محضر مداولات اجتماع عمر البشير مع رئيس وفد المفاوضات للمنطقتين واللجنة الأمنية والعسكرية.. وانكشاف عقلية الجلابة الإسترقاقية 2-10
عُدت كما وعدتكم أعزائي الكرام لتكملة حديث السفاح عمر البشير في اجتماعه مع رئيس وفد المفاوضات للمنطقتين واللجنة الأمنية والعسكرية.. وكما قلت في المقال الأول، فإن الهدف من تناول محضر مداولات الاجتماع المذكور، هو كشف عقلية الجلابة الرعوية الإقصائية.. عقليه الرعاع والقبلية التي حولت المجتمع السوداني ليصبح عبارة عن أنا وأخر. وأنا، لا تجمعها أي رابطة سوى الاعتقاد بتشابه الجينات، وأننا من حقنا أن نسحق الأخر لمجرد اختلافه عنا. يواصل عمر البشير رئيس منظومة الجلابة الحاكمة في حديثه بالقول.. وعندنا ثوابت لا يمكن تجاوزها وهي: ** (الحوار الوطني وصل الى نهاياته، ولدينا الان وثيقة قومية تحكم الساحة السياسية وهذا ما اتفقنا عليه مع الرئيس ثامبو امبيكي، وجميع القضايا القومية السياسية تم مناقشتها في الوثيقة ومن اراد عليه التوقيع علي مخرجات الحوار الوطني فقط وال عندنا مجال لفتح حوار جديد، ويجب التركيز في المفاوضات مع المتمردين ونداء السودان والاجماع الوطني وكل الممانعين حول الانتخابات ووضع الدستور الدائم). والبشير إنما يتحدث هنا بلغة الثوابت التي لا يمكن تجاوزها، وبلغة (نحن وهم -أي، أنا والأخر)، وهو بالتالي ينسف أي أمل لأي عملية سياسية مستقبلية جامعة لكل أبناء السودان بمجرد أن يطفو على السطح الاختلاف بوجهات النظر، سنرى كل جينات الجاهلية وعقلية البداوة قد انتفضت من داخل هذا العقل وكأنه لم يغادر صحارى نجد ولا منطقة الربع الخالي في جزيرة العرب أبدا. الحوار الوطني الذي يعتبره عمر البشير من الثوابت التي لا يمكن تجاوزها، لم يستوفي ابسط متطلبات أي حوار وطني حقيقي من ـحرية الرأي والتعبير العقلاني والموضوعي، واستيعاب فهم الرأي والرأي الآخر بدون أي تهديد لصاحب رأي مخالف ومعارض، بل كان حوارا بين أحزاب المسخ المستنسخة عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم والتي انتشرت انتشار النار في الهشيم. وهي نفسها -أي أحزاب الزينة، ادركت كوميدية هذا الحوار وأعلنت بعضها انسحابها منه لعدم جدواه. وعليه، فإن الحركة الشعبية التي لم تكن أصلا جزءا من هذه المسرحية الإسلام عروبية البايخة، غير معنية لا بمخرجاتها ولا بمدخلاتها. سموا جلساتهم مع أحزاب الزينة والديكور في فنادق الخرطوم وقاعاتها حوارا، بينما استثنوا جميع الأطراف المؤثرة، واغفلوا شروط نجاح أي حوار سياسي، وهو الاعتراف بوجود الأخر والاستعداد للتفاعل معه وإعطائه حقوقه كشريك موجود. ما حدث في الخرطوم لم يكن حوارا سياسيا حقيقيا، إنما جلسات بين قوى حليفة للنظام من مصلحتها استمرار الوضع دون تغيير. عمر البشير: * (التهديد الذي يمثله الحلو وعمار امون ومن تبعهم علي وحدة السودان وحكم الاسلاميين، والحلو جاء بمطالب تعجيزيه تجاوزها الواقع والزمن وكأنه كان نايم في واحد من الكراكير وصحا فجئة لقي قدامو المؤتمر الوطني، وحتي الظروف الاقليمية والدولية ليست في صالح الحلو وكيف يطرح الطرح هذا الا اذا لقي ضوء اخضر من جهة وعدته بالتمويل والدعم لازم نعرف الحقيقة هذه هي اسرائيل ولا امريكا ولا سلفاكير ولا مصر كله وارد في السياسة، تقرير المصير مرفوض طبعا وكذلك وجود جيشين والفترة انتقالية، لكن هذا الاجتماع مع الحلو اعطانا مؤشرات حقيقيه ماذا يهدد مصالح حكومة السودان الاستراتيجية حاليا وفي المستقبل، وسوف نبني خططنا واستراتيجيتنا علي هذا الاجتماع وسيكون له ما بعده، ومع علمكم التام نحن عازمون على احلال السلام بالمنطقتين ودارفور نهائيا قبل نهاية هذا العام مهما كلف الامر).. المطالب التي يسميها عمر البشير بالتعجيزية.. هي ليست مجموعة مطالب، انما مطلب واحد، وهو سودان جديد بمتطلباته، أو حق تقرير مصير "مشروط" لجبال النوبة، ولست ادري ما الذي يجعل من هذا المطلب تعجيزيا، بينما المطلب ذاته لم تعتبره الخرطوم تعجيزيا عندما طالب به الأخوة في جنوب السودان وتحصلوا عليه في نهاية المطاف؟ يقول البشير ان الحلو يمثل تهديدا لوحدة السودان وحكم الإسلاميين.. لكن، قولوا لي يرحمكم الله: أليس البشير ونظامه هما اللذان يمثلان ليس فقط تهديدا على السودان ومجتمعه، بل يمثلان تهديدا خطيرا على الأمن والسلم الإقليمي والدولي والعالمي بشهادة العالم أجمع؟ كيف تكون المطالبة بالحقوق الطبيعية المشروعة تهديدا للسودان؟ إن مبدأ حق تقرير المصير الذي يخيف عمر البشير ويجعله يزبد ويهلوس ليل نهار، يعتبر من المبادئ الأساسية في القانون الدولي باعتباره حقا مضمونا لكل الشعوب على أساس المساواة بين الناس، لذلك كانت هناك صلة قوية ومباشرة بين مفهوم حق تقرير المصير بكل أشكاله، وبين مفهوم حقوق الإنسان كفرد أو جماعة عرقية أو ثقافية من جهة، والديمقراطية في صيغتها القديمة والحديثة من جهة أخرى. وتتضح أهمية هذا الحق كونه يشكل الإطار العام الذي تندرج ضمنه الحقوق الأخرى. وبما أن تقرير المصير حق لكل الشعوب دون استثناء، فإن هناك جملة من الأسباب عجلت من مطالبة النوبة به منها: 1/الشريعة الإسلامية المفروضة في السودان منذ 1983م التي تعتبر انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان النوباوي غير المسلم. 2/إصرار الأنظمة الحاكمة على أحادية الثقافة (العربية). 3/إصرار الأنظمة الحاكمة على اعتبار هوية السودان -هوية عربية إسلامية. 4/إصرار الأنظمة الحاكمة على جعل اللغة العربية الوحيدة للسودان دون اعتبار للغات السودانية الأخرى. ولطالما هذا هو الحال في السودان، فإنه من الطبيعي جدا أن يطالب أي شعب من شعوب السودان غير العربية بتقرير مصيره السياسي والإجتماعي والثقافي ولخ. عمر البشير: ** (مبادرة رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير في الدخول كوسيط ما بين الحركة الشعبية الحلو وعقار وحركات دارفور وحكومة السودان، وهو موقف يجد منا الترحيب، وان سلفا كير لديه القدرة على التأثير بصورة كبيرة على الحركة الشعبية قطاع الشمال وتوحيد القيادة وارجاع عقار وعرمان الي مواقعهم السابقة ومن ثم تكوين وفد جديد بموفق تفاوضي يعمل علي تنفيذ الاتفاقيات السابقة، لان سلفاكير ظل يقدم دعما لوجستيا للجيش الشعبي، وان موقف سلفاكير سيؤثر بصورة ايجابية على توحيد الحركة الشعبية والمفاوضات). نعم، علاقة سلفاكير ميارديت بالحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال، علاقة تنظيمية تأريخية قديمة، لكن هذه العلاقة انتهت وانقطعت بإستقلال جنوب السودان عن شماله، وبانعقاد اجتماع فك الارتباط بين قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان -جنوبا وشمالا في عام 2011م. وعليه أي قرار لإرجاع عقار وعرمان إلى صفوف الحركة الشعبية من عدمه، يرجع بالضرورة إلى مجلس تحرير "المنطقتين"، وليس لأي جسم أو شخص آخر. وإذا كان النظام السوداني بحاجة لخدمات مالك عقار وياسر عرمان، فليدعوهما إلى الخرطوم سيما وأنهما قد رحبا من قبل بحوار عمر البشير وبانتخابات 2020م!. عمر البشير: ** نسعى لتحقيق السلام برؤيتنا نحن وليس برغبة احد وما يحقق مصالحنا هو الذي نريده وما زلنا منتظرين سلفا كير وتعيينه مبعوث خاص ويطلعنا علي مجهوداته حول توحيد الحركة الشعبية والتفاوض مع حكومة السودان وفق الاتفاقيات السابقة والتوصل الي سلام سريع وعاجل بدون تأخير وان تكون الاولوية للترتيبات الأمنية). يتضح من حديث البشير أعلاه عزيزي القارئ، أن نظامه لا يريد سلاما عادلا شاملا يحقق الاستقرار النهائي لكل السودان، بل يريد سلاما يبقيه رئيسا على السودان بأي ثمن لسنوات وسنوات قادمات ربما حتى يقبض الشيطان روحه. ذلك أن كل الإجراءات التي اتخذتها الخرطوم على مدى سنوات المفاوضات السبع مع الحركة الشعبية تعزز هذا الاستنتاج. وما تفعله الآن يقدّم دلائل أكثر على ذلك. إن الوثيقة المسربة تعكس الانفصال عن الواقع، وتوضح أن العصابة الحاكمة في الخرطوم لا تخفي قولا وفعلا رفضها القاطع لسلام حقيقي في السودان، وهو موقف يتساوق معه الرئيس عمر البشير بقوله: (نسعى لتحقيق السلام برؤيتنا نحن وليس برغبة احد وما يحقق مصالحنا هو الذي نريده). وهو بهذا الحديث قفل باب إمكانية التوصل إلى أي سلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال، غير ممكن، بل مستحيل، لأنه يريد جنوحا تجاه الخطوات أحادية الجانب والحلول الأمنية، متوهما في مقدرته على فرضها على الحركة الشعبية. وللحديث بقية.. 3
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالغني بريش فيوف
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست