الطرق في داخل مدننا بحالتها المزرية تلك عنوان ظاهر لأي زائر لأن يكون أول إنطباع عن مستوى البلاد الحضاري ، فهي من بداية تأسيسها وعمليات الإصلاحات والصيانة التي تُجرى لها تعكس عشوائية وغياب للحس الحضاري ، فهل هذه العشوائية ناتجة عن عدم وعي أم عدم دراية ؟ أم نتيجة لغياب الإشراف من المسئولين ؟. فمعظم هذه الطرق تنعدم فيها أبسط مقومات السلامة سواء للراجلين أو المركبات ، جزء من هذا العشوائية مسئولة عنه جهات منوط بها العمل بهذه الطرق وجهات أخرى ترتبط أعمالها بالطرق مثل إدارات المياه والكهرباء التي تقوم بأعمال صيانة أو إصلاحات أو إنشاءات ، أو الشركات التي تقوم بنظافة الطرق من الأتربة أو التي تقوم بحفر المجاري ونظافتها ، فكثيرا ما تترك هذه الفرق المكان الذي تم فية العمل في فوضى عارمة ، مثلا عمال هيئة المياة يتركون حفرة يمكن ان تبتلع شخص بكامله مفتوحة وقد تكون في وسط الشارع أو قريبة من حافة الطريق ، وأحيانا يهيلون عليها مخلفات الحفر كيفما اتفق دون تسويتها بطريقة تعيد إنسياب حركة الشارع إلي طبيعتها ، كل الذي يفعلونه وضع فرع شجرة كعلامة تحذيرية ! ! . وعند تغيير مواسير خطوط المياة الريئسة يتم الحفر لها بجانب الطريق العام وأحيانا داخل الأحياء ، فلا يُنجز العمل في الفترة المحددة بل تترك المواسيرالضخمة بعضها مدفون والبعض الآخر يترك محتلا جزء من الطريق يصعب على المارة السير في حافة الطريق ويعيق حركة السير كما هو الحال بالقرب من الجسر بالقرب جامعة السودان . أمّا الشركات المنفذة لأعمال الرصف فهي ليست أحسن فعلا من ناس المياه ، فهي تقوم بتنفيذ أعمالها في أثناء ساعات النهار حيث يكون الطريق في هذه الفترة مستخدما بكثافة ، ولا تضع علامات تحذيرية لمستخدمي الطريق ، وفي إمكانها تحويل مسار الشارع ووضع علامات إرشادية توجه حركة المرور ، وعند عمل الردميات أو بناء الأرصفة الجانبية والفواصل بين المسارات تُثترك مواد العمل في مواقع تشكل خطورة على المركبات التي تستخدم الطريق ، وقد شهدت حادثة كادت أن تودي بحياة أحد سائقي السيارات حيث كانت كتلة من بلوك الترتوارات موضوعة عند رأس الجزيرة التي تفصل المسارين ، ومنها جانب بارز قليلا ناحية أحد المسارات ، فأصطدم بها السائق مما جعل العربة تتجاوز الفاصل وتذهب إلي الإتجاه الآخر ولولا لطف الله لحدث كارثة . ونفس الطريقة نجدها عند عمال إصلاح الطرق عندما يقومون بترقيع الشوارع ، يضعون كتل الأسفلت المهترئة التي تقتلع من المكان حول الحفرة في الجزيرة الفاصلة إذا كان الشارع بمسارين ، وفي حالة الشارع بمسار واحد يكومونها على جانب الشارع وتُترك هكذا لشهور . أما عمال نظافة الشوارع من كثبان الأتربة فأظن الجميع ملم بما يفعلون فهم يقومون بعمل ساقية جحا كما يقال ، يكومون الرمال في جانب الطريق ويتركونها لتأتي السيارات لتعيدها مرة أخرى في مكانها ، وطبعا كنس هذه الأتربة لا يحدث كل يوم أو كل أسبوع كما نراه في كل بلاد الدنيا ، أنما كل ثلاث أو ستة شهور وأحيانا يتحول شارع الأسفلت إلي شارع ترابي خاصة بعض الشوارع الداخلية ، ويختفي الأسفلت نهائيا لدرجة إنه في جسر يقع على شارع رئيس ، تحولت هذه الأتربة إلي تربة صالحة لنمو العشب في فترة الخريف الشركات التي تُستأجر لحفر مجاري الخريف ونظافتها فهي كما يقول المثل ( أزرط وأطّم ) فاالقاذورات المستخرجة من مجاري الصرف الصحي ذات الروائح الكريهة إضافة إلي منظرها المُقزز والمؤذي ، ورغم ما يمكن أن تحدثه من تلوث تظل في مكانها كما هي ، والمفروض أن يتم نقلها في ساعتها ، وبنفس الطريقة يتم التعامل مع مخلفات مجاري الأمطار من أتربة وأكياس البلاستيك والقمامة المكدسة داخل هذه المجاري طوال العام حيث تترك مكونة تلال من هذا الخليط في طرف المجرى بدلا من نقلها على الفور حتى لا تعود إلي مكانها بفعل الرياح والأرجل ، مع ملاحظة أن هذه المخلفات والقاذورات تضيق مساحة الشارع . كل هذه المجاري التي تحفر في حواف الشوارع العامة الرئيسة وداخل الأحياء تترك مفتوحة ولا يوجد بها سياج حامي ، فإذا انحرفت سيارة لأي سبب من الأسباب ، فلن يكون أمامها إلا السقوط في هذه المصارف ، هذا فضلا عن الأذى الذي يمكن أن تسببه هذه المصارف للمشاة خاصة في شوارعنا المظلمة ليلا . الشوارع والطرق تعطي مظهرا حضارياً ولمسة جمالية للمكان إذا ما أنشئت بالمواصفات المتعارف عليها هندسياً من أرصفة وإضاءة ، لكن معظم الشوارع والطرق عندنا تشيد بدون أرصفة ، وغير مضاءة ، وبعد فترة قصيرة تجدها تحولت إلي شوارع ترابية مثيرة للغبار مرة أخرى ، فإذا جاء المطر تحولت إلي طين . أما شوارع الأحياء فتلك قصة أخرى ، الحفر وأرتال القمامة ، ومخلفات البناء ، وجداول مليئة بالأوساخ والمياه الآسنة ، وأكوام من مواد البناء ، فإذا خرجت من منزلك في الصباح فأول ما تقع عليه عينك هذا المنظر الذي لا يسر ، وأظن أن الكدر والتكشيرة التي تظهر على وجوهنا سببها بؤس البيئة السكنية القاحلة التي نعيش فيها . لماذا لا تأخذ فينا المحليات أجر وتقوم برصف شوارع الأحياء بردميات خرسانية بمساهمة من سكان الأحياء وتريحنا من هذا البؤس ؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة