الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 04:20 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-18-2004, 11:48 PM

Solara_sabah


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ

    اقدم اعتذرى اولا لطول هذا الموضوع انه فقط لتوضيح بعض الحقائق عن لغة الحلاج التى استعصت على البعض وخاصة الذين لا يفهمون منهج الصوفية ويهاجمون الصوفية بجهل يدعو للدهشة والاستغراب



    فى كل تاريخٍ ــ عامٍ أو خاص ـ لحظاتٌ حاسمة، تحدثُ فيها التحولات الكبرى؛ وقد كانت سنة 309 هجرية من أعظم السنوات حسماً وتحوُّلاً فى تاريخ التصوف.. ففى هذه السنة، وبالتحديد : يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شهر ذى القعدة، أُخرج الحسين بن منصور الحلاَّج من سجنه، فجُلد، وقُطعت يداه ورجلاه ، وشُوِّه، وصُلب، وقُطعت رأسه ، وأُحرقت جثته .

    ولم تكن الأحداثُ التى وقعت فى هذا اليوم، مُفاجئة.. بل كانت مأساة الحلاج متوقَّعة منذ بدأتْ محاكمته ببغداد، قبل قتله ببضعة أشهر تنفيذاً للحكم النهائى، الذى أصدرته هذه المحكمة الفقهية .. تلك المحكمة التى انتهت إلى إلصاق تهمة المروق عن الدين، بهذا الصوفى العارم. بيد أنه يمكن القول، أيضاً ، أن نهاية الحلاج المأسوية، كانت متوقَّعة من قبل ذلك بسنوات طويلة ! فقد سمعه أبو القاسم الجنيد يتكلَّم فى بعض (الحقائق) الصوفية، فانزعج واحتدَّ على الحلاج، وصرخ فيه: أية خشبة سوف تفسدها ... وهى إشارةٌ مبكرة، أنبأت بالمصير الذى ينتظر الحلاج، وبنهايته مصلوباً على خشبة ! ولابد لنا هنا ، من ملاحظة أن هذه النبوءة، ارتبطت .. بل انطلقت ، من كلام قاله الحلاج

    إِشْكَالِيةُ الُّلغَةِ

    مع النصف الثانى من القرن الثالث الهجرى، أخذت مشكلة اللغة تطفو على سطح التصوف. فقد تعمَّقت الأحوال الصوفية ودقَّت المعانى وتفرَّدت، فلم يعد بإمكان اللغة العادية أن تصوِّر الدقائق الصوفية التى يودُّ أهل الطريق البوح بها. وتفاقم ذلك الإشكال التعبيرى، حتى صار بمثابة أزمة تبدَّت فى شطحيات أبى يزيد البسطامى (المتوفى 261 هجرية) التى اشتهر بين الصوفية أنها: عبارات غريبة، ظاهرها مستشفع وباطنها صحيحٌ مستقيم، وهو تعريف أبى نصر السَّرَّاج الطوسى، الذى نقل فى كتابه الشهير (اللمع فى التصوف) العديد من شطحات البسطامى أو عباراته الغريبة / المستشنعة/ الصحيحة ، مثل قول أبى يزيد :

    أَشْرَفْتُ عَلَى مَيْدَانِ اللَّيْسِيَّةِ، فَمَا زِلْتُ أَطِيرُ فِيهِ عَشْرَ سِنينَ، حَتَّى صِرْتُ مِنْ لَيْسَ فى لَيْسَ بِلَيْسَ، ثُمَّ أَشرَفتُ على التضييعِ، حَتَّى ضِعْتُ فىِ الضَّيَاعِ ضَيَاعاً، وضَعْتُ ، فِضِعتُ عَنِ التَّضْييع بليْسَ، فىِ لَيْسَ، فىِ ضَيَاعَةِ التضْييعِ، ثُمَّ أشرَفتُ عَلَى التوحِيدِ، فىِ غَيْبُوبَةِ الخَلقِ عَنِ العَارفِ، وغيْبوبَةِ العارِفِ عن الخلْقِ(1).

    والمتأمل فى العبارة، يلمح على الفور ما تشتمل عليه من وُعورةٍ لغوية تشى بتلك الأزمة التعبيرية التى عانى منها الصوفية منذ زمن البسطامى.. بل قبل البسطامى بفترة، وهو الأمر الذى لاحظه د. عبد الرحمن بدوى فى بعض الآثار المروية عن رابعة العدوية، من نوع قولها عن الكعبة الشريفة لما حَجَّت إليها: هَذا الصَّنَمُ المَعْبُودُ فِى الأَرْضِ ، وإِنهُ مَا وَلَجَهُ اللهُ ولاَ خلاَ منْهُ(2) .

    ويمثل الحلاَّج مرحلة متقدمة من مراحل أزمة اللغة عند الصوفية، كما يمثل التضحية الكبرى التى قدَّمها الصوفية، فى طريقهم نحو إقرار القاموس الصوفى الخاص.. فقد قدَّم الحلاَّج حياته ثمناً لمحاولته التعبير عن الأحوال التى، يعاينها ويعانيها، مثلما عاينها وعاناها معاصروه من رجال التصوف. فها هو أبو بكر الشبلى (رفيق الحلاج) يشطح بعبارات لاتقل وُعورة وخطورة عما شطح(3) به الحلاج ، لكنه حين واجهوه بها، ادَّعى الجنون ودخل البيمارستان ! فعاش بعد مصرع الحلاج إحدى عشرة سنة (توفى سنة 320) وكان يقول: أنا والحلاج شئ واحد، فأهلكه عقله وخلَّصنى جنونى !

    حَيَاةُ الحلاَّجِ

    وُلد أبو المغيث الحسين بن منصور الحلاج حوالى عام 244هجرية(4) ، بقرية تابعة لبلدة البيضاء الفارسية، فدرس علوم الدين، ثم سلك طريق الصوفية على يد الشيخ سَهْل بن عبد الله التسترى.. ثم طاف وساح فى البلدان، وصحب جماعة من كبار مشايخ العصر كالجنيد والنورى وابن عطاء وعمرو بن عثمان المكى.. وجرت بين الحلاج وهؤلاء المشايخ وقائع كثيرة، يضيق المقام هنا عن ذكرها، لكنها فى مجملها تشير إلى نأى الحلاج وتفرُّده عن أهل الزمان، وتؤكد شعوره بذاته على أنه : نسيج وحده ..مع أنه يعانى ما يعانيه القوم.

    وقد عاش الحلاَّج التجربة الصوفية بكل ما فيها من صدقٍ و روعة، وغرق فى بحر النور الإلهى تمام الغرق. ولسوف نقتصر فيما يلى على ذكر فقرتين شهيرتين من سيرة الحلاج ، تلك السيرة التى أفاض فيها المؤرخون والمترجمون له(5) .. وهاتان الفقرتان تكشفان عن طبيعة الحياة التى عاشها الحلاَّج ، وطبيعة الموقف الذى تمت فيه إدانته :

    الفقرة الأولى قال ابن باكويه : سمعتُ الحسين بن محمد المذارى يقول: سمعتُ أبا يعقوب النهرجورى يقول : دخل الحسين بن منصور الحلاَّج مكة، فجلس فى صحن المسجد لايبرح من موضعه إلا للطهارة أو الطواف، لايبالى بالشمس ولا بالمطر، فكان يُحمل إليه كل عشية كوزٌ وقرص (ماء وخبز) فيعضُّ من جوانبه أربع عضات ويشرب(6) .

    الفقرة الثانية قال ابن زنجى: وحُملت دفاتر من دور أصحاب الحلاج، فأمرنى حامد ــ الوزير ــ أن أقرأها والقاضى أبو عمر حاضر، فمن ذلك قرأتُ: إن الإنسان إذا أراد الحج، أفرد فى داره بيتاً، وطاف به أيام الموسم، ثم جمع ثلاثين يتيماً، وكساهم قميصاً قميصاً، وعمل لهم طعاماً طيباً، فأطعمهم وخدمهم وكساهم، وأعطى لكل واحدٍ سبعة دراهم أو ثلاثة، فإذا فعل ذلك ، قام له ذلك مقام الحج! فلما قرأت ذلك الفصل، التفت القاضى أبو عمر إلى الحلاج وقال له: من أين لك هذا؟ قال : من كتاب الإخلاص للحسن البصرى. قال : كذبت ياحلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص وما فيه هذا(7). فلما قال أبو عمر: كذبت ياحلال الدم قال له حامد: أكتب بهذا ! فتشاغل أبو عمر بخطاب الحلاَّج، فألحَّ عليه حامد، وقدَّم له الدواة ، فكتب بإحلال دمه، وكتب بعده مَنْ حضر المجلس، فقال الحلاج : ظهرى حِمىً، ودمى حرام، وما يحل لكم أن تتأولوا علىَّ، واعتقادى الإسلام، ومذهبى السنة، فالله الله فى دمى ولم يزل يردد هذا القول وهم يكتبون خطوطهم، ثم نهضوا ورُدَّ الحلاج إلى الحبس، وكُتب إلى المقتدر ــ الخليفة ــ بخبر المجلس، فأبطأ الجواب يومين، فغلظ ذلك على حامد، وندم وتخوَّف، فكتب رقعةً إلى المقتدر فى ذلك يقول: إن ماجرى فى المجلس قد شاع، ومتى لم تُتبعه قتل هذا ــ الحلاَّج ــ افتتن به الناس، ولم يختلف عليه اثنان. فعاد الجواب من الغد :" إذا كان القضاة قد أباحوا دمه، فليحضر صاحب الشرطة، ويتقدم بتسليمه وضربه ألف سوط، فإن هلك وإلا ضُربت عنقه.." فسُرَّ حامد( .

    ويوم مقتله، وبينما كان الحلاَّجُ مشدوداً على الصليب الخشبى (الخشبة التى أفسدها) وقبيل حَزَّ رقبته؛ نظر إلى السماء مناجياً ربه :

    نَحَنُ بشَوَاهِدِكَ نلُوذُ

    وبِسَنَا عِزَّتِكَ نَسْتَضِئ

    لِتُبْدِى لَنا مَا شِئْتَ مِنْ شَأْنِكَ

    وأنْتَ الذِى فِى السَّماءِ عَرْشُكَ

    وأَنْتَ الذِى فىِ السَّمَاءِ إلَه

    وفِى الأرضِ إِلَه..

    تَجَلَّى كَمَا تَشَاء

    مِثْلَ تَجَلِّيكَ فىِ مَشِيئتِكَ كأَحْسنِ صُورَةٍ

    والصُّورَةُ

    هِىَ الرُّوحُ النَّاطِقَةُ

    الذِى أفْرَدْتَهُ بالعلمِ (والبيَانِ) والقُدرَةِ

    وهَؤَلاءَ عِبَادُكَ

    قَدْ اجْتَمَعُوا لِقَتْلِى تَعَصُّباً لدِينكَ

    وتَقَرُّباً إليْكَ

    فاغْفرْ لَهُمْ !

    فإنكَ لَوْ كَشَفْتَ لَهُمْ مَا كَشَفْتَ لِى

    لما فَعَلُوا ما فَعلُوا

    ولَوْ سَتَرْتَ عَنِّى مَا سَترْتَ عَنْهُمْ

    لما لَقِيتُ مَا لَقِيتُ

    فَلَكَ التَّقْديرُ فِيما تَفْعَلُ

    ولَكَ التَّقْدِيرُ فيِما تُرِيدُ(9) .

    والآن ، لِننظر فيما ذكره الحلاج من (البيَانِ) وعطفه -بالواو- على العلم والقدرة حين قال: وأفردته بالعلم والبيان والقدرة .. بعبارة أخرى: لننظر فيما إذا كان الحلاجُ قد نجح فى (الإبانة) وما هى حدود نجاحه ؟

    لُغَةُ الحلاَّجِ

    حين أراد الحلاَّج أن يترجم بالألفاظ، ما يمرُّ به من أحوال. لم يكن بإمكانه أن يستعير أساليب تعبيرية من الصوفية السابقين عليه، أو المعاصرين له. فالسابقون كانوا يكتفون بالتعريف الموجز لحقائق الطريق، دون محاولة لتأسيس مفردات لغوية خاصة، وكانوا لايجدون حرجاً فى التعبيرات الشاطحة ، ربما لثقتهم من أنه سيأتى من يتأوَّلها لصالحهم، تأويلاً محمولاً على حسن الظن بهم. والمعاصرون للحلاج من كبار الصوفية، كانوا يراعون العامة والفقهاء، فيكتفون بالإشارات المقتضبة الموجزة ، كأن يجيب الجنيد عن سؤال حول المعرفة والعارف، بقوله : َلَوْنُ الماءِ لَوْنُ إِنَائهِ .." وهى عبارة خطيرة سوف يسهب الصوفية من بعده فى الكلام عليها، لكنها من حيث الصياغة اللغوية ، خالية من أية محاولة لنحت لفظ صوفى متفرِّد .

    هكذا لم يكن أمام الحلاَّج سبيلٌ للاستعانة بما سبقه ، وما يعاصره من الـتراث اللغـوى الصـوفـى. ومن ناحية أخرى، لم يكن بإمكانه أن يسكت أمام طوارق الأحوال.. فصار عليه أن يؤسِّس تراثاً لغوياً صوفياً، وأن يجد مخرجاً يتجاوز به أزمة اللغة التى تحول دون التعبير عن حقيقة الحال الذى يعاينه .. بعبارة أخرى، كان على الحلاج أن يجرِّب! خاصةً أنه القائل :

    للعلم أهلٌ وللإيمان ترتيــبُ وللعلوم وأهليها تجاريبُ

    ولماَّ كان الشعر الموزون هو أحد السبل التعبيرية المتاحة أمام الحلاج، فهو لم ير بأساً فى جعله مجالاً للتجريب . وقد تمخَّضت تجاريبه الشعرية عن قدر لابأس به من المتناثرات الشعرية، التى جمعها الدكتور كامل الشيبى فى مجلد واحد، ونشره محقَّقاً منذ سنوات ببغداد .. فمن تجارب الحلاَّج الشعرية، قوله مبرراً مايلبسه من ثياب رَثَّة (القشر) تخفى تحتها نفساً كريمة (اللُّبّ) ، ومشيراً إلى الأمر الجسيم الذى يشعر أنه مُساقٌ إليه :

    لَئِنْ أمسيتُ فى ثوبى عديمٍ لقد بَليا على حُر كريــمِ

    فلا يحزنك إن أبصرتَ حالاً مغيرةً عن الحالِ القديـــمِ

    فَلِى نفسٌ ستذهبُ أَوْ سَترقى لِعمْرِكَ بى إلى أمرٍ جَسيمِ(10)

    تبدو هذه القطعة الشعرية على المستوى اللغوى، فقيرة بلاغياً، بسيطة التركيب إلى حد السذاجة التى لاتطمح إلا فى الإخبار عن حقيقة الحال. وهى على المستوى الصوفى، تكشف عن مضامين متواضعة، حين تؤكد بقاء الذات وتكتفى بالإشارة إلى إمكانية فنائها.. إذ الفناء درجة عالية فى سلّم الترقِّى الصوفى. وليس هذا فحسب، بل تصف الأبيات صاحبها بأنه الحرّ الكريم وهى مسألة تعدُّ من الوجهة الصوفية : نوعاً من المدح المذموم للنفس.. وكان الصوفية آنذاك قد أدركوا ضرورة ما أسموه كسر حدة النفس كإحدى الرياضات الروحية التى يسعى من خلالها الصوفى ــ مهما بلغت مرتبته ــ إلى السيطرة على نفسه والخلاص من رُعوناتها .. إذن ، لم يستطع الحلاَّج ، هنا، أن يصل بالشعر إلى درجة من النضج اللغوى أو الصوفى، بحيث يبعث برسالة صوفية عميقة، وفى الوقت ذاته يتجاوز أزمة اللغة التى أشرنا اليها .

