▪دعنا نعود الى الخلف ؛ ليس بعيدا جدا ، الى المهدية او حتى قريبا جدا ، الى الاستقلال ، دعنا ننتقل الى حقبة دخول الطرق الصوفية الى هذه الرقعة الجغرافية وسط القارة الافريقية ، دعونا نتقدم قليلا الى حيث الديموقراطيات التي انهارت والدكتاتوريات ما سقط منها وما هو في سبيله الى التهاوي ، دعونا نقيم تجربة منظومة اجتماعية مارست فعلا سياسيا او شبه سياسي ، فعلا اختلطت فيه السياسة بالاتجار الديني والمصالح الشخصية وتشاكس من خضعوا لشراكة اجبارية ، وانتهازية ثقافية وقبلية منتنة... لماذا لا نتحدث بكل صراحة ونعلنها بدون مواربة ، ان هذا الشعب المعلم ، هو معلم في الفشل الذريع ، وان كل قرارات بيوتاته وعسكرييه ومثقفيه واحزابه هي التي اوصلتنا الى هذا التخندق داخل الفشل بمعناه الحقيقي... مالذي لا يدعونا الى الاعتراف بالفشل ، هل كبرياء زائف؟؟؟ هل اشخاص تاريخيون مقدسون نخشى ان تمسهم السنة غير المطهرين؟؟؟ هل حتى لا ننهار معنويا؟؟؟ اليس كل ذلك بعمى مؤذ؟؟؟ اننا شعب فاشل اختلط عقمه العقلي بغطرسة واصرار على مد الرأس فوق رمال متحركة رغم تأكيد غرق الجسد ... هناك شيء ما يمنع العقل السوداني من معرفة مرضه الحقيقي الذي انتج كل قراراته الخاطئة منذ امد بعيد ، ولا زال العقل السوداني يرفض حتى تغيير منهجه التفكيري ، لقد دخلت الى احدى المجموعات في وسائل التواصل الاجتماعي وطرحت على الاعضاء اسئلة محددة ، وفوجئت حقيقة باجابات صادمة جدا ، وهي صادمة لأنها نفس الاجابات التي اجاب بها الاجداد في الحقب السابقة ، بنفس الترتيب وذات الجمل ، على نحو مخيف جدا ، رغم ان هذه المجموعة يفترض احتوائها على عضوية من المتعلمين على اقل تقدير وضحايا مؤكدين لقرارات تاريخية بائسة؟؟؟ هذا العقل الذي يتوارث عجينته الدماغية بنفس بصمة تلافيفه وبذات مسارات ناقلاته العصبية وبالتالي بذات قانونه التحليلي والاستنباطي ، هذا العقل ادهشني حقا ، انه يشبه الى حد كبير عقل المغفل الذي يكرر نفس رد فعله حينما يتم صفعه ، فيلتفت الى الخلف ثم يعود ويتلقى صفة اخرى فيلتفت الى الخلف وهكذا؟؟ هذا شيء مدهش ، مدهش ان يتم نقاش العنصرية والقبلية واللون الاسود والابيض بذلك الشكل التكراري الممل ، نفس المصطلحات ونفس الانفعالات ونفس المشاكسات ونفس العدائيات ، لقد عجبت جدا من مقال للاب شوقي بدري حينما وجدته هو نفسه يتمتع بذات العقلية القديمة والتي كان تقول المثل الذي ورثناه (الحمرة الاباها المهدي) وهو يكيل السباب لغير السود وللعرب ، وهو يتجاهل ان السودان وحتى الاستقلال فشل فيه المثقفون في سن قانون للجنسية لتعدد الاعراق فيه ، ونسي شوقي بدري ان شرق السودان به قبائل بيضاء وصفراء عربية او غير عربية بل ان دارفور نفسها بها من لا يقلون عن العرب في لونهم الذي لا اعتقد انه ابيض اساسا ، بل نسي ان من بنوا المدن والاسواق وعلموا الناس تجارة الذهب وغيرها كانوا اما اقباطا او يمانيين وهنود وخلافه ، وان السوريين الذين يطعن في قيمهم لهم جذور هنا ايضا فكم من عوائل ذات اصل شامي اندمجت في المنظومة الاجتماعية السودانية ، وكم فتحت سوريا نفسها ابوابها للجميع وكان السودانيون يزورونها بلا من ولا أذى ، أخذ شوقي بدري يطعن في العرب وفي البيض وفي الصفر وهو يرفع من قدر اللون الاسود ، ونسى ان قدر الانسان ليس بالسواد او البياض فاوباما لم يكن ابيضا وانشتاين لم يكن اسودا ، واحمد زويل عربي ونجيب محفوظ لم ينكر عروبته ، وان في كل المجتمعات هناك الصالح والطالح ، الذكي والاحمق . فلنأخذ السوريين مثالا ؛ هل يعتقد شوقي ان السوريين حينما دخلوا الى السودان انتشروا كمتسولين؟؟؟ لو كان بعتقد ذلك فلربما كان بسبب بعده عن السودان وحكمه على الوضع وهو في بلاد البيض الحقيقيين، في الحقيقة لقد جاء السوريون بأموالهم وجاءوا بعملة صعبة ، فلينظر الى افخم المطاعم والمحلات سيجد اصحابها سوريين ، فلينظر الى افضل عمالة من نجارين وكهربائيين سيجد ان السوداني نفسه يفضل العمالة السورية على السودانية ليس لأنهم بيض ولكن لالتزامهم بالوقت وتجويدهم للعمل وهذا ما يفتقده العامل السوداني ، لقد ادخل السوريون الى السودان مئات الالاف من الدولارات ان لم يكن ملايين ، وانتعش سوق العقارات بسببهم ، وهم في كل الاحوال لا يعتدون على احد ، وان حدثت اشكالية فهي حالات فردية فكما توجد قلة من السوريين سيئة الخلق فهناك عاهرات سودانيات وشواذ جنسيا وبائعي مخدرات من جنسنا ، لقد قال شوقي بأننا لا نعامل الاحباش كما نعامل السوريين ، فلأسأل شوقي عن ما ادخله الاحباش الى السودان من اموال ، انهم في غالبيتهم يعملون كعمال ويأخذزن اجورهم ويغيرون العملة الى الدولار ثم يرسلونها الى بلادهم ، نحن لم نتلق من الاثيوبيين دولارا واحدا في الواقع ، مع ذلك فهذا لا يعني انهم خلو من اي فائدة لأنهم باعوا جهدهم ووقتهم ، ونحن دولة قليلة من حيث القوى البشرية فإما اغلبية تفضل العمل كأفندية وتستمرئ المهن اليدوية ، او اقلية من العمالة ضعيفة الالتزام بالوقت ومعايير الجودة.. نحن دولة متضررة بشريا ، لا نحتاج فقط لاحباش وسوريين بل نحتاج لفتح باب الهجرة على مستوى قانوني ومنظم واكثر اتساعا لاستقبال المزيد من القوى البشرية لتعمل في المصانع والمزارع ، في مقابل هجرة ابناء الوطن وهروبهم الى الخارج بالالاف. لقد تحمل الاجانب السودان اكثر من السودانيين ، تحملوا الحر الذي لا يطيق السودانيون العمل تحت صهد شمسه ، تحملوا انعدام البنى التحتية التي تسهل العمل تحملوا عدم توفر ما يحفظ كرامة الانسان ، تحملوا ضعف القطاعات الخدمية كالصحة والتعليم ، تحملوا انعدام الرعاية الاجتماعية ، تحملوا البيروقراطية والفساد ، وانت تأتي وترفض كل هذا مؤسسا رفضك على اللون الابيض والاسود؟؟؟ يعني هم رضو بالهم والهم لا يرضى بهم؟ والسؤال الذي اطرحه ايضا وشوقي يطعن في العرب، الم يتشكل اقتصاد السودان كله من عمل السودانيين بدول الخليج؟ الم ينتشر السودانيون كالجراد في السعودية والكويت والبحرين بل وحتى في العراق ايام كانت العراق قوة لا يستهان بها ، الم يزل اقتصادنا كله مرهون بوجود السودانيين في بلاد العرب؟؟ اذا كان شوقي يكره وجود بعض العرب في السودان فليسحب السودانيين من جميع بلاد العرب ولينظر فليقطع بسبب الى السماء او يذهب كيده ما يغيظ؟؟ من سيتضرر اكثر نحن في السودان ام العرب ان هجرنا العرب من السودان وهجر العرب السودانيين من بلادهم؟؟؟ هل يعتقد شوقي ان الدول العربية ستنهار لخروج الموظفين السودانيين او العمالة السودانية من بلادهم ، يا سيد شوقي ، انت لا تعلم ان الدول العربية لو فتحت الهجرة لكل من هب ودب لتقاطر عليها البنغالة والهنود والصينيون والمصريون والسوريون والفيتناميون والتايلنديون من كل فج عميق ، الدول العربية لا تحتاج لنا بل نحن من نحتاج لهم ، ان اغضبك بضع الاف من السوريين فلتغضب اذا لملايين من السودانيين في الدول العربية ، فمالكم اذا كلتم على الناس تستوفون واذا كالوكم او وزنوكم تخسرون ، ان قضيتنا ليست في اختلاف الالوان يا سيد شوقي ولا في عروبة زائفة او سواد افريقي حقيقي فهذه كلها مزاعم المثقفين الانتهازيين عندنا الذين يؤججونها من اجل كسب مناصرين لهم ، ان اشكاليتنا اشكالية عقول ... اشكالية ادمغة تجتر ذات نمطها التفكيري الذي ورثته عن اجدادها ، تجتر نفس كلامك هذا الذي قيل منذ المهدية ، تجتر نفس اشكالية الحكم على الناس من خلال عرقهم ولون بشرتهم ، تجتر نفس الاستحوازية والانتهازية والاتجار بالدين منذ مدعي النبوة المهدي وحتى الترابي الذي كان يزوج القتلى بالحور العين... ان العقل السوداني يرفض ان يتغير ، بل هو ثابت في تجهمه كصخرة تشكلت من حمم قبل ملايين السنين ... ما نعانيه نحن هو ما تقوله انت ، انه نمط التفكير الذي يتجاوز حد تكرار الببغاء لنفس الجملة ..غير ان الببغاء حيوان ونحن من المفترض ان نكون بشرا ..ولكننا تساوينا مع الطيور ... فخلي الطابق مستور.... دع طابق الفشل مستورا وكفانا غطرسة فارغة واستكبارا على حقيقتنا ... ان اول جملة ينطقها من يصاب بالجنون هي:( انا مش مجنون...انتو اللي مجانين) وقد انطبق علينا حال المجانين فعلا...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست