سمعت أن بعثة جامعية من جامعة ميزوري وغيرها في طريقها لمؤتمر تعاون بحثي مع جامعة الخرطوم بعد زيارة مديرها ووفده لنا قبل شهر أو نحوه. وهذه بشارة بعودة الأكاديمية السودانية إلى واحد من أهم مجاري البحث والاختراع المعاصرة. والله يجازي الكان سبب الانقطاع الذي غيّب السودان من نعمة البحث إلا ما تعلق بإذاعة شروره وخروقه ودمه المضرج. وصارت هذه صناعة. فالسودان في الكتب، متى زرت مكتبة مثل مكتبة مدينتي هنا، هو شغب دموي محض لا بارقة أمل فيه. وعدت إلى كلمة كتبتها في نحو 1996 بعد عودتي من مؤتمر لجمعية الدراسات الأفريقية الأمريكية.
كنت خلال عطلة الأسبوع المنصرم من بين حضور مؤتمر جمعية الدراسات الأفريقية بالولايات المتحدة الذي أمَّه أكثر من ألف وخمسمائة مشارك، وعقد أكثر من مائتي جلسة، استمع فيها القوم إلى ألف ورقة أو خطاب، وعَرَضت فيه 40 دار نشر بضاعتها من الكتب ومواد التعليم الأخرى. وتحزن لتمثيل السودان في المؤتمر من وجهين. الوجه الأول أن نصيب السودان من الجلسات والأوراق ضعيف بما لا يقارن بكينيا والسنغال ناهيك عن نيجيريا وجنوب أفريقيا. أما العناية الغربية الأخيرة بأريتريا وأثيوبيا فقد أثرت جلسات عديدة. وتفسير هذا يسير. فقد انقطع الباحثون الأمريكيون وغيرهم عن الوفود إلى السودان منذ أن قررت الإدارة الأمريكية أن السودان أرض حرب وحجبت العون المالي عن مواطنيها حتى لو خاطروا بحياتهم في دغل بلدنا. وتحزن لتمثيل السودان من وجه آخر. فالجلسات والأوراق القليلة التي اعتنت بالسودان هي تلك التي عالجت السودان الشرير القبيح. فقد انعقدت جلسة تناولت آفاق المحرقة والاستئصال والحرب الأهلية والرق في الجنوب، كما قدمت ورقة عن الرق المعاصر في السودان، وأخرى عن مأزق الديمقراطية في ظل الحكم الإسلامي. وأسعدني انعقاد جلسة عن ثقافة أهل الجنوب، كما حزنت لأن الحلقة التي عن التعليم في السودان لم تنعقد. كانت ورقتي عن صورة الدكتور الترابي في الإعلام الغربي. وأنصفت الرجل بقولي إن الغرب يكره الرجل بمصطلح الغرب. فهو عندهم لينين الإسلام، وميكافيلي الإنقاذ، وستالين الحكومة، ونيرون الجنوب. وطلبت منهم الكف عن ذلك وليتركوا لنا نحن السودانيين أن نحبه أو نكرهه بما يتفق لنا من العلم والثقافة. من رأيي أن مصطلح الغرب قد كرَّس العصبيات بيننا وحال دون أن يتعرف واحدنا السوداني على الآخر بغير ثأر غربي، أو كارثة أوربية. ومدار دعوتي كان إلى الألفة حتى في الخصومة. وذكرني هذا بيوم في الستينات ركبت فيها التاكسي الذي عبر بنا كبري المسلمية. وكان أمامنا قندران بترلة. واستغرب لهذا المنظر قروي في التاكسي. فسأل السائق: "قادر الله! ديل القاطرِن شنو؟" فرد سائق التاكسي المكار "الوِلِف". ما أعظم حاجتنا إلى ولف القندران والترلة.
Quote: فقد انعقدت جلسة تناولت آفاق المحرقة والاستئصال والحرب الأهلية والرق في الجنوب، كما قدمت ورقة عن الرق المعاصر في السودان، وأخرى عن مأزق الديمقراطية في ظل الحكم الإسلامي
THE FUTURE OF ISLAM الحكاية والرواية يا بروف مختصرة في المشروع أعلاه ويكفي أن نعلم أن إحدى الجامعات الكنسية انفقت مائة ألف دولار دعاية لكتاب (مُبشر) سوداني جمهوري!! ممكن أهدي: وما بدور مدرسة المبشر
مع التحية للبروف خاتف اللونين!!
10-15-2018, 06:23 AM
محمد عبد الله الحسين
محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914
التحية لك يا بروف دائما تسوقنا بكتاباتك النقدية لأن نتوقف قليلا أو كثيرا فيما نعتبره مألوفا أو عاديا (taken as granted ) من تصورات أو تنميط أو انطباعات أو مواقف. ربنا يعطيك العافية لتنثر فينا بين الفينة و الأخرى ما يثير فينا الحاسة النقدية سواء معك أو ضدك..
شكراً محمد على شد الإزر. نحن مختطفون لثقافة سياسية منذ 60 عاماً عفى عليها الدهر وعلاجنا منها هو تفكيكها. وهنا وقف حمارنا في العقبة: ما كان عليه آباؤنا وشايف تحت ناس الحوقلي طبعاً.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة