المثل أعلاه من أمثال أهلنا في غرب السودان، الذين عُرفوا بالحكمة وإطلاق الأمثال المعبرة والتي تُغني عن كل مقالة أو عرض، والمثل أعلاه يعني دبيب في خشمه جرادة لا يعضي ويطلق هذا المثل على أن كل من يُعطى شيئاً يسكت ويتوقف عن أي نقد أو احتجاج، طالما أنه قد أًعطي شيئاً من الغنيمة حتى لا تطير الجرادة التي وضعت في خشمه وبين فكيه، ولعل هذا المقال يقابل في المعني ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالي (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) وأصبح هذا المثل واقعاً نعيشه في حياتنا للأسف وفي كل ضروب الحياة.
في السياسة يحمل البعض السلاح ويقاتل الدولة زاعماً أن ذلك من أجل تحقيق المكاسب للمواطن المسكين، وأنه لا مخرج إلا بالنضال والقتال، وبمجرد أن يتم استرضاؤه بمنصب أو مال أو موقع يسكت بل في بعض الأحيان يستميت في الدفاع عما كان بالأمس عدواً له، ولا نريد أن نذكر أمثلة أو أشخاصاً مع كثرة الأمثلة في الواقع المعاش.
في مجال الرياضة، فإن الأمثلة كثيرة، فهناك من كان ينصب نفسه بالأمس مدافعاً عن أهلية وديمقراطية الحركة الرياضية ويعتبر أن أي جمعية عُقدت لأي منشط أو اتحاد هي باطلة لأن الدولة قد تدخلت، ولكن سرعان ما وُضعت الجرادة في الفم فانخرست الألسنة، وأصبح الأمر طبيعياً ومدافعاً عنه.
أتساءل كثيراً إذا كان هذا هو واقعنا المعيشي فهل من أمل في إصلاح الأمر بعد أن غابت المبادئ والأسس فأضحى مكانها مطامع النفس ومطامحها .
وماذا بقي من مصداقية، فالمشهد هو مشهد محيط ولم يعد أحد يصدق ما يقال ولم تعد المبادئ هي التي توجه وإنما أصبحت رغبات النفس وشهواتها ولا أظن أن أحداً سيلتفت إلى الشعارات البراقة.
يحضرني في هذا الصدد ما كتبه الراحل الطيب صالح في أحد رواياته عندما قال (عندما قلت لجدي إن الناس يموتون من أجله وإن الثورات تقوم من أجله ضحك جدي حتى مات).
وحتى الدين (والدين مسكين) لم يسلم من ذلك، فعلماء السلطان يتحولون ويتبدلون مع أهواء الحاكم طالما ضمنوا أنه سيصيبهم من الغنيمة نصيب. ليس لنا إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة