار ، ثم الطلاب والموظفون . وعند الضحى تكون المعدية وكأنها مخصصة لربات البيوت اللاتي يتوجهن إلى السوق لشراء احتياجات البيت والطبخ ، وبعض هؤلاء النسوة يخرجن إلى المعدية لمجرد النزهة والأنس . وإن تجلس إلى ( الريّس ) فإنك ستستمع دون ملل إلى حكاياته عن رحلات الضحى التي تفوح بعبق بخور الطلح والصندل ، وتفيض بلوحات الحناء ، وألوان الثياب الزاهية . كل يوم حكاية جديدة إضافة للحكاية القديمة أصلا . الريس ينتظر هذه الفترة كل يوم منذ شهرين ، ينزل ويجلس في الركن الأيمن من المعدية ، على الكنبة تحت ظل المقصورة ، فتأتيه امرأة بدت لي كالفراشة ، رشيقة ، ملونة ، وخفيفة الحركة ، فتجلس إلى جانبه . يتجاذبان أطراف الحديث همسا ، ويظلان على هذا الحال فترة حتى تمتلئ المعدية بركابها ، وفي هذا الوقت يبطئ الركاب قليلا فتنتظر المعدية على الشاطئ وقتا أطول . ثم لا يصعد الريس إلى مقصورة القيادة ، بل يتركها لمساعده . ويواصل الريس أنسه مع المرأة الفراشة ، والمعدية تشق طريقها بعرض النهر . ثم يتكرر المنظر لرحلتين أو ثلاث ، فلا الريس يصعد إلى مقصورة القيادة ، ولا المرأة الفراشة تترك المعدية إلى السوق أو المدينة ... وتبدأ فئات الرائحين في العودة ، وأواني اللبن تعود فارغة ، وكذا سلال الخضار ، والطلاب أنهكهم الدرس ، والموظفون يفكرون بوجبة الغداء .
    النساء من فئة ربات البيوت لا يتركن الكنبة للريس والمرأة الفراشة لينفردا بها ، بل يشاركنهم الجلسة ، وأحيانا يجلس الجميع وكأنهم في حلقة أنس واحدة ، يتجاذبون أطراف الحديث ويتبادلون الضحكات . والريس أعلاهم صوتا ، وأكثرهم حديثا . وعندما تبدأ فئات الرائحين في العودة يصعد الريس إلى مقصورة القيادة ، ويتناول المقود من مساعده ، وتعود المرأة الفراشة من حيث أتت . أمشي خلفها ، أسرح ، وأذهب بعيدا ، لكنها لا تهتم . لا شئ يمكن أن ألاحظه في مشيتها ، أو تلفتها ، أو انتباهتها من الطريق ، واليوم فقط سقطت من يدها أو من حقيبتها – لا أدري - تلك الورقة التي منحتني الفرصة لأحادثها . الورقة كانت قديمة بعض الشئ لكن ما كتب فيها واضح ومقروء ، ويبدو أنه كتب بعناية خاصة ، وقرأت فيها :
    منذ الغياب وأنا أحمل أنيني في داخلي ، ألتحف حزني ، انتعل حَفاي ، وأتوسد هواجسي ، أقول لنفسي أنني سأموت غدا ... لا يعيش من انقطع عنه الحبل السري ، ولا يستوي الذين يلتقون والذين لا يلتقون . أنادي زمان الوصل ، فلا يستجيب ،،، تماما كما كنت أنادي الرعشة حين كان الزمان وصلا فيمتنع شبقك وهو عارم ... ما الذي يجعلك تكبتين الأشواق ، وتحبسين العشق ، وتلوذين بالصبر ؟ ما فائدة الصبر حين يصبح حالة دائمة ؟ الصبر رد فعل سلبي ، لا يسوقنا إلا إلى موت أجنة العشق في تمام العلقة ...
    منذ الغياب وأنا أتدثر بخرق الخوف البالية ، خوفي من تمدد العشق ، وخوفي من تمدد الصبر ، وخوفي من وحدتي .. أنادي طيفك ، فيقبل عليّ متلفعا بثوب العزوف . أتوق إلى زمان الوصل ، فيبدو لي بعيد المنال .
    أعرف اني كنت خائبا بما يكفي ، وأنك كنتِ قاسية بما يكفي . وهذا المسمى زورا بالقانون يكبلني ويكبلك ، ويكبل أشواقنا .. وأعرف أن استجابتك لهذا المدعو قانونا لم تكن تنطلق من داخلك ، هم أرادوا لك ذلك ، فاستجبتِ لهم ، هكذا دون حوار ، دون تمرد ، دون أن تحاربيهم حتى بأضعف الإيمان ..
    أنا لست أتسولك ، أو أسعى لإغرائك ، أو أمارس ضغطا عليك ، أو أدفعك إلى حرب تحرير ، لكني أقاتل الذين سعوا في تغييبك ، وحبسوك بين جدران الوهم المسمى قانونا ... أعرف أنك تودين الخروج من هذا الحبس ، لكنهم جعلوه حبسا أبديا ، وجعلوا أنفسهم حرّاسا له ... هم الآن يراقبونك ، بمسميات كثيرة ، وبمبررات عديدة ، فهم يدّعون معرفة مصالحك ، ومعرفة احتياجاتك ، ويقدرون لك شأنك ...
    هؤلاء الذين دفعوك إلى الغياب سينهزمون لا محالة ، وسنبلغ قطافنا ، وستكونين لي .
    التوقيع : الريس .
    وعندما لحقت بها ، جمّعت كل ما يعينني على ادّعاء البراءة ، فطمأنتني :
    الآن لا حاجة لي بهذا الكتاب ، فقد قرأته ، حفظته ، وتجاوزناه ..
                  

07-26-2005, 07:27 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حاجـة لـها بـه (Re: ودقاسم)

    ****
                  

07-26-2005, 08:28 AM

ALGARADABI
<aALGARADABI
تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 5236

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حاجـة لـها بـه (Re: ودقاسم)


    و هذه رائعة أخرى من روائع العزوبية....
    انشاالله الجماعة يكونو قربو يجو
                  

07-26-2005, 03:29 PM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حاجـة لـها بـه (Re: ALGARADABI)

    القرضابي
    سلام واحترام
    عزوبية ليها ضل ،،، والتلفونات شغالة ، شي ألوّات ، وشي ماسينجات ،،، والجماعة متابعين ، ما نقدر نطلع عن الخط ولا حتة ،،،
                  

07-26-2005, 02:23 PM

Hani Abuelgasim
<aHani Abuelgasim
تاريخ التسجيل: 10-26-2003
مجموع المشاركات: 1103

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حاجـة لـها بـه (Re: ودقاسم)

    الخال ود قاسم ...

    رائع كعادتك ...

    أتمنى أن أرى أعمالك مجموعة في كتاب ...
                  

07-27-2005, 00:49 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حاجـة لـها بـه (Re: Hani Abuelgasim)

    هاني
    والله مشتاق ليك كتير ،،، بعدين في مواضيع مهمة لم يكتب الأشقاء حولها بما فيه الكفاية ،،، أين الكتابة عن مشاريع الوحدة ، وإلى أين وصلنا ، وكيف يمكننا تحقيق الحدود القصوى لوحدتنا ،،،
    آمل أن أرى متابعة لهذا الموضوع ، وشكرا للإطراء ، وطبعا شهادتك في خالك مجروحة ...
                  

07-27-2005, 03:49 AM

المعتمد
<aالمعتمد
تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 474

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حاجـة لـها بـه (Re: ودقاسم)

    الاخ ود قاسم.
    سلام.
    كيف اخبارك واحوالك.
    حقيقة الايام دى متجلى وطالع من علبك زى ما بقولوا الشماشة.
    متعنا يا ريس وليك امان الله الورقة حقتك ما نوريها لى الناس يقروها زى ما وريت ورقة الريس دا لينا نحن.
    لك الود
    والف مليون باقة ورد.
                  

07-27-2005, 01:51 PM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حاجـة لـها بـه (Re: المعتمد)

    المعتمد
    قالوا كل المستور ممكن ينكشف بعد مرور 30 سنة ،،، وحلّك لما تمر ال30 دي ،،، ودقاسم يكون في حيص بيص ،،،
    ما دام أديتني الأمان أبقى قاعد قدام المنبر ، كل يوم حكاية ...
                  

07-30-2005, 11:42 PM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حاجـة لـها بـه (Re: ودقاسم)

    لمزيد من القراءة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de