    لكن الحلاَّج لم يقف فى تجاريبه الشعرية عند هذا الحد، وإنما انجرف مع الشعر دون حذر، وترك الإيقاع يقوده نحو دليل إدانته .. فقال فى أبيات أخرى:

    أنتَ بـين الشِّغَافِ والقلبُ تجرِى مِثْلُ جَرْىِ الدُّمُوعِ مِنْ أَجْفَانِـى

    وتحلُّ الضَّمــيرُ جـَـوْفَ فــؤادى كحُلُــولِ الأرواحِ فـى الأبدانِ

    ياهِــــلالاً بـــــدا لأربــعِ عَشْــرٍ لِثمَـــــــانٍ وأَربــعٍ واثنـتـَـــانِ(11)

    وبقطع النظر عن البيت الأخير الذى لايحمل ــ من حيث ظاهر اللفظ ولاباطن المعنى ــ أية دلالات ، ولايمكن اعتباره إلا كدليل على انجراف الحلاَّج مع البحر الشعرى والقافية، من دون هدف محدد.. جاء البيت الأول حانياً، رقيقاً، مشتملاً على صورة فنية جيدة التعبير، فيها سريان المحبوب ( الله) فيما بين القلب وما يغلِّفه (الشغاف) وتشبيه ذلك بانسياب الدمع من الجفن المغلِّف للعين. وهى صورة معبرة ــ صوفياً ــ عن فكرة امتلاء المحبِّ بالمحبوب (الله) الذى هو حقيقة كل شئ... لكن الحلاج يصدمنا فى البيت الثانى بكلمة الحلول الخطيرة، تلك الكلمة التى لم يجربها فى الشعر الصوفى غيره، ثم يعيد ذكرها مرتين، فى كل شطرةٍ مرة، بل هو يؤكد معناها فى أبيات تجريبية أخرى ،يقول فيها، غير هَيَّابٍ ولا متحسبٍ لوقعها على أهل الزمان:

    مُـزِجَتْ روحك فى رَوحى كما تُمــزَجُ الخمـرةُ بالمــاءِ الزِّلالِ(12)

    وكأن الحلاج لم يكتف فقط بذكر كلمة الحلول التى كان يمكن تأويلها صوفياً على أى وجه من الوجوه، فإذا به يختم عليها بكلمة أشد خطراً: المزج. ثم يشبِّه هذا المزج بين روحه وروح المحبوب (الله) بمزج الخمر الحسية بالماء! وكانت تلك هى المرة الأولى - فيما نعتقد- التى تستخدم فيها كلمة الخمر فى الشعر الصوفى، ولسوف يعود شعراء الصوفية لاستخدامها على نطاق واسع، بعد إعطائها دلالة رمزية، بحيث تشير إلى النشوة بتجلِّى المحبوب (خمر المحبة) أو إلى تذكر عالم الذر الذى كانت فيه الأرواح، قبل خلق الأجساد، تُقِرُّ بالواحدانية لله (خمر التوحيد ، كأس : ألست بربكم) المهم الآن : أن الشعر جرف الحلاَّج، فأتى بكلمتين من قاموس الممنوع العقائدى .. فهل كان الرجل بالفعل يقصد : الحلول والمزج؟

    فى شهادة ــ نثرية ــ للحلاَّج، نراه ينفى بشدة ما أثبته فى شعره! فيقول عن المزج ما نصُّه : مَنْ ظنَّ أَنَّ الأُلُوهِية تَمْتَزِجُ بالبَشَريَّةِ، فقَدْ كَفَر ( 13) . وعن الحلول يقول : إِنَّ مَعْرِفَةَ اللهِ هِىَ تَوْحِيدُهُ، وتَوْحِيدُهُ تَميُّزُهُ عَنْ خَلْقِهِ، وكُلُّ مَا تَصَوَّرَ فِى الأَوْهَامِ فَهْوَ ــ تعالى ــ بِخِلاَفِهِ ، كَيْفَ يَحُلُّ بِهَ، مَا مِنْهُ بَدَأ(14) ..

    القضية إذن ، أن الحلاج لم يستطع بالشعر أن يخرج من الأزمة ، مثلما استطاع من بعده شعراء الصوفية الأكثر نضجاً، أمثال ابن الفارض وجلال الدين الــرومــى. بــل وقع فى مأزق جديد عندما استسلم لوقع النظم ، وعندما جلــب كلمات مثل : الحلول ، والمزج ..

    وقد أثارت كلمات الحلاَّج حفيظة المعاصرين له، فأدانوه بكلمتى (الحلول ــ المزج) لما فيها من دعاوى نصرانية بحلول الله بالبشر وامتزاجه بهم .. وقد استثقلوا كلامه حول (اللاهوت والناسوت) لنفس السبب. ولم يقتصر الأمر على الفقهاء فحسب، فقد روى المؤرخون أن مشايخ التصوف أنفسهم : كانوا يستثقلون كلامه(15) .

    ومن الألفاظ التى لجأ إليها الحلاج فى محاولاته الأوّليّة هذه ، كلمة شعشعانى التى اعتبرت ــ لغرابتها ــ دليلاً على سوء الأدب .. فقد احتدَّ عليه مرة الوزير علىّ بن عيسى، قائلاً له : كم تكتب ــ ويلك ـ إلى الناس تبارك ذو النور الشعشعانى ما أحوجك إلى أدب !(2)

    .. وعلى هذا النحو، فشل الشعرُ الحلاجى فى الوصول لصياغة مقبولة يعبر خلالها المشجون المسجون فى اللغة، عن مكنون ذاته؛ وفشلت الكلمات التجريبية (حلول ــ مزج ــ لاهوت ــ ناسوت ــ شعشعانى ) فى حمل معانيه .. فلم يبق أمامه إلا الصراخ !

    * * *

    حملت كتب التراجم ، العديد من صرخات الحلاج .. مثل زعقته فى أسواق بغــداد: أيهــــا الـنـاس ، اعلموا أن الله قد أباح لكم دمى فاقتلونى ، اقتلونــى

    تؤجروا وأسترح، اقتلونى تكتبوا عند الله مجاهدين وأكتب أنا شهيد(16) .

    وفى غمرة هذا الانفجار الوجدانى ، لاحت للحلاَّج الوسيلةُ المثلى للخروج من المأزق .. وأدرك أن تأسيس اللغة الصوفية، لايكون بالاسترسال مع النظم، ولايكون باستخدام الألفاظ المثقلة بالدلالات القديمة .. وإنما يكون بتفجير اللغة.

    مَوْلِدُ الُّلغَةِ الجدِيدَةِ

    إن المراد بمحاولة الحلاج تفجير اللغة هو سعيه للتخلُّص التام من أسـاليـب الصياغة اللغوية الشائعة فى عصره، وطموحه الكبير إلى استبدال اللفظ الذى اهترئ من كثرة التداول، بلفظ يتخلَّق بحرية خلال السياق الجديد.. وقد تجلَّى هذا التفجير للُّغة السائدة، كما تجلَّى اكتشاف الحلاَّج لمعدن اللغة الصوفية الجديدة، فى النص الوحيد (الكامل) الذى بقى إلى اليوم من مؤلفاته . وهذا النص ، الذى كتبه الحلاج فى سجنه ــ وهرَّبه تلاميذه ــ والذى يعدُّ واحداً من أروع النصوص الصوفية على الإطلاق؛ هو : كتاب الطواسين .

    فى كتاب الطواسين(17) ، يفجِّر الحلاَّج كل التراكمات اللغوية والدلالية ، ليعود إلى أصل اللغة: الحرف.. وإلى التجلى الأتم لها : القرآن !

    أراد الحلاج أن يغوص نحو الحروف، التى هى المادة الأولية فى اللغة، فجعل فصول كتابه (طواسين) أى أن كل فصل منها (طاسين) .. مستفيداً فى ذلك من الدلالة الصوتية العميقة، الناشئة من جمع حرفى الطاء والسين؛ وناسجاً فى الوقت ذاته على منوال النص اللغوى الأقدس (القرآن) باعتباره المجلى الأصلى لصياغة الكلام الإلهى صياغةً عربية.. فقد بدأت بعض سور القرآن بذكر الحروف، ومن بينها الطاء والسين، اللذين بدأ بهما الحلاج .

    ثم يأتى الحلاج بما يجلو الحرف، وذلك عن طريق الإضافة ليكشف عن مفهومٍ صوفى، يساوق الجمع اللغوى بين لفظين.. هذا المفهوم الصوفى هو باختصار: إن الحقيقة لاتدرك إلا من حيث النسب والإضافات ، فلا توجد حقيقة إلا من حيث نسبتها وإضافتها. بعبارة أخرى : لن تصير حقائق الوجود قائمة بالفعل، إلا بعد إضافة هذا الوجود لله .

    وإضافات الحلاج للطاء والسين، تكشف عن مستوى آخر من مستويات اللغة الصوفية عنده، وهو مستوى الترميز .. فقد أراد الحلاج أن يبين للصوفية أنه لايمكن التحدث عن حقائق الطريق إلا رمزاً. فأضاف للحروف رموزاً، بحيث صارت فصول كتابه كالآتى: طاسين السراج، طاسين النقطة، طاسين الدائرة .. إلخ، والسراج هنا هو محمد r النبى الذى اقتبس كل الأنبياء نورهم من نوره القديم الذى يتلالأ منذ كان آدم بين الطين والماء . أما النقطة والدائرة ، فهما من الاصطلاحات التى سوف تستقر فى اللغة الصوفية ، حتى يأتى ابن عربى ــ فى الفتوحات المكيــة ــ فيجوس فى مفاوزهما ، ويكشف عن دلالاتهما الخاصة بالجدل المعرفى (الابستمولوجى) الكاشف عن العلاقة الوجودية (الانطولوجية) بين الله والإنسان والإنسان الكامل .

    ومن الحروف، تتألف الأسماء التى هى الظهور الخاص لحقائق الأشياء ..كُلٌّ على حدة. ولذلك ، فحين أراد الله تعالى أن يتميَّز آدم ، علَّمه الأسماء كلها، ثم أظهره على الملائكة، إلى آخر ما ورد فى الآيات القرآنية .. ولذا، واصل الحلاَّج غوصه، فى محاولةٍ لكشف حقيقة الأسماء، بوصفها مركبة من حروف. وضرب لذلك أمثلة فى سياق كلامه، منها قوله فى (طاسين الأزل والالتباس) ما نصُّه : اشتقَّ اسم إبليس من رسمه ( يقصد : لأنه التبس عليه الأمر فى الأزل) فغيِّر عزازيل، العين لعلق همته (يقصد : لأنه تعلَّق بالله على التجريد فلم يسجد لغيره) والزاى لازدياد الزيادة فى زيادته (يقصد : لأنه أزاد على كونه طاووس الملائكة، كونه الوحيد الذى لم يسجد لغير الله) والألف إزادة فى أُلفته ، والزاى الثانية لزهده فى رتبته، والياء حين يهوى إلى سهيقته، واللام لمجادلته فى بليَّته، قال له : ألا تسجد يا أيها المهين؟ قال : محب ، والمحب مهين، إنك تقول مهين، وأنا قرأت فى كتاب مبين، ما يجر علىَّ ياذا القوة المتين ، كيف أذل له وقد خلقتنى من نار وخلقته من طين..

    ثم يقول الحلاَّج : يا أخى ، سُمِىَ عزازيل، لأنه عُزِلَ، وكان معزولاً فى ولايته؛ مارجع من بدايته إلى نهايته، لأنه ماخرج عن نهايته.. والمقصود بالنهاية هنا، إدراك ابليس ــ وهو أعرف العارفين بالله ــ أن الأمر الإلهى له كان ابتلاءً، وأن المعصية مقدرةً عليه فى الأزل ، وأنه لن يخرج عن دائرة المشيئة الإلهية التى اقتضت كل ما جرى!

    * * *

    وعلى هذا النحو، كان سَعْى الحلاج إلى الرجوع لبكارة اللغة ومادتها الأولى (الحروف) وإلى دلالات المفرد المميز لحقيقة الشئ (الاسم) ليدفع بذلك باباً عظيماً، سوف يُعرف فى التراث العربى بعلم الحروف والأسماء .. وهو علم سوف يستهوى الصوفية بعد الحلاج، فيحاولون الغوص وراء : سر الظرف المودع فى الحرف (وهو عنوان لأحد كتب عبد الكريم الجيلى، المتوفى 826 هجرية)

    وبعد ... لقد كانت اللحظة الحاسمة التى قُتل فيها الحلاج، كفيلةً بتغليف التصوف من بعده بجدار الصمت . لكن الرجل فتح أمام اللاحقين عليه باب اللغة الجديدة، التى سوف تتجلى عند النفرى وابن عربى والجيلى، وغيرهم من الصوفية.. ويمكن للباحثين فى التصوف، تبيان ملامح هذه اللغة الجديدة، من خلال استعراض المزيد من الخصائص اللغوية فى كتاب الطواسين ، الذى يُعدُّ علامةً مهمّة على الطريق الطويل الذى قطعته اللغة الصوفية عبر مراحل تطوره

    ----------------

    يوسف زيدان
    (1) السراج الطوسى: اللمع فى التصوف ، تحقيق د. عبد الحليم محمود وطه عبد الباقى سرور (دار الكتب الحديثة - مكتبة المثنى 1960) ص 468.
    (2) د. عبد الرحمن بدوى : شطحات الصوفية( وكالة المطبوعات - الكويت، الطعبة الثانية 1976) ص 26
    (3) الشطح فى اللغة، يعنى : الذهاب إلى بعيد !
    (4) ماسينيون : مادة الحلاج بدائرة المعارف الإسلامية 8/17 .
    (5) انظر ترجمته فى :

    الفهرست لابن النديم 1/190، التنبيه والإشراف للمسعودى ص 387، وفيات الأعيان لابن فلكان 1/183، مرآة الجنان لليافعى 2/253، البداية والنهاية لابن كثير 11/132، المختصر فى أخبار البشر لأبى الفداء 2/75، تاريخ بغداد للخطيب البغدادى 8/112، روضات الجنات للخوانسارى ص 226، لسان الميزان لابن حجر 2/314، شذرات الذهب لابن العماد 2/253، معجم المؤلفين لكحالة 1/64-

