النظام المدرسي عندنا (الأعجف الأعجم) .. وإهدار الانسان.. بقلم أمل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 02:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-28-2019, 04:19 PM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2507

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النظام المدرسي عندنا (الأعجف الأعجم) .. وإهدار الانسان.. بقلم أمل الكردفاني

    04:19 PM June, 28 2019

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر




    عملا ب (وفي أنفسكم أفلا تنظرون).. فقد توقفت عند مسألة باتت تؤرقني كثيرا منذ قرابة السنة ، وهي أن الكلمات العربية صارت تشرد من ذاكرتي. إنني أفضل وصفها بالشاردة عن المنسية لأنني استطيع استردادها مرة أخرى وإن كان ذلك بعد لأي وجهد. لست مكترثا لكون ذلك بوادر لمرض الزاهايمر ولكنني منشغل أكثر بألا تتطور عملية الشرود إلى هروب مستمر. فالكتابة تداع والتداعي آلته العقل ومادته الكلمات. فإن فقدت الآلة مادتها الأولية انتجت أفكارا بلا شكل. (سيحيلني هذا لمجادلات كثيرة حول قضية اللغة والتصورات وهي قضية لها مطولاتها لدى اللسانيين بمدارسهم المختلفة ، ويزهدني أن أتبحر فيها الآن).
    وإثر تأملي في مسألة الشاردات تلك وجدتني أعود للماضي المدرسي ، لسنوات الدراسة الأولى ، حينما كانت كل معلومة تلتصق بعقولنا بسهولة ويسر خلافا لما يحدث اليوم ، وقد شاع المثل الذي يصور كل هذا المشهد التراجيدي بمقولة: (التعلم في الكبر كالنقش على الحجر). ففي الطفولة ، حيث الذاكرة طازجة الشواغر على اتساع تلافيف المخ ، تنحفر المفاهيم (على بساطتها وتجريديتها) في أعماق سحيقة ، ليكون التصاقها بالذاكرة أسهل وأسرع.
    وإني إذ لاحظت ذلك ؛ وجدت مذهبين من مذاهب التعليم المدرسي قد تناقضا تمام التناقض في اتجاهين مختلفين ؛ فهناك مذهب - وهو الذي ساد إلى وقتنا هذا في دولنا العجفاء (شكلا ومضمونا)- والذي استغل طزاجة الذاكرة الطفولية أبشع استغلال حين عمد إلى الكم دون الكيف ؛ فحشا أدمغتنا بملايين المعلومات غير المكتملة ، ظنا منه أن هذي تغذية مهمة للعقل ونسى أن التغذية عندما تتجاوز الحد تنقلب إلى الضد ، فبعد أن كانت مصدرا للطاقة تتحول لمصدر للأمراض والأسقام. وهذا ما بدأ المذهب الحديث يتجاوزه في دول النعماء (شكلا وموضوعا) ، حيث تم تقليص المناهج لزبدة المطلوب ، وتقليص ساعات الدراسة تبعا لذلك ، والأخذ بمبدأ دمج التعليم بالتسلية . فأضحت المدرسة أقل كآبة مما كانت عليه ، بل محفزة روح الطفل للتفكير النقدي والابداعي ، فلم تعد كما كانت في عهدنا ، معتقلا من مسجونين وسجانين. وكم منا من الزملاء ما كان فتي القريحة تراه اليوم أعجم الفهم لم ينجز للعالمين من شيء يذكر بسبب ذلك المذهب التعليمي العقيم. وكم منا من أهلكت المدرسة ثقته بنفسه وحولته لكائن مدمن على تلقي الأوامر بلا تقييم ولا تقويم ولا حتى شعور بالحق في النقاش حول منطقية تلك الأوامر. وكم منا من جعله ذلك المذهب التعليمي الذي يفرض على التلميذ أن يخضع لما يتلقاه كحقيقة مطلقة حتى كبر وأضحى لا يدرك من دنياه إلا وظنه مطلق في الموثوقية والمصداقية والحقيقة ؛ فترسخ لديه شعور بالصواب الذي لا يقبل النقد ، فصارت أرواح شعوبنا صدئة من صلادة لا تقبل النقد ولا الرأي المخالف ، ثم تراها تزعق ناعقة تطلب الديموقراطية والحرية وهي أول من يئدها في مهدها أي داخل ما تبطن في وعيها. وإن جاز لنا أن نجترئ على المسكوت عنه فمدارسنا لم تكن مدارس بل معسكرات ملؤها القمع والفساد الروحي والنفسي وظلمة العقول. ولا أتجاوز حدود اللياقة إن قلت أن المدرسين كانوا أقل كفاءة من تطوير ملكاتنا الخضراء وفطرتنا الطازجة ليخلقوا منا أفرادا صالحين قبل أن نكون أفرادا منتجين انتاجا حقيقيا يخدم البشرية كما يحدث في دول النعماء (شكلا ومضمونا). بل على العكس ؛ فالرأي عندي أن سبب كل كوارثنا السياسية والاجتماعية بل والأخلاقية ، إنما نتجت عن مدارسنا التي غذت فينا روح العنف والحسد والاحتكار وقمع الآخرين. ولا أدل على ذلك من أن المدارس عندنا اعتمدت على وجه الخصوص منهج الامتحانات وتعليب البلادة والذكاء داخل شهادة كل آخر عام تحبط من نال درجات دنيا حين ينغرس شعور واثق وموثق documented ببلادته في عقله الواعي والباطن. ثم تغرس شعورا زائفا بالتفوق لمن نال درجات عليا ، وفي النهاية يصطدم الإثنان عند مواجهة العالم بأنهما أقل انتاجا من أقل فرد قدرة في الدول الأخرى.
    إن ثقافتنا الجمعية الكليلة ؛ صورت لنا الذكاء في درجات مدونة على ورق ، ولم تدرك أن كل فرد في هذا العالم له قدراته الخاصة ؛ فيتفوق في منحى ويفشل في منحى آخر ، وأن الغرض الأسمى من التعليم هو تعظيم القدرات المتفوق فيها وثقفها وصقلها وتعزيزها وليس أن نحبطها بترسيخ روح الفشل في التلميذ لأنه لم يملك قدرات في مسائل أخرى.
    أتذكر أن أحد التلاميذ في المرحلة الابتدائية كان أقرب إلى البله منه إلى القرار الذهني ، ولم ينل درجات تذكر في أي مادة من مواد الدراسة المحشوة بالتفاهات التي لم تقابلنا بعدها في حياتنا العملية ، غير أن ذلك التلميذ كان رساما بارعا ، وهو إذ لا زال طفلا كان يدمن رسم باصات "التيسير" ؛ وباصات التيسير -لمن لم يعهد زمانها - كانت أرقى الباصات السفرية ، وربما خلب مظهرها الحديث لب ذلك الطفل ؛ فكنا نراه يرسمها فكأنها بعد ذلك ستقفز من الورقة لتسير بعجلاتها متجسدة حقا وحقيقة. ورغم هذا -فبعد عقود- شاهدت ذلك الطفل شابا يعمل حوذيا على عربة كارو يجرها حمار وقد ازداد بلها محفوفا بسكينة ووقار التأقلم مع البؤس.
    وهكذا التقيت بكثير من الزملاء الذين دمرهم النظام التعليمي في دولتنا الموصوفة جورا وظلما بالدولة.
    أقول الحق والحق أقول ؛ إن كارثة هذه الرقعة الجغرافية الحارة الجدباء إنما كانت المدارس ينبوعها ومصدر قلقها وعلتها وأسقامها ، ثم زادت الأنظمة -المدله أفرادها بثقافة الاعتداد الفارغ بالمفاهيم الناقصة-الطين بلة ، فها نحن نشهد المؤسسات (التلغيمية) لا تخرج إلا هباء فاق الوهن من الأدمغة التي عبدها النظام التدريسي تحت سلاسل الفهم الأحادي الجمود.
    وإني أرى أن مخرج هذه الرقعة الجغرافية العجفاء العجماء ؛ لا ينفج إلا بنقد واقعنا المدرسي قبل كل شيء ، وإعادة تأسيس مؤسسات التعليم على أنظمة تنظر للطفل (كإنسان) وليس كعبء على الدولة حين تظن أنها بتوفير مجرد حوائط وكتب له -كيفما اتفق- قد أدت التزامها ثم تسمي ذلك مدرسة.
    إن أنسنة المدرسة وأنسنة التعليم هو أول مخرج للدولة من أزمتها ، وهذا طريق رغم طوله زمانا ولكنه الأجدى نفعا في المستقبل. إن كنا نرجوا مستقبلا بالفعل.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de