شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 05:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.عادل سيجمان(سجيمان)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-24-2003, 03:54 AM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى

    نشرت هذه المقالات فى مجلة الملتقى فى بداية عقد التسعين
    كتبها دكتور ابراهيم محمد زين المتخصص فى الاديان المقارنة واصول الدين, بناء على رغبة عدد من الاخوة فى الاطلاع عليها ننشرها هنا.. لكم جميعا ولبروفسسور ود البلد خاصة





    الفصل الأول
    الميلاد

    1. :
    إن دراسة تطور شكل التعبير الدينى في أدب الطيب صالح تسعى لفهم أبعاد العلاقة بين الفن والدين. وتقوم الدراسة على منهج فريد، اذ يفترض أن هناك صلة ما بين شكل التعبير الدينى الذي يتخذ وبين معنى تلك التجربة الدينية، وكذلك يفترض بان التعبير الدينى يتولد من معاناة شخصية في الصلة بين المطلق والمتجذر تحبسها أشكال التطور الاجتماعى والسياسى والشعائرى الرمزى. لكن تبقى جذورة تلك المعاناة الروحية هى القيمة العليا في فهم تلك الأبعاد الاجتماعية والسياسية والشعائرية الرمزية، وهذا بالطبع لا يعنى اختزالا لتلك الأشكال وانما يعنى بيان أولويات تلك المعادلة الخطرة بين الشكل ومادة الفعل الدينى.
    ومن المفيد ان نسأل: ما المقصود بالتعبير الدينى؟ و هل هو شئ في مقابل التعبير الفنى أم هو نوع من أنواع التعبير الفنى؟ ذلك بالطبع يقودنا للحديث عن العلاقة بين الدين و الفن في أدب الطيب صالح، وأخيرا ما هو شكل التعبير الدينى عند الطيب صالح؟
    كل الأسئلة السابقة تؤسس لحل قضايا بالغة الاهمية لفهم العالم الداخلى للطيب صالح من خلال رواياته، وهذه الاسئلة تنبنى على مقولة ان النص الذي يؤلفه الكاتب قابل للفهم و التفسير دون الرجوع إلى الحياة الاجتماعية أو الشخصية للمؤلف. فالنص له حياته الداخلية وله آلياته، لكن في ذات الوقت هذه ليست محاولة لتمجيد النص.
    المقولة الاساسية التي يسعى هذا البحث لاثباتها هى أن هنالك ثنائيات للتعبير الدينى استخدمها الطيب صالح لتأكيد معنى الاطلاق و التصالح في مستوى آخر لحل قضايا الصراع. فالثنائيات ليست مقصودة لذاتها، ولكن لبيان معنى التوحد في اطار الثنائيات وكل ذلك لتأسيس خيال ديني في إطار تشكل الحضارة العربية الإسلامية استطاع الكاتب من خلاله أن يتخذ مقام المعبّر عنه.
    سنحاول اثبات هذا المعنى من خلال دراسة نصوص الطيب صالح، وذلك في محاولة لتقسيم النصوص إلى مستويين: أولهما المستوى الاجتماعى: والذى سنحاول فيه استقصاء: أولا: معانى الميلاد من خلال دراسة ميلاد الزين و ميلاد قرية ود حامد ثم اجراء مقابلات بين ميلاد مصطفى سعيد في موسم الهجرة و ميلاد ضو البيت في ود حامد، وأخيرا ميلاد بلال، والتقابلات و التكاملات التي تنشأ بينه وبين ميلاد الزين. ثانيا: معانى الزواج من خلال استقصاء معنى الزواج في عرس الزين/النعمة، عشا البايتات/بت الناظر، والمقاربات الاجتماعية و الروحية حول الزواجين، و كذلك التحول الغريب في معنى الزواج في زواج مصطفى سعيد من جين موريس، وزواج ود الريس من حسنة بنت محمود، ثم أخيرا اللانهائيات في معنى الزواج في زواج بلال من حواء بنت العريبى، وزواج مريود من مريوم. لتكتمل ثلاثية الفعل الاجتماعى الانسانى، ننتقل لاستقصاء فكرة الموت لنرى في جهة: الموت الطقسى عند جين موريس، وظاهرة اختفاء مصطفى سعيد وضو البيت، وظاهرة القتل والانتحار عند ود الريس وحسنة بنت محمود، وأخيرا موت بندر شاه. ومن جهة أخرى: موت مريوم الاسطورى، وموت بلال الذي تمنى فيه الناس ان تقبض أرواحهم في ذلك اليوم ليذوقوا حلاوة ذلك الموت.
    أما المستوى الثانى فهو المستوى الشعائرى: سنحاول فيه تتبع المعانى الدينية التي تلحق بالمسجد والضريح والنيل، ونلاحظ التطور والتقابل في فهم هذه الثلاثية من خلال دومة ودحامد و عرس الزين وموسم الهجرة إلى الشمال وبندر شاه (ضو البيت) وبندر شاه (مريود).
    ثم أخيرا ننتقل للحديث عن التعبير الدينى في تطور شكله ورموزه ولغته. لنقل على وجه الاجمال ان شكل الصراع في ود حامد بين التحديث (الماكينة/الباخرة) / التقليد (الدومة/الضريح) هو صراع في مستواه الباطنى حول الوجود الانسانى، هو صراع خبرات ذلك المشروع الانسانى، حيث ان التقليد او الحداثة هى حالة ذهنية، وان الانقسام الوجودى هو حالة انقسام في الوعى الانسانى وهو شكل من أشكال نفى الآخر، وان محاولات التوفيق بينهما التي اقترحت هى حل مؤقت لا يعالج الانقسام في مستواه الوجودى، وانما يستدعى ميراث التصالح والتعايش في ظل الانقسام.
    وكذا الحال في عرس الزين، فان الصراع بين الدين الرسمى (امام الجامع) المؤسسة الصوفية (شيخ الحنين) هو امتداد لثنائيات الصراع في ود حامد، لكن بعد تخفيف حدة التضاد وطرح امكانيات التعايش الظاهرى ليتخذ التقارب شكلا أكثر توفيقا و استلهاما لروح التوافق الظاهرى في حفل عرس الزين! ان كان هذا الصراع يحل بالتوفيق في عرس الزين ودومة ودحامد، فان الصراع في موسم الهجرة إلى الشمال بين الحضارة العربية الإسلامية / الغرب، وبين القيم الجديدة وبين القيم التقليدية.في النموذج الاول ادى الصراع المرضى إلى قتل أو انتحار جين موريس، و في النموذج الثانى أفضى الأمر إلى اكتمال الدائرة بالقتل والانتحار بين حسنة بنت محمود وود الريس. ما لم يحقق في لندن قد تحقق بصورة رهيبة في ود حامد. لكن، برغم وحشية الصراع في موسم الهجرة إلى الشمال ودفن الموتى دون بكاء الا انه كانت هناك نماذج للتوافق لكنها بلا شك كانت على هامش الصراع الاساسى، فنموذج مستر ومسز ربنسون في الصلة بالحضارة العربية هو نموذج استثنائى. اما في ضو البيت، فيستمر هذا الصراع بين القيم الجديدة / القيم التقليدية، بين أولاد بكرى و محجوب، وهو تحول اجتماعى يورث الحسرة ويبين كيف ان الحاضر لا مكان له وانه غارق بين لحظتى الماضى والمستقبل، كما وان الأب ضحية للجد و الحفيد. في هذه الرواية تستوى الاضداد و يصير الصراع في ساحة لا وجود لها وهما كبيرا يمكن تجاوزه، لكن يتأخر ذلك التجاوز إلى صدور مريود، وفيها تتحول اللغة التي تكرس الصراع إلى لغة تكثف الوهم لتنفى حقيقة الصراع. تكثف التواصل ليتأكد معنى صيرورة الأنا في الآخر.
    بعد هذه المقدمة، فلنحاول تلخيص المقولات الاساسية وربطها مع بعضها البعض حتى يتمكن الناظر من رؤية أدب الطيب صالح في كلياته. ولا يمكن فهم هذا الامر الا من خلال تتبع أشكال التعبير الدينى في تطورها من مراحل التكثف والجمود إلى مراحل الملاطفة والانعتاق.
    لنقل في شخصية الحنين بأنها شخصية ليس لها تاريخ في القرية فهى تظهرمن ما وراء الأفق لتعود اليه. لكن الزين هو أداة تلك الشخصية. وهو محض استسلام ازاء تلك القوة الروحية الغامرة التي يمتلكها الشيخ الحنين. هى الموجه الذي يحول طاقة الزين المدمرة إلى فعل بناء. ويتدخل في اللحظات الحرجة لوقف الافعال المأساوية والعنف الدموى، مثلما فعل حينما منع الزين من قتل سيف الدين. بالاضافة إلى ذلك ان كل من شهد تلك الحادثة قد حدثت له بركة من نوع ما، فالفعل المأساوى لم يمنع ـ فقط ـ ولكن تحول إلى لحظة ايجابية في التاريخ الشخصى لكل من شهده.
    اما في موسم الهجرة إلى الشمال، فتغيب شخصية الحنين تماما. ويختفى هذا النموذج الانسانى الفريد ويوكل الناس لصراعهم الارضى في البحث عن القوة و اللذة، فتحدث مأساة القتل والانتحار. و يشتعل الكون بعنف اسطورى وتتفاقم دورات الصراع الذي يبدأ بين الحضارات لينتهى على يد افراد بعينهم، أفراد بلحم ودم. هذا الصراع الغريب يزداد ضراوة وكأنه مقصود لذاته. كل التغيرات الخطيرة تحدث، بعنف وصخب دموى! النهايات التي فيها التصالح السحرى والتوفيق بين الاضداد تختفى تماما ليذهب الصراع إلى مداه الدموى. مثلما جمع زواج الزين بين الاضداد، يحسم الزواج الصراع بين الماضى والحاضر في حالة قتل وانتحار، حينما يحاول ود الريس أن يتزوج حسنة بنت محمود.
    أما بندر شاه (ضوالبيت)، فهنالك محاولة للرجوع إلى ود حامد وذلك بتكثيف لحظة الحلم. فالنداء لكل الناس، لكنه في ذات الوقت يأتى لكل فرد على حدة كأنه يختص هذا الشخص دون سواه، كأنه هو وحده الذي أوتى ‘‘البصيرة‘‘ التي تسمع، فـ‘‘النداء‘‘ يقود الناس من بيوتهم في آذان الفجر في أمشير ويأتون فرادى لأداء الصلاة ـ الذين اتوا من قبل والذين دخلوا المسجد لأول مرة في حياتهم. وتشهد ساحة المسجد في ذلك الصباح هذا الجمع الغريب وهذا التوحد. هنا الأمر يتجاوز الضريح والمسجد ليعقد توحد ساحته كل الكون برغم انه قد اختار قرية ود حامد.
    ثم يأتى "الاسم الرهيب"، هو نداء آخر كذلك، لكنه في شكل اسم سحرى يستدعى عوالم اخرى يحرك الاشياء الساكنة، وتفقد الالفة للأشياء رتابتها، ليعاد ترتيب العالم على أساس "الاسم الرهيب" والموقف من ذلك الاسم. وبندر شاه برغم انه اسم اطلق على عيسى ولد ضو البيت الا ان له دلالات و معان أخر. كما وأنه يأتى من الفراغ فجأة، كذلك يذهب من حيث أتى، تاركا فراغا عريضا بين "النداء" و"الاسم الرهيب". صلة واضحة فكلاهما يستدعى تكثيف الحلم لتعود الاشياء كما لو انها لم تكن.
    ثم أخيرا، تأتى رواية بندر شاه (مريود)، التي حاول فيها الطيب صالح اعادة بناء النص الدينى الذي يعتمد على امكانات الصلة بين المتجذر والمطلق. قصة المعرفة المحكومة بالزمان والمكان، ومعرفة المطلق الذي لا يحده الزمان والمكان، تأتى قصة الصلة بين بلال والشيخ نصر الله ودحبيب. وكما نعلم أنه في عرس الزين لم يكن هنالك أدنى شك في أن الزين هو التابع او الحوار وان الحنين هو الشيخ او ان الزين هو رمز المتجذر والحنين هو رمز المطلق، لكن في العلاقة بين الشيخ نصر الله ود حبيب وبلال، فان هذه الثنائية لها ظاهر وباطن. وباطنها يحكى قصة اخرى تدل على علو مقام بلال وسمو مكانته في ميزان الحق، برغم ان ميزان الناس يضعه في مرتبة الحوار التابع لشيخه، او في أسوأ الاحوال المملوك الذي لا سيد له. وكأن المعنى ان لهذه الثنائيات أكثرمن وجه، وأكثر من معنى. ويعتمد ذلك على المستوى الذي نطل منه لفهم هذه الثنائيات. فبالنسبة لأهل ود حامد الشيخ نصر الله ود حبيب هو قطب زمانه، لكن الشيخ نصر الله ود حبيب نفسه يعى انه باستخدام ميزان اخر و حيازة معرفة لحقائق الاشياء في مستوى غير المستوى الظاهرى يرى امرا غير ذلك.
    لتكتمل هذه الملاحظات لا بد من الاشارة إلى ان قراءة نصوص أدب الطيب صالح، بالصورة التي ذكرناها، تستدعى استخدام خبرات ومدارسات متعددة الجوانب، قد لا نشير لبعضها بسبب طريقة الترسل والخطابة التي سنتبعها في هذه الدراسة.
    2ـ المستوى الاجتماعى: الميلاد
    ان قضية الميلاد، او قل التعبير عنها في المستوى الاطلاقى في شكل قصة الخلق تشكل وضعا محوريا عند اصحاب الديانات، فما من ديانة الا وقصة الخلق فيها تكون مفتاحا رئيسيا للتعبير عن الصلة بين الحق والخلق، ويبدو ان هذه الصلة هى التي تخلق التمايز بين الديانات التي تسعى إلى تأليه الانسان، او اضفاء القداسة على الوسائط عموما، والديانات التي تسعى للفصل بين الحق والخلق.
    نقول ذلك ونحن نعلم ان مسألة الميلاد نفسها موضع زلل وتخليط حيث ان الازل فيها يتجدد في التاريخ كما يبدو لاول وهلة، وحيث ان الصلة بين المتجذر والمطلق تبدو في اطار دخول المطلق في اطار التاريخ عن طريق المتجذر او قل ان المطلق يعبر عن نفسه في داخل التاريخ! ولحظة الميلاد يكتنفها كثير من الغموض على مستوى الوعى وعلى مستوى التعبير الميتافيزيقى، ولذلك تحاط بكثير من الطقوس الاجتماعية والدينية في المجتمعات الانسانية، وتنحرف الفطرة الانسانية بالركون إلى تقديسها واخراجها من اطارها الدنيوى إلى اطار مقدس.
    2ـ1 ميلاد ود حامد:
    بعد هذه المقدمات نقول بأن الأمر في قصة دومة ود حامد يواجهنا بميلاد بالغ التعقيد حيث ان الرجل الصالح (ود حامد) والدومة (دومة ود حامد) يتصلان بصورة تجعلك لا تملك القدرة العملية والشعورية في التفريق بينهما، حيث ان الدومة تقف رمزا مقدسا في وعى اهل القرية، في احلامهم وفى يقظتهم، فهى متصلة بالضريح ولكنها منفصلة عنه بذاتية خاصة بها يعبر عنها أهل القرية في أحلامهم ـ كما سيتضح فيما بعد ـ فهى ذات خاصة، لا متصلة بالضريح كلية ولا منفصلة عنه. لكنها ليست شيئا زائدا على الضريح ولا مضادا له. فأهل القرية في توجههم نحو الضريح لا يفرقون بينه وبين الدومة وهى دائما في وعيهم دومة ودحامد. ويزداد الامر تعقيدا حينما تدخل إلى هذه الثنائية رمزا ثالثا هو (القرية) نفسها وتضفى عليها ذات الصفات المطلقة في شأن بدايتها للتفريق بينها وبين القرى الاخرى بسبب انها قرية ود حامد.
    إذاً هذه الطقوسية بالغة التعقيد في شأن الميلاد تحتوى على ثلاثة رموز اساسية هى: الرجل الصالح ـ الدومة ـ القرية، وان بدا الامر لاول وهلة متعلقا بالرجل الصالح وحده الذي منح العنصرين الآخرين صفاته. ولكن بالتدقيق نلاحظ ان لكل منهم نصيبا يعبر عنه في وعى أهل القرية، سواء اكان في احلامهم او في حراكهم اليومى في مواجهة العالم من حولهم، وتسجيل صوتهم في ذاكرة التاريخ.
    القراءة الفاحصة تقول بأن البدايات في المكان بدايات أزلية وان سبقها زمان، ولكن لا أحد يعرف ذلك الزمان على وجه من الوجوه. بالطبع، فهذا النوع من المحاجة يبدو فجا ان حاولنا ان نحيله إلى قانون التناقض ولكن ان حاولنا الاحساس به سنجد ان هنالك مقابلا له في انفسنا، ولعل ذلك يكفى لاضفاء نوع من الصدق النفسى عليه. وعليه، هذا الامر يخرج من ذات الوعى الذي عبرت عنه الحضارة السامية في لغاتها المختلفة: عن أن هنالك زمانا سابقا على الزمان، وهذا المعنى للزمان لم تسعه اللغة اليونانية ولا منطقها المباشر والعقيم، ولا حتى الخيال اليونانى الذي لم يستطع فهم أو الاحساس بامكانية وجود زمان قبل الزمان. ولعل جوهر الخلاف بين الغزالى و الفلاسفة هو حول هذا المعنى.
    من ذلك نقول بأن الشخص الذي رويت على لسانه قصة دومة ود حامد ـ بواسطة راوى القصة ـ يقول: "هذا الشئ الذي احب ان أريكه، قل انه متحف، شئ واحد نصر ان يراه زوارنا" (الدومة: 34). لاحظ في هذا النص محاولة التعبير عن مقدسات القرية بلغة العصر تقريبا للفهم بايجاد المقابلات، الشئ الذي يعطى صاحب النص القدرة على المشاركة في أكثر من عالم وذلك يؤهله لنقل تجاربه ببساطة ويسر برغم صعوبة تلك التجارب حينما نحاول التعبير عنها بلغة الآخر. ينتقل النص بعد ذلك إلى وضوح ومباشرة "ها هى ذى الدومة... ود حامد..انظر اليها شامخة برأسها إلى السماء (....) أتراها عقابا خرافيا باسطا جناحيه على البلد بكل ما فيها؟" (الدومة: 37).
    ليتصاعد وصفه لها بمباشرة في كثير من الوثنية الصريحة التي قصد منها تخليص الوثنية من الحصار الثقافى وادراجها في تيار العادية: "انظر اليها يابنى ـ إلى الدومة ـ شامخة آنفة متكبرة كأنها.. كأنها صنم قديم، أينما كنت في هذه البلدة تراها.. بل انك لتراها وانت في رابع بلدة من هنا" (الدومة: 3. بلا شك انه في استراتيجية الحوار مع الآخر الانتقال من التعمية إلى النص الصريح يفقد الآخر القدرة على التخليط والاتهام، حينما يعترف أهل الريف او البادية بوثنيتهم وتعدديتهم في العبادة والتوجه في مقابل توحيد أهل الحضر يفقد اهل الحضر ميزة احراج الآخر.
    بعد ذلك يتحول الحوار الداخلى إلى سؤال محورى يحاول فيه الوافد (الحضرى) ان يجرد الدومة من قدسيتها عن طريق طرح سؤال بريء ـ كما يبدو ـ حول من الذي زرع الدومة؟ وبالطبع فان الذي زرعها احق بالتمجيد منها، واحق كذلك بالأولوية في الوله والقصد، لكن تأتى الاجابة بذات القطع والوضوح: "ما من أحد زرعها يابنى. وهل الأرض التي نبتت فيها زراعية؟ الم تر أنها حجرية مسطحة مرتفعة ارتفاعا بينا عن ضفة النهر كأنها قاعدة تمثال، والنهر يتلوى تحتها كأنه ثعبان مقدس من آلهة المصريين القديمة؟". وتكرر التأكيد مرة أخرى لتختم به هذه الفقرة القاطعة والموحية في ذات الوقت ليقف حوار الريف الوثنى والحضر التوحيدى عندها: "لا يا بنى ما من أحد زرعها".(الدومة: 3.
    بعد ان يتركز في الذهن بصورة جلية أن الأرض التي نمت عليها الدومة ليست أرضا زراعية لتنفى امكانية تعلق الدومة بزارع، وكذلك فان هيئة الأرض التي نبتت فيها هى كأنما قاعدة تمثال، ثم تستدعى الصلة بين الدومة والنهر كل الميراث الوثنى المصرى القديم، فان كان ذلك كذلك نقول بان هاتين الصورتين تعملان على توكيد هذا الجو الاسطورى والدينى المقدس للدومة وللنهر الذي يجاورها، لتعبر عن سفر التكوين او قصة الخلق بالنسبة للدومة، ورمز يحمل كل هذه المعانى لابد وان يكون الاحتمال الوحيد في سفر تكوينه هو "أغلب الظن أنها نمت وحدها"، ولتأكيد سيادتها وأوليتها يستدرك قائلا: "لكن ما من أحد يذكر أنه رآها على غير حالتها التي رأيتها عليها الآن" (الدومة: 39). هنا يضفى على الدومة معنى الابد بالاضافة إلى اوليتها التي تدانى الازلية هى كذلك، وستستمر كذلك ما دامت هنالك عين ترنو لها بالوله والقصد، بالطبع هذه مقتضيات النص، وليست معناه المباشر.
    يختتم هذا الأمر بالتعبير عن الحالة ـ الفريدة من نوعها ـ حين يكون الحديث عن بدايات الدومة. وهو بلا شك حديث عن البدايات التي ما بعدها بدايات واضحة في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، انها بداية كل شئ دون ان تعرف لها بداية "أبناؤنا فتحوا أعينهم فوجدوها تشرف على البلد، ونحن حين ترتد بنا ذكريات الطفولة إلى الوراء، إلى ذلك الحد الفاصل بين الذي لا تذكر بعده شيئا، نجد دومة عملاقة تقف على شط عقولنا كل ما بعده طلاسم فكأنها الحد بين الليل والنهار، كأنها ذلك الضوء الباهت الذي ليس بالفجر ولكنه يسبق طلوع الفجر" (الدومة: 39).
    بعد هذا التكثيف الشاعرى في الحديث عن البدايات ووهم الذاكرة الذي لا يفهمه أهل الحضر يستدرك قائلا: "اتراك يا بنى تتابع ما أقول؟ هل تلمس هذا الشعور الذي احسه في ذهنى ولا أقوى على التعبير عنه؟ كل جيل يجئ يجد الدومة كأنما ولدت مع مولده ونمت معه" (الدومة: 39).
    هنا لا يمكن الاستعاضة عن هذه المعانى بايجاد مقابلات في لغة أهل الحضر او في تشبيهاتهم، "فالمتحف" الذي استخدمه لبيان مكانة الدومة في بداية حديثه صار ضربا من تشويه الصورة، هو طريقة في ادخال الآخر إلى عالمه، لكن سرعان ما ينبه الآخر بأن لهذا العالم رموزه الخاصة به ولغته السحرية و الشاعرية والتى يجب على الآخر ان يُصعِّد وعيه ويكثفه حتى يبلغ الدرجة المطلوبة من الفهم والا لن يكون هنالك تواصل، ولكن طالما ان الآخر قد دخل في هذا الحوار، فلا شك انه في نهاية المطاف سيتولد لديه الاحساس بغرابة الأمر على أسوأ تقدير، وسوف يرى الأشياء من داخلها وان رفض المنطق الذي تؤسس عليه. اذا نحن أمام ميلاد ميتافيزيقى سوف تتضح معالمه عندما تكتمل الصورة كلها.
    تلعب الاحلام دورا مهما في ايصال الرسائل الدينية في التقاليد السامية، او قل هى واحدة من وسائل الاتصال بين المطلق والمتجذر، ولقد استخدم الطيب صالح الحلم للتعبير عن هذ الصلة، وغنى عن القول بأن الميلاد يبدأ بالحلم، والرؤيا تسبق البشرى. وكذا قام الطيب صالح في دومة ود حامد باستخدام هذا التراث الغنى للتعبير عن تلك الصلة من حلم يرويه رجل وآخر ترويه امرأة، وكيف ان الرواية والحلم قد تداخلا مع بعضهما وصار التاريخ جزءا من الحلم والحلم باعثا على تدوين التاريخ ـ كما سنبين فيما بعد.
    وقد أبعد الطيب صالح النجعة حينما ذكر" وهكذا يا بنى، ما من رجل أو امرأة، طفل أو شيخ يحلم في ليلة الا ويرى دومة ود حامد في موضع ما من حلمه" (الدومة: 40). بهذه الصورة اختتم فهمه لموضع الدومة في أحلام اهل القرية. ولأهمية الحلمين في فهم مسألة الميلاد نرى ايرادهما دون أدنى تدخل في نصيهما.
    ونقول: ان الحلم الأول هو لرجل ـ وكان على سبيل المثال ـ (يصحو الرجل من نومه فيقص على جاره أنه رأى نفسه في أرض رملية واسعة رملها أبيض كلجين الفضة مشى فيها فكانت رجلاه تغوصان فيقتلعهما بصعوبة ومشى ومشى حتى لحقه الظمأ وبلغ منه الجوع والرمل لا ينتهى عند حد ثم صعد تلا فلما بلغ قمته رأى غابة كثة من الدوم في وسطها دومة ـ دومة طويلة، بقية الدوم بالنسبة لها كقطيع الماعز بينهن بعير. وانحدر الرجل من التل وبعدها وجد كأن الأرض تطوى له، فما هى الا خطوى وخطوى وخطوى، حتى وجد نفسه تحت دومة ود حامد، ووجد اناء فيه لبن رغوته معقودة عليه كأنه حلب لساعته، فشرب منه حتى ارتوى ولم ينقص منه شئ. فيقول له جاره: (ابشر بالفرج بعد الشدة). (الدومة: 39).
    بالرغم من بساطة هذا الحلم الظاهرية الا أنه استخدم لتثبيت الحضور الدائم للدومة في مستوى الواقع العملى والبشارة التي تجلى المستقبل، اى ان الدومة جسر بين التاريخ والحلم. ونقول بأن عناصر هذا الحلم هى الأرض الفلاة المقفرة والتى تفضى إلى الهلاك، في مقابلها غابة الدوم التي تمتاز فيها دومة ودحامد عن غيرها من الدوم بطولها وجمالها، عندها يكون الخلاص. ويكون اللبن الذي لا ينقص منه شئ بسبب الشرب منه ـ وهذه واحدة من طرائق اضفاء البركة والديمومة على هذا النوع من الحليب أو الشراب في التقاليد السامية ـ في هذا الحلم سميت فيه الدومة بدومة ود حامد واختفى شخص ود حامد ونابت عنه كرمز للخلاص او الفرج بعد الضيق.
    بلا شك ان حلم المرأة أكثر تعقيدا وفيه شاعرية أقوى من حلم الرجل وفيه
    كذلك صلة واضحة بين الرجل الصالح والدومة فالخلاص يتم بسبب النداء ويكون ذلك عند الدومة، "وتسمع المرأة منهن تحكى لصاحباتها: (كأننى في مركب سائر مضيق البحر، فاذا مددت يدى مسست الشاطئ من كلا الجانبين، وكنت أرى نفسى على قمة موجة هوجاء تحملنى حتى أكاد أمس السحاب، ثم تهوى بى في قاع سحيق مظلم, فخفت وأخذت أصرخ وكأن صوتى قد انحبس في حلقى، وفجأة وجدت مجرى الماء يتسع قليلا ونظرت فاذا على الشاطئين شجر أسود خال من الورق له شوك ذو رؤوس كأنها رؤوس الصقور ورأيت الشاطئين ينسدان على وهذا الشجر كأنه يمشى نحوى فتملكنى الذعر وصحت بأعلى صوتى: (يا ود حامد!) ونظرت فاذا رجل صبوح الوجه له لحية بيضاء غزيرة غطت صدره، رداؤه ابيض ناصع وفى يده سبحة من الكهرمان فوضع يده على جبهتى وقال: (لا تخافى!) فهدأ روعى، ونظرت فاذا الشاطئ يتسع والماء يسيل هادئا ونظرت إلى يمينى فاذا حقول قمح ناضجة وسواقى دائرة وبقر يرعى ورأيت على الشاطئ دومة ود حامد، ووقف القارب تحت الدومة وخرج منه الرجل قبلى فربط القارب ومد لى يده فأخرجنى ثم ضربنى برفق بسبحته على كتفى والتقط من الأرض دومة وضعها في يدى والتفت فلم أجده). وتقول لها صاحبتها: (هذا ود حامد، تمرضين مرضا تشرفين منه على الموت لكنك تشفين منه، تلزمك الكرامة لود حامد تحت الدومة)". نقول بأن هذا الحلم عبارة عن أمر شائع وظاهرة متكررة لدى الشعوب ذات التراث الشفاهى الغنى وهو يعبر عن طرائق التدين لدى تلك الشعوب، ويبين العلاقة بين التاريخ والحلم وبين الميلاد والاطلاق. وبالرغم من التشابه الظاهرى بين عناصر هذا الحلم وحلم الرجل في مستوى العناصر الاساسية الا ان هنالك بعض الفروق. وعناصر حلم المرأة هى البحر الذي يكون سبب الهلاك في مقابلة القارب الذي لا يعرف طريقه وسط ذلك البحر الا بوجود الرجل الصالح إلى جانب المرأة، ثم أخيرا دومة ود حامد
    التي يكون عندها الخلاص....
    الحلم الأول ـ حلم الرجل ـ كان تفسيره بأنه سيكون هناك ضيق يأتى بعده الفرج، فكأن الأرض الفلاة الصحراء التي تلد الأنبياء هى رمز للضيق بكل معانيه والذى يفضى إلى اليسر والفرج عند الدومة الثابتة. اما الحلم الثانى ـ حلم المرأة ـ فركوب البحر بالنسبة للمرأة بمفردها هو صنو المرض العضال لكن دعوة ود حامد تجلب العافية والسلامة، ويكون ذلك أيضا عند الدومة، فود حامد يتحرك في زمان الحلم لكن الدومة ثابتة عند موضعها....
    نقول بأن الصحراء والبحر هما من مفردات الجغرافية الاساسية لدى أهل ود حامد فكأن قهر الطبيعة والسيطرة عليها لا يتم الا بمدد من الرجل عند الدومة بالنسبة للمرأة او عند الدومة فقط كما هو الحال في حلم الرجل. ونلاحظ كذلك بأن الرؤيا الدينية عند المرأة تأخذ ابعادا طقوسية حيال ود حامد، وتربط بصورة واضحة بينه وبين الدومة، بل ان ود حامد برغم انه يسكن الضريح الا ان له حضورا فاعلا في حياة الناس ولعل الطيب صالح قد فهم بصورة واضحة هذا البعد من الطقوسية الدينية عند النساء وكيف انه يذهب لأكثرمن كونه فرج بعد الشدة كما هو الحال عند الرجل إلى نسق دينى كامل له رموزه الدينية وطقوسه ولعل كثيرا من مثل هذه المرويات تجدها على لسان نساء في كتاب طبقات ود ضيف الله. وقد يسأل المرء هل هذا الأمر مصادفة ان تتطور مثل هذه الطقوسية عند النساء ولا نجد لها مقابلا عند الرجال؟؟ وهل للجنس دخل في هذا النوع من الطقوسية ام لا؟؟؟ هذه اسئلة لن نستطيع الاجابة عنها الآن ولكن بتجميع أطراف الدليل من بقية الروايات نستطيع ان نفهم موضع الخيال الدينى عند النساء في روايات الطيب صالح، ونستطيع كذلك ان نضئ بعض الفقرات الغامضة عند الطيب صالح في هذا الصدد...
