وقافلة الحزن المهيب التي يسير فيها الوطن يبلغ مدى أوجاعها إهانة الإنسان في رغيف الخبز ، الذي أبى إلا أن يصبح عزيزاً متعالياً على الفقراء ، ليتم تصنيفه عما قريب واحداً من الرفاهيات التي لا يتمتع بها في بلادنا سوى أهل الحظوة من القابضين على سطوة النفوذ والسلطة عبر الإنتماء إلى حزب (المُجتبين) أو (المتزلفين) من أذيالهم ، كان لابد من إلتفاتة أخيرة إلى سيناريو المآسي التي تتربص بهذا الشعب الأبي والتي طالما من أشرنا ونبَّهنا لها عبر تحليلاتنا السابقة والمتعلِّقة بالميزانية الكارثية للعام 2018 والتي أجازها المجلس الوطني بكل دمٍ بارد لأنه وعبر الواقع المُعاش ليس سوى أداة شكلية لتمرير أجندات الحزب الحاكم المتآمرة ضد مصالح الفئة الفقيرة من أبناء الشعب السوداني ، ففي الوقت الذي تتكالب فيها الحكومة المغلوبة على أمرها في أمر إدارة البلاد والحفاظ على مقدَّراتها الوطنية والسيادية والإقتصادية والبشرية عبر توسيع قنوات تغذية وارداتها النقدية بعيداً عن مخططات التنمية وزيادة الإنتاج وتركيزاً على رفع الرسوم والجمارك والضرائب والجبايات الشرعية والغير شرعية ، لا تلتفت مراكز القوى السياسية والقيادات السيادية في الكتلة الحاكمة لما يحدث من تدمير إقتصادي وإنهاك نقدي في مجال ترهل الهيكل السياسي والإداري للدولة والذي توسَّع بفعل التكالب على المصالح الشخصية والترضيات والتسويات السياسية بالقدر الذي جعل من ميزانية مرتبات ومخصصات ونثريات المناصب السياسية والإدارية المركزية والولائية تقارب أو تماثل ضعف ما تقدمه حكومة المؤتمر الوطني من خدمات إجتماعية هذا إن كانت تلك الخدمات وعلى علاتها موجودة على أرض الواقع ، ومن ناحية أخرى والحكومة في خضم هجمتها على جيوب الغلابة المُنهكة بُغية سد إحتياجاتها والخروج من أزماتها ما زالت مافيا الفساد وإنفراط أمر التعدي على المال العام وسوء الأداء العام والصفقات الإستثمارية الأجنبية المشبوهة والمعيبة الشروط والتي يطِلُ من غرابة وإجحاف بنود إتفقياتها شبح الفساد الذي أصبح لا يضل طريقه أبداً أينما وُجدت الفرصة في نهش موارد البلاد وقوت العباد ، ثم من بعد كل ذلك لم يزل بعض من أصابهم سهم الغنائم من المنضوين للمؤتمر الوطني وفسقة المتزلفين يُمِنَّون على الشعب السوداني ما أسموه نعمة الأمن ، وكأننا قبلهم كنا نتقاتل في الشوارع والأزقة ، يهدِّدوننا بما صار في سوريا واليمن والعراق ، حتى نصمت عن حقنا في الحصول على غدٍ أفضل ، يصارعون عجلة الحق والتاريخ ليضمنوا البقاء والسعادة لأنفسهم على أجداث الشرفاء من الذين لا تتجاوز أحلامهم الحصول على لقمة عيش بكرامة وتعليم لأبنائهم ومقدرة على العلاج والحصول على الدواء ، يا من تظنون أن جُل أمر الأمن في المجتمعات هو مجرد المشي في الشوارع بسلام إعلموا أن مشي الجياع في الشوارع فيه من الأخطار ما لا يعلم مداه إلا رب العالمين .. كلِّمونا إن إتسعت آفاقكُم وصدوركم عن الأمن الغذائي أو الأمن الصحي أو الأمن النفسي لهذا الشعب المسكين ، أما الأمن بمعنى السلام فقد مارسه السودانيون منذ قرون عُدة سطَّروا فيها أسمى المُثل والقيِّم وحازوا فيها أعلى مراتب التآلف والتراحم والتعايش والإخاء .. الفتنة جاءت ووُلدت بعدكم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة