*كانت عربة ماركة مازدا.. *وخدمتني سنوات طويلة إلى أن (طلع) زيتها.. ودخانها، فعلياً لا مجازياً.. *وكان دخاناً كثيفاً.. بفعل زيت يتسرب كثيراً.. *فرأيت يوماً أن أتخلص منها، ومن زيتها.. ودخانها.. وما تجره علي من سخرية.. *فجرجتها إلى دلالة الصحافة.. يتبعنا دخانها.. *وظللت أنتظر إلى أن تغمز الصنارة.. فغمزتها قبيل الغروب سمكةٌ بشرية مسكينة.. *وسبب المسكنة يعود إلى أسباب لا يد لي فيها.. *فعند اختبار ذات الدخان لم يخرج دخان من عادمها بالمرة، حتى تحت الضغط.. *وتحت ضغط دهشتي أنا رأيت أن أضغط بنفسي على الدواسة..
*فإذا بدواسة البنزين تندفع لأقصى حدها (أماماً)، وما من دخان يندفع منها (خلفاً).. *ولم أجد تفسيراً لذلك، سيما وأن زيتها هو القديم نفسه.. *وأنا في حيرتي تلك إذا بالسمكة تجرجرني إلى أقرب محامٍ.. قبل حلول الظلام.. *وخلال دقائق معدودة كان مفتاح ذات الدخان في جيبها.. *وفلوسها في جيبي، لم تنقص جنيهاً واحداً عن السعر الذي حددته لها سلفاً.. *وبعد نحو عام كنت بدلالة المريديان أعرض سيارة أخرى..
*وكانت بيجو هذه المرة، اشتريتها بفلوس السمكة.. وبحالة جيدة عند العرض.. *لا زيت.. لا دخان.. لا كركبة.. ولا سقوط بطارية.. *ورميت صنارتي، ثم جلست في ظل أترقب غمزةً من تلقاء سمكة أخرى.. *وجاءت السمكة، فإذا هي- في مصادفة عجيبة- تلك ذاتها.. *فصاحت ما أن وقعت عيناها الصغيرتان علي (هوَّ انت؟..يا زول أخطاني).. *ومفردة (أخطاني) من التخطي.. وتصير (أختاني) بعاميتنا.. *ثم كانت هي التي (تخطتني) مسرعة.. ولم تعقب.. *ولحظتها فقط زالت عني حيرة يوم دلالة الصحافة.. يوم أقلعت المازدا عن (التدخين).. *فحتماً عاود الدخان خروجه فور مغادرة موقع الدلالة.. *والآن نخرج-نحن- من حكايات دواخين (القير) إلى روايات أدخنة الأمير.. *فهذا الأمير الخليجي ما فتئ يعرض بضاعته في دلالات عربية.. *وتفرح بها الأسماك المسكينة.. بادئ الأمر، ثم لا يلبث دخانها أن يفضحها.. *وهو دخان أشد سوءاً-وسواداً- من دخان مازدتي.. *بل وأشد خطراً، فهو دخان قذائف.. وقنابل.. ومدافع.. وألغام.. وطلقات بنادق.. *ويُشاهد-الآن-وهو يغطي سماوات اليمن.. وليبيا.. *وكادت بلادنا أن تكون الثالثة، وأن تكون سماء تلكم (الساحة) مجرد بروفة.. *ولكن إرادة (السماء) لم ترد لنا مزيداً من العذابات.. *ورغم ذلك فإن الأمير ما زال يصر على نصب عود صنارته لأسماك دلالتنا.. *ويشجعه على ذلك أن بعض أسماكنا تغمزها (على استحياء).. *والبارحة يهاتف (كبيراً) في دولتنا ليعرض عليه بضاعته.. مغلفةً بسلوفان المساعدات.. *وينسى أنه ما من (كبير) الآن في السودان سوى الشعب.. *فيا سمو الأمير: هوَّ انت برضه؟!.. *يا زول (أخطانا) !!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة