يلزمنا اليوم مفهوم جديد للعلاقة مع الوطن لا يمر بـ "الهوية"...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 03:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-30-2003, 04:29 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يلزمنا اليوم مفهوم جديد للعلاقة مع الوطن لا يمر بـ "الهوية"...

    لقاء إيلاف الأسيوعي
    المفكر التونسي د. فتحي بن سلامة:
    (1/3) يلزمنا اليوم مفهوم جديد للعلاقة مع الوطن لا يمر بـ "الهوية"...
    الأحد 28 ديسمبر 2003 15:01
    أجرى الحوار حكمت الحاج



    الحلقة الأولى

    في حوار سابق نشر على صفحات "إيلاف" * قبل أكثر من عام، بمناسبة صدور كتابه الأخير بالفرنسية تحت عنوان "الاسلام والتحليل النفسي"، ذلك الحوار الذي أثار الكثير من ردود الأفعال المتباينة، كنا تحدثنا الى الدكتور فتحي بن سلامة، المحلل النفسي والمفكر التونسي الذي يقوم بالتدريس في جامعة باريس السابعة، وصاحب المؤلفات الكثيرة بالفرنسية نذكر منها، اضافة الى ما ذكر أعلاه، "تخييل الاصول" عن محنة سلمان

    رشدي وأدبه/ له ترجمة عربية صدرت بتونس عن دار الجنوب، وكتاب "فلق الصبح" عن التجربة المحمدية والسيرة النبوية من منظار جديد، وستصدر قريبا ترجمة عربية له، وغيرها من المؤلفات العلمية الرصينة المختصة أساسا بعلم التحليل النفسي، أقول، كنا تحدثنا عن ملابسات الراهن العربي ومآلاته ومصائره. وقد جاءت معظم الأحداث الاخيرة العاصفة، على الأرض، وفي الفكر، في سياق سبق وأن حدده د. فتحي بن سلامة بكثير من الدقة والموضوعية. وبناء على ذلك، واغتناما لأول فرصة وطأ فيها مفكرنا أرض الوطن، اثر دعوته من قبل المجمع التونسي للعلوم والفنون والآداب المعروف بـ "بيت الحكمة" حملنا اليه أسئلتنا وأسئلة جمهرة من القراء والمهتمين، فكان هذا الحوار المتميز الذي سننشره على قسمين وننهيه في حلقة ثالثة بقراءة تقديمية لكتابه "فلق الصبح"..



    * عودا الى أطروحتك المهمة حول "الهوية" و"الحرية"، ألا ترى ان ما يحدث الآن في العالم العربي سيكرس التباكي على "الهوية" في مقابل إقصاء التفكير في ضرورة "الحرية"، ذلك ولو لفترة وجيزة؟ ألا ترى ان ما حدث أخيرا على أرض الواقع قد تجاوز المثقف العربي على مستوى الوعي والمسؤولية بشكل يقرب الى أن يكون "فضيحة" فكرية وأخلاقية؟ هل يبشر ذلك بانتهاء عصر مثقف الدولة الوطنية ومثقف السلطة الوطنية؟ ثم الى أي مدى نستطيع القول ان من نتائج الاوضاع الاخيرة وخاصة بعد 9 نيسان ابريل 003 ذلك التلاحم الذي نشأ أو سينشأ ما بين الفكر القوموي والفكر الاسلاموي الأصولي، بعد ما وضح من هزيمة كليهما على أرض الواقع؟ وتبعا لذلك، فهل ستشهد المنطقة العربية في المستقبل القريب نشوء تيارات فكرية تعيد انتاج الخطاب الشوفيني والخطاب الارهابي، بثياب جديدة تناسب المتغيرات الأخيرة؟ والى أي حد سيسهم الغرب نفسه في دعم بل وإنشاء تلك التيارات اذا ما توافقت مع مصالحه في لحظة تاريخية معينة؟

    - إن اختيار المثقف العربي لـ "الهوية" بدلا من "الحرية"، يفقد "الحرية" معناها، وبالتالي سيفقتقد المعنى العميق لـ "الهوية". هنالك مفهومان للهوية: مفهوم سطحي، بمعنى أنا لست الآخر، ومفهوم عميق، بمعنى: لا وجود لـ "الأنا" إذا لم يكن متضمنا "الآخر". فوجود "الأنا" [أي، الوجود بمعنى الخروج من النفس] لا يكون الا اذا كان يتضمن "الآخر" في داخله، والا اذا كان يشترط معرفته أيضا. وللأسف، فإن ترويج المفهوم السطحي للهوية بمعنى مضاددة "الآخر" هو السائد الان.



    * كيف تتقوم هذه "الهوية"؟

    - مقومات هذه الهوية السطحية هي ثلاثة مقومات: أللغة، والدين، والقومية. والطموح الى الجمع بين هذه العوامل مجتمعة، هو الذي كون مفهوم السلطة بجميع أنواعها، وكون أيضا الخضوع اليها، في العالم العربي. فبالنسبة لعامل اللغة نقول ان اللغة العربية هي اللغة الوحيدة في العالم التي لها ثقافة حضارية كبيرة ولكن ليس لها الى حد الان معجم لغوي تاريخي.
    عدم وجود هذا المعجم جعل العرب يتكلمون لغة خارجة عن التاريخ. وأنا أعتبر ان هذا الخروج من الزمن عن طريق اللغة، التي هي أساس علاقتنا بالوجود وبالآخر، من أهم اسباب الأزمة عند العرب. وهذا ما أراه عند المثقفين العرب وكيف أنهم لا يستطيعون أن يعرفوا تاريخ أية كلمة في اللغة العربية وتطورها وصيرورتها وفي أي عصر تحولت وتغيرت. وهذا ما يجعل من اللغة كلاما عاطفيا فقط ذلك ان السلطة ايضا تستعمل وتستغل هذه الصفة الإطلاقية للغة التي هي صفة أيضا للعربي التائه والضال في صحراء الأبدية. اذن، فعلى الرغم من وجود لغويين عربا وباحثين فإن العربية هي لغة خارج التاريخ.



    * نأتي الى المقوم الثاني من مقومات "الهوية" وهو الدين كما ذكرت..

    - نعم. انه الدين. وفي الوقت الذي أوكد فيه ان كشف الحقيقة التاريخية للدين أمر غير ممكن، فإنه يمكن الاشارة الى ناحيتين في الدين: الناحية الاولى وهي الاعتقاد النفسي الذي يتجلى في الايمان حيث تتحدد وظيفة رمزية.
    الناحية الثانية وهي النظرة الى العالم والتعاملات البشرية وهذه الناحية هي التي يجب ان يخوض فيها التفكير التاريخي.
    ونحن اذا ما أدخلنا التفكير التاريخي الحقيقي الى هذه المشاكل نستطيع ان نرى ان هنالك بعض الأمور في الإسلام ليس لها علاقة بالإيمان. اذن كثير من هذه الاشياء سيتساقط، وهو ما يمكن أن نسميه بـ "الخيال التراكمي" منذ عدة قرون.



    * ولكن، ما هو الايمان؟

    - الإيمان هو اعتقاد بالأساس أو في الاساس الكلامي للإنسان وعلاقته بالآخر الكبير الذي نسميه الله. لقد جعل الرسول محمد من هذه العلاقة علاقة فردية اكثر من كل الاديان التوحيدية التي سبقت الاسلام. وهو ما أظن ان المسلمين قد ابتعدوا عنه تماما في القرون الاخيرة وجعلوا أنفسهم مربوطين الى فكرة خيالية ليس لها واقع قائم، ألا وهي فكرة "الأمة".. ففي دين الإسلام لا أهمية للأمة، وانما كل الاهمية لتلك العلاقة الفردية المباشرة مع الله. وهكذا فان مفهوم "الأمة" الخيالي قد طغى على مفعوم العلاقة مع الله، الواقعي.



    * والقومية؟

    - لقد دخلت الفكرة القومية عن طريق الدولة العصرية التي أدخلت فكرة "القومية" كوسيلة للقمع وليس كآلة روحية كما عبر عنها "هيغل" فكانت الدولة بهذا المفهوم وسيلة للتعسف وكسر التوازن الذي كان سائدا في المجتمعات العربية لعدة قرون رغم كل مظاهر التخلف والانحطاط والخروج من التاريخ.
    إذن، يلزمنا اليوم مفهوم جديد للعلاقة مع "الوطن" لا يكون عن طريق "الهوية" بل عن طريق "المواطنة" بمعنى الحقوق المشتركة الانسانية. اي ان الروابط البشرية لا يمكن لها ان تكون روابط قومية بل روابط حقوقية.
    وعلى المفكر العربي اليوم أن يعود الى دراسة الأسباب التي مكنت الحكومات العربية من التسلط على شعوبها وكيف وقع ذلك.. كيف تمكن حزب البعث مثلا من السيطرة على واحد من أكثر المجتمعات العربية تقدما في العالم العربي، وهو العراق، وكيف استطاع ذاك الحزب أن يخلق آليات ذهنية لهذه السيطرة ولذاك القمع. إن مهمة المفكر العربي الأولى الآن هي تحليل هذه الظاهرة.
    لقد قام الحكام العرب بشكل ما، بالتنظير لما أسميه بـ "المتعة في الحكم"، وهذا من وجهة نظر تحليلنفسية يعني ان هذه المتعة تقود الى الموت. ويبدو لي ان تلك المتعة في التسلط هي التي تقود مجتمعاتنا العربية الى الهلاك. اذن، الحكم العربي هو المتعة التي تقود الى الموت ونستطيع ان نقول ان "صدام حسين" كان هو المثال الأبرز لهذا.



    * مشكلة الديموقراطية مرة أخرى؟

    - الديموقراطية ما هي إلا وسيلة للحد من التمتع بالفردية في الحكم. لقد أراد الدين أن يكون "الواحد" خارجا عن أية سلطة بشرية. فإذا نظرنا الى الحكام العرب فسنجدهم انهم جميعا أرادوا/ يريدون أن يكونوا تجسيدا لهذا "الواحد".
    ان عبادة الفرد أو عشق الآخر هي أخطر ما يمكن ان يجابه الانسان. في هذه الحالة، يندغم الواحد بـ "القائد" أو الزعيم، وتسير "الأمة" الى الهلاك.
    الحكم/ الحاكم العربي، اذن، هو الأله البعيد غير المتعين وهو من غير الممكن حسابه او سؤاله. فالواحد الالهي هذا ليس واحدا رياضيا حسابيا بل انه واحد مطلق غير معدود.
    نعم، مرة اخرى نعود لنقول ان الديموقراطية اذن هي التي تمنع التمتع بالواحدية والفردية وتمنع ايضا ذهاب الجماعة البشرية الى الموت.
    ولكن بما ان الواحد الانساني هو دائما منقوص، اذن فالحكم الديموقراطي هو حالة النقص التي تسمح دائما بالامتلاء الدائم بل وبالتكرار والتداول. ففي هذا النقصان نزع لقدسية الواحد الانساني. لقد أراد الدين ذلك وخاصة الأديان التوحيدية. ولكن الحكم العربي نجح في تحويل مفهوم الحاكم الى مفهوم الآله الفرد الأحد الصمد، في الطريق نحو صنمية وثنية جديدة، مما جعل من المألوف مشاهدة صور وتماثيل الزعماء العرب بهذه الكثرة المريعة وكأنها عودة الى ميتافيزيقيا جديدة تنشد الحكم والتسلط ولكنها تتلبس رداء الدين في عمق خطابه.
    حاكم مطلق واحد كامل غير منقوص يخرج من أمة عبر مفهوم الهوية وينفصل عنها متعاليا يتوسل لغة إطلاقية غير تاريخية، هذه هي صورة الحكم العربي.
    هذا التصور للحكم ونظامه يجب أن يسقط، بمعنى انه يجب ان يحاكم بالواقع. ومفهوم الواقع عند العرب هو ما يسقط من الوهم. فما وقع هو ما سقط، والحكم العربي هو ظاهرة خيالية بامتياز وغير واقعية.
    لدى العرب تراث كبير يمكنهم من الرجوع الى حلبة التاريخ ولن يكون هذا الرجوع إلا بإسقاط الوهم والتوهم في الواحد المطلق وبقبول المنقوص والفراغ وعدم التباكي على الماضي ونبذ الأساليب الثأرية.. فالسلوك الانتقامي يشوه بصيرة الانسان ويمنعه من رؤية الحقيقة، حقيقة العدو. الانتقام هو أكبر عمى للانسان.. فعوضا عن الانتقام والثأر يجب الاستئناس بموضوع الحقوق الانسانية بلا تمييز والتعامل الذكي مع عدو هو أقوى منا بكثير شئنا ذلك أم أبينا. وأمامنا درس من صدام حسين.. لقد توهم صدام حسين قوته الى درجة انه غفل عن تحري حقيقة قوة أعدائه.


    نقلا عن ايلاف الالكترونية
    http://www.elaph.com.:8080/elaph/arabic/index.html








                  

12-30-2003, 04:32 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يلزمنا اليوم مفهوم جديد للعلاقة مع الوطن لا يمر بـ "الهوية".. (Re: خالد عويس)

    المفكر التونسي د. فتحي بن سلامة في حوار لإيلاف:
    خطاب "الهوية" هو سجن المثقف العربي...
    الأحد 28 ديسمبر 2003 08:12
    حاوره: حكمت الحاج



    تونس: د. فتحي بن سلامة كاتب ومحلّل نفسانيّ تونسي يدرّس مادة التّحليل النّفسيّ والأمراض النّفسيّة في جامعة باريس 7، وهو كذلك رئيس تحرير مجلّة "أنترسينيه" التي تأسّست سنة 1990. صدر له بالفرنسيّة: "فلق الصّبح" ، منشورات رامساي 1988، "تخييل الأصول" 1994، عن أدب سلمان رشدي، وقد ترجم إلى العربية وصدر عن دار الجنوب بتونس. وله دراسات كثيرة عن العلاج النّفسيّ وعن الإسلام والغرب. بمناسبة صدور كتابه الجديد عن دار "أوبييه" بباريس، كان لنا معه هذا الحوار الذي سجل في تونس أثناء زيارته الأخيرة اليها:



    - "الاسلام والتحليل النفسي"، كتابك الأخير الصادر مؤخرا بالفرنسية، يتناول أيضا الديانة الأكثر إثارة للجدل في الفترة الأخيرة. هل هو اهتمام أم موضة؟



    - لا شك ان الاسلام له علاقة بالواقع أكثر من باقي الأديان. الاسلام له علاقة كبيرة بالواقع البشري لأنه لم يأت بفكرة ان الرب هو الأب. لم يأت بالرهبانية. وهو دين أقرب الى الأرض منه الى السماء. ولكننا أيضا نستطيع القول ان الاسلام في حالته الحاضرة بعيد جدا عن الاسلام الحقيقي الواقعي والبشري. ومن هنا تنبع أهمية مفهوم مثل "التسامح" وهو ان ننظر الى الانسان في واقعه وليس كفكرة مثالية. ورسالة النبي محمد [ص] كانت أن تأخذ الحياة كواقع، وهذا هو الاسلام الحقيقي الذي يأخذ بنظر الاعتبار واقع الانسان المعاش. اذن لدينا: الاسلام المثالي والاسلام الواقعي. وإسلام محمد كان اسلاما واقعيا مع وجود المثال حيث ان المثال ذاك كان دائما يتماشى مع الواقع.



    - وهل هناك دين مثالي ودين واقعي؟



    - في الدين المثالي الانسان مستعجل للذهاب الى الجنة. الدين بهذا المعنى هو دين المستعجلين الى الجنة. وما دمنا مستعجلين اذن علينا ان نخسر الحياة الدنيا.



    - ما هكذا قرأنا المفكرين العرب، حتى عند الذين يهتمون بالدين؟



    - المفكرون العرب أغلبهم يعانون من مناخوليا حقيقية بالمعنى المرضي للكلمة من حيث ان المناخوليا او السويداء تعني عجزا عن انهاء حالة الحداد وعجزا عن قبول الفقدان. انه عجز عن قبول فقدان "الوهم". و"المناخولي" هو من لا يحتمل الصحوة من الوهم لأنه يظن نفسه محصنا ومحميا كطفل يظن ان أباه هو أقوى رجل في العالم. الوهم يعني ان الله معنا، والصحوة تعني انني لوحدي ويجب ان أفعل. وهكذا يصار الى طريقتين في عدم قبول فقدان الوهم: فإما المناخوليا، أو خلق وهم اكبر من الوهم الأول.



    - تقول ان العرب يفتقدون الفكر التاريخي، وتأتي بمثال على ذلك من اللغة، كيف ذلك؟



    - اللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي تخلو من معاجم تؤرخ للكلمة بنفسها وتحولاتها واستعمالاتها. اذن فالناس تفكر بطريقة غير تاريخية بل بطريقة بعيدة عن الواقع. وهذا له علاقة بالزمن. ومشكلة علاقة الكائن بالزمن معروفة خاصة بعد "هيدغر" وكتابه الشهير "الوجود والزمان". غير ان العرب يفكرون بالوجود بالكائن بدون زمن، بل خارج عن الزمان. عند العرب كل شئ في المطلق. هذا موجود في اللغة كما في السياسة وفي كل استعمالات الحياة.



    - يتحدث بعض المفكرين العرب عن إشكالية العقل العربي في علاقته بالزمن....



    - عندما ينادي محمد أركون أو محمد عابد الجابري بـ "العقل العربي"، يجب أن يتم سؤالهم: فهل هناك فعلا "عقل عربي"؟ وما هو هذا الـ "عقل" العربي؟ بينما لا أحد يقول العقل الفرنسي أو العقل الغابوني... أو...الخ.. العرب فقط يقولون العقل العربي، وهذا هو الهراء بعينه.



    - طالما تحدثت عن الواقع والمعاش، أسألك الى أين وصلنا الآن؟



    - لقد وصل العالم العربي الى الهزيمة من دون ان يخوض أية معركة والهزيمة هذه هي هزيمة ذهنية وروحية اكثر منها أي شئ اخر وهي بلا شك هزيمة كبرى. ان الاهانة التي يعيشها العالم العربي اليوم هي اهانته لنفسه وليس اهانته من قبل قوى خارجية. وقبل ان تكون تلك الاهانة متأتية من الخارج فإنها إهانة متأتية من الذات.



    - على من تقع المسؤولية؟
    المسؤولية في ذلك ولا شك راجعة الى ما يمكن ان نسميها بـ "قوى المتعة في الحكم" والى جميع من لهم مسؤوليات في العالم العربي، ومن ضمنهم طبعا ما يسمى بـ "المثقفين العرب".



    - ماذا تقصد بقولك "قوى المتعة في الحكم"؟



    - هناك استمتاع بالحكم عند الحكام وعند كل صانعي القرار في العالم العربي.. كل في ميدانه وحسب مجاله. ومتعة التسلط هذه هي آلية متحكمة في كل الحياة العربية، وفي قلب هذه المتعة تقبع "العائلة الحاكمة".



    - ما أهمية هذا التوصيف؟ وكيف يمكن استخدامه؟



    - بنية "العائلة العربية" هي التي تضرب كل تفكير سياسي حقيقي. معنى ذلك ان نفكر كلنا وكأننا في عائلة واحدة، وان نتحدث لبعضنا البعض وكأننا اخوان واخوات تربطنا علاقة عائلية. وبطبيعة الحال فان العائلة هذه يتحكم فيها "الأب" كسلطة.



    - هل نضع في هذا المضمار "العائلة" في مقابل "السياسة"؟



    - كلا، إن العائلة بهذا المفهوم هي ضد السياسة بمفهومها المعاصر، لأن السياسة لا يمكن ان تتضمن داخلها علاقات نسابية [جينالوجية] واذا ما نظرنا الى تكوين السلطة الحاكمة العربية فاننا سنجدها مبنية على منوال "العائلة".



    - هل لك أن توضح لنا مقصدك؟



    - عند اجراء بعض الاحصاءات فاننا نلحظ على الفور ان هناك ما بين 100 الى 150 عائلة في العالم العربي تمسك بزمام الحكم فيه وتتحكم في المصير الاقتصادي للبلدان العربية في الوقت الذي تكون فيه تلك العائلات غير مكرسة لخدمة بلدانها. الميدان الوحيد الذي يكون فيه العرب جد متقدمين هو الرأسمالية.



    - أية رأسمالية تعني؟



    - الرأسمالية بمعنى تكسير كل مصالح الشعوب والدول. فالرأسمال العربي كله يعمل في غير صالح الشعوب العربية. الرأسمال العربي في علاقة كبيرة مع الرأسمال الغربي وخاصة الامريكي فيه. وهذه هي مصلحته الحقيقية، لذلك نجد ان الرأسماليين العرب والحكام العرب ليسوا مستعدين لاستعمال ثرواتهم في المعركة الحالية لأنه ليس لصالح استعمال تلك الوسيلة. كان يمكن استعمال الرأسمال العربي في المعركة حيث ان أغلب الاموال العربية مودعة في سندات الخزينة "لي بون دي تريزور" أغلب أموال الخليج اشتروا بها سندات الخزينة الامريكية فقد كان من الممكن مثلا ان يبيعوا سندات امريكا ويشتروا بدلا منها سندات اوروبية ووقتها كان من الممكن ان يحدثوا ازمة اقتصادية كبيرة ولكنهم، أي اصحاب رؤوس الاموال العربية، لا يريدون ذلك حيث ان مصالحهم الشخصية تتضارب مع هذا العمل.



    - ولكن شارون وحكومته لا يدعان أي مشروع يتأسس.. خاصة وأنت تتحدث عن معركتنا الحالية حيث لم يعد الحديث عن السلام ممكنا.. نستطيع أن نلاحظ كل تلك الشراسة، أليس كذلك؟




    - دعني أقول ان شارون ليس هو مشكلة العرب أبدا. شارون رجل يعمل لمصلحة اسرائيل وهو لا ينظر إلا الى مصلحة اسرائيل. وعنده لتحقيق ذلك الكثير من الذكاء والدهاء. تقول "شراسة"؟ إنها أقل بكثير من شراسة بعض الحكام العرب. ولو كان في العالم العربي حاكم له قوة وذكاء شارون لما حصل لنا ما يحصل الآن.



    - كيف سنفهم كلامك هذا؟ هل هو نوع من السخرية مثلا؟



    - كما قلت سابقا، فإن ما يحصل الآن في العالم العربي هو هزيمة كاملة دون خوض أية معركة. لقد خاض العالم العربي سابقا معاركه ونجح في بعض منها لأنه كانت هناك شجاعة وكان هناك ذكاء. واليوم ليس لدينا لا ذكاء ولا شجاعة. نحن بلا معارك حقيقية ومع ذلك فقد هزمنا حتى على المستوى الرمزي. خذ الاقتصاد مثلا: إسرائيل اليوم توصلت عن طريق دخول اكبر التقنيين الروس [ليس من اليهود الروس فحسب] الى تكوين صناعة تقنية من أعلى طراز ولها علاقة بالتكنولوجيا الامريكية. اسرائيل اليوم من اكبر الدول ذات الصناعات التقنية وخاصة التكنولوجيا الاعلامية. ان تقدم اسرائيل في هذا الميدان كبير جدا الى درجة انه تجاوزت التقنية الاوروبية. وكما هو معلوم فإن الحرب الحقيقية الآن هي في جانب العلم والاقتصاد أساسا وليست هي مشكلة جيوش.



    - ولكن ألا يمتلك العرب أية قوة؟



    - العرب في الحقيقة لهم من القوة ما يقلب الميزان، ولكنهم لا يستعملونها، وتلك العوائل والأسر الحاكمة لا تريد تسخير القوى العربية لخدمة شعوبها، لا ولا حتى لخدمة أنظمتها القائمة. لقد وصلت العوائل الحاكمة العربية الى سدة الحكم بالكذب وبالصورة التي يعطونها عن العرب الى العالم وبفضاضتهم وبفحش الثراء وببشاعة سلوكهم القبيح. لقد أعطت تلك العوائل صورة متدهورة عن العرب وبذلك كانت النتيجة هي صورة العرب السيئة الى درجة ان العالم بكامله الآن يشمئز من العرب، والعالم لا ينظر حتى الى الشعوب العربية على انها شعوب مضطهدة من قبل حكامها.



    - لم يكن الأمر هكذا في عقود خلت، خاصة أيام المد القومي الاشتراكي...



    - حسنا تفعل إذ تعود بي الى موضوع ضرب قوى الحرية واليسار في العالم العربي خاصة إبان الستينات والسبعينات. لقد نجحوا في ضرب اليسار عن طريق القوى والتيارات الدينية التي جاءت لتحل محل التفكير السياسي. اذن فقد وجهوا كل حقد شعوبهم الى الخارج الى اسرائيل وامريكا حتى لا يطال الحقد الحكام العرب أنفسهم. اذن الحكام العرب هم الذين صنعوا "العدو" كي يتفادوا الاشارة اليهم على انهم هم أعداء شعوبهم.



    - والآن؟



    - الآن هنالك بعض الوعي والاحساس عند الشعوب العربية بأنهم اكتشفوا أعداءهم. لقد تمت تعرية الحكام العرب. عناك وعي بسيط جدا عند الشعوب العربية ولكنه مهم جدا. وعي بمسؤولية الحكام. ولكن أيضا ماذا يحصل عندما تريهم صور ضحايا العدوان الاسرائيلي من الفلسطينيين على مدى يوم كامل في التلفزيون مثلا، فما الذي يحصل؟ انهم ينظرون فقط الى الأموات ويتناسون واقعهم وهم لا يربطون بين أولئك الأموات الشهداء وبين حالة العجز الداخلي لكل قطر عربي.



    - وماذا عن المثقف العربي في هذه المرحلة، هو الذي ارتبط كثيرا بالأنظمة القائمة؟



    - المثقف العربي بدوره يعيش خلطا رهيبا ما بين الواقع والخيال. الحرية بالنسبة الى المثقف العربي ليست هي صاحبة الأولوية.



    - أي شئ له الأولوية اذن عند المثقف العربي اليوم؟



    - المثقف العربي الآن يناقش مسألة "الهوية" وفي الحقيقة فإن "الهوية" تصل هدفها عن طريق "الحرية". ولكن عندما نضع الهوية في مقابل الحرية فإنه يضيع كل شئ.... "خطاب الهوية" هو "سجن المثقف العربي" وهو الفخ الذي وقع فيه نتيجة إهماله للحرية. لقد ترك المفكرون العرب الحرية واختاروا الرمز والخيال على تحليل الواقع ومجابهته. بمعنى ان خطابهم لا يعود الى الواقع بل يرتكز الى الخيال والرمز وهذا كله عن طريق "الهوية". لنأخذ "بن لادن" كمثال. لو كان "بن لادن" في حقيقته محاربا ضد الغرب فإنه كان سيوجه طائراته الى البنتاغون مقر السلطة العسكرية الامريكية، ولكنه اختار توجيهها الى رمز امريكا وخيالها، برجي مركز التجارة العالمي...الخ.. حرب الرموز هذه هي حرب الضعيف والفاشل الذي يهرب من مجابهة الواقع. وهنا وفي هذه المرحلة بالذات تكثر العودة الى موقع الضحية والشهيد. تكثر الاقتباسات والاستشهادات من الموروث، ويتأسس خطاب "الشهادة".



    - تعني ان هناك فرقا بين البطولة والشهادة؟ كيف نميز ذلك؟

    - نأخذ الفرق من أمثولة أبطال معركة "جنين". لقد ماتوا وهم أبطال حقيقيون. هم أبطال معركة الواقع وهم ليسوا ضحايا ولا شهداء. انما هم أبطال. بينما كلمة "شهيد" تعني انه بدلا من أن يكون بطلا أو مقاوما هو يذهب لكي يكون ضحية وميتا مثل كبش الفداء. انه يريد الموت ليلعب دور "الضحية" بينما لا يريد الفعل المحارب المقاوم الذي يجب ان يمجد. وبصفة عامة نستطيع القول ان العربي قد أصبح اليوم يفكر تماما على أنه هو "الضحية". كمفكرين عرب يجب أن نخرج من موقف الضحية ومن الخلط ما بين الخيال والرمز ومن عملية إسقاط المسؤولية على عدو خارجي.



    - شارون مثلا؟



    - شارون عدو خارجي حقيقي. وفي الحقيقة اننا يجب أن نقاوم أيضا "شارونات" العرب الذين نعيش بينهم أو يعيشون بيننا. والذي أفسد القضية الفلسطينية في العالم: كسب الفلسطينيون احترام العالم في الانتفاضة الأولى. لقد استعملوا وسائل أخلاقية في المقاومة عبر "الحجارة" وبهذا كسبوا احترام الآخر. قوة الضعيف هي في استعمال وسائل أخلاقية في الصراع. العالم لا يحترم العرب لأنهم لا يستعملون وسائل أخلاقية في الصراع كما يرى الغرب. ان قتل الاطفال والصغار والمدنيين لا يجلب الاحترام ولا يأتي بأية مساندة ومن أجل هذا ترك العنان لشارون يفعل ما يشاء. اذن العمليات الاستشهادية لم تقدم شيئا للقضية الفلسطينية.



    - هل نسمي ذلك فعلا يائسا؟



    - نعم، نتيجة لليأس، تقدم شجعان حقيقيون كي يستشهدوا.. ولكن هناك نوع من الشجاعة يكون مردوده غير ذي فائدة. شجاعة غير منتجة. وأنا رأيت ان الكثير من المفكرين العرب يحبذون الاستشهاد والانتحار في حين ان هذا يفقدنا كل تضامن في الصراع مع العدو. شارون يربح الآن لأن الفلسطينيين ربحوا الاستشهاد الانتحاري.



    - كيف ربحوا؟ ومن الذي ربح؟



    - الغرب يوازن ما بين أفعال شارون والعمليات الاستشهادية. الرأي العام الاوروبي والامريكي مهم جدا وهو ضاغط جدا. في الانتفاضة الاولى وقف الجميع مع الفلسطينيين، ولكن الآن وفي الانتفاضة الثانية والاعلام الغربي والامريكي يقدم للناس كل يوم أشلاء الأطفال والمدنيين على شاشات التلفزيون مما يؤدي الى ان تحجب هذه الاعمال ونتائجها بشاعة أعمال شارون وجيشه المحتل.



    - تقول في أكثر من موضع في كتبك ومقالاتك انه لابد أن تكون "الحرية" هي الوسيلة الوحيدة للمقاومة في كل الميادين، خاصة السياسة والجنس؟



    - نعم، علينا مجابهة أنفسنا والدفاع عن الحرية السياسية والحرية الجنسية، وعلينا بالخصوص مناقشة وضع المرأة المحزن في العالم العربي. فقبل الحرب على اسرائيل يجب اعلان الحرب على اعداء تحرر المرأة في عالمنا العربي.


    عن ايلاف أيضا
    http://www.elaph.com.:8080/elaph/arabic/index.html
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de