    بعد تحليل الحلمين السابقين نقول بأنه في القصة الثالثة التي تروى في نفس
    الاتجاه يتكثف فيها الحلم ليتصل بالواقع مباشرة في قصة تلك المرأة التي تورم حلقها فأقعدها طريحة الفراش شهرين (الدومة: 44) وحينما اشتد عليها المرض في ذات ليلة تحاملت على نفسها حتى اتت إلى الدومة مستجيرة بود حامد وهى لن تبرح مكانها الا محمولة إلى القبراو تذهب معافاة إلى بيتها، فتأخذها سنة من النوم لتحكى لنا قصة فيها تلك الطقوسية التي وجدناها في حلم تلك المرأة السابقة: "وبينما انا بين النائمة واليقظة، اذا أصوات ترتل القرآن واذا نور حاد كأنه شفرة السكين قد سطع حتى عقد بين الشاطئين فرأيت الدومة وقد خرت ساجدة وهلع قلبى ووجب وجيبا حتى ظننته سيخرج من فمى" (الدومة: 45). في هذا الجزء من الحلم نلاحظ ان الدومة تخر ساجدة لشيخ يتكرر وصفه بذات الصورة التي ورد عليها في حلم المرأة السابقة" وضربنى بسبحته على راسى وانتهرنى قائلا: (قومى!)، وقسما اننى قمت وما أدرى اننى قمت وجئت إلى بيتى ولا أعلم كيف جئت ووصلت عند الفجر" (الدومة: 45)، إلى أن تقول: "وقسما ما خفت بعدها ولا مرضت بعدها" (الدومة: 45). هذه القصة تمتاز على بقية قصص الاحلام بأنها تحتوى على حلم وواقع متصل بالحلم بالاضافة إلى أنها قد حدثت بالفعل لشخص في القرية. وفى هذه القصة يمثل الواقع امتدادا لذلك الحلم المقدس، وكذلك يتجلى ذلك الحلم في التاريخ بالاضافة إلى الوضع الدينى الذىتأخذه الدومة ازاء الرجل الصالح حيث انها تصير من أدواته وتسلب منها القداسة في حضرته....
    وللمرة الثانية، فبالرغم من ان النداء لود حامد لكن الرجل الصالح الذي يأتى لنجدة المرأة واصلاح شأنها ليس بالضرورة هو ود حامد، فالرجل الصالح في حلم المرأة الأولى: "ونظرت فاذا رجل صبوح الوجه له لحية بيضاء غزيرة قد غطت صدره، رداؤه ابيض ناصع وفى يده سبحة من الكهرمان" (الدومة: 40)، وعند المرأة الثانية: "ورأيت شيخا مهيبا ابيض اللحية ناصع الرداء...وضربنى بسبحته على رأسى.." (الدومة: 45). نقول برغم التشابه الواضح وظهور ذات الرجل عند الاستعانة بود حامد إلا أن هنالك فضاء للشك في ان هذا الشيخ هو ود حامد، حيث ان التعريف بود حامد فيه كثير من العمومية وكذا الحال الجو الاسطورى المصاحب لتلك العمومية يجعل من الصعب الجزم بأن الرجل الصالح هو ود حامد.. كما وان الرواية بشأن ود حامد تدل على امكانية الا يكون هنالك أحد من أهل القرية على مر تاريخها قد سعد برؤيته او على الأقل ان جيل رواية القصة لم يره ولا يعرف وصفه او سمته فالرواية تقول حدثنى أبى نقلا عن جدى قال: "كان ود حامد في الزمن السالف مملوكا لرجل فاسق وكان من أولياء الله الصالحين يتكتم ايمانه... فهتف به هاتف ان افرش مصلاتك على الماء فاذا وقفت بك على الشاطئ فانزل. وقفت به المصلاة عند موضع الدومة الآن وكان مكانا خربا" (الدومة: 46). نقول مثلما سجود الدومة قد بين موضعها ازاء الرجل الصالح فكذلك تاريخ ود حامد في هذه الرواية يبين موضعه في مساحة الصلة بين المطلق والمتجذر...
                  

العنوان الكاتب Date
شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى bayan12-24-03, 03:54 AM
  Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى bayan12-24-03, 03:58 AM
    Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى bayan12-24-03, 04:08 AM
  Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى Agab Alfaya12-24-03, 05:41 AM
    Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى خالد الحاج12-24-03, 06:38 AM
      Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى bayan12-24-03, 11:17 AM
    Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى bayan12-24-03, 11:15 AM
  Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى فتحي الصديق12-24-03, 06:57 AM
    Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى دورنقاس12-24-03, 07:01 AM
      Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى bayan12-24-03, 11:19 AM
    Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى bayan12-24-03, 11:18 AM
  Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى WadalBalad12-24-03, 07:11 AM
    Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى mutwakil toum12-24-03, 09:40 AM
      Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى bayan12-24-03, 11:22 AM
    Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى bayan12-24-03, 11:21 AM
  Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى الجندرية12-24-03, 11:04 AM
    Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى bayan12-24-03, 11:24 AM
      Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى Muhib12-24-03, 01:47 PM
        Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى سجيمان12-24-03, 08:17 PM
          Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى ASAAD IBRAHIM12-24-03, 08:26 PM
            Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى Outcast12-24-03, 09:26 PM
  Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى Nada Amin12-24-03, 09:30 PM
    Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى abuguta12-24-03, 11:56 PM
  Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى kamalabas12-25-03, 00:14 AM
  Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى الجندرية01-07-04, 11:43 AM
  Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى الجندرية03-06-04, 09:41 AM
  Re: شكل التعبير الدينى فى روايات الطيب صالح.... مقالات الملتقى Rawia03-08-04, 01:48 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de