الكتابة في دائرة الانيغما..نقد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 09:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة ميسون النجومى(Maysoon Nigoumi)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-02-2007, 11:09 AM

Maysoon Nigoumi

تاريخ التسجيل: 03-04-2004
مجموع المشاركات: 492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الكتابة في دائرة الانيغما..نقد

    دي كتابة قديمة


    الكتابة في دائرة الإنيغما

    عملية التصنيف في النقد بقدر ما تفتقر إلى الدقة، إنما هي محاولة لفتح الاحتمالات في النصوص وكتابها، وفق "قراءة" الناقد. مرت علي في الفترة الأخيرة مجموعة من النصوص لبعض الكتاب، على فترات متفرقة. ما فعلته هذه الكتابات هو أنها دوما تثب أمامي بأفكار محددة في رأسي كلما قرأتها. وبعد مدة حاولت أن أفكر فيما يجعل هذه الكتابات تحديدا تلقي بهذه الأفكار في رأسي دونا عن غيرها؟ ما الرابط بينها؟ ما وجه الشبه؟ سأحدث هنا عن الملامح العامة في كتابات : رندا محجوب، محمد الصادق الحاج، أحمد (النشادر) ومأمون التلب.
    في مقال الذي كتبه "الناقد"في صحيفة الرأي العام، معرضا بكتابات بعض من أفراد هذه المجموعة. المقال كان محصورا في "أحب هذا لا أحب ذاك" وخرج بحكم قاطع: "ليس بشعر!" ، إلا إن المقال حاول أن يخلق صلابة ما للعاطفة التي كتبت به، فحدد أسباب تجعل هذا الشعر: لا شعر. وقد وجدت هذه الأسباب مدخلا سانحا لكي أشير إلى أهم ما يميز كتابات هذه المجموعة. اسباب الناقد في حكمه كانت: 1- أنها كتابات غير مفهومة 2- غياب أي نوع من الموسيقى أو الإيقاع الداخلي للنصوص.
    سيساعدني هذا التقسيم كثيرا فهو يشير إلى : 1- الثيمة 2- و الأسلوب

    فلنتحدث اولا عن الثيمة، ما أعنيه ليس "موضوع " النص، وإنما أعني المدخل أو الزاوية التي يتم بها تناول أي موضوع/ حدث/ فكرة ، فلنسمها الأيدلوجيا . كأن يكون مدخل أي كاتب ما لموضوع أو فكرة ما قبل أن يعالجه شعريا هو ( فكرة العالم المقسم إلى ثنائياتDualism، أو فكرة الإنسان مركز الكونego centrism، أو الإنسان المسير دون تخييرdeterminism، أو التجاوزية transcendalism) كلنا نعرف الزوايا المختلفة التي نظرت من خلالها البشرية إلى الأشياء وتم التعبير عنها بالأيدلوجيات، الأديان، الفلسفات و الفنون و الكتابة و الشعر.
    أي زاوية اختارت هذه المجموعة؟ زاوية الغموض ، الغموض بمعنى الإنيغما enigma ، روب غرييه الكاتب الفرنسي يقول : "الحقيقة أن العالم لا عبث ولا ذو دلالة. إنه ببساطة موجود....ووجوده هو أكثر ما يتميز به . إن هذه الحقيقة تصفعنا فجأة بقوة لا نستطيع حيالها شيئا" في محاولته لوصف الرواية الجديدة، يتحدث غرييه عن وجود الأشياء خارج ذواتنا، وجودها وحضورها القوي الذي يجعل تحدثنا "بالنيابة" عنها أمر "سخيف..absurd" وهذه هي الإنيغما التي تستهدفها المجموعة، غموض "الواضح"، غموض "الظاهر" ، غموض "المرئي" ، غموض "السطح" في ذاته، غموضه هو في حضوره القوي، وجهلنا التام به، روب غرييه يفترض أن الكتابات السابقة تتحدث عن كون ووجود هو في الحقيقة: غير موجود،ونفترض معرفة به غير حقيقية تخولنا للتحدث عنه، بالنسبة لغرييه هذا يترك لنا خيار واحد، الوصف دون محاولة التأويل والتفسير وهذه هي طريقة الكتابة من زاوية الإنيغما.
    إذا ، الكاتب مهمته الوصف والتعليق، لا التفسير ، لا الشرح أو التبرير. فينقل ما يراه دون أي تدخل منه. فهو لا يتيح فرصة "لمنطقة" أو "عقلنة" الأشياء و الأحداث، لذا فهو ينقل الغريب: the bizzare and the exotic حتى لو كان ما ينقله لنا هو تفصيل عادي، لكن الفارق هو أن الكاتب لم يقم بردم هذه الفجوة بين الحدث وتفسيره. أعتقد ان هذه المحاولة هي طريقة لإيجاد أول نوع من العلاقة الحقيقية مع العالم كوننا القائم على معرفة مبنية على الموضوع ،لا معرفة مفترضة من الذات.
    السخرية تكمن في أن التعبير عن هذا الواقع "الموضوعي" هو متاح عبر التعبيرالذاتي فقط، أعني الوصف كما ترى، السرد كما ترى..لا كما هو متعارف ليه، لأنك هنا تتيح مجالا لما اتفق عليه، لما يرى أنه المنطق، فتنتفي بذلك المعرفة من الموضوع إلى المعرفة من الذات، وحينئذ تكون الكتابة هي عن المتعارف عليه..أي خارج دائرة الإنيغما.
    إذا تحركت وسط هذه المجموعة تجد بين ثنايا الحديث ترد أسماء كثيرة و قراءات مختلفة ، عند جمعها سوية تكون قطعا متناسقة في اختياراتهم للتعبير عن هذه الإنيغما : دوكاس، سليم بركات، جان جينيه، بيكيت، بورخيس،ماري شيلي. تلمح جانبا من سريالية في طريقة التعبير مباشرة بالأفكار الحاضرة دون تدخل ما يمنع هذا الحضور الذهني او ما يسمونه بالأوتوماتيزم automatism ، ثم تلمح جانبا من كتابات ميري شيلي في طريقة المزج بين الحقائقي factual بلإعتماد على الكتابات العلمية وبين القوطية، ذلك الأدب الرائع الذي يطلق العنان لخيالك دون مساءلة ، فانتازيا بورخيس و حضوراللغة وكثافتها عند سليم ، ثم دوكاس في استحضاره لعقل القارئ من خلال اللغة . أنا أشير هنا إلى ملامح تجدها في كتابات هذه المجموعة ، مجرد رقائق تساعد في تكوين فكرة الكتابة في دائرة لإنيغما. لا أعني بالتعبير الذاتي الحر أنها شكل من أشكال التداعي الذاتي أو البوح ولا هي محاولة "كشف" عن الإنيغما، أو عرضها للقارئ، أعني أنه وصف للوجود لكن ليس بأدوات الوصف الموضوعية إنما الذاتية. إنه الكون، الوجود، العالم، المفاهيم وفق رؤيتهم ، لا وفق إحساسهم أو وفق معتقدهم بل وفق رؤيتهم .
    أريد أن أخرج من كل هذا بملامح كتابة للمجموعة التي اخترتها على أثر الكتابات للمؤلفين أعلاه: التعبير الذاتي الحر عن الواضح الماثل أمامنا ببعديه الإثنين، دون المحاولة على الإطلاق الإعتماد على أي بعد ثالث، أو عمق مفترض أو ما وراء. خاصة وأن الغموض في معناه العام، دوما يشير إلى الغير مرئي، إلى ما تحت السطح، ما وراء الظاهر، إلى ما هو غيرمعروف عن المعروف، ويعبر عنه - في الكتابة- بما تحت الوعي sub conscious، أو قوى الأحلام، أو البصيرة.
    لكن إذا كان موضوعك هو "الإنيغما" – كما شرحنا مفهومها- كيف تقوم بالتعبير عنها دون أن تقع في دائرة التعبير اللاواعي، أو إعطاء ملمح الخيالي، كيف تتجنب التعبير عن بعد ثالث وأنت تريد أن تحصر كتابتك في بعدين يتيح لك الوصف وفي نفس الوقت تتجنب أساليب المنطقة (كالرمزية مثلا). المهمة ليست سهلة، لأنك تريد وصف الإنيغما بوعي.
    هنا أتحدث عن الاسلوب، تستخدم مقدمة لوتريامون في أناشيد مالدورور دوما كمرجعية لمنهجه في الكتابة، والذي وصف بأنه يخلق عالم خيالي "كابوسي" nightmarish ، لكنه يطلب من القارئ أن يدخله بحضور كامل و "ثابت" لوعيه وعقله وإلا (كما يهدد دوكاس) تذوب روحه كما يذوب الماء السكر. لا يريدك دوكاس أن "تتعاطف" مع مالدورو و لا "أن تستوعب تبريرات" لفظائعه، يريدك فقط أن تتابع بوعيك و عقلك ، أنت أيها القارئ لست حكما أنت مجرد شاهد. وهو ما تقوم به هذه المجموعة، ففي داخل عالم النص تعرض لك الإنيغما ، ويحتاج هؤلاء الكتاب أن يمنعوك من تخيل هذا العالم وكبح خيالك لأن المطلوب هو حضور العقل، وثانيا لا يريدون أن تستخدم الكاتب كمرجع لإنفعالات ما ، فكما يريدك الكاتب في الموقع السلبي للمشاهد، يريد أن يصور نفسه في المشهد السلبي للواصف، للناقل . ما يقوم به الكاتب هو أن يكبح خيالك من مطاردة صور هذا العالم الغرائبي ،الغامض ولكنه يريدك أن تكون في داخله كما أعطاكه لا كما تتصوره،أو تتخيله أو تحلمه، لذا يقوم الكاتب بإستحضار عقلك في كل لحظة، وذلك عبر التقنيات الواعية الرائعة التي يستخدمها، كاستخدام "أسلوب" التعريفات، التشبيه، التدقيق والتفصيل في الوصف، ثم استخدام المصطلحات العلمية واللغة العملية (أو التي توصف بأنها غير شعرية) بالمناسبة فإن ما أخذ على بعض هذه الكتابات من استخدامها اللغة الحسية هي واحدة من أهم أساليب استحضار العقل لا الحس كما يظن البعض، فإستخدام "التابو" يدق أو يجرح العقل بقوة لأنه إطلاق لجرس الإنذار الموجود في العقل حين يتم كسر "السائد".
    ثم هناك تقنية تغييب السرد / التسلسل وتغييب الحبكة ، تغييب السرد يمنع عقلك من استدعاء خيالك لتوقع ما سيحدث، والاهم من ذلك أنه يمنع عقلك من أن تمنطق الأشياء وفق رؤيتك أنت. تغييب الحبكة يمنعك من تخيل او "استنتاج/منطقة" محور للنص، نقطة ارتكاز للنص تخصك أنت ولا يخص النص.
    ثم يقوم الكاتب بمنعك أنت عن استخدامه كمرجع لعاطفة ما أو كمرجع لحكم ما أو اتخاذ موقف ما، والتقنية المستخدمة أيضا عبر استخدام العبارات المبتورة لخلق نوع من الـapathy فالكاتب يصف ويحسن الوصف ولكنه لا يبالي لما يصف: [ الشرنقة..قعرها.. الـمحض..الوصول..الصدفة..الطبقات .. الوضوح.. القامات.. إننا.. الحصول.. الصفوف.. الحصاد.. الخوف..الزيف..الإجتثاث..البلعمة البئر الشره المولع بالخلايا الميتة في كعب القدم وكل ما له علاقة بلعبة الذاكرة القاصرة أو كيف تؤكل الكتف....ما دمنا لم ننتحر] رندا محجوب، في وصف العدم كاملا
    كلمات تبدو مبتورة من سياق ما: الجمل غير المكتملة، العبارات غير المترابطة، الأفكار غير المعبر عنها ، كلها تعمل على فصل القارئ من تتبع احساس أو انفعال الكاتب. والتقنية الثانية: هي أن يقذف الكاتب ذاته في عالم النص، يفصلها عنه و أن تحكم على هذه الذات المقذوفة في النص "المستقلة"عبر استجوابها، أو محاورتها و خلق أفعال لها لا تخص الكاتب، فذاته كيان غامض عنه، هو نفسه يحاول التعرف عليه. (لم أكن أعلم أنني بيت حتى وجدت فيني غرفة مكتوب عليها "لو سمحت" ) ، ويصبح الكاتب (دليلك المفترض) في النص يحتاج إلى دليل.
    أريد أن أشير إلى أهم ملمح استخدمته هذه المجموعة ببراعة. وهي اللغة! رغم أن اللغة هي ما يستخدمه الكاتب في التعبير عن ذاته أو يستخدمه في سرده، إلا أنه في كثير من الأحيان، يبدو الكاتب في سعيه خلف السرد أو الحبكة أو التعبير عن المكنون، يتناسى اللغة، فتفقد حضورها و تصبح وسيلة أو مطية توصلك عبر تسلسل القصة إلى حبكتها أو توصلك إلى احساس الشاعر. تفقد اللغة حضورها في أنك لا تتبع سوى أثرها، صورتها، غرضها،قد يستخدم شاعر كلمة "زنبق" مثلا لمعرفته بالأثر الذي ستثيره او قد يتكل على المعاني التي تثيرها اللغة، كأن يستخدم في تأملاته كلمة "ضوء" "ظلال" "ظلام" ويضعها في سياقات مختلفة ليجرب إحتمالات المعاني في الكلمة الواحدة. لذا ستجد تكرر الكلمات ليس قضية داخل النص لكل من درويش و أدونيس، لكنه كذلك عند سليم بركات، بالنسبة لهذه المجموعة فإن حضور اللغة محوري ولو كان ذلك على حساب الحبكة أو الموضوع المعبر عنه، لأنه المهم في الأمر رؤيتهم لما يعبر عنه، لا المعنى المشترك أو الأثر المشترك الذي تثيره اللغة لدى القراء.
    لوتريامون ليستحضر عقل القارئ في عالم نصه ، يحتاج أن يبقى ذلك العقل متيقظا، ومتابعا ،ثابتا في متابعته حتى النهاية، إنه لا يريد لذلك العقل أن يقفزو يسرح أثناء القص بإستنتاجاته أو رؤاه الخاصه، فيقوم بربط عقل القارئ باللغة. يربط الثيمة باللغة ذاتها، فاللغة لن تقوم بإيصالك إلى خلاصة ما، إن الخلاصة موجودة في الكلمات، في التعابير، وفي اللغة ذاتها . " مفتونا بغيابه البرونزي ، وجافلا- كفزع ضامر لإله باغته الضوء- في سهوب ملأى بجثث الشهوات الاجلة " هكذا يفتتح محمد الصادق روايته هيسبير ا، هذه الجملة ليست تعبير شعري يصف مزاجا ما في بداية الرواية، ولا هي جملة ستفسر بما يليها، ولن تتاح لك اتكاءة طوال الرواية على جملة تألفها، أو تعبير تعرفه ، أو معنى مشترك. إحساس الألفة هو تماما ما لا يريده كتاب هذه المجموعة أن تشعره داخل نصوصهم حيث تجد: الصفات الملحقة بالموصوف لا تعني شيئا منطقيا، المضاف إلى الإسم ليس من خصائصه، حركات غير مألوفة: الصنوبرة ترص ذهولها على صينية ذهبية.(ايضا من رواية هيسبرا)
    الإيحاء يبدو أكثر أثرا عندما يفترض الكاتب/النص أن هذا اللامألوف هو معروف لديك. ويقومون بذلك عبر المبالغة في الشرح، و في التفصيل (over explaining) ، يوحي الكاتب بإهتمام شديد في شرح مفهوم ما، أو فعل ما أو حدث ما، وذلك بالإستغراق في وصف الحدث/الفعل، أو شرح مفهوم ما . لذا تجد الجملة الواحدة محملة بالتشبيهات، أو وصف دقيق للفعل أو الشيء. "عالجوا الضمير بعسل مغسول في لعاب سحابة مغسول حتى ظهرت عليه أمعاء النحلة" ثم لاحظوا هذه الجملة التي تبدو كانها تفصل شيئا ما :
    "وأنا؟... انا الناتج العارض من صناعة الحرير المثقوب عمدا معمدة مجمعة سواء الاخرين في الحشر المركب كأعين متورمة فوق فم القارض الذي قاد الأحذية إلى مهبها في علم الكلام" . يقول النشادر:
    كمسمار مكتئب كلما غرزوه في حائط قتلوه أو:"لخيال الرضيع عين الجمرة المؤنثة الكاتمة"مأمون التلب
    بالطبع الخيال القارئ سيحفز الصورة : يخلقها...لكنها ليست تجربة مشتركة بين الكاتب/ القارئ أعني صورة المسمار المكتئب أو الجمرة المؤنثة الكاتمة(؟ََ!!). لكن افتراض الكاتب لألفتك تجاه هذه الصورة هو ما يعطي الغموض أثره.
    في كتابات هذه المجموعة إن طريقة التعبير عن الثيمة هي أهم من الثيمة ذاتها، لأن اللغة هي الثيمة ذاتها ، أو فلنقل هي أوجه للثيمة بمعنى: إعادة ترتيب علاقات الكلمات ببعضها في كافة تجلياتها (تشبيه، إضافة، حركة ، معنى) أو إعادة ترتيب علاقتك أنت بالكلمات ،و محاولة خلق Tangibility أو جعل الكلمات "ممسوسة" بشكل او باخر لدى القارئ، إما بخلق صورة ذهنية للكلمة أو رائحة، ملمس أو طعم أو عاطفة. من شأن هذه الخاصية أن تجعلك تتعلق بالكلمة ذاتها دون تجاوزها لإيجاد معنى وراءها، لخلق علاقتك الخاصة الجديدة مع الكلمة. أو عبر التعلق برسم الحروف ، وخلق أثر ملموس لها، سواء الإشارة إلى أثرها الصوتي ( النشادر) أو الإشارة إلى رسمها (محمد الصادق) ، الترقيم و "الصندقة" (مأمون التلب)، الإهتمام بشكل القصيدة الform هي محاولة لصرف القارئ عن الكاتب إلى النص.
    الثيمة تلوح في وجهك مع كل كلمة، عند كل لحظة قراءة، الثيمة هنا ليست شيء ينتظر ظهور "كلية أثره" بعد الفراغ من عملية القراءة ، بل هو عملية محسوسة طوال عملية القراءة. فتخرج من النص مستثارالحواس بفعل اللغة التي صرفتك عن البحث عن المعنى وعن الغرض من النص .
    لقد تم استخدام أكثر الطرق كلاسيكية لصرفك عن ما وراء الظاهر لتضع تركيزك على الظاهرالذي لن يتضح لك ! أنا هنا أتحدث عن الكاثارسيس أكثر المفاهيم كلاسيكية لأغراض الكتابة (من كان يظن أن أرسطو هو رائد لحركة كان سيكون من ألد أعدائها، أو من كان يظن أن هذه المجموعة التي ربما تحاول كسر التقليد تتبع أقدم طرقها؟) فتخرج من النص أو تنتهي من النص منهك الحواس التي استدعتها اللغة في النص (أي تكون مارست الكاثارسيس) لكنها الكاثارسيس المستثارة ليست من الحبكة بل من اللغة. أنت تخرج كما دخلت إلى النص "دون شيء" لكنك في نفس الوقت أنت لا "تحس" أنك خرجت دون شيء .. وبالتالي يغطي عقلك الأثر الأساسي المراد تخليفه لديك وهو ما يحدث عندما تدخل في دائرة الإنيغما.
    ليست لمثل هذه الكتابات جمهور عريض من القراء، هي ليست كتابة صفوية وبالطبع ليست مغلقة فالكتابة فعل تواصل لكنها هنا ليست لإيصال رسالة ما، أو شرح مفهوم ما، إنها دعوة إلى عالم الكاتب الذاتي، إلى رؤيته. هذه الدعوة لن يقبلها القارئ الكلاسيكي الذي يبحث عن رسالة ما: القارئ الحكم،القارئ المتعاطف.. إنما القارئ الذي يقتله الفضول. ولكن يتبقى سوى التساؤل عن صلابة استخدام الغموض كمرجع عند التحدث عن أي شيء وعن كل شيء؟ على كل حال الغموض يبدو مفهوما صالحا valid في عالم يعيد ترتيب علاقات الأشياء ببعضها ومعانيها فنحن في عالم الثقافة الجمعية mass culture التي لا يتم تناولها والتفاعل معها إلا فرديا (مثال الإنترنت) ،عالم شديد الخصوصية في كونه شديد العمومية (مثال الإنترنت)، عالم تغيب فيه الحقيقة بفعل الحقيقة (مثال المتابعة اللحظية في الأخبار) عالم يخلق التجريد بفعل المباشرة (مثال المتابعة اللحظية للأخبار) عالم تمحى فيه كل لحظة باللحظة التي تليها، وفي نفس الوقت تجد تلك اللحظة التي انمحت طريقها إلى الخلود ( عملية التسجيل الرقمي) الأمثلة كثيرة ، في ظل كل هذا يولد كاتب وقارئ، بطبيعة الحال فإن الإثنان لن يركنوا إلى علاقات قديمة في التواصل بينهما.
    فما تقوم به هذه الكتابات هي أنها تعيد ترتيب علاقة الكاتب بالقارئ، لأنها تعيد صياغة عملية الكتابة، وبالتالي عملية القراءة ، وتعيد ترتيب علاقة الكاتب بكتابته،علاقة لغته بالنص وعلاقة نصه بما خارج النص.
    وصفت هذه المجموعة من الكتاب بالفوضى والتحايل بالكتابة على الكتابة و التصنع، ولكني ارى انهم يمثلون نقطة تستحق التوقف عندها ، فلا يمكن تجاهلهم أو ركنهم تحت خانة (لا أدب) . كتاب يحمل كل منهم رؤية ، فكرة و قدرة على التعبير عن هذه الرؤية .. الأهم من ذلك يحملون حلم كل كاتب :الجديد وصلابته.

    خصائص الكتابة في دائرة الإنيغما في نقاط:
     التعبير الذاتي الحر عن غموض "انيغما" الظاهر المتمثل ببعديه دون البحث عن البعد الثالث.
     العمل على استحضار العقل والوعي بقوة داخل النص وكبح القارئ من اللجوء إلى خياله، المنطق أو المفاهيم المتفق عليها.
     الإنيغما معبر عنها عبر اللغة بحضورها، واللغة ليست مطية للوصول إلى الثيمة. فهي تنفي فكرة اللغة كناقل للمعنى، ولكنها تعتمد على حضور اللغة
     الكاتب واصف دقيق لا مبالي لما يصفه، والقارئ شاهد متفرج (لا متعاطف أو مسنتج)
     الوصف الدقيق دون محاولة وضع استنتاجات او تفسيرات أو تحليلات ، هذه الهوة بين الحدث وتفسيره هو ما يخلق هذا العالم الغرائبي الغامض الواضح.
     المبالغة في الوصف، اخفاء عواطف الكاتب، افتراض الفة في اللغة أو تجربة مشتركة بين القارئ والكاتب غير موجودة، جعل الكلمات ملموسة tangible، الإهتمام بالشكل، خلق معنى جديد للكلمة، ربط القارئ باللغة وخلق علاقة جديدة له معها وكبحه من تجاوز اللغة إلى ما ورائها.
     تحرص هذه الكتابة أن يمارس القارئ الكاثارسيس (عبر اللغة لا الحبكة) في هذا العالم الإنيغماتي الماثل امامه ببعديه الإثنين.
                  

العنوان الكاتب Date
الكتابة في دائرة الانيغما..نقد Maysoon Nigoumi02-02-07, 11:09 AM
  Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد esam gabralla02-02-07, 12:48 PM
    Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد Maysoon Nigoumi02-02-07, 02:15 PM
      Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد Abdulbagi Mohammed02-02-07, 03:05 PM
      Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد mutwakil toum02-02-07, 04:00 PM
        Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد bayan02-02-07, 04:06 PM
          Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد bayan02-04-07, 03:32 AM
            Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد bayan02-05-07, 02:47 PM
  عدت Maysoon Nigoumi02-02-07, 07:38 PM
    Re: عدت Hussein Mallasi02-02-07, 07:58 PM
  Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد Adil Osman02-02-07, 09:24 PM
    Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد bayan02-07-07, 03:19 AM
  ***** Maysoon Nigoumi02-02-07, 11:24 PM
    Re: ***** Sidgi Kaballo02-03-07, 00:33 AM
      Re: ***** Bushra Elfadil02-03-07, 08:34 AM
      Re: ***** bayan02-03-07, 09:11 AM
  Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد عبد اللطيف عبد الحفيظ حمد02-03-07, 11:05 AM
    Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد HAYDER GASIM02-07-07, 06:05 AM
      Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد abdalla elshaikh02-07-07, 07:10 AM
        Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد عبدالغني كرم الله بشير02-07-07, 07:41 AM
          Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد Bushra Elfadil02-09-07, 03:50 PM
          Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد Bushra Elfadil02-09-07, 03:50 PM
            Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد nassar elhaj02-09-07, 07:22 PM
              Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد nassar elhaj02-09-07, 07:56 PM
                Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد nassar elhaj02-09-07, 08:10 PM
                  Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد nassar elhaj02-09-07, 08:33 PM
                    Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد nassar elhaj02-09-07, 09:07 PM
                      Re: الكتابة في دائرة الانيغما..نقد Bushra Elfadil02-18-07, 02:52 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de