    6) انظر :
    ابن باكويه : أخبار الحلاج (نشرة ماسينيون وكراوس ، باريس 1936) ص 43 .
    الـذهبــــى : سير أعلام النبلاء (مؤسسة الرسالة ، بيروت 1983) ، 14/ 328 .
    (7) هذا الكتاب غير معروف منذ زمن طويل .
    ( انظر : سير أعلام النبلاء 14/341 ــ نشوار المحاضرة 6/87 ــ تاريخ بغداد 8/138.
    (9) الحلاج ، ص 11.
    (10) وردت الأبيات فى : ديوان الحلاج ص 117 ــ تاريخ بغداد 8/117 ــ سير أعلام النبلاء 14/327 ــ البداية والنهاية 11/134 .
    (11) ديوان الحلاج، ص 96 ــ أخبار الحلاج، ص 113 ــ طبقات الصوفية ، للسُّلمى ص74 ــ سير أعلام النبلاء 14/ 326 .
    (12) ديوان الحلاج ، ص 82 - تاريخ بغداد 8/ 115 .
    (13) أخبار الحلاج ، ص 47 .
    (14) المرجع السابق ، ص 31.
    (15) سير أعلام النبلاء ، 14/ 316.
    (16) المرجع السابق ، ص 723 .
    (17) راجع قول الحلاج فى اليوم التى صُلب فيه: هؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلى تعصباً لدينك وتقرباً إليك ، فاغفر لهم ..
    (1 هو كتاب صغير الحجم، قام ماسينيون بنشره فى باريس سنة 1913ميلادية، وقد اعتمد على هذه النشرة معظم الذين كتبوا عن الحلاج بعد ماسينيون .. ويعد ماكتبه ماسينيون عن الحلاج خاصة كتابه (عذاب الحلاج) بالفرنسية، من أروع البحوث فى هذا الباب .
    يوسف زيدان

    (عدل بواسطة Solara_sabah on 04-18-2004, 11:51 PM)
    (عدل بواسطة Solara_sabah on 04-24-2004, 04:15 AM)









                  

04-19-2004, 06:57 AM

mansur ali
<amansur ali
تاريخ التسجيل: 03-27-2004
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    Fabulous !
    I will come later

    ( فَلِى نفسٌ ستذهبُ أَوْ سَترقى لعمْرِكَ بى إلى أمرٍ جَسيمِ)
                  

04-19-2004, 10:32 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: mansur ali)

    الأخت سولارا
    شكرا للمقال القيّم عن هذا الرجل العظيم الذي قتل لدواع سياسية بحتة ودعيني أقدم مقالا أيضا لآن ماري شيمل :


    خطرات وأفكار عن "الحلاّج"
    بقلم: أنا ماري شيمل
    "وما فعلتُ، ستفعلُه أنت أيضاً – حذارِ!
    ستحمل البعث للميتين – حذارِ!"
    بهذه الكلمات يجعل الشاعر والفيلسوف الهندي المسلم محمد إقبال (1877-193 الحلاج يتكلم في ملحمته الفارسية الخيالية "جاويدنامه"، أي "كتاب الخلود"، فيصوره بذلك كمفكر مبدع، حاول بث الحياة في معاصريه الموتى روحياً وفكرياً، أي حاول منحهم إيماناً حياً جديداً، وتحريرهم من التقليد واجترار القواعد المتوارثة الخالية من كل روح. إنها لظاهرة تبعث على الاهتمام أن يحتل الحلاج – الناقد المناوىء بين عدد ضئيل من أمثاله في تاريخ الفكر الإسلامي – مكانة مرموقة بين النخبة الفكرية في صفوف المسلمين في العقود الأخيرة.
    إن هذا المتصوف، الذي أُعدم بأبشع صورة في بغداد عام 922، قد أُسيء فهمه مراراً. فقد فُهمت كلمته: "أنا الحق"، أي "أنا الحقيقة المطلقة"، أي "الله"، فُهمت كتعبير عن تعالٍ متعاظمٍ للذات، بحيث أثار بذلك الشكوك في إيمانه بحلول الذات الإلهية في النفس البشرية. وقد اعتبره بعض معاصريه ساحراً خطراً، بينما استاء خصومه السياسيون من دوره في خطة مرسومة لإصلاح الضرائب، ورأى رجال الدين في فكرته حول إسقاط الفرائض تعبيراً عن كفره ودليلا على إلحاده، رغم أنه ألّف في عمله "كتاب الطواسين" أجمل أنشودة يمتدح فيها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. غير أن كبار المتصوفين في جميع العصور قد أبدوا إعجابهم الشديد بحبه المطلق لله عز وجل. ونجد في أدب العصر الوسيط خطاً يزداد وضوحاً في العصر الحديث: إذ يُعتبر الحلاج ثائراً في وجه ضيق الأفق الفكري لدى المتحجرين من رجال الدين، لأنه شهد خبرة الاتصال بالله، تلك التجربة الروحية الحية – كما فعل الإمام الغزالي فيما بعد، عندما تخلى عن وظيفته التعليمية في المدرسة النظامية ببغداد، لأنه وجد أن زملاءه كانوا منغمسين في نزاعات وخلافات لا طائل من ورائها حول مسائل فقهية سطحية، دون أن يتحلّوا بذرّة من الإيمان الحي، أو يمتلكوا بارقة من الاتصال الحي بالذات الإلهية.

    وفي تطور يثير الاهتمام يظهر الحلاج في شعر إيران وشبه القارة الهندية لفترة ما بعد العصر الوسيط كإنسان رفض السكولاستية المتحجرة بسبب تجربة اتصاله المباشر بالله عز وجل وحبه الخالص له، مما أدى الى قتله. ولكن أليس من الصحيح أنه عندما يرى الإنسان الحقيقة ويجدها، يكون مستعدا للموت في سبيلها؟ وقد قال الشاعر الهندي ميرزا أسد الله غالب (1797-1869) في بيت شعري فارسي مشهور ما معناه:

    "السر الكامن في القلب – لن يكون موعظة جوفاء!
    قد تُفصح عنه على المشنقة؛ أما على المنبر، فلا!"
    وهذا يعني أن الشاهد الحقيقي لجلالة الله يجب أن يصبح شهيداً، وأن يدفع حياته ثمناً لأعلى تجربة وهي الاتصال بالحقيقة.
    وفي الأدب الأُردي والتركي الحديث يُصوّر الحلاج أحياناً كثائر ضد المجتمع القائم، كما أنه يظهر كذلك في الشعر العربي المعاصر كممثل للأبعاد العميقة للإسلام، كمكافح من أجل العدالة والفهم. وقد سعى صلاح عبد الصبور في "مأساة الحلاج" الى إظهار الطابع الاجتماعي لرسالة الحلاج، وأعطى تفسيراً دقيقاً لضرورة موته: إذ كان موته أمراً محتوماً – لكي يعود أتباعه فيجدوا كلماته في أثلام الحقول، حيث تكمن خفية عن العيون، لكي تحمل على الرياح، التي تهب فوق الأمواج – فما الذي كان سيحدث لرسالته المنادية بحرية الفكر، لو لم يمت مشنوقاً؟
    وقد أكد أدونيس في أعماله الأولى على حداثة لغة الحلاج، وقد كرّس هو وعبد الوهاب البياتي لهذا المتصوف الشهيد شعراً رثائياً زاخرا بالأحاسيس العميقة، وإن كان يتسم بالصعوبة في فك طلاسمه.

    ومع ذلك فإنه يبدو لي أن إقبال أكثر إصابة للحقيقة من أغلب المحاولات الأخرى في فهمه لنواة حياة هذا المتصوف الوسيطي العاشق لله ومدى تأثيره. فقد اعترف بالحلاج – الذي يُحتفى به منذ عدة قرون في الشعر الشعبي الهندي الإسلامي كعاشق كبير لله – كمصلح إسلامي. وقد كانت قناعة إقبال ثابتة في أن "عالم القرآن" ينفتح لكل إنسان وفي كل عصر بصورة جديدة، وأن الإسلام ليس دينا متحجراً بعيدا عن الواقع، بل إن المفكرين والصوفيين الكبار قد تغلغلوا الى طبقات بعيدة الأعماق من الفهم، بحيث يصبحون بذلك أمثلة عليا يقتدي بها الإنسان العصري أيضاً. و في نظره كان الحلاج، الذي فهم أعماق الوحي الإلهي بصورة أفضل مما فعل كبار الفقهاء ورجال الدين الذين يعجزون عن التحليق الى الذرى الفكرية، كما يقول هذا المفكر الإسلامي الهندي بسخرية، لأن كلاً منهم يجثم "كقارون على المعاجم العربية"، أي أنه لا يستطيع التحليق بسبب عبء معارفه اللغوية الفقهية، بل يُضغط ميتاً تحت الغبار، كما غرق قارون تحت عبء كنوزه. لقد كان الحلاج في نظر إقبال مناضلا طليعياً في سبيل الإيمان الحي، وكان بهذه الصفة مثلا أعلى للإنسان المعاصر.

    وقد يكون هذا التفسير مفاجئاً؛ ولكن إذا قام إقبال "بصورته النيتشوية" للحلاج – كما قال لويس ماسينيون مرة – بحثّ بقية البشر على التفكير، فإن في ذلك إنجازاً مهماً كبيراً: فقد اتضحت له ضرورة الحب الخلاّق لتقديم تفسير مثمر للعصر الحديث في مثال هذا الشهيد الصوفي من العصر الوسيط.

    ترجمة: محمد علي حشيشو
                  

04-19-2004, 01:07 PM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    سولارا
    انحاءة احترام لسمو مقامك

    خالد
    مداخلتك لا تقل جمالاً

    احترام ومحبة

    اعطياني كفكما
    ساظل حوارية لهذه الرصانة
                  

04-20-2004, 00:44 AM

Solara_sabah


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: الجندرية)


    Mansur
    Every day Life brings many fabulous surprises to me, but to know that you are a member here, is very pleasant surprise!

    And let agree that with Dr Nahid Anqha who said:
    The pursuit of truth is the quest for a particular goal, a quest pursued no matter how difficult the path -- and for the most important truths, the way may be long and arduous indeed. Tasawouf, or Sufism, is the esoteric school of Islam, founded on the pursuit of spiritual truth as a definite goal to attain: the truth of understanding reality as it truly is, as knowledge, and so achieving ma'arefat. In Tasawouf when we speak of understanding or cognition we refer to that perfect self-understanding that leads to the understanding of the Divine. This very logical principle is based on a typically succinct saying of Prophet Mohammed: "Whoever knows oneself, knows one's Lord." The origins of Tasawouf can be traced to the heart of Islam in the time of the Prophet, whose teachings attracted a group of scholars who came to be called "ahle suffe", the People of Suffe, from their practice of sitting at the platform of the mosque of the Prophet in Medina. There they engaged in discussions concerning the reality of Being, and in search of the inner path they devoted themselves to spiritual purification and meditation.


    Welcome Mansur, I'm waiting for your feedback
    Thanks

    محبة
    سولو
                  

04-20-2004, 01:29 AM

Solara_sabah


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)



    مرحب خالد
    مقال آ ن مارى شميل رائع جدا واضافة معرفية اخرى لى

    إذن هذا هو الحلاج الذى سلك طريقا وعرا فى التصوف أدت به الى تلك النهاية التراجيدية وقد تساءل يوسف زيدان فى احدى بحوثه التراثية عن " ما هى المعرفة التى أدت إلى ذلك كله ، أو بالأحرى : ماهى استحالة المعرفة التى عذَّبت الحلاج وجعلته يتوق إلى الخلاص من دنياه؟؟؟
    فى كتاب الطواسين وهو الكتاب الذى استلهم فيه الحلاج لغة القرآن ، فجعل كل فصل من فصوله (طاء ، سين) ! يقول فى طاسين الصفاء ما نصه : الحقيقُة دقيقةُ ، طرقها مضيقةُ ، فيها نيرانٌ شهيقةُ ، ودونها مفازةٌ عميقةُ .
    وفى طاسين الفهم يقول الحلاج :
    أفهامُ الخلائقِ لاتتعلَّق بالحقيقة ، والحقيقة لاتتعلَّق بالخليقة . الخواطرُ علائقُ ، وعلائقُ الخلائقِ لاتصل إلى الحقائق . والإدراك إلى علم الحقيقة صعبٌ ، فكيف إلى حَقِّ الحقيقة.
    وقد أدَّى هذا الاعتقاد باستحالة المعرفة الحقَّة ، إلى يأس الحلاج من الوقوف مع أهل زمانه على أرض العرفان الحق .. فأدرك فى مرحلةٍ ما من مراحل تطوره الروحى ، أن التواصل دربٌ مستحيل ، وأن انبثاق المعارف الإلهية فى مرايا النفوس ، منذرٌ بتفاوت الإدراك . ومن هنا قال فى طاسين النقطة ما نصه :
    المنكرُ هو فى دائرة البرانى ، أنكر حالى حين لم يرانى وبالزندقة سمَّانى وبالسوء رمانى . وصاحب الدائرة الثانية ظننَّى العالِمَ الربانى . والذى وصل إلى الثالثة حَسَبَ أنِّى فى الأمانى . والذى وصل إلى دائرة الحقيقة نَسَانى ، وغاب عن عَيَانى .
    الغياب ، إذن ، هو منتهى السير فى طريق المعرفة ، وغايةُ السلوك فى غمار التجلِّيات الإلهية التى لاسبيل إلى التعبير عنها .. ذلك هو التجلِّى الأول من تجلِّيات الحلاج ، ومن وراء ذلك تجليات أخرى .


    شكرا لوجودك هنا خالد
    محبة
    سولارا

    (عدل بواسطة Solara_sabah on 04-22-2004, 04:46 AM)

                  

04-20-2004, 01:45 AM

Solara_sabah


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)



    جندرية

    يتها الجميلة
    أنا من ترفع القبعة تحية لك ... لو تدرى كم يسعدنى مرورك هنا.

    دمتِ بالق دائم
    محبة
    ســـــولو

    (عدل بواسطة Solara_sabah on 04-22-2004, 03:58 AM)

                  

04-22-2004, 00:30 AM

Alia awadelkareem

تاريخ التسجيل: 01-25-2004
مجموع المشاركات: 2099

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    رفيعة المقام
    سولارا
    شكرا علي هذا المقال الدسم
    وحقيقي عالم التصوف وتاريخة المسكوت عنة
    كثير جدا ...وجيدا فعلت ان حاولت نقلنا الي تلك المعالم المطموسة
    من تاريخنا ...تارة بالتهميش واخري عن عمد.
    مع كل حبي
                  

04-22-2004, 04:43 AM

Solara_sabah


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Alia awadelkareem)



    أما العالم في نفسه فليس إلا خيالا وحلما يجب تأويله لفهم حقيقته "
    ابن عربي، فصوص الحكم , ص 27



    العزيزة علياء
    يسعدنى ان ينال هذا المقال اهتمامكِ .
    منذ الطفولة تفتحت عينى على نوعيين من الكتب فى منزلنا وهى الكتب الطبية فى مكتبة والدى وكتب الصوفية قد كان والدى بجانب مهنته كطبيب شديد التصوف وكان تاثيرى به كبيرا حقا حتى ظنت اانى إما سوف اصير طبيبة مثله او اشد صوفبة منه ولكنى فشلت فى الاثنين
    قبل سنتين فى عيد ميلادى ال 30 اهدانى والدى كتاب رائع جدا باللغة الانجليزية اسمه من قلب الصوفية لهزات خان ,""The heart of sufism وكان ان رحل والدى عن هذا الوجود بعد اسبوع فقط من اهداه ذلك الكتاب لى .. وكان هذا الكتاب تحديدا نقطة تحول فى قراءتى للفكر الصوفى وتكدست بعدها كثيرا من كتب الصوفية وافكارهم ومعتقداتهم فى مكتبتى . وليس من السهل فهم المعنى العميق وراء الفكر الصوفى الذى لا ياتى الا من فهم عميق ووعى كامل للذات .
    كما ذكرت انت ان هناك اهمال فى هذا الجانب لان اغلب الكتب التى قراءتها للصوفية كانت باللغة الانجليزية ,, يقولون تتعثَّر الحضارات لأن المفكرين فيها ، لايستطيعون أن يستشفوا روح حضارتهم ، وروح كُلٍّ من سائر الحضارات ، فلا يعرفون تفرقةً ولا يدركون تمييزاً بين ما يصحُّ أن يُقتبس وما يلزم الإعراض عنه .. نقطةُ البدء إذن فى كل نهضة ، أن يستشف المفكرون وقادة الرأى روح حضارتهم ومواهبها الكامنة
    والحضارةُ العربيةُ الإسلاميةُ ، فى أساسها العميق ، حضارةٌ روحية. فقد ابتدأ بزوغ شمسُها من كتابٍ سماوىٍّ ظل على مَرِّ السنين، بمثابة النصِّ المحورى الذى انتقل به الناسُ من حالةٍ جاهلية إلى حالةٍ تحضُّرٍ طويل .
    والصوفية عالم واسع عميق ورحب به من كثيرا من التسامح الذى يؤدى دائما الى قبول الاخر والمختلف ونبذ العنف والتعصب فى التعامل مع الاخر. وما احوجنا الى هذا المنهج فى الوقت الحالى الذى صار العنف واحروب ورفض الاخر سمة لهذا الزمان الذى نعيشه .

    مرحب بك علياء
    وشكرا لك

    محبة دائمة
    سولو

    (عدل بواسطة Solara_sabah on 04-22-2004, 04:48 AM)
    (عدل بواسطة Solara_sabah on 04-22-2004, 04:52 AM)

                  

04-22-2004, 05:33 AM

مريم الطيب
<aمريم الطيب
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 1356

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    سولارا..

    احترم رصانتك وجديتك وادبك الجم..

    ورحم الله والدك الذي اورثك الحكمة..

    لك محبتي ولخالد عويس..وجميع المتداخلين.
                  

04-22-2004, 11:14 PM

farda
<afarda
تاريخ التسجيل: 04-08-2003
مجموع المشاركات: 826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: مريم الطيب)

    *


    ....وأنا صــدى صوتك يا مريم....


                  

04-23-2004, 01:51 AM

Solara_sabah


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: farda)


    الاخت مريم
    الاخ farda
    شكرا لكم كثيرا
    كما اشكرك يا مريم على دعواتك بالرحمة لوالدى

    و ما اسعدنى ان اسمع منك ان والدى اورثنى الحكمة .. ولكن كيف لى ان اقنع بذلك جدتى الحبيبة تلك الافريقية التى اراها أجمل إمرأة فى الارض بتلقائيتها وسذاجتها الناصعة وإيمانها بكل الظواهر الكونية والتى تعتقد اعتقادا جازما ان شيطان عنيد يسكن فى راسى وان والدى وتلك الكتب ذادت من كل الحماقات التى ارتكبتها فى الارض .

    شكرا لك مريم
    شكرا لك farda

    محبة
    سولارا
                  

04-23-2004, 02:03 AM

Nagat Mohamed Ali
<aNagat Mohamed Ali
تاريخ التسجيل: 03-30-2004
مجموع المشاركات: 1244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    الأخت سولارا

    قولي لجدتك إذن ما أجمل الحماقات التي على وجه الأرض إن كانت مثل حماقات حفيدتها.
    أدهشتني أولاً المعلومات الإضافية في البروفايل: كائن مزيج من الأفريقية والإنجليزية ...
    ثانياً هذه المداخلات المرهفة، ومنها هذا الاهتمام بشيخ شهداء الصوفية، وهم كُثْرُ.

    لا زلت أقرا نصك عن الحلاج، ثم بعده النص الذي اضافه الأخ خالد.

    شكراً لكِ أيتها الإنسانة المرهفة.

    نجاة
                  

04-24-2004, 02:28 AM

Solara_sabah


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Nagat Mohamed Ali)

    العزيزة نجاة
    شكرا لك كثيرا على هذة الكلمات النبيلة
    ربما لا تدرى جدتى المحبوبة انها بتلقائيتها وقصصها التى أثرت بها مخيلتى فى طفولتى كانت اقوى واعمق من تلك الافكار التى قراتها فى كل الكتب, إنها ايضا ساهمت وبطريقة خفية فى تلك الاشياء التى تسميها حماقات لان حكاياتها وقصصها ستظل دائما تشكل روح الانسانة التى صرتها "انا " الان

    شكرا لك نجاة
    ومحبة من القلب

    سولارا
                  

04-24-2004, 03:27 AM

degna
<adegna
تاريخ التسجيل: 06-04-2002
مجموع المشاركات: 2981

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    الاخت الفاضلة سولارا سلام

    ما اروعه من مقال وما اسماه من حديث حول العاشق الكبير
    العالم الجليل الحلاج
    كم مفيد هذا المقال العلمي الامين لكشف جوانب كثيرة للذين يجهلون الصوفية ومدي حبهم وتعلقهم بحب الله عز وجل
    ورسوله الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم
    انها سيرة تروي قصة عن قامة شامخة حرة صادقة في ايمانها
    واستسلامها لله عز وجل
    شكرا جزيلا لهذه المادة الروحية الدسمة

    ali
                  

04-24-2004, 11:36 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: degna)

    تحية يا سولارا

    ماذا تقصدين بتفجير اللغة في عنوان مقالتك؟
                  

04-24-2004, 11:41 AM

Khalid Eltayeb
<aKhalid Eltayeb
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 1065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    أعجبتني كلمات صلاح عبدالصبور وهو لايعفي الذين هتفوا فرحا بموت الحلاج عن المشاركة في الجريمة . ومااشبه الليلة بالبارحة!!!

    صَفُّونا .. صفّاً .. صفّاً
    الأجهرُ صوتاً والأطول
    وضعوه فى الصَّفِّ الأول
    ذو الصوت الخافت والمتوانى
    وضعوه فى الصف الثانى
    أعطوا كُلاً منا ديناراً من ذهب قانى
    برَّاقا لم تلمسه كفٌ من قبل
    قالوا : صيحوا .. زنديقٌ كافر
    صحنا : زنديقٌ .. كافر
    قالوا : صيحوا ، فليُقتل أنَّا نحمل دمه فى رقبتنا
    فليُقتل أنا نحمل دمه فى رقبتنا
    قالوا : امضو فمضينا
    الأجهرُ صوتاً والأطول
    يمضى فى الصَّفِّ الأول
    ذو الصوت الخافت والمتوانى
    يمضى فى الصَّفِّ الثانى
                  

04-24-2004, 04:30 PM

MOHDY
<aMOHDY
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 338

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    أعادني هذا المقال الي الكتابة لما أثاره في من أشجان لهذا المتصوف المشبوب بخيوط النور والذات الالهية. فلله درك ودر من شارك فيما سبق.

    "لم يختار الله شخوصا من خلقه
    ليفرق فيهم أقباسا من نوره؟

    هذا ليكونوا ميزان الكون المعتل
    ويفيضوا نور الله علي فقراء القلب
    وكما لا ينقص نور الله اذا ما فاض علي أهل النعمة
    لا ينقص نور الموهوبين إذا ما فاض علي الفقراء"

    وقد اختلف الحلاج مع صوفية عصره، كما يذكر المرحوم صلاح عبد الصبور في مأساة الحلاج، حين أخذ يتصل بالناس ويتحث اليهم فنبذ خرقة الصوفية. والخرقة رمز الانخلاع عن الدنيا والفناء في الجماعة الصوفية.
    جمع الحلاج حوله مجموعة من الفقراء واتصل ببعض وجوه الدولة وكان يبث اراءه الاصلاحية بصراحة ووضوح فظل بقية حياته بين سجن ومحاكمات لا تتم، واتهام وتكريم حتي محاكمته الاخيرة في 309هجرية.

    وتعقيبا لما ذكرت في مقالك الشيق فإن ماسينيون ينسب الحلاج الي الحنابلة، ويجعل الشيعة- ومنهم كان الوزراء وكبار الحكام- عدا الخليفة- هم الساعين في دمه، وذلك بعد تحقيق تاريخي مسهب.

    ويذكر عبد الصبور نقلا عن الاصطخري أن الحلاج استمال مجموعة من الوزراء وطبقات من حاشية السلطان وأمراء الامصار وملوك العراق ومن والاها...استمالهم لماذا؟ لا يحدثنا الاصطخري

    المهم أن الكثير من الكتاب قد خاضوا في موقفه ضد الدولة ونسبه البعض الي أنه من دعاة الفاطمية يدعو الي الرضا من ال محمد صلي الله عليه وسلم.

    أبدع عبد الصبور في مأساة الحلاج وحكي وصفا شعريا رائعا يكون اضافة لهذا الرجل الغامض في حياته وفي مماته. غير أنه أثبت أنه نقطة يقف عندها الكثير أدبا، تصوفا، رقة وشفافية

    " الحب الصادق
    موت العاشق
    حتي يحيا في المعشوق
    لا حب إذا لم تخلع أوصافك
    حتي تتصف بأوصافه"

    وأنا انوي أن يكمل حبي لله
    أن أخلع اوصافي في اوصافه
    أنا انسان يضنيني الفكر ويعروني الخوف
    ثبت قلبي يا محبوبي
    أنا انسان يظمأ للعدل ويقعدني ضيق الخطو
    فأعرني خطوك يا محبوبي
    وشفيعي في صدق الرغبة والميل.
                  

04-25-2004, 08:02 PM

Solara_sabah


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: MOHDY)

    الاخ الكريم Degna

    شكرا لك لاضافتك هنا
    فالاساس الاسلامى اساس روحى نابع من كتاب الله المنزل وحياة النبى محمد صلى الله عليه وسلم وقوامه المحبة والحب التى تجمع الانسان مع ربه والصوفية والصوفيين بوجه خاص اتخذوا من المحبة منهج لهم
    فصارت المحبة آخرُ درجة من درجات العلم ، وأولُ طورٍ من أطوار المعرفة .. والمراد بالعلم هنا المعرفة الظاهرية بالله والعالم ؛ أما المعرفة ، فهى العلم بالله والرؤية بنوره.

    شكرا لك مرة اخرى
    ----
    الاخ الكريم MOHDY

    الحلاج من الشخصيات الصوفية التى اثارت حيرة كثيرة منهم من يراه علامة بارزة فى تاريخ التصوف ومنهم من يراه ناقما على السلطة ورافضا لها ومنهم من يراه كافرا وزنديقا . صلاح عبدالصبور فى مسرحيته اظهر الحلاج كشاعر يبحث خلاص فى زمن كانت السلطة السياسية فى مصر مصدر للكبت ووجد فى استحضار الحلاج كشاعر هو الخلاص من ذلك المأزق لان عبدالصبور يعتقد ان الشعر هو الخلاص لذا استحضار عبداصبور للحلاج فى تلك المسرحية كان رمزى ويعبر عن خصوصية معاناة عبدالصبور اكثر من اظهار تجليات الحلاج.

    شكرا لك مرة



    الاخ Khalid Eltayeb

    شكرا لك ولاضافة ذلك المقطع من مأساة الحلاج

    محبة لكم جميعا

    سولارا

    (عدل بواسطة Solara_sabah on 04-25-2004, 08:17 PM)

                  

05-02-2004, 08:47 AM

nassar elhaj
<anassar elhaj
تاريخ التسجيل: 05-25-2003
مجموع المشاركات: 1129

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    شكرا لك يا سولارا على هذه الاضاءة الرائعة
    وكعادتك دائما تبحرين جيدا
    لتقولين شيئا مهماومضيئا
                  

04-29-2004, 03:30 AM

Ehab Eltayeb
<aEhab Eltayeb
تاريخ التسجيل: 11-25-2003
مجموع المشاركات: 2850

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    الاخت سولارا:
    شكرا للمعلومات الثرة والمفيدة.
    ولك عاطر التحايا,,
                  

04-29-2004, 03:40 AM

Solara_sabah


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Ehab Eltayeb)

    مرحب بك الاخ الكريم ايهاب
    وشكرا لك كثيرا

    ودمت
    محبة
    سولارا الصباح
                  

05-02-2004, 08:49 AM

nassar elhaj
<anassar elhaj
تاريخ التسجيل: 05-25-2003
مجموع المشاركات: 1129

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    شكرا لك يا سولارا على هذه الاضاءة الرائعة
    وكعادتك دائما تبحرين جيدا
    لتقولين شيئا مهماومضيئا
                  

05-03-2004, 02:57 AM

Solara_sabah


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: nassar elhaj)


    نصار ايها النبيل
    شكرا لحضورك البهى دائما.
    بالامس كنا والاصدقاء هنا نقرا نصوصك نفتقد وجودك بشدة.. استلمت مجموعتك الشعرية .. من غلاف المجموعة وتصميمه الى النصوص كل شئ كان يبدو انيقا كما يجب لنصار ان يكون .. لغتك فى تلك المجموعة تبدو مختلفة ومتفردة بصورة بارزة.

    وفقك الله دائما ايها الصديق العزيز
    ومحبة بعلو السماء لشخصك

    ســــــولو

    (عدل بواسطة Solara_sabah on 05-03-2004, 03:02 AM)

                  

05-03-2004, 03:45 AM

صديق الموج
<aصديق الموج
تاريخ التسجيل: 03-17-2004
مجموع المشاركات: 19433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ (Re: Solara_sabah)

    سولارا....... العظيمة

    ظللت الهث ردحا طويلا لاقراء عن الحلاج كثيرا وما كان ذلك ممكنا هنا،ولكن بهذا الامتاع

    واللغة الرفيعة فقد انطفأ قليلا من ظما شبقى...ومزيدا من تلك السيرة الجميلة ننتظر.

    متعك الله بالصحة والعافية وانت تخرجين بالعلم من مدرجات الكليات الضيقة الى رحاب اوسع

    رحم الله والدك,وسلمت,,,,,

    (عدل بواسطة صديق الموج on 05-03-2004, 03:46